جلسة يوم الاثنين الموافق ٢٢ / ٥ / ٢٠١٧م
برئاسة فضيلة القاضي / د. خليفة بن محمد الحضرمي / نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: د. عبد الإله البرجاني، وأشرف أحمد كمال الكشكي، ومحمود بن خليفة طاهر، و توفيق بن محمد الضاوي.
(١٨١)
الطعن رقم ٦٢٥ / ٢٠١٦م
يمين حاسمة (توجيه- منع)
– يجوز للقاضي أن يمنع توجيه اليمين الحاسمة:
١ . إذا كان الخصم متعسفًا في توجيهها، ولا يقصد بالتعسف هنا معناه الاصطلاحي فقط أي مجرد إساءة استعمال الحق في ممارسة طلب تحليف الخصم وإنما المقصود منه رقابة القاضي على الخصم في صدد توجيه اليمين بحيث لا يجيزه له كلما تخلف شرط من الشروط الواجب توافرها فيه.
٢ . للقاضي أن يمنع توجيه اليمين إذا كانت الواقعة المراد التحليف عليها غير متعلقة بالدعوى أو غير منتجة فيها أو غير جائز قبول اثباتها باليمين الحاسمة أو كانت الواقعة غير محتملة الصدق وتكذبها وقائع الدعوى ومستنداتها.
٣ . إذا كانت الواقعة ثابتة في الدعوى على وجه ما بإقرار الخصم.
الوقائع
تتحصل الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق التي بني عليها في أن الطاعن (……) أقام الدعوى التجارية رقم (١٠ / ٢٠١٥م) في ١٤ / ٥ / ٢٠١٥م أمام المحكمة الابتدائية بنخل ضد المطعون ضدهما (…..) و(… للاستشارات الهندسية) في طلب استعجاليًا بإلزام المدعى عليها الأولى بأن تؤدي له مبلغ ثلاثمائة ريال شهريًّا مقابل إيجار منزل له وعائلته. ثانيًا: بإلزام المدعى عليهما بأن تؤديا له بالتضامن أو الانفراد مبلغ عشرة آلاف ريال تعويضًا ماديًا وأدبيًا ومبلغ أربعين ألفًا وخمسمائة ريالاً تكاليف هدم وإعادة البناء وبالمصاريف ومبلغ ألف ريال أتعاب المحاماة. عارضًا ضمنها أنه على ملكه قطعة أرض بولاية نخل ورغبة منه في بناء منزل عليها أبرم اتفاقية تمويل مع بنك الاسكان العماني بمبلغ عشرين ألفًا وخمسمائة ريالاً وقعها المدعى عليهما على أن تكون الأعمال من ٢٥ / ٢ / ٢٠٠٨م إلى ٢٤ / ١٠ / ٢٠٠٨م وبناء على ذلك حصل المدعي على الموافقات اللازمة لإتمام البناء ومنها الإباحة رقم (١٩٤ / ٢٠٠٧م) الصادرة بتاريخ ٨ / ١٢ / ٢٠٠٧م وسلمها للمقاولة بإشراف الاستشاري. وعند استلامه المبنى فوجئ المدعي بوجود عدة عيوب ظاهرة ومنها تشققات تؤثر فيه وتمثل خطورة عليه وعائلته وهو ما يجعل مسؤولية المقاولة عن كامل أعمالها والاستشاري باعتباره المشرف على سلامة البناء قائمة بتوافر أركانها من خطأ وضرر وعلاقة سببية بما يوجب التعويض عما لحقه من أضرار مادية وأدبية اضافة إلى أن المبنى لا يصلح للسكن ومستوجب إزالته وإعادة بنائه مما يحتاج إلى مبالغ كبيرة للغرض علاوة على ضرورة اخلاء المنزل واستئجار آخر له ولعائلته مقابل مبلغ ثلاثمائة ريال شهريًّا.
وحيث وبجلسة ١١ / ٦ / ٢٠١٥م أصدرت المحكمة حكمًا تمهيديًا بندب الخبير الهندسي…… من مكتب……. فأنهى تقريره بتاريخ ٢٦ / ٨ / ٢٠١٥م جاء فيه أن اتفاقًا أبرم بين الطرفين بتاريخ ٢١ / ٢ / ٢٠٠٨م لبناء منزل بقيمة عشرين ألفًا وخمسمائة ريالاً خلال الفترة ما بين ٢٥ / ٢ / ٢٠٠٨م و٢٤ / ١٠ / ٢٠٠٨م وحدد غرامة تأخير بمبلغ عشرة ريالات عن كل يوم تأخير وحسب شهادة اتمام البناء الصادرة عن البلدية فقد تم الانتهاء من الأعمال في ٢٤ / ١٠ / ٢٠١٠م، وقد أظهرت المعاينة للموقع المجراة يوم ٤ / ٧ / ٢٠١٥م وجود عدة عيوب (تشققات في جدار المنزل والسور الخارجي) وقد تم خصم غرامة التأخير بقيمة ألف وخمسمائة وعشرة ريالات ومبلغ (١٣٥٠ ر.ع) نظير قيام المالك بأعمال حسبما جاء بعرض الأسعار بوساطة مقاول آخر وهي من أعمال الصيانة والتركيب وبالتالي لا يحق له المطالبة بذلك والأمر ينطبق على السور من الجهة الجنوبية أما التشققات الرأسية في جدار الحوش فهي عبارة عن فواصل انشائية وبعد مراجعة الخرائط المعتمدة تبين أن جدار المطبخ تم بناؤه من الطابوق المفرغ فوق الجسور الأرضية كما تبين عدم استخدام المقاول للشبك الحديدي أو البلاستيكي الذي يستخدم لمنع حدوث التشققات بين الخرسانة والطابوق وكذلك فوق الأنابيب الكهربائية وقدر الخبير قيمة تركيب الشبك وإزالة قيمة اصلاح هذا العيب بمبلغ ثلاثمائة ريال مشتملاً المخلفات والاسمنت واليد العاملة والأصباغ.
وحيث وتعليقًا على تقرير الخبير تقدم المدعي بمذكرة مؤرخة في ١٤ / ٩ / ٢٠١٥م تضمنت اعتراضاته عليه وطلبه استبعاده وعدم التعويل عليه لكونه مشوبًا بالقصور المبطل وندب خبير آخر ثم القضاء بما ورد بصحيفة الدعوى.
وحيث وتعليقًا على التقرير الأصلي تقدمت المدعى عليها الأولى (….للتجارة) بمذكرة مؤرخة في ١٤ / ٩ / ٢٠١٥م وافقت فيها على التقرير عدا ما جاء فيما يتعلق بتركيب الشبك الحديدي أو البلاستيكي إذ أنه في عام ٢٠٠٨م وحسب المتعارف عليه فإن ذلك الشبك يستخدم عند التقاء الخرسانة بالطابوق ليقع صب الأعمدة فيما بعد وبناء على المواصفات لم يتم ذكر تركيب الشبك فوق أنابيب الكهرباء قبل البلاستر بالاتفاق ولم يوجهها الاستشاري بذلك وبالتالي فإن هذه التقنية لم يكن معمولاً بها سابقًا وغير متعارف عليها.
وحيث وبموجب حكم تمهيدي مؤرخ في ١٤ / ٩ / ٢٠١٥م أنهى ذات الخبير تقريره التكميلي بتاريخ ٧ / ١٢ / ٢٠١٥م جاء فيه رده على اعتراضات الطرفين مضيفًا أن الأخطاء الموجودة في المبنى من مسؤولية المقاول والاستشاري خاصة أن هذا الأخير استخدم أعمدة خرسانية في جوانب المطبخ بدلاً عن استخدام الطابوق المسمط لتقليل الكلفة.
وبناء على اعتراضات المدعي على هذا التقرير لعدم رده على اعتراضاته السابقة وعدم بحثها فإنه يطالب ندب خبير آخر أو إجراء المحكمة لمعاينة الموقع لبيان العيوب وحجم الضرر لأن الخبير لم يبين الأخطاء الجسيمة والمتسبب فيها فقد قررت المحكمة استكمال إجراءات التحقيق واستدعاء الخبير لمناقشته بجلسة ٤ / ١ / ٢٠١٦م وفيها حضر هذا الأخير ولاحظ بأنه عند معاينة المنزل تبين له وجود تشققات شعرية في جسم المبنى وتشققات أخرى ناتجة عن عدم استخدام الشبك الحديدي تحت الأنابيب الكهربائية وتشققات في السور الخارجي وجميعها لا تؤثر على سلامة المبنى أو مدة سلامته لكونها سطحية ما عدا التشققات بالسور الخارجي جنوبًا التي تعد عيبًا نتج خلال فترة البناء وتبين أن المدعي خصم مبلغ ألف وثلاثمائة وخمسين ريال كلفة إصلاحات العيوب للجدار أو إعادة بنائه من جهة الجنوب والبلاستر الخارجي لكامل المنزل ومن المفترض أن الاستشاري يلزم المقاولة بوضع الشبك الحديدي لمنع التشققات واضاف الخبير بانه يوجد هبوط بسيط جدًا للمبنى إلا أنه من ضمن الحدود المسموح بها فنيًا ولا يؤثر على سلامة المبنى لكنه يولد تشققات وحضر الاستشاري وصادق على ما صرح به الخبير وحضر المقاول وأكد بأنه لا علاقة له بالبناء وإنما وقع شكليًا على الأوراق كان المدعي هو الذي أحضر عمال البناء وفي حالة انكاره ذلك فإنه يوجه ضده اليمين الحاسمة بأن المقاولة هي التي نفذت البناء وباشرته فرد المدعي اليمين إليه فأداها المقاول بأنه لم يقم بالبناء وأن توقيعه على الأوراق كان شكليًا لكونه مسجلاً لدى بنك الإسكان فصمم المدعي على طلباته مع ندب خبير آخر.
وحيث وبجلسة ١٨ / ١ / ٢٠١٦م حكمت المحكمة الابتدائية بنخل: «.. برفض دعوى المدعي وألزمته بالمصاريف..»، تأسيسًا على المادة (٦٧) من قانون الإثبات وعلى أن اليمين التي وجهتها المدعى عليها الأولى بعدما عازها الدليل لإثبات ما تدعيه من عدم بنائها المنزل للمدعي، كانت غير تعسفية لتوفر شروطها وقد ردها المدعى عليها فأداءها مالكها لتكون الدعوى غير قائمة بناء على تلك اليمين في مواجهتها أما الدعوى في مواجهة المدعى عليها الثانية (الاستشاري) فقد تبين من رسالة هذه الأخيرة المؤرخة في ٢٦ / ١ / ٢٠٠٩م والموجهة للمقاولة قبل استلام المبنى تعلمها فيها بوجود عيوب به يجب اصلاحها وهي من بين العيوب التي أشار إليها الخبير بتقريره وبناء على تلك الملاحظات خاطب المدعي بنك الاسكان العماني ليخطره بأنه اتفق مع المقاول على تلك الملاحظات ولا يوجد لديه أي مانع من استلام المنزل وهو ما يؤدي إلى انتفاء خطأ المدعى عليها الثانية وغير موجبة بالتعويض اضافة إلى أن التقرير أثبت أن المدعي خصم من مستحقات المقاول مبلغ ألف وثلاثمائة وخمسين ريال لإصلاح تلك العيوب.
وحيث لم يلق هذا الحكم قبولاً لدى المدعي (……..) فاستأنفه أمام محكمة الاستئناف بالرستاق حيث قيد تحت رقم (٢٤ / ٢٠١٦م) في طلب إلغاء الحكم المستأنف والقضاء ببطلان اليمين الحاسمة وإلزام المستأنف ضدهما بالتضامن والانفراد بأن يؤدي للمستأنف مبلغ عشرين ألف وخمسمائة ريال قيمة عقد البناء وتعويضه بمبلغ عشرين ألف ريال والمصاريف وأتعاب المحاماة واحتياطيًّا ندب خبير آخر في الدعوى استنادًا إلى خطأ المحكمة لوجهين:
اً: في مواجهة المستأنف ضدها الأولى (…….. للتجارة) عندما رفضت الدعوى أول تأسيسًا على اليمين الحاسمة التي تعد غير صحيحة ومشوبة بالغلط والتدليس والإكراه ذلك أن المستأنف تعرض لضغوط وإكراه لرد اليمين الموجهة إليه خاصة أنه يمتلك من المستندات ما يكفيه لإثبات قيام المقاولة بأعمال البناء وهو الموضوع الذي انصبت عليه اليمين على نفيه هذا اضافة إلى أنه كان يحضر الجلسات دون محاميه فلم يتبين أحكام اليمين وشروطها وما يترتب عليها من أداء ورد إلا أن المحكمة لم توضح له ذلك ولم تمكنه من الأجل المناسب لمراجعة محاميه وكان لها أن تمنع توجيه اليمين إذا كان الخصم متعسفًا خاصة أن الواقعة التي تم الحلف بشأنها ثابتة بموجب المستندات وإقرار المستأنف ضدها الأولى بقيامها بأعمال البناء (الصفحة التاسعة والعاشرة) لتقبل بعد ذلك توجيه اليمين الحاسمة بانها لم تقم بأعمال البناء لتكون يمينًا باطلة.
ثانيًا: في مواجهة المستأنف ضدها الثانية (……..) عندما رفضت المحكمة الدعوى لانعدام الخطأ والحال أن مسؤوليتها بصفتها الاستشاري قائمة على المادة (٦٣٤) من قانون المعاملات المدنية التي تقتضي أنه «…يضمن المهندس والمقاول متضامنين كل ما يحدث خلال (عشر سنوات من تهدم كلي أو جزئي فيما شيداه من مباني أو أقاماه من مواد شائبة أخرى» كما نصت المادة (٣٦٣) من ذات القانون على أنه يقع باطلاً كل شرط يقصد به اعفاء المقاول أو المهندس من الضمان أو الحد منه غير أن المحكمة أخطأت في تطبيق المادتين المذكورتين.
وحيث تخلفت المستأنف ضدها الأولى عن الحضور رغم إعلانها قانونًا.
وحيث وردًا على صحيفة الاستئناف لاحظ وكيل المستأنف ضدها الثانية ( ……..) بأن الحكم المستأنف جاء صائبًا عندما نفى عنها الخطأ أمام اثباته من خلال مستندات الدعوى أن الموكلة بصفتها الاستشاري وجهت خطابًا في ٢٦ / ١ / ٢٠٠٩م للمقاولة قبل استلام المنزل بإعلامها بوجود بعض العيوب بالمبنى المتوجب اصلاحها وهي نفسها العيوب التي تعرض إليها الخبير بتقريره وهي التي خاطب في شأنها المستأنف البنك لإعلامه بها وبقبوله استلام المنزل وبانتفاء الخطأ يصبح التعويض لا مقتضى له، لذا فإنها تطلب رفض الاستئناف في مواجهتها وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنف المصاريف عن درجتي التقاضي ومبلغ ألف ريال مقابل أتعاب المحاماة.
وحيث وبجلسة ١٦ / ٥ / ٢٠١٦م حكمت محكمة الاستئناف بالرستاق «.. بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف بالمصاريف»، تأسيسًا على أن الحكم المستأنف جاء سليمًا وصحيحًا قانونًا وواقعًا لتأخذ بأسبابه أمام دفع المستأنف ضدها الأولى منذ البداية بأنها لم تقم بأعمال البناء وأن المستأنف هو من جلب العمال للبناء وإنها وقعت الأوراق لكونها مسجلة لدى بنك الاسكان العماني وهو ما أثبته الخبير اضافة إلى أن المستأنف لم يستطع نفي ذلك ولم ينازع في تلك الافادة وهو ما جعل المقاولة توجه اليمين الحاسمة للمالك الذي ردها فأداها ولم ينازع المستأنف في هذا الأمر ولم يتقدم بالبينة التي تؤيد دعواه لتكون اليمين حاسمة وصحيحة وسليمة قانونًا ولا يشوبها إكراه أو تدليس أو غلط، كما ثبت من تقرير الخبير أن الاستشاري أخبر المستأنف بوجود عيوب بالمنزل الذي بدوره أخطر البنك بها وبقبوله استلام المنزل والاتفاق على اصلاحها مما تنتفي مسؤولية الاستشاري ولا يوجد ما يلزمه بأي تعويض.
وحيث لم يلق هذا الحكم قبولاً لدى المستأنف……..) فطعن فيه بالنقض أمام المحكمة العليا بالطعن الماثل بحصيفة أودعت أمانة سر هذه المحكمة بتاريخ ٢٣ / ٦ / ٢٠١٦م موقعة من المحامي….. من مكتب…. للمحاماة المقبول أمام هذه المحكمة بوصفه وكيلاً عن الطاعن وقدم سند وكالة يجيز له ذلك مع ما يفيد سداد الرسم والكفالة وتم إعلان المطعون ضدهما فردت الثانية (……..) على صحيفة الطعن بمذكرة طلبت فيها رفض الطعن فعقب الطاعن على هذا الرد بمذكرة صمم فيها على ما ورد بصحيفة الطعن فردت المطعون ضدها الثانية على هذا التعقيب بمذكرة تمسكت فيها بطلبها السابق في حين لم تستعمل المطعون ضدها الأولى ( ….. للتجارة) حقها في الرد.
وحيث أقيم الطعن على الأسباب الثلاثة التالية:
أولاً: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، عندما قبلت المحكمة توجيه اليمين الحاسمة لإثبات عدم قيام المقاولة بالبناء محل العقد رغم ارتباطهما بعقد يمثل شريعتهما ويحكم العلاقة بينهما وهو ما يستلزم تنفيذه طبقًا للمادة (١٥٦) من قانون المعاملات المدنية والمواد المتعلقة بعقد المقاولة (٦٣١، ٦٣٢، ٦٣٦) من ذات القانون ورغم ثبوت واقعة التداعي بالإقرار وبالمستندات التي هي محررات رسمية ولها الحجة الكافية ما لم يتبين تزويرها وبالتالي فإن اليمين الحاسمة لا تكون حاسمة للنزاع ولا تحوز حجية الأمر المقضي فيه إلا إذا توافرت شروطها والثابت أن اليمين الواقع ردها والمؤداة من المطعون ضدها الأولى بعد الإقرار بتوقيع العقد وسداد غرامة التأخير وتكاليف العيوب التي وجدت بالبناء يبطل ويمنع توجيهها.
ثانيًا: القصور في التسبيب، عندما أخذت المحكمة بالحكم المستأنف محمولاً على أسبابه وطرحت ما قدمه الطاعن من أوجه دفاع ودفوع بالطور الاستئنافي مخالفة المادة (٢٢٤) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية، كما أغفلت مستندات الدعوى من محررات عرفية رسمية غير مجحودة لم يقع الطعن عليها بأي وجه وإقرار المطعون ضدها الأولى إقرارًا قضائيًا بصحة العقد وتوقيعه وما أثبته تقرير الخبير من وجود عيوب في البناء وإخلال بالالتزام العقدي الذي يوجب التعويض.
ثالثًا: الفساد في الاستدلال، عندما ارتكنت المحكمة في قضائها إلى اليمين الحاسمة رغم عدم صحتها وعدم حسمها للنزاع وكان عليها رفض توجيهها أمام توافر المستندات المقدمة التي تكذبها والإقرار الصادر عن المقاولة بصحة العلاقة والعقد وثبوت الاخلال بالالتزام من خلال العيوب في البناء التي عاينها الخبير بتقريره.
وعلى ضوء ذلك فإن الطاعن يطالب أصليًّا نقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى للمحكمة التي أصدرته لتحكم فيه بهيئة مغايرة واحتياطيًّا: النقض والتصدي والقضاء بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددًا ببطلان اليمين الحاسمة وإلزام المطعون ضدهما بأن تؤديا للطاعن متضامنتين أو منفردتين بمبلغ أربعين ألف وخمسمائة ريال تكاليف هدم وإعادة الباء وتعويضه بمبلغ عشرة آلاف ريال عن الضرر المادي والأدبي واحتياطيًّا ندب خبير في الدعوى وإلزام المطعون ضدهما بالمصاريف ومبلغ خمسمائة ريال مقابل أتعاب المحاماة.
وحيث وردًا على صحيفة الطعن لاحظ وكيل المطعون ضدها الثانية (……..) بمذكرته أنه بناء على تعلق النزاع بأمور فنية دقيقة فقد التجأت المحكمة لأهل الخبرة اضافة إلى ثبوت لديها انتفاء علاقة المطعون ضدها الأولى ببناء المنزل واخلاء ذمة الموكلة من مسؤوليتها تجاه الأخطاء خاصة انها نبهت بأن هناك جانبًا من أعمال الصيانة يجب تنفيذه قبل التعجل والموافقة على استلام المنزل بحالته وقد حققت المحكمة في مدى قيام المطعون ضدها الأولى بالبناء من خلال توجيه اليمين الحاسمة للطاعن الذي ردها فأدتها المقاولة بالقسم على عدم قيامها ببناء المنزل وهو ما أدى إلى حسم النزاع، وبالتالي وبانتفاء الخطأ في جانب الموكلة تنتفي مسؤوليتها ولا يوجد ما يلزمها بأي تعويض لذا فإنها تطلب رفض الطعن وتحميل رافعه المصروفات.
وحيث عقب الطاعن على هذا الرد بمذكرة صمم فيها وكيله على ما ورد بصحيفة الطعن فردت المطعون ضدها الثانية على هذا التعقيب بمذكرة تمسك فيها وكيلها بطلبه السابق.
المحكمة
– من حيث الشكل:
حيث استوفى الطعن كافة أوضاعه القانونية فكان بذلك مقبولاً شكلاً.
– من حيث الموضوع:
حيث أن النعي على الحكم المطعون فيه بأسباب الطعن الثلاثة السالف إيرادها تفصيلاً والمتداخلة فيما بينها سديد، إذ أنه من المقرر فقهًا وقضاءً أنه يجوز للقاضي أن يمنع توجيه اليمين الحاسمة إذا كان الخصم متعسفًا في توجيهها ولا يقصد بالتعسف هنا معناه الاصطلاحي فقط أي مجرد إساءة استعمال الحق في ممارسة طلب تحليف الخصم وإنما المقصود منه رقابة القاضي على الخصم في صدد توجيه اليمين بحيث لا يجيزه له كلما تخلف شرط من الشروط الواجب توافرها فيه وبالتالي للقاضي أن يمنع توجيه اليمين إذا كانت الواقعة المراد التحليف عليها غير متعلقة بالدعوى أو غير منتجة فيها أو غير جائز قبول اثباتها باليمين الحاسمة أو كانت الواقعة غير محتملة الصدق وتكذبها وقائع الدعوى ومستنداتها أو كانت ثابتة على وجه ما بإقرار الخصم، ومن المقرر أيضًا أن لمحكمة الموضوع كامل السلطة التقديرية في استخلاص كيدية أو تعسف اليمين دون رقابة من المحكمة العليا متى استندت إلى اعتبارات سائغة.
وحيث ولما كان ذلك فإن الطعن تركز على عدم قانونية اليمين الحاسمة التي استندت إليها المحكمة في قضائها برفض الدعوى وعلى عدم الاعتداد بمستندات الدعوى في مواجهة المطعون ضدهما خاصة منها عقد المقاولة الموقع من جميعهم وإقرارهما بصحته وما يترتب عنه من التزامات تطبيقًا للمواد (٦٣١، ٦٣٢، ٦٣٤) من قانون المعاملات المدنية وهو ما تم الدفع به لدى محكمة الاستئناف التي استبعدت دفاعه معبرة أن اليمين الحاسمة المؤداة من المطعون ضدها الأولى بصفتها المقاولة بعد ردها إليها غير تعسفية وحاسمة مما يتخالف مع المادة (٦٧) من قانون الإثبات.
وحيث وبمطالعة ملف القضية يتضح وجود عده مستندات مشتركة بين الأطراف وأخرى صادرة ومن كل منهم فقد ثبت أن المطعون ضدها الأولى موجهة اليمين الحاسمة بأنها لم تقم بأعمال البناء بمنزل الطاعن وإنما وقعت الأوراق لكونها مسجلة لدى بنك الاسكان العماني، فقد وقعت اتفاقية المقاولة المؤرخة في ٢١ / ٢ / ٢٠٠٨م ونموذج العقد المبرم عن طريق البنك المذكور وأقرت بصحته شكلاً ومضمونًا كما أنها عند استجواب مالكها شخصيًّا من الخبير المنتدب بتاريخ ٤ / ٧ / ٢٠١٥م لم تناقش واقعة عدم قيامها بأعمال البناء وإنما ذكرت بأن لديها خلافًا مع العملة وبأن المالك لم يطالب منها أعمالاً اضافية علاوة على أنها أكدت بمذكرة ردها على التقرير بتاريخ ١٤ / ٩ / ٢٠١٥م بأنها استلمت الدفعة الأخيرة واتمت العمل حسبما جاء بشهادة اتمام الأعمال الصادرة عن البلدية وأن وتيرة العمل كانت تسير بشكل طبيعي وبسرعة وبأن الأعمال المتبقية بعد استلام الدفعة الخامسة هي أعمال تشطيبات وتنظيف وتركيبات كهربائية ومائية وقد اتفقت مع المالك على أعمال الصيانة وكلفتها بما قدره ألف وثلاثمائة وخمسون ريالاً يقع اتمامها بوساطة مقاول آخر، علاوة على مناقشتها الخبير من أنه خلال سنة ٢٠٠٨م لم يكن استخدام الشبك الحديدي أو البلاستيكي عند التقاء الخرسانة بالطابوق غير متعارف عليه منتهية إلى أنها لم تكن مقصرة في اعمال التنفيذ كل ذلك يؤكد عدم انكارها لأعمال البناء مع تظافر مستندات أخرى تعزز ذلك كرسالة الاستشاري المؤرخة في ٢٦ / ١ / ٢٠٠٩م الموجهة للمالك والمقاولة والبنك لإعلامهم بوجود عيوب بالمبنى تولى حصرها وبضرورة اصلاحها وإيصالات استلام الدفعات بعد توقيع المقاول لتفويض المالك بسحبها من البنك ورسالة منه في استلام الدفعة المتعلقة بكل تفويض هذا علاوة على تناقض الحكم المطعون فيه نفسه فرغم قبول توجيه اليمين الحاسمة في خصوص عدم قيام المقاولة بأعمال البناء فإنه يشير إلى عكس ذلك عندما تعرض إلى رسالة الاستشاري التي وجهها لها لإخطارها بوجود عيوب بالمبنى يجب اصلاحها وإلى اتفاق المالك والمقاول على مباشرة أعمال الصيانة بوساطة مقاول آخر بما يفيد اقتناعها بمباشرتها أعمال التنفيذ طبقًا لاتفاقية المقاولة وهو ما يكذب الواقعة التي وجهت اليمين الحاسمة في شأنها إلا أن محكمة الاستئناف أيدت حكم محكمة أول درجة دون البحث والتمحيص في الواقعة محل اليمين الحاسمة وبالتالي اعمال ما أجازته المادة (٦٧) من قانون الإثبات لما لها من سلطة تقديرية في استخلاص كيدية أو تعسف اليمين بما يوصم حكمها الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب مما يتعين معه نقضه كليًا مع الإحالة إلى محكمة استئناف الرستاق لتحكم في الدعوى من جديد بهيئة مغايرة وإلزام المطعون ضدهما بالمصاريف ورد الكفالة للطاعن طبق المواد (١٨٣، ٢٤٧، ٢٥٩، ٢٦٠) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية.
فلهذه الأسباب
وإحالة « حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه الدعوى إلى محكمة استئناف الرستاق لتحكم فيها من جديد بهيئة مغايرة وإلزام المطعون ضدهما بالمصاريف ورد الكفالة للطاعن».