التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة المدنية (ج): الطعن رقم ١٨ / ٢٠١٦م

2016/18 18/2016 ٢٠١٦/١٨ ١٨/٢٠١٦

تحميل

جلسة يوم الاثنين الموافق ٣٠ / ١ / ٢٠١٧م

برئاسة فضيلة الشيخ / سعيد بن سالم الحديدي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: صالح بن سالم الراشدي، وعلي بن عبد الله الهاشمي، ومحمد بن حمد النبهاني، وسالم بن منصور الهاشمي.

(١٣٢)
الطعن رقم ١٨ / ٢٠١٦م

تنفيذ (استشكال – قاض – اختصاص)

– الأصل في الاستشكالات أنها منازعات وعوائق تنفيذ الأحكام ويفصل فيها في التنفيذ سواء كانت المنازعة وقتية أو موضوعية فلا يجوز لقاضي التنفيذ البحث عن مدى صحة تطبيق السند وخاصة أن تلك الدفوعات كان بإمكان المنفذ ضدهم أن يدفعوا بها قبل الحكم كما أن تلك المنازعة لا تثار أمام قاضي التنفيذ وإنما عند قاضي الموضوع.

الوقائع

تتلخص وقائع الطعن أن الطاعن…. أقام الاستشكال رقم (١٠٣٨ / ٢٠١٤م) ضد المستشكل ضده طلب في ختامها الحكم بقبول الاستشكال شكلا وبصفة موضوعية وقف إجراءات التنفيذ وإلغاء الحكم محل السند التنفيذي وإلزام المستشكل ضده بالمصروفات والاتعاب على سند من القول إن المستشكل تحصل على سند تنفيذي محل التنفيذ رقم (١٣٥٧ / ٢٠١٣م) مدني مسقط بإلزام المستشكل وآخرين بأن يردوا له مبلغ ثلاثة وستين ألف ريال إلى مستند عقد البيع المؤرخ ١ / ٢ / ٢٠٠٧م في حين أن ذلك العقد سبق وقضي ببطلانه في دعوى أخرى إلا أن المحكمة لم تنظر إلى ذلك الدفع وكان حكمها محل التنفيذ فطعن عليه بطريق الاستئناف ولغيابه لم يتمكن من الحضور وتأييد الحكم وأصبح نهائيا ومن ثم تحصل المستشكل ضده على السند التنفيذي مما حدا بالمستشكل إلى إقامة استشكاله موضوعيا للمطالبة بما سلف من طلبات.

وحيث إن محكمة أول درجة قضت بجلسة ٧ / ١٦ / ٢٠١٥م بقبول الاستشكال شكلا ورفضه موضوعا، وحيث إن هذا القضاء لم يلق قبولا لدى المستشكل فطعن عليه بالاستئناف رقم (٤٥ / ٢٠١٥م) أمام محكمة استئناف مسقط بموجب صحيفة استئناف طلب في ختامها الحكم بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بإلغاء إجراءات التنفيذ وما يترتب على ذلك من آثار ناعيا على الحكم المستأنف مجانبته للصواب ومخالفته للقانون وتداول الاستئناف أمامها على النحو الثابت بمحاضر جلساتها وبجلسة ٢٢ / ٢ / ٢٠١٥م قضت بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الاستئناف وإحالته بحالته إلى محكمة مسقط الابتدائية لنظره أمام إحدى دوائرها المشكلة بهيئة ثلاثية وحددت له جلسة ١٥ / ٣ / ٢٠١٥م وحيث إن ونفاذا للقضاء السابق قيد الاستئناف برقمه الحالي رقم (٣٤٠ / ٢٠١٥م) أمام المحكمة الماثلة في ١٥ / ٩ / ٢٠١٥م وأعلن الحكم بالإحالة قانون للخصوم.

وحيث أصدرت المحكمة حكمها بتأريخ ٢٦ / ١١ / ٢٠١٥م برفضه وتأييد الحكم المستأنف مؤسسة قضاءها بقولها:

إذا اتضح لقاضي التنفيذ أن منازعة التنفيذ الوقتية قد تخلف فيها شرط عدم المساس بالموضوع أو تخلف فيها شرط الاستعجال (رغم وجوبه) فإنه لا يقضي بعدم اختصاصه بنظرها (كأصل عام) بل يقضي إما بنظرها كمنازعة موضوعية وإما برفضها وهو يقضي برفض الدعوى إذا اتضح له أنها رغم تماسكها كمنازعة وقتية وعدم تحولها إلى منازعة موضوعية إلا أن الحكم بالإجراء الوقتي المطلوب من شأنه أن يمس بأصل الحق كأن يرفع إشكال وقتي في التنفيذ بطلب إجراء وقتي هو وقف التنفيذ تأسيسا على أن الحكم المنفذ بمقتضاه باطل أو لم يحقق دفاعه فإن هذه الدعوى تعتبر وقتية ولكنها رغم عدم تحولها إلى منازعة موضوعية إلا أن الحكم فيها بإجابة الطلب الوقتي من شأنها أن تمس حجية الحكم المستشكل فيه أي تمس الموضوع ولذلك يقضي فيها بالرفض ولا يقضي بعدم الاختصاص؛ لأن المنازعة داخلة في اختصاصه ولا يقضي فيها بطلب موضوعي؛ لأن الطلب ما زال وقتيا، وهو وقف التنفيذ فلم تتكامل الدعوى في عناصر المطالبة بطلب موضوعي.

ومتى كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن المستأنف أقام دعواه قبل تمام التنفيذ وطلب وقف إجراءات التنفيذ تأسيسا على أن الحكم المستشكل في تنفيذه لم يحقق دفاعه واستند في ذلك إلى أن العقد المؤرخ ١ / ١٢ / ٢٠٠٧م المؤسس عليه الحكم المستشكل في تنفيذه سبق وقضى ببطلانه في دعوى اخرى إلا أن المحكمة التي أصدرت الحكم المستشكل في تنفيذه لم تأخذ بذلك، ولم تحقق له دفاعه طالبا اعتبار المنازعة منازعة تنفيذ موضوعية والحكم له بوقف تنفيذ الحكم المستشكل في تنفيذه وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف.

وكانت الدعوى وما حوته من طلبات سبق وتم تكيفها بموجب حكم محكمة الاستئناف رقم (٤٥ / ٢٠١٥م) المؤرخ ٢٢ / ٢ / ٢٠١٥م باعتبارها استشكالا وقتيا وفي التنفيذ وحازت حجية الأمر المقضي به وتلتزم به المحكمة، وكان من المقرر قانونا أنه إذا كانت الأداة التي يجري التنفيذ بمقتضاها حكما، وكان الاستشكال مرفوعا ممن يعد الحكم المذكور حجة عليه فيتعين أن يكون مبنى الاستشكال أمرا من الأمور التالية لصدور ذلك الحكم المستشكل فيه؛ لأنه كان سبب الاستشكال حاصلا قبل صدور التحدي به على خصمه سواء أكان قد دفع به فعلا في الدعوى أم لم يدفع، وسواء أكانت المحكمة المذكورة قد قضت في هذا الأمر صراحة أم كان صدور حكمها معتبرا بمثابة قضاء فيه، وسواء أكان حكم تلك المحكمة صحيحا أم خاطئا ومن ثم إذا استبان لقاضي التنفيذ أن الاستشكال مرفوع عن حكم ومؤسس على أمر سابق على صدور الحكم فإنه يتعين أن يقضي برفضه وبعدم إجابة المستشكل إلى طلبه ما دام الأخير هو أحد طرفي الخصومة ولو كان المستشكل رفع استئنافيا عن هذا الحكم من المرجح إلغاؤه في الاستئناف، وكان من المقرر أن الاستشكال في التنفيذ ليس طريقا من طرق الطعن إنما هو تظلم من إجراءات التنفيذ، مبناه وقائع لاحقة على صدور الحكم، ومن ثم فليس لمحكمة الاستشكال أن تبحث الحكم الصادر في الموضوع من حيث صحته أو بطلان لحقه أو اتصل بإجراءات الدعوى لما في ذلك من مساس بحجية الحكام، ولا يصح إقامة الاستشكال على أوجه تتصل بإجراءات المحاكمة. ومتى كان ذلك السبب الذي أبداه المستأنف بصفته يعد تجريحا للحكم المستشكل في تنفيذه فضلا عن أن ذلك السبب من الأسباب السابقة على صدور ذلك الحكم المستشكل فيه التي كان ينبغي على المستأنف بصفته أن يبديها أثناء نظر الدعوى الأصلية ومن ثم يضحي ذلك السبب على غير سند صحيح من الواقع والقانون متعينا الرفض.

ولما كان ذلك وكانت أسباب الاستئناف لم تخرج في جوهرها عما طرح أمام محكمة أول درجة وكان الحكم المستأنف قد أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة وأنزل عليها صحيح القانون ومن ثم يكون ذلك الاستئناف قد جاء على غير سند صحيح من الواقع والقانون خليقا برفضه وحريا بتأييد حكم محكمة أول درجة.

وحيث لم يلق هذا الحكم قبولا لدى الطاعنين فطعنوا عليه بالنقض أمام المحكمة العليا بتأريخ ٤ / ١ / ٢٠١٦م بوساطة محاميهم… المقبول للترافع أمام المحكمة العليا وأودع سند وكالته ودفع الرسم المقرر وسدد الكفالة فكانت أسباب طعنه:

مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع وعدم الإحاطة بحقيقة الموضوع:

ويتمثل صحة النعي بمخالفة القانون في القضاء برفض الاستشكال والاستمرار في التنفيذ باعتباره استشكالا وقتيا دون الاستجابة للطلب الجوهري المبدى من وكيل الطاعنين بنظره؛ باعتباره استشكالا موضوعيا لتوافر عناصر الاستشكال الموضوعي وفيما يلي أوجه الإخلال ومخالفة القانون:

١ – عدم تس لم الطاعنين وهم المنفذ ضدهم أية مبالغ مالية من المطعون ضده (طالب التنفيذ) لأن الذي باع المزرعة موضوع الحكم المنفذ به، ووقع على عقد البيع هو وكيل الورثة (…) ولا يوجد توقيع لأي وريث آخر على عقد البيع كما لم يثبت تس لم أي منهم لأي مبالغ من طالب التنفيذ ولم يكن في الواجهة إلا (وكيل الورثة) فقط وهو الموقع بمفرده على العقد مما يجعل إدخال كل الورثة في موضوع النزاع مع عدم وجود أي صلة لهم إقحاما لهم وإجحافا بحقوقهم.

٢ – إن عقد البيع المؤرخ في ١ / ٢ / ٢٠٠٧م الذي استند إليه طالب التنفيذ محكوم ببطلانه حيث قدم للمحكمة وتمت مناقشته في الدعوى رقم (٢٥٥٧ / ٢٠٠٧م) والمحكوم فيها بجلسة ٢٤ / ١٢ / ٢٠٠٨م من الدائرة المدنية الثلاثية مسقط والمؤيد استئنافيا برقم استئناف مدني مسقط وانتهى هذا الحكم إلى بطلان ذلك العقد حيث ورد في حيثياته: (ومن ثم يكون شراؤه أي طالب التنفيذ قد صدر من غير مالك وهو وكيل الورثة (…) فيكون تصرف الأخير باطلا لتصرفه في شيء غير مملوك للورثة فيكون تصرفا باطلا..) ومن المعلوم قانونا أن حيثيات الحكم القضائي جزء من منطوقه ومكمل له، فلا يجوز إعادة مناقشة هذا العقد مرة ثانية أمام محكمة أخرى حيث تمت مناقشته في الحكم المذكور وانتهى إلى القضاء ببطلانه.

٣ – تم حسم النزاع الأساسي في المزرعة صلحا أمام المحكمة العليا وذلك في الطعن العليا رقم (٣٦٩ / ٢٠٠٩م) مدني عليا الدائر (ب) وقد تنازل المطعون ضده بموجب هذا الصلح عن رفع أي دعاوي بخصوص هذه المزرعة وانحسم النزاع فيها للأبد، الأمر الذي يجعل الحكم المنفذ به معيبا فاقدا للأساس القانوني.

٤ – جحد وكيل الورثة (…) الصور الضوئية المقدمة من المطعون ضده في الحكم المنفذ به، وهي مستندات منسوب توقيعها إليه باستلامه المبالغ محل التنفيذ وطعن عليها بالتزوير وقرر بالطعن بالتزوير كما قام بإعلان طالب التنفيذ بشواهد التزوير إلا أن وكيل الورثة لم يتمكن من حضور الجلسة المحددة لمناقشته واستكتابه بسبب سفره خارج السلطنة للعلاج آنذاك.

مما يؤكد سلامة النعي على الحكم الطعين بمخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع، ولما كانت المحكمة العليا تملك التصدي للموضوع على اعتبار أنها آخر أمل للطاعنين فهي معنية بالبحث عن الحقيقة لتتحقق العدالة المنشودة وتتمثل هذه الحقيقة في أن الورثة الطاعنين مواطنون مساكين لا يملكون من حطام الدنيا شيئا إلا منزلا متواضعا يؤيهم من برد الشتاء وحر الصيف وقد توفي الذكور منهم إلى رحمة الله في المدة الماضية ولم يتبق إلا (وكيلهم الحالي القائم على أمورهم) فضلا عن أنهم لم يثبت لهم توقيع على عقد البيع وأن الوحيد الموقع هو وكيلهم (…) كما لم يثبت أنهم تسلموا أي المبالغ المنفذ بها مما يجعل طلب التصدي لنظر هذا الطعن موضوعيا من قبل المحكمة العليا تحقيقا للعدالة.

مما سبق يتعين مخالفة الحكم للقانون وإخلاله بحق الدفاع وعدم إحاطة بحقيقة الموضوع، وطلب في الختام نقض الحكم والحكم مجددا بالطلبات الختامية المذكورة في صحيفة الطعن، أو إرجاعه إلى هيئة مغايرة وحيث أعلن المطعون ضده فردا بوساطة محاميهم… المقبول للترافع أمام المحكمة العليا وأودع سند وكالته والرد في الأجل القانوني واطلعت هذه المحكمة على الرد وطلب في ختامه رفض الطعن لكونه أسس قانونا لاعتبار أن الاستشكال التنفيذ يحقق بأصل الحق وصار باتا لا يعيب بأي وجه من الوجوه كما أعلن الطاعن بالرد فعقب على الرد ولم يأت بشيء جديد على ما جاء في مذكرة طعنه.

المحكمة

بعد الاستماع إلى التقرير الذي أعده القاضي المقرر وبعد المداولة القانونية فإن الطعن استوفى كافة أوضاعه الشكلية والقانونية فهو مقبول شكلا.

من حيث الموضوع فإن نعي الطاعنين على الحكم بالأسباب السالفة البيان غير سديد وذلك؛ لأن أصل النزاع ينحصر حول المزرعة المملوكة لمورث المنفذ ضدهم والذي قام أحد الورثة ببيعها للمستشكل ضده رغم بيع مورثهم للمزرعة حال حياته دون علم الورثة وأنهم لم يتسلموا أية مبالغ مالية مقابل هذا البيع من طالب التنفيذ ولم يحققوا دفاعهم حول البيع ولما كانت المحكمة العليا توصلت بين الطرفين بصلح وقد تنازل المستشكل ضده بموجب هذا الصلح عن رفع الدعوى التي أقامها بخصوص هذه المزرعة وحيث إن الأصل في الاستشكالات بطبيعتها منازعات وعوائق تنفيذ الأحكام ويفصل فيها في التنفيذ سواء كانت المنازعة وقتية أم موضوعية، فلا يجوز لقاضي التنفيذ البحث عن مدى صحة تطبيق السند وخاصة أن تلك الدفوعات كان بإمكان المنفذ ضدهم أن يدفعوا بها قبل الحكم كما أن تلك المنازعة لا تثار أمام قاضي التنفيذ وإنما عند قاضي الموضوع إن كان لها محل. فلما كان الأمر كذلك فتعين رفض الطعن وإلزام رافعه المصاريف ومصادرة الكفالة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه وإلزام رافعه المصاريف ومصادرة الكفالة.