جلسة يوم الثلاثاء الموافق ٢٦ / ٤ / ٢٠١٧م
برئاسة فضيلة القاضي / منصور بن علي الفارسي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: د. محمد صالح علي سيد أحمد، وأحمد بن عياش الجندوبي، ونور الدين بن المكي خليفي، وعاطف المأمون عبد السلام.
(٢١١)
الطعن رقم ٥٠٤ / ٢٠١٦م
عقد إداري (شروط- اختصاص) – أسواق عامة (اختصاص – قضاء إداري)
– يلزم لاعتبار العقد إداريًا أن تكون الدولة أو أحد الجهات المنسوبة لها طرفًا فيه وأن يحتوي العقد على شروط استثنائية غير مألوفة في العقود المدنية التي تنظمها قواعد القانون الخاص علاوة على أن يكون العقد متصلا بمرفق عام اتصالا يتحقق به معنى المشاركة في تسييره.
– الأسواق العامة التي تقيمها الدولة أو الأشخاص العامة الأخرى التابعة للدولة تعتبر من الأموال والمرافق العامة وبالتالي فإنّ إبرام العقد بمنح منفعة غرفة التبريد للطاعنة وبالشروط الواردة فيه غير المألوفة في العقود المدنية فهو ينطوي على عقد إداري وبالتالي فلا يكون للقضاء العادي تأويل إرادة الجهة الإدارية المشرفة على تسيير السوق الرافضة لتجديد العقد على أساس انتفاء تحقيق المصلحة العامة في تجديده ويخرج عن ولاية القضاء العادي التدخل في اختصاص القضاء الإداري.
الوقائع
تتلخص الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الوثائق والأوراق التي بني عليها في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم (٤٠٣ / ٢٠١٥م) دائرة الإيجارات بالمحكمة الابتدائية بالسيب بصحيفة مودعة أمانة سر تلك المحكمة بتاريخ ٧ / ١٠ / ٢٠١٥م بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدها – المدعى عليها ابتدائية بلدية مسقط – بتجديد عقد غرفة التبريد رقم (B D٤) بسوق الموالح المركزي للخضروات والفواكه المبرم بين الطرفين والذي تضمن أنّ مدته تبدأ من ١ / ١ / ٢٠١٥م وتنتهي بعد ثلاثة أشهر في ٣١ / ٣ / ٢٠١٥م وأنّ الطاعنة إذا رغبت في تجديده عليها تقديم خطاب رسمي للمطعون ضدها ويحرر عقد جديد في حالة موافقة المطعون ضدها وذلك حسبما جاء بالبند رقم (١) من العقد، تداول نظر الدعوى أمام المحكمة الابتدائية السيب وأعلنت المدعى عليها المطعون ضدها بصحيفة الدعوى وقدّمت ردها بمذكرة قدمت بجلسة ١٥ / ١١ / ٢٠١٥م دفعت بعدم الاختصاص الولائي للمحكمة الابتدائية مسقط وباختصاص محكمة القضاء الإداري تأسيسًا على أنّ سوق الموالح المركزي مرفق عام تتم إدارته من قبل بلدية مسقط بوساطة إدارة سوق الموالح المركزي وأنّ العقد المبرم بين الطرفين وكما جاء فيه فهو عقد إداري وأنّ موضوع الدعوى الماثلة منظور حاليًا أمام محكمة القضاء الإداري، واحتياطيًّا طلبت المطعون ضدها رفض الدعوى موضوعًا لكون أنّ العقد مؤقت وأنّ الطاعنة ليست جادة في العمل، وأنّ ذلك قد اتضح للمطعون ضدها من خلال تواجد عمالة وافدة بغرفة التبريد لا يتبعون للطاعنة بالمخالفة لبنود العقد مما حدا بإدارة السوق إلى توجيه الرسالة المؤرخة ٩ / ٣ / ٢٠١٥م للإخلاء وأعقبتها بالرسالة المؤرخة ٨ / ٤ / ٢٠١٥م على أن يتم الإخلاء بنهاية المدة المؤقتة ٣١ / ٣ / ٢٠١٥م ولما لم تستجب الطاعنة قامت الطاعنة بتاريخ ٣ / ٦ / ٢٠١٥م بإغلاق غرفة التبريد وبتشميعها بالشمع الأحمر وأنّ قاضي الأمور المستعجلة بالمحكمة الابتدائية بالسيب أصدر بناء على طلب الطاعنة قراره بإلغاء قرار الإغلاق والتشميع بتاريخ ٧ / ٦ / ٢٠١٥م.
وحيث إنّ المحكمة الابتدائية بالسيب أصدرت حكمها في الدعوى بجلسة ٢٧ / ١٢ / ٢٠١٥م ٢٧ / ١٢ / ٢٠١٥م والذي قضى بعد الاختصاص الولائي للمحكمة الابتدائية بالسيب بنظر الدعوى وبإلزام الطاعنة بالمصاريف.
ولم ترض الطاعنة – شركة…………. – بالحكم سالف الذكر فطعنت فيه بالاستئناف رقم (١٤ / ٢٠١٦م) لدى الدائرة التجارية محكمة الاستئناف بالسيب والتي أصدرت حكمها في الاستئناف بجلسة ١٢ / ٤ / ٢٠١٦م بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعًا وبتأييد الحكم الابتدائي آخذة بأسبابه.
ولم ترض الطاعنة بحكم محكمة الاستئناف السيب فطعنت فيه بالنقض أمام المحكمة العليا بالطعن الماثل بصحيفة أودعت أمانة سر هذه المحكمة بتاريخ ٢٢ / ٥ / ٢٠١٦م موقعة من المحامي………… المقبول لدى المحكمة العليا والذي يعمل بمكتب الدكتور………. للمحاماة وكيل الطاعنة وقدّم سند الوكالة الذي يجيز له ذلك وما يفيد سداد الرسوم والكفالة المقررين وتم إعلان المطعون ضدها بصحيفة الطعن وردت عليها بمذكرة طلبت في ختامها رفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه لأن العقد إداري وأنّ موضوع الدعوى قد تم حسمه ونظره ابتدائيًا واستئنافيًا بوساطة محكمة القضاء الإداري وقدّمت الطاعنة مذكرة تعقيب صممت على ما جاء بصحيفة الطعن.
وحيث أقيم الطعن على سبب وحيد نعت به الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون وذلك على سند من القول إن موضوع الدعوى وإن تعلّق بجهة إدارية هي بلدية مسقط إلا أنّ العقد سند الدعوى ليس عقدًا إداريًا وإنما هو عقد مدني تحكمه القوانين المدنية وهو ما يخرج عن اختصاص محكمة القضاء الإداري ومن ثمّ يكون القضاء المدني (العادي) هو صاحب الولاية بالفصل في النزاع موضوع الدعوى الماثلة وأنّ محكمة الموضوع اختلط عليها الأمر فقامت بتكييف العقد موضوع الدعوى وهو عقد إذعان ويصنف على أنّه عقد مدني وقامت محكمة ثاني درجة المطعون في حكمها بتكييف عقد إيجار غرفة التبريد على أنّه عقد إداري رغم خلوّه من الشروط الاستثنائية غير المألوفة في العقد المدني وخلصت الطاعنة إلى أنّ العقد موضوع الدعوى هو عقد إذعان وليس عقدًا إداريًا وقد نصّت المادة (١٥٨) من قانون المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٢٩ / ٢٠١٣م) على حق المحاكم في تعديل الشروط التعسفية في عقود الإذعان.
وحيث ردت المطعون ضدها على صحيفة الطعن بمذكرة تضمنت أنّ العقد موضوع الدعوى هو عقد إداري وأنّ المطعون ضدها كانت قد أقامت الدعوى الابتدائية رقم (١٨٧٨ / ٢٠١٥م) ضد الطاعنة أمام محكمة القضاء الإداري في نفس موضوع الدعوى الماثلة والتي أصدرت الحكم فيها بجلسة ٣١ / ١٢ / ٢٠١٥م والذي قضت بإلزام الطاعنة بإخلاء غرفة التبريد (B D٤) موضوع الدعوى الماثلة وبمتأخرات الأجرة وتأيد هذا الحكم بحكم الدائرة الاستئنافية بمحكمة القضاء الإداري بجلسة ٢٩ / ٣ / ٢٠١٦م وبالتالي فلا يجوز إثارة موضوع الدعوى مرة أخرى لسابقة الفصل فيها بالأحكام سالفة الذكر.
المحكمة
وحيث استوفى الطعن كافة أوضاعه الشكلية ومن ثمّ تعينّ قبوله.
من حيث الموضوع: وحيث إنّه عن النعي على الحكم المطعون فيه بسبب الطعن الوحيد فإنّ المقرر قانونًا أنّ محكمة القضاء الإداري هي المختصة وحدها بالفصل في المنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية إذ يخرج عن ولاية القضاء العادي – كما في دعوى الحال – تأويل قرار السلطة الإدارية المؤجرة بعدم المضي قدمًا في تجديد العقد من عدمه،، كما أنّه من المقرر أيضًا أنّه يلزم لاعتبار العقد إداريًا أن تكون الدولة أو أحد الجهات المنسوبة لها طرفًا فيه وأن يحتوي العقد على شروط استثنائية غير مألوفة في العقود المدنية التي تنظمها قواعد القانون الخاص علاوة على أن يكون العقد متلصاً بمرفق عام اتصالاً يتحقق به معنى المشاركة في تسييره ، ومتى كان ذلك وكانت الوحدة المؤجرة للطاعنة هي غرفة تبريد وتمثل جزءًا من سوق الخضر والفواكه الذي تديره الدولة ممثلة في المطعون ضدها بلدية مسقط وهي الجهة المانحة لحق الانتفاع بموجب العقد والتي آثرت عدم المضي فيه وعدم تجديده ومتى كانت الأسواق العامة التي تقيمها الدولة أو الأشخاص العامة الأخرى التابعة للدولة تعتبر من الأموال والمرافق العامة وبالتالي فإنّ إبرام العقد بمنح منفعة غرفة التبريد للطاعنة وبالشروط الواردة فيه غير المألوفة في العقود المدنية فهو ينطوي على عقد إداري وبالتالي فلا يكون للقضاء العادي تأويل إرادة الجهة الإدارية المشرفة على تسيير السوق الرافضة لتجديد العقد على أساس انتفاء تحقيق المصلحة العامة في تجديده ويخرج عن ولاية القضاء العادي التدخل في اختصاص القضاء الإداري وبالتالي فإنّ الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى تكييف العقد المبرم بين الطاعنة والمطعون ضدها بأنه عقد إداري ولا يختص القضاء العادي ولائيًا بنظر النزاع القائم بسبب هذا العقد ومن ثم فهو في محله ويكون النعي على الحكم الصادر بعدم الاختصاص الولائي للأسباب الواردة فيه غير سديد ويتعينّ رفض الطعن وإلزام الطاعنة بالمصاريف ومصادرة الكفالة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وألزمت الطاعنة بالمصاريف ومصادرة الكفالة.