جلسة يوم الاثنين الموافق ٢٧ / ٢ / ٢٠١٧م
برئاسة فضيلة القاضي / د. محمود بن خليفة الراشدي وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: سالم بن راشد القلهاتي، وسعيد بن ناصر البلوشي، و د. أحمد بن ناصر الراشدي، ومحمد بن سيف الفرعي.
(٤٩)
الطعن رقم ١٤٢١ / ٢٠١٦م
قضاء(حق – تعسف) – ادعاء عام (قرار – حفظ)
– من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حق الالتجاء إلى القضاء والإبلاغ عن الجرائم من الحقوق المكفولة والمباحة للكافة بحماية القانون ما لم يثبت أن مستعمله تعسف في استعماله ابتغاء الأضرار بخصمه.
– القرار الصادر عن الادعاء العام بحفظ الدعوى العمومية الذي بني على أن الاشتباه بالمتهم كان نتيجة تعجل وعدم تبصر من قبل المعنيين بالمركز التجاري لا يكفي لإثبات التعسف.
الوقائع
تتلخص وقائع الدعوى التي أقامها…….. لدى المحكمة الابتدائية بمسقط، ويمثله مكتب………. للمحاماة ضد شركة……….. ماركت قائلا في صحيفة دعواه إنه يعمل لدى الشركة المدعى عليها فاتهمته بسرقة هاتف لأحد الزبائن ورفعت عليه دعوى فألقي عليه القبض، وحبس بمركز شرطة الوطية وبعد التحقيق معه من قبل الادعاء العام تمت إحالته للمحكمة الجزائية بجنحة السرقة فصدر الحكم ببرائته، وحفظت الدعوى العمومية وذلك بعدما قضى في الحبس فترة منذ ٥ / ٨ / ٢٠١٥م وحتى ١٧ / ١١ / ٢٠١٥م وشهر به بين أقرانه طالب بإلزام المدعى عليها بأن تؤدي له خمسين ألف ريال عماني تعويض ا ماديا وأدبيا وبألف ريال أتعاب المحاماة والمصاريف، وقد حضر عن المدعى عليها وكيلها وقدم مذكرة جاء فيها أن المدعي قام برفع دعواه في مواجهة شركة……… ماركت وهي شخصية اعتبارية بدون تحديد من يقاضي نيابة عن الشركة المدعى عليها وبما أنها أقيمت على غير ذي صفة يتعين عدم قبولها وأضاف أن المدعي هو من عرض نفسه للإجراءات بسبب خطته وكان من واجبه أن يسلم الجهاز موضوع الاتهام لقسم خدمة العملاء، ويخطر صاحبه إن حضر للسؤال عنه، وبما أن المدعى عليها ليست مسؤولة ولا تربطها بهذه الواقعة صله وتدخلها يحسب لها لا عليها وذلك لما تبين لها بوساطة الجهاز المرئي أن المدعي هو من أخذ الهاتف فتكون الدعوى ضده لها ما يبررها وبناء على ما تقدم حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليها بأن تؤدي للمدعي ثلاثة آلاف ريال عماني وبإلزامها مائة وخمسين ريالا عمانيا أتعاب المحاماة وبمصاريف الدعوى، ورفض ما عدا ذلك.
فلم يرض الطرفان بالحكم واستأنفاه لدى محكمة الاستئناف بمسقط، وحضر الطرفان لدى المحكمة واستمعت إلى أقوالهما واطلعت على الحكم المستأنف وبناء عليه أصدرت حكما يقضي بتعديل الحكم المستأنف، وذلك بزيادة المبلغ المحكوم به إلى أربعة آلاف ريال عماني تعويضا عن الأضرار تدفعه الشركة……… منذره وبثلاثمائة ريال أتعاب محاماة وبرصد الدفع بعدم قبول الدعوى.
فلم ترض شركة…. بالحكم وطعنت عليه بالنقض لدى المحكمة العليا بوساطة محاميها… من مكتب… للمحاماة، وأرفق مع صحيفة طعنه صورة من سند وكالته وما يفيد استكمال إجراءاته الشكلية نعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وساق أسبابا حاصلها أن الطاعنة لم ترفع دعوى الاتهام جزافا ضد المطعون ضده إذ إن جهاز التسجيل المرئي قد أوضح أن المطعون ضده هو من قام بتحريك الجهاز (الايفون) من مكانه وكان عليه أن يقوم بالإبلاغ عنه وتسليمه للجهة المنوط بها مثل حفظ هذه الأشياء من جانب الطاعنة ولكنه بدلا من ذلك وضعه أسفل طاولة في كيس يحتوي على أغراض لزبائن آخرين، وقد حاولت الطاعنة حل المشكلة وديا مع المطعون ضده فتعذرت، ولم يبق إلا رفع الدعوى ضده فتكون بذلك سلكت طريقا مشروعا لأنها مسؤولة عما يفقد بمقرها، وختم مذكرته بطلب قبول الطعن شكلا وبوقف تنفيذ الحكم وفي الموضوع بنقضه وبرفض الدعوى وتحميل المطعون ضده بالرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة وقد أبلغ المطعون ضده بصحيفة الطعن فلم يرد عليها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق والاستماع إلى تقرير التلخيص الذي تلاه القاضي المقرر وبعد المداولة. وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونا فهو مقبول شكلا.
وأما من حيث الموضوع وعن نعي الطاعن وما ساقه وكيله من أسباب على الحكم المطعون فيه في مجملها سديد ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حق الالتجاء إلى القضاء والإبلاغ عن الجرائم من الحقوق المكفولة والمباحة للكافة بحماية القانون ما لم يثبت أن مستعمله تعسف في استعماله ابتغاء الأضرار بخصمه، وأن لجوء الشخص للقضاء، ورفض دعواه لا يفيد حتما وبطريق اللزوم أن استعماله للدعوى كان غير مشروع، ولا يكون استعمال الحق غير مشروع إلا إذا قصد به الأضرار بالغير وهو ما لا يتحقق إلا بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق وفقا لما قررته المادة (٩٥) من قانون المعاملات المدنية وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه الذي قد اقتصر في إثبات نسبة الخطأ إلى الطاعن على ما ثبت بقرار الحفظ الصادر من الادعاء العام بحفظ الدعوى العمومية الذي بني على أن الاشتباه بالمتهم كان نتيجة تعجل وعدم تبصر من قبل المعنيين بالمركز التجاري وحيث إن هذا السبب لا يكفي لإثبات انحراف الطاعن عن حقه المكفول في التبليغ، والتقاضي إلى الكيد والعنت واللدد في الخصومة مع غض النظر عن أن قرار الحفظ الصادر في الدعوى العمومية لا حجية له أمام قاضي الدعوى المدنية خاصة وأن الطاعن قد أبدى دفاعا موضوعيا مؤداه أن المدعي (المطعون ضده) قد عرض نفسه للإجراءات التي تعرض لها بسبب خطئه إذ كان من واجبه أن يسلم الجهاز موضوع الاتهام لقسم خدمة العملاء ويخطر صاحبه إن حضر للسؤال عنه وأن اتهام المطعون ضده لم يتم جزافا أو دون بينة في مواجهته إذ إن جهاز التسجيل الذي قد أوضح أن المطعون ضده بتحريك الجهاز المفقود، ووضعه أسفل طاولته في كيس وأن الطاعن لما وجد الهاتف طلب إيقاف إجراءات القضية ولهذا لا يوجد سبب لاختصامها ولا خطأ يوجب المساءلة وهذا الذي دفع به الطاعن قرره المطعون ضده عند مواجهته بالتهمة المنسوبة حيث أشار إلى وجود ظرف متروك على الطاولة فقام بوضعه في كيس يحتوي على أغراض لزبائن آخرين فظنوا أنه قام بسرقته. وبذلك يتبين أن تبليغ الطاعن قائم على شبهات تبرر التبليغ ومن ثم فلا وجه لمساءلته عنه وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون وفضلا عما شابه من القصور قد أخطأ في تطبيق القانون وأصيب بعيب الفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه وحيث إن موضوع الدعوى صالح للحكم فيه ولما سبق يتعين الحكم بإلغاء الحكم الابتدائي والقضاء مجددا برفض الدعوى وحمل المصاريف على المطعون ضده ورد الكفالة.
فلهذه الأسباب
«حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والتصدي لموضوع الدعوى بنقض الحكم والقضاء برفض الدعوى ورد الكفالة للطاعن».