التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة الجزائية (أ): الطعن رقم ٣٢٩ / ٢٠١٧م

2017/329 329/2017 ٢٠١٧/٣٢٩ ٣٢٩/٢٠١٧

تحميل

جلسة يوم الثلاثاء الموافق ٢٣ / مايو / ٢٠١٧م

المشكلة برئاسة فضيلة السيد  /  خليفة بن سعيد بن خليفة البوسعيدي  /  نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة:سالم بن سعيد الرحبي، سلطان بن ماجد الزعابي، العربي الحروشي، مجيد فرج شوشان

(٤٧)
الطعن رقم ٣٢٩ / ٢٠١٧م

– قواعد قانونية « العمومية والتجريد. مراعاة الأعراف والتقاليد».

– القواعد القانونية هي قواعد عامة ومجرَّدة فالعُمومية تقتضي أنها موجَّهة لكافة المجتمع فهي لا تخاطب أشخاصاً بذواتهم ولا واقعة بذاتها بل إن الخطاب موجَّه للأشخاص بصفاتهم وللوقائع بصفاتها أما التجريد فيعني أن تصدر القاعدة في صيغة لا تتعلق بشخص بعينه أو واقعة بعينها أي أن القاعدة القانونية تطبَّق على كل من توافرت فيه شروط تطبيقها ما لم يكن مستثنى بقاعدة قانونية أخرى وهذا الاستثناء غير وارد في قانون الأسلحة والذخائر. النعي على ذلك بمراعاة أعراف وعادات بعض المناطق مردود.

– تصريح الأسلحة والذخائر « طلب الإمهال لاستخراجه».

– الإمهال لاستخراج تصريح للأسلحة محل المخالفة والتجريم ليس بواجب على المحكمة وإنما يرجع لسلطتها التقديرية.

الوقائع

تتحصَّلُ الوقائع على ما يبينْ ُ من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن في أن الادعاء العام أحال المتهمَينْ (الطاعنين) إلى المحكمة الابتدائية بثمريت (الدائرة الجزائية): لأنهما بتاريخ (٢٣ / ٤ / ٢٠١٦م) بدائرة اختصاص مركز شرطة المزيونة:

أولاً: حال كون المتهم الثاني مكرِّراً تكراراً غير مماثل استوردا واتجرا في أسلحة نارية تقليدية من الأسلحة المنصوص عليها في القائمة رقم (٢) من قانون الأسلحة والذخائر بدون ترخيص وذلك بأن قاما بشراء (١٠) بنادق تقليدية من نوع سكتون من أجل بيعها كما استلما (٢٢) بندقية من نوعي سكتون وكند من شخص يدعى بريك في منطقة وادي عيدم قام هذا الأخير بتهريبها من………… بقصد نقلها إلى ولاية ثمريت وتسليمها للمتهمَينْ مقابل مبلغ مالي، وفق الثابت بالأوراق.

ثانياً: حازا بدون ترخيص أسلحة من الأسلحة المنصوص عليها في القائمة (٢) من قانون الأسلحة والذخائر، وفق الثابت بالأوراق.

وطالب الادعاء العام بمعاقبتهما بالجُنحة المؤثمة بالمادة (٢٣ / ب) من قانون الأسلحة والذخائر مع تطبيق المادتين (١١٥ / ٢) و (١١٦ / ٥) من قانون الجزاء في حق المتهم الثاني والجُنحة المؤثمة بالمادة (٢٢ / ٢) من قانون الأسلحة والذخائر مع مصادرة الأسلحة المضبوطة استناداً للمادة (٢٦) من ذات القانون.

وبجلسة (٧ / ٦ / ٢٠١٦م) حكمت المحكمة حضورياً: أولاً: بإدانة المتهم الأول بجُنحة حيازة أسلحة نارية تقليدية بدون ترخيص وجُنحة الاستيراد والاتجار بها بدون ترخيص وقضت بمعاقبته عن الأولى بالسجن لمدة شهر وغرامة قدرها (٣٠٠ ر.ع) ثلاثمائة ريال وعن الثانية بالسجن لمدة سنة يُنفذ منها ثلاثة أشهر وغرامة قدرها (٥٠٠ ر.ع) خمسمائة ريال على أن تدغم العقوبات وتنفذ الأشد،

ثانياً: إدانة المتهم الثاني حال كونه مكرِّراً تكراراً غير مماثل بجُنحة حيازة أسلحة نارية تقليدية بدون ترخيص وجُنحة الاستيراد و الاتجار بها بدون ترخيص وقضت بمعاقبته عن الأولى بالسجن لمدة سنة يُنفذ منها ثلاثة أشهر وغرامة قدرها (٥٠٠ ر.ع) خمسمائة ريال وعن الثانية بالسجن لمدة ثلاث سنوات يُنفذ منها أربعة أشهر وغرامة قدرها (٠٠٠،١ ر.ع) ألف ريال على أن تدغم العقوبات وتنفذ الأشد، ثالثاً: مصادرة جميع الأسلحة المضبوطة، رابعاً: يُفرج عن المتهمَينْ حال استئنافهما للحكم بكفالة شخصية معتبرة ومالية قدرها (٠٠٠،١ ر.ع) ألف ريال لكل منهما.

لم يحُز هذا الحكم قبولاً لدى المحكوم عليهما (الطاعنين) فاستأنفاه أمام محكمة الاستئناف بصلالة (دائرة الجُنح المستأنفة) التي قضت بجلسة (١٤ / ١٢ / ٢٠١٦م) بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنفين المصاريف.

لم يرتض الطاعنان (المحكوم عليهما) بهذا القضاء فطعنا فيه بالنقض أمام المحكمة العليا بالطعن الماثل الذي تم التقرير به بتاريخ (٢٢ / ١ / ٢٠١٧م) بأمانة سر المحكمة التي أصدرته وبذات التاريخ أودعت صحيفة بأسباب الطعن موقعة من محام مقبول   أمام المحكمة العليا بصفته وكيلاً عن الطاعنين وقدَّم سند وكالته عنهما التي تتيح له ذلك وقد تم إعلان المطعون ضده بصحيفة الطعن فآثر عدم الرد.

وقدَّم الادعاء العام لدى المحكمة العليا مذكرة بالرأي انتهى فيها إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.

المحكمة

بعد الاطلاع على الحكم المطعون فيه وعلى سائر أوراق الطعن وبعد سماع التقرير الذي أعدَّه وتلاه القاضي المقرر وبعد المداولة قانوناً.

حيث إن الطعن استوفى شكله القانوني فهو مقبول شكلاً.

وحيث ينعى الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال إذ لم يطبِّق القرار رقم (٦٦ / ٢٠١٦) الخاص بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون الأسلحة والذخائر والصَّادر من المفتش العام للشرطة والجمارك بشأن التصالح في الأسلحة والذي تضمَّن فرض غرامات فقط ولم يذكر المصادرة أو العقوبة الحبسية إذ راعى القرار حيازة الأسلحة التقليدية حسب تقاليد المجتمع وراعى وجود أسواق تباع فيها الأسلحة التقليدية وتشترى في محافظة…….. وبالتالي فإن تجريم حيازة الأسلحة من حيث القواعد العامة واختلاف الثقافات لا يسري على الكافة وأن القوانين الجزائية تراعي اختلاف الأعراف والتقاليد مع كل جريمة بالتفريد العقابي المناسب حسب عرف كل منطقة وأن المحكمة لم تمهلهما لاستخراج التصريح المطلوب كما جرى به العمل في المحاكم وأن الحكم المطعون فيه أسَّس الإدانة على اعترافهما أمام الادعاء العام دون تحديد هذا الاعتراف ومضمونه، كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.

وحيث إن نعي الطاعنين غير سديد ذلك أن محل تطبيق القرار رقم (٦٦ / ٢٠١٦م) هو في حالة التصالح بين المخالف وجهة الإدارة إذ يتوجَّب على المخالف سداد غرامات مالية حسب الملحق رقم (٢) في حالة الموافقة على طلبه من جهة الإدارة المختصَّة إذ إن التصالح ليس إجراءً ملزماً لجهة الإدارة بل هو أمر جوازي متروك لتقديرها وسند ذلك صيغة المادة (٢٦ مكرر) من قانون الأسلحة والذخائر التي نصَّت على أنه: «… يجوز للمفتش العام أو مَن يفوِّضه…» وصيغة المادة (٤٠) من اللائحة التي نصَّت على أنه: «… يجوز للمدير العام والقائد المختص بناءً على طلب المخالف   …» وهذا الأمر يتم خارج نطاق القضاء بتنازل جهة الإدارة عن السير في إجراءات الدَّعوى العُمومية مقابل دفع المخالف المبلغ المالي الذي حدَّده القانون وفق إجراءات إدارية محدَّدة هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن تهمة المتاجرة المقدَّم بها الطاعنان حسب المادة (٢٣ / ب) من قانون الأسلحة والذخائر لا يجوز التصالح فيها وسند ذلك هو المادة (٢٦ مكرر) من ذات القانون التي نصَّت على أنه: «… يجوز للمفتش العام أو مَن يفوِّضه عدم السير في إجراءات الدَّعوى في الجرائم المعاقب عليها بالمواد (١٩، ٢٢، ٢٤، ٢٥) المشار إليها في هذا الفصل إذا دفع المخالف غرامة تحدَّد وفق القواعد والفئات التي يصدر بها قرار من المفتش العام على ألا تتجاوز قيمة الغرامة في كل حالة نصف الحد الأقصى المقرَّر للغرامة عن الجريمة المرتكبة كما يجوز له الأمر بمصادرة السلاح موضوع الجريمة…» أما إذا عُرضت دعوى مخالفة قانون الأسلحة والذخائر أمام القضاء فإن محل تطبيق العقوبات على المخالفين هو ما ورد في الفصل الثالث من هذا القانون وليس غرامات التصالح الواردة في القرار رقم (٦٦ / ٢٠١٦م) الملحق رقم (٢).

أما عن نعي الطاعنين بأن بعض القواعد الواردة في قانون الأسلحة والذخائر كان يتوجَّب ألا تسري على بعض المناطق مراعاة للأعراف والتقاليد السَّائدة فيها فمردود عليه بأنه من المقرَّر أن القواعد القانونية هي قواعد عامة ومجرَّدة فالعُمومية تقتضي أنها موجَّهة لكافة المجتمع فهي لا تخاطب أشخاصاً بذواتهم ولا واقعة بذاتها بل إن الخطاب موجَّه للأشخاص بصفاتهم وللوقائع بصفاتها أما التجريد فيعني أن تصدر القاعدة في صيغة لا تتعلق بشخص بعينه أو واقعة بعينها أي أن القاعدة القانونية تطبَّق على كل من توافرت فيه شروط تطبيقها ما لم يكن مستثنى بقاعدة قانونية أخرى وهذا الاستثناء غير وارد في قانون الأسلحة والذخائر.

أما عن نعي الطاعنين بشأن عدم إمهالهما لاستخراج تصريح فمردود عليه بأن ذلك ليس بواجب على المحكمة وإنما يرجع لسلطتها التقديرية ومع ذلك فإن المحكمة وحسب الثابت بمحاضرها أمهلت الطاعنين أكثر من شهر لمحاولة التسوية وأما عن نعيهما بشأن اعترافهما فإن الحكم المطعون فيه خلص إلى ثبوت الاتهام المسند إليهما أخذاً باعترافهما الصَّريح في جميع مراحل الدَّعوى بحيازتهما للأسلحة المضبوطة في حوزتهما دون ترخيص حيث جلباها من………… عن طريق أحد الأشخاص بغرض الاتجار بها الأمر المعزز بمحاضر الضبط والصور المرفقة وهي أدلة سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ومن ثم فإن   الطعن برمته يُضحي غير سديد بما يتعينَّ رفضه وإلزام الطاعنين المصروفات عملاً بالمادة (٢٢٥) من قانون الإجراءات الجزائية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعنين المصروفات.