التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – هيئة تنازع الاختصاص: طلب التنازع رقم ١٥ / ٠٨م

0008/15 15/0008 08/15 15/08 ٠٠٠٨/١٥ ١٥/٠٠٠٨ ٠٨/١٥ ١٥/٠٨

تحميل

جلسة يوم الأربعاء الموافق١٢  / ٤ /  ٢٠١٧م

المشكلة برئاسة فضيلة الشيخ الدكتور /  إسحاق بن أحمد بن ناصر البوسعيدي، رئيس المحكمة العليا، رئيس الهيئة، وعضوية كلّ من أصحب الفضيلة القضاة:

الشيخ. د. عبد اللهّ بن راشد بن عزيز السيابي نائب رئيس المحكمة العليا

الشيخ. د. صالح بن حمد بن سالم الراشدي نائب رئيس المحكمة العليا

ماجد بن عبد الله بن مبارك العلوي رئيس محكمة القضاء الإداري

د. خليفة بن محمد بن عبدالله الحضرمي نائب رئيس المحكمة العليا

مسعود بن محمد بن علي الراشدي قاضي المحكمة العليا

سالم بن محمد بن سالم البراشدي قاضي المحكمة العليا

سعيد بن خلف بن سالم التوبي نائب رئيس محكمة القضاء الإداري

ناصر بن محمد بن ناصر الرواحي مستشار بمحكمة القضاء الإداري

عبد اللهّ بن مسعود بن علي السنيدي مستشار بمحكمة القضاء الإداري

أحمد بن محمّد بن سالم الوهيبي مستشار بمحكمة القضاء الإداري

(١٩)
طلب التنازع رقم (١٥) السنة القضائية الثامنة

تنازع اختصاص (معيار – ملكية- قضاء عادي)

– إن تخلِّي كلٌّ من جهتي القضاء العادي والقضاء الإداري عن نظر النِّزاع يعدُّ تنازعًا سلبيًا في الاختصاص الأمر الذي يستنهِض ولاية الهيئة للفصل في الطلب الماثل، بُغية تعيين الجهة القضائية المختصَّة بنظر النِّزاع.

– إن نزاعات الملكية سواء نشأت فيما بين الأفراد أنفسهم أم في مواجهتهم للدولة إنمّا ينبغي أن تخضع لقواعد موحدة في مجال التداعي بشأنها، وذلك بأن يكون اختصاص النظر فيها معقودًاً لمحاكم القضاء العادي التي تفصل فيه وفق قواعد القانون المدني.  – – تختص محاكم القضاء العادي في النظر بمنازعات إثبات الملك. الأمر الذي يتعينَّ معه القضاء بتعيين المحكمة المختصة بالقضاء العادي لنظر الدعوى موضوع الطلب الماثل.

أولاً- في الإجراءات

بتاريخ ٢١ بتاريخ ٢١ / ٧ / ٢٠١٦م أودع المحامي / ….، المقيَّد لدى المحكمة العليا  من مكتب الدكتور…. للمحأماة والاستشارات القانونية – لدى أمانة سر الهيئة صحيفة الطلب الماثل بموجب وكالة مصدق عليها من كاتب العدل بالمضيبي بتاريخ ٢٦ / ٨ / ٢٠١٥م  بصفته وكيلاً عن مقدِّم الطلب  وأرفق به سند الوكالة وصوراً من الحكمين اللذين وقع في شأنهما التنازع ملتمسًا الحكم: بقبول الطلب شكلاً، وفي الموضوعً: أولاً: بتعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى، وذلك لتخلي كل من القضاء المدني  المحكمة الابتدائية بأدم  والدائرة الاستئنافية بمحكمة القضاء الإداري عن نظر الدعوى، وبإحالة الدعوى اليها لنظرها من جديد، وبهيئة مغايرة ودون رسوم.

ثانياً: بإلزام المقدم ضدها الطلب المصاريف عن درجات التقاضي، وأتعاب المحاماة مبلغًا مقداره (١٠٠٠) ألف ريال عماني.

وبتاريخ ١٩ / ٩ / ٢٠١٦م قام محضر الهيئة بإعلان المقدم ضدها الطلب بصورة من الطلب ومرفقاته، ولم تودع المقدم ضدها الطلب الماثل الرد على الطلب، وعليه قرر فضيلة الشيخ الدكتور رئيس الهيئة إحالة ملف الطلب إلى الأمانة الفنية لتحضيره، وإعداد تقرير بالرأي القانوني.

وإذ تبين للأمانة الفنية للهيئة أن الطلب الماثل قد استوفى كافة الأوراق والمستندات اللازمة للفصل فيه، وأن الهيئة قد كلفت المقدم ضدها الطلب بالرد فآثرت عدم الرد، ثم قامت الأمانة الفنيَّة للهيئة بتحضير الطَّلب وأعدَّت تقريرًاً تضمَّن رأيها بشأنه قدَّمته إلى فضيلة الشيخ الدكتور رئيس الهيئة، بعد ذلك نظرت الهيئة الطَّلب وقرَّرت إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النُّطق به.

ثانياً- الوقائع

تتلخص الوقائع في أن مقدم الطلب أقام دعواه بصحيفة أودعها – ابتداءً – لدى أمانة سر المحكمة الابتدائية بأدم بتاريخ ٣ / ١١ / ٢٠١٥م، وقيدت برقم (١١٦ / ٢٠١٥م) طالباً في ختامها الحكم: ١- بإلغاء قرار لجنة شؤون الأراضي الصادر في اجتماعها   رقم (١٣ / ٢٠٠٩م) الذي عقد بالمديرية العامة للإسكان لمحافظة الداخلية بتاريخ ٧ / ١٢ / ٢٠٠٩م، وما انتهى اليه من توصيات، فيما يخص المدعي، والحكم: بتمليكه قطعة الأرض الزراعية الواقعة بمنطقة السميرات بولاية أدم البالغ مساحتها (٨٥٢.٦٦) مترًا مربعًا، وبإلزام المدعى عليها بإكمال إجراءاتها لصالحه واستخراج سند ملكية باسمه. ٢- بإلغاء قرار لجنة شؤون الأراضي الصادر في اجتماعها رقم (١٣ / ٢٠٠٩م) الذي عقد بالمديرية العامة للإسكان لمحافظة الداخلية بتاريخ ٧ / ١٢ / ٢٠٠٩م، وما انتهى اليه من توصيات، فيما يخص المدعي بأن تكون البئر الواقعة في الأرض محل التداعي وردًا عاما للولاية، والحكم: بإبقاء وضعها على ما هو عليه مسجلة باسم المدعي وفقاً لما هو وارد بشهادة الحصر وتسجيل البئر. ٣- بإلزام المدعى عليها المصاريف، وأتعاب المحاماة مبلغ (١٥٠٠) ألف وخمسمائة ريال عماني.

وذكر شرحاً لدعواه بأنه قام بمبادلة المالك الأصلي بحسب ما هو وارد بالقرار الشرعي فأصبح المدعي هو المالك الآن للمزرعة محل الدعوى، وقدم المدعي طلب تمليكه للمزرعة بكامل مساحتها لدى المدعى عليها إلا أن المدعى عليها وبناءً على قرار لجنة شؤون الأراضي جاء التمليك لمساحة (٣٣,٠٠٠) متر مربع، وليس لكامل المساحة التي يطالب بها، وأن المساحة المتبقية داخلة في حيازة الأرض وبها بئر مسجلة باسم المدعي شخصيًا، مما حدا بالمدعي إلى إقامة دعواه بالمطالبة سالفة الذكر.

وتدوول نظر الدعوى بجلسات المحكمة المذكورة على النحو الثابت بمحاضرها، وخلالها مثل الأطراف، وقدم الحاضر عن المدعى عليها مذكرة التمس في ختامها القضاء:

أولاً: بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى، وذلك لكون طلب المدعي متعلقاً بالمنازعة في مساحة الأرض موضوع الدعوى التي تم منحه إياها من قبل الدولة، وليس من قبل المالك السابق، فالأرض الزراعية تم منحها لمالكها السابق من قبل الدولة كما هو مبين في خطاب وكيل شؤون الأراضي.

وحيث إن الأرض منحة من الدولة، فالمنازعة تكون منازعة إدارية تختص بنظرها محكمة القضاء الإداري. ثانيًا: من الناحية الموضوعية برفض طلبات المدعي استنادًا إلى أنه بمعاينة موقع المزرعة تبين من خلال المعاينة بأن الأرض المشغولة من قبل المدعي هي للمساحة التي تم تمليكه إياها من قبل اللجنة أما بقية الأرض فهي عبارة عن أرض بيضاء ليس بها أي إشغالات قائمة أو آثار قديمة.

وبجلسة ١٨ / ١ / ٢٠١٦م أصدرت المحكمة حكمها القاضي: بعدم اختصاصها ولائيًا   بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها لمحكمة القضاء الإداري بمسقط، وعلى أمانة السر تحديد موعد مناسب لنظر الدعوى، وأبقت الفصل في المصاريف القضائية.

وشيدت قضاءها بأن الدعوى متعلقة بطلب تمليك المساحة المتبقية على أرض ممنوحة من الدولة كما هو وارد في خطاب وكيل وزارة شؤون الأراضي والصادر بتاريخ ١٤ / ٧ / ١٩٨٤م، وليس بطلب إثبات ملك سابق، وبالتالي فإن طلب منح الأرض هو قرار إداري يخضع لتقدير الجهة المختصة من حيث توفر ضوابط استحقاق منح المساحة وتحديدها، فيكون الاختصاص بالطعن في القرار الصادر في ذلك منعقدًا لمحكمة القضاء الإداري ولائيًّا.

وقيدت الدعوى- بناء على قرار الإحالة – أمام الدائرة الابتدائية بمحكمة القضاء الإداري برقم (٩٤٢) للسنة (١٦) قضائية، وجرى نظرها أمامها بالجلسات المبينة بمحاضرها. وبجلسة ١٦ / ١١ / ٢٠١٥م حضر مقدم الطلب -المدعي- مع وكيله، كما حضر المقدم ضدها الطلب -المدعى عليها- مندوبها……..، وذكر الحاضر عن مقدم الطلب  المدعي – بأنه يكتفي بما قدمه من مذكرات، بينما قدم الحاضر عن المقدم ضدها الطلب  المدعى عليها  مذكرة طلب في ختامها الحكم: أصليًا: ١- بعدم قبول الدعوى شكلاً؛ لرفعها بعد فوات القيد الزمني. ٢- بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى. واحتياطياً: برفض الدعوى موضوعًا، وإلزام رافعها المصاريف. وذكر فيها بأن المدعي علم بقرار الوزارة علمًا يقينيًا بتاريخ ١٩ / ٥ / ٢٠١٠م إلا أنه لم يقم دعواه خلال القيد الزمني المقرر قانوناً.

وبجلسة ٢٨ / ٤ / ٢٠١٦م حكمت المحكمة: بعدم قبول الدعوى شكلاً؛ لرفعها بعد الميعاد، وذلك على النحو المبين بالأسباب، وألزمت المدعي المصاريف.

وأسست قضاءها على أن الثابت من الأوراق اعتماد توصية اللجنة من وزارة الإسكان بتاريخ ٧ / ٢ / ٢٠١٠م، وأن المدعي تظلم من ذلك القرار بتاريخ ١ / ٣ / ٢٠١٠م، وقد صدر قرار وكيل الوزارة بتاريخ ٢٢ / ٣ / ٢٠١٠م باعتماد رأي الدائرة القانونية برفض التظلم، وأنه كان عليه أن يقيم دعواه خلال فترة الستين يومًا التالية لرفض تظلمه أي في أجل أقصاه يوم ٢٢ / ٥ / ٢٠١٠م، غير أن المدعي لم ينشط في إقامة دعواه أمام المحكمة المدنية إلا بتاريخ ٣ / ١١ / ٢٠١٥م، الأمر الذي تكون معه الدعوى الماثلة قد أقيمت بعد المواعيد المقررة قانونًا.

ولم يرتض مقدم الطلب هذا القضاء فطعن عليه بالاستئناف رقم (س- أ- ٨٠١ لسنة (١٦) ق س) أمام محكمة القضاء الإداري – الدائرة الاستئنافية – بموجب تقرير مودع أمانة سر المحكمة بتاريخ ٢٣ / ٥ / ٢٠١٦م طعناً على الحكم الصادر عن الدائرة   الابتدائية الرابعة في الدعوى رقم (٩٤٢ / ١٦ ق) الصادر بجلسة ٢٨ / ٤ / ٢٠١٦م، والقاضي منطوقه: بعدم قبول الدعوى شكلاً؛ لرفعها بعد الميعاد، وذلك على النحو المبين بالأسباب وألزمت المدعي المصاريف، طالباً للأسباب الواردة بتقرير الاستئناف الحكم: أولاً: وقبل الفصل في الدعوى بمخاطبة المديرية العامة للإسكان بمحافظة الداخلية للحجز على قطعة الأرض الزراعية محل التداعي الواقعة بقرية (السميرات) بولاية أدم، وعدم إجراء أي تصرف فيها لحين صدور الحكم في الدعوى، وذلك تطبيقًا لنص المادة (٣٦) من قانون السجل العقاري. ثانيًا: بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددًا بقبول الدعوى شكلاً، وإعادتها للدائرة لنظرها موضوعًا، والفصل في طلبات المستأنف بهيئة مغايرة ودون رسم، مع إلزام المستأنف ضدها المصاريف عن درجتي التقاضي، وأتعاب المحاماة مبلغًا مقداره ألف وخمسمائة ريال، وأعلن التقرير للمستأنف ضدها، وبجلسة المرافعة مثل الطرفان وتمسك الحاضر عن المستأنف ضدها – المطلوب ضدها- بالحكم الابتدائي، وبأنه ليس لديه جديد، وبجلسة ٢١ / ٦ / ٢٠١٦م قضت الدائرة الاستئنافية: بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع: بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددًا، بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائيًا بنظر الدعوى دون إحالة، وألزمت المستأنف المصاريف عن درجتي التقاضي؛ تأسيسًا على أن المستأنف ينازع وزارة الإسكان في ملكيته للمزرعة الواقعة بمنطقة السميرات بولاية أدم بكامل مساحتها؛ كونها آلت اليه عن طريق التبادل عن أرضه التي يمتلكها، وذلك بموجب إقرار شرعي، واستنادًا إلى سابقة إشغالها من قبل المدعو…….. والذي تبادلها معه، كما أنه تقدم بطلب إثبات ملك لقطعة الأرض محل النزاع بكامل مساحتها في عام ٢٠٠٧م؛ إلا أن الجهة الإدارية المستأنف ضدها قامت بتمليكه مساحة (٠٠٠.٣٣) متر مربع بالثمن وبرفض تمليكه باقي المساحة، مع ابقائها ملكًا للدولة، وأن المستأنف ظل ينازعها في ملكية باقي المساحة؛ لأسباب تتعلق بالإقرار الشرعي الذي يرى بأن المستأنف ضدها قد أخذت به، كما يشير إلى حيازة سلفه لقطعة الأرض محل النزاع بكامل مساحتها، وأنه كان يتعين عليها أن تقوم بتمليكه كامل القطعة إلا أنها رفضت.

وحيث إن نزاعات الملكية سواء نشأت فيما بين الأفراد أنفسهم أم في مواجهتهم للدولة إنما ينبغي أن تخضع لقواعد موحدة في مجال التداعي بشأنها، وذلك بأن يكون اختصاص النظر فيها معقودًا لمحاكم القضاء العادي التي تفصل فيه وفق قواعد القانون المدني من خلال ما يعرض عليها من حجج ومستندات ليفصل في مدى صحة ادعاء الملكية من كل طرف من عدمه، وذلك تطبيقًا لحكم المادة (٢) من مواد إصدار   قانون السلطة القضائية، وعليه تكون المنازعة من قبيل منازعات إثبات الملك التي تختص بنظرها محاكم القضاء العادي وهو ما أكدت عليه الجهة الإدارية المستأنف ضدها بمذكرة دفاعها أمام محكمة أول درجة.

وحيث إن حكم محكمة أول درجة قد قضى بغير ذلك فيكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتقدير الواقع، ويكون الطعن عليه بالاستئناف قد جاء على سبب صحيح من القانون، مما يتعين معه إلغاؤه والقضاء مجددًا بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائيًا بنظر الدعوى دون إحالة.

وحيث إن وكيل مقدم الطلب يؤسس الطلب على أساس أن المحكمتين تخلتا عن نظر النزاع المعروض عليهما؛ تأسيسًا على أنهما غير مختصتين ولائيًّا بنظر دعواه، وذلك يعد تنازعًا سلبيًا في الاختصاص، الأمر الذي يتوفر معه قبول طلب تعيين الجهة القضائية.

ثالثاً- الهيئة

حيث إنه عن شكل الطلب، فإنه لما كان الطلب وقع من محام مقبول للترافع أمام المحكمة العليا، وقدم وفقًا للإجراءات المقررة قانوناً، واستوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى المقررة قانوناً، فيكون مقبولاً شكلاً.

وحيث إنه عن الموضوع؛ فإن مقدِّم الطلب يهدف من طلبه إلى تعيين المحكمة المختصة بالنزاع؛ نظرًا لتخلي كل من الدائرة المدنية بالمحكمة الابتدائية بالمضيبي، والدائرة الاستئنافية الثانية بمحكمة القضاء الإداري عن نظر النزاع.

وحيث إنَّه عن هذا الطَّلب؛ فإنَّ المادة (٨) من قانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٩٠ / ٩٩) تنص على أنَّه: « فيما عدا الخصومات الإدارية ، تختص المحاكم المنصوص عليها في هذا القانون بالحكم في الدعاوى المدنية…».

وتنص المادة (٦) من قانون محكمة القضاء الإداري الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٩١ / ٩٩) والمعدلة بالمرسوم رقم (٣ / ٢٠٠٩) على أن: « تختص محكمة القضاء الإداري  دون غيرها  بالفصل في الخصومات الإدارية ومنها الآتي:

١…. ٢  الدعاوى التي يقدمها ذوو الشأن بمراجعة القرارات الإدارية النهائية…».

وحيث إنَّ المادة (٢) من قانون هيئة تنازع الاختصاص والأحكام الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٨٨ / ٢٠٠٨) تنص على أن: « تختص الهيئة دون غيرها بما يأتي:

أ  الفصل في حالات تنازع الاختصاص الإيجابي والسلبي بين المحاكم المنصوص عليها في قانون السلطة القضائية ومحكمة القضاء الإداري وأية محكمة أخرى، وذلك إذا رفعت الدعوى عن موضوع واحد أمام محكمتين من المحاكم المشار إليها ولم تتخل   إحداهما عنها أو تخلت كلتاهما عنها.

ب … «.

وحيث إنَّ كلا الحُكمين المُشار إليهما نهائيان وصدرا من جهتين قضائيتين مختلفتان ولائيًّا، وبالتالي فإنَّ تخلِّي كلٌّ من جهتي القضاء العادي والقضاء الإداري عن نظر النِّزاع يعدُّ تنازعًا سلبيًا في الاختصاص الأمر الذي يستنهِض ولاية الهيئة للفصل في الطلب الماثل، بُغية تعيين الجهة القضائية المختصَّة بنظر النِّزاع.

وحيث إنَّه عن تعيين المحكمة المختصّة بنظر الدعوى؛ فإنَّ المستقر عليه في قضاء الهيئة أنَّ معيار تعيين المحكمة المختصَّة بنظر دعاوى الأراضي يتمثل في تحديد طبيعة القرار المطعون فيه، فإذا كان موضوع القرار إداريًّا باعتباره صادرًا في نطاق صلاحيات السُّلطة العامَّة التي خوَّلها القانون لجهة الإدارة؛ فإنَّ المنازعة فيه تكون منازعة إداريَّة ينعقد الاختصاص بنظرها لمحكمة القضاء الإداري استنادًا إلى أحكام المادة (٦) من قانونها، أما إذا كان موضوعه يتعلَّق بمسألةٍ من مسائل القانون الخاص وصدَر هذا القرار من جهَة الإدارة خارج ممُارستها لأيِّ سلطةٍ عامَّة في ضوء ما أسفر عنه فحصها للمستندات والقرائن المُرتكن إليها في طلب إثبات التملُّك، سواءَ تعلَّقت بميراثٍ شرعي أم بوضع اليد لمدَّة طويلة أم بصكٍّ شرعي أم بغير ذلك؛ فإنَّ هذا القرار يخرُج من عِداد القرارات الإدارية التي تختصُّ محكمة القضاء الإداري بنظرها، وتكون المنازعة فيه منازعةً مدنيةً حول إثبات الملكية ينعقدُ الاختصاص بنظرها للمحكمة المختصَّة بجهة القضاء العادي وفقاً لحكم المادة (٨) من قانون السلطة القضائية وحيث إنَّه وبتطبيق ما تقدَّم على واقعات الطلب وأخذًا من ملف النزاع والحكمين مثار هذا الطلب؛ فإنَّ الثابت أن المستأنف كان يحوز قطعة من الأرض بمنطقة (……) بولاية (أدم)، وكان المواطن……، يحوز قطعة الأرض الزراعية (محل النزاع) والكائنة بقرية (……) بولاية أدم، وبموجب الإقرار الشرعي رقم (٢٥٩) المؤرخ ١٨ / ٧ / ١٩٩٣م والصادر عن المحكمة الشرعية بأدم، فقد تمت مبادلة قطعتي الأرض المشار إليهما بينهما، فقام المستأنف باستغلال أرضه الزراعية وزراعتها، ثم تقدم بتاريخ ٣٠ / ١٢ / ٢٠٠٧م بطلب إلى وزارة الإسكان لتمليكه الأرض موضوع الدعوى البالغ مساحتها ستة وستين ألفاً وثمانمائة واثنين وخمسين مترًا مربعًا (٦٦٨٥٢ م٢)، فتم عرض الأمر على اللجنة المحلية لشؤون الأراضي بولاية أدم، والتي أوصت – بموجب محضر اجتماعها رقم (١٣ / ٢٠٠٩) المؤرخ ٧ / ١٢ / ٢٠٠٩م – بالآتي: (١) رفض دعوى ملكية المستأنف في الأرض محل الادعاء، (٢) تمليكه مساحة ثلاثة وثلاثين ألف متر مربع (٣٣٠٠٠ م٢) بالثمن   والسعر القانوني، (٣) رفض تمليكه المساحة المتبقية وإبقائها على حالها ملكًا للدولة ، وعلى أن تكون البئر ورداً عاماً للولاية، وكانت المعاينة التي قامت بها لجنة شؤون الأراضي لموقع الأرض محل النزاع قد أكدت على أن الموقع عبارة عن أرض زراعية بها بعض فسلات النخيل الصغيرة وبعضها تمت إزالتها، وأنها تُسقى من بئر وخزان مياه، وحجرة من المواد الثابتة، وعرشان محاطة بسلك شائك بحالة يدل على أن حيازة الموقع جاءت بعد عام ١٩٧٠م، وقد تم اعتماد توصية اللجنة المحلية لشؤون الأراضي من وزير الإسكان بتاريخ ٧ / ٢ / ٢٠١٠م، وقد تظلم المستأنف من هذا القرار بتاريخ ١ / ٣ / ٢٠١٠م، وبتاريخ ٢٢ / ٣ / ٢٠١٠م قرر وكيل وزارة الإسكان اعتماد رأي الدائرة القانونية برفض التظلم.

وحيث إنه يتضح مما تقدم أن المستأنف ينازع وزارة الإسكان في ملكيته للمزرعة الكائنة بمنطقة……. بولاية أدم بكامل مساحتها، كونها قد آلت إليه عن الطريق التبادل عن أرضه التي يمتلكها وذلك بموجب الإقرار الشرعي المشار إليه، واستنادًا إلى سابقة إشغالها من قبل / ……… والذي تبادلها معه، كما أنه قد تقدم بطلب إثبات ملك لقطعة الأرض محل النزاع بكامل مساحتها في عام ٢٠٠٧م، إلا أن الجهة الإدارية المستأنف ضدها قد قامت بتمليكه مساحة (٣٣٠٠٠م٢) بالثمن ورفض تمليكه باقي المساحة مع إبقائها ملكًا للدولة، وظل المستأنف ينازعها في ملكية باقي المساحة لأسباب تتعلق بالإقرار الشرعي والذي يرى أن المستأنف ضدها قد أخذت به، كما يشير إلى حيازة سلفه لقطعة الأرض محل النزاع بكامل مساحتها، وأنه كان يتعين على المستأنف ضدها أن تقوم بتمليكه كامل القطعة، إلا أن الأخيرة رفضت تمليكه باقي المساحة استنادا إلى أن الأرض مملوكة للدولة، وحيث إن نزاعات الملكية سواء نشأت فيما بين الأفراد أنفسهم أم في مواجهتهم للدولة إنمّا ينبغي أن تخضع لقواعد موحدة في مجال التداعي بشأنها، وذلك بأن يكون اختصاص النظر فيها معقوداً لمحاكم القضاء العادي التي تفصل فيه وفق قواعد القانون المدني من خلال ما يعرض عليها من حجج ومستندات وما تستظهره من واقع وأدلة وقرائن وإثباتات؛ ليفصل في مدى صحة ادعاء الملكية من كل طرف من عدمه وذلك تطبيقا لحكم المادة (٢) من مواد إصدار قانون السلطة القضائية، وما استقرت عليه أحكام هيئة تنازع الاختصاص والأحكام في هذا الشأن، وبناءً عليه فإن المنازعة الماثلة تعد من قبيل منازعات إثبات الملك التي تختص بنظرها محاكم القضاء العادي. الأمر الذي يتعينَّ معه القضاء بتعيين المحكمة المختصة بالقضاء العادي لنظر الدعوى موضوع الطلب الماثل. وحيث إنَّه وبالبناء على ما تقدَّم ولمَّا كانت الأرض محل النزاع   تقع بولاية أدم، كما أنَّ الدائرة المدنية بالمحكمة الابتدائية بأدم سبق وأن قضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، مما تكون هي المحكمة المختصَّة بنظر النزاع مثار الطَّلب الماثل.

وحيث إنَّ من مقتضى الحكم الصَّادر من هيئة تنازع الاختصاص والأحكام بتعيين المحكمة المختصَّة بنظر الدعوى، هو أن تلتزم تلك المحكمة بنظرها.

فلهذه الأسباب

« حكمت الهيئة: باختصاص الدائرة المدنية بالمحكمة الابتدائية بأدم لنظر الدعوى موضوع الطلب الماثل..»