التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة الجزائية (أ): الطعن رقم ٦٦٧ / ٢٠١٦م

2016/667 667/2016 ٢٠١٦/٦٦٧ ٦٦٧/٢٠١٦

تحميل

جلسة يوم الثلاثاء الموافق ٧ / فبراير / ٢٠١٧م

المشكلة برئاسة فضيلة السيد  /  خليفة بن سعيد بن خليفة البوسعيدي  /  نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة:سالم بن سعيد الرحبي، سلطان بن ماجد الزعابي، العربي الحروشي، مجيد فرج شوشان

(٢٦)
الطعن رقم ٦٦٧ / ٢٠١٦ م

– جريمة « التحرش الجنسي بالأطفال. ماهيتها.» قانون « تطبيق المادة (٥٦) من قانون الطفل».

– التحرُّش الجنسي المنصوص عليه في المادة (٥٦) من قانون الطفل في حقيقته مصطلح شامل يشمل جميع الأفعال الخارجية أو السطحية التي تثير الغريزة الجنسية.

الوقائع

تتحصَّلُ الوقائع على ما يبينْ ُ من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن في أن الادعاء العام أحال المتهم (الطاعن) إلى محكمة الاستئناف بالرستاق (محكمة الجنايات)؛ لأنه بتاريخ (٢٥ / ١ / ٢٠١٦م) بدائرة اختصاص مركز شرطة بركاء:

تحرَّش جنسياً بالمجني عليهن الطفلات: (١)…………..البالغة من العمر تسع سنوات (٢)……………………. البالغة من العمر تسع سنوات (٣) ………………. البالغة من العمر ثماني سنوات (٤)…………….. البالغة من العمر تسع سنوات وذلك بأن قام بتحسُّ س أجسادهن ومسكهن من أماكن العفة أثناء وجودهن في حديقة بركاء، وفق الثابت بأقوال المجني عليهن وشهادة الشهود.

وطالب الادعاء العام بمعاقبته بالمادة (٧٢) بدلالة المادة (٥٦ / ب) من قانون الطفل.

وبتاريخ (١٢ / ٤ / ٢٠١٦م) حكمت المحكمة بإدانة المتهم (الطاعن) بما أسند إليه وقضت بمعاقبته بالسجن لمدة خمس سنوات وغرامة قدرها (٠٠٠.٥ ر.ع) خمسة آلاف ريال ومدنياً بإلزامه أداء مبلغ قدره (٥٠٠ ر.ع) خمسمائة ريال لكل واحد من أولياء المجني عليهن……… و……….و………..و……………..مع نْ المدنية والجنائية.

إلزامه مصاريف الدَّعويَي   لم يرتض الطاعن (المحكوم عليه) بهذا القضاء فطعن فيه بالنقض أمام المحكمة العليا بالطعن الماثل الذي تم التقرير به بتاريخ (٣ / ٥ / ٢٠١٦م) بأمانة سر المحكمة التي أصدرته وبذات التاريخ أودعت صحيفة بأسباب الطعن موقعة من محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن وقدم سند وكالته عنه التي تتيح له ذلك وتم إعلان المطعون ضدهم بصحيفة الطعن فآثروا عدم الرد.

وقدم الادعاء العام لدى المحكمة العليا مذكرة بالرأي خلص فيها إلى قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.

المحكمة

بعد الاطلاع على الحكم المطعون فيه وعلى سائر أوراق الطعن وبعد سماع التقرير الذي أعدَّه وتلاه القاضي المقرر وبعد المداولة قانوناً.

حيث إن الطعن استوفى شكله المقرَّر قانوناً فهو مقبول شكلاً.

وحيث ينعى الطاعن (المحكوم عليه) على الحكم المطعون فيه البطلان لمخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب وذلك حينما قضى بإدانته بجناية التحرُّش الجنسي المؤثمة بالمادة (٥٦ / ب) من قانون الطفل استناداً إلى أقوال المجني عليهن والتي لا تعدو في حقيقتها أن تكون ادعاءً لا سند له من الواقع والقانون وأقوال الشهود أهالي المجني عليهن التي جاءت سماعية فهم لم يشاهدوا الواقعة ولم تكن لهم أية معرفة بتفاصيل ما حدث إلا من خلال أقوال المجني عليهن وأقوال الشاهد……..الذي لم يشاهد المتهم يرتكب أيَّ فعل مما نسب إليه وبالتالي فإن الحكم استند في إدانته إلى أدلة غير مقبولة في العقل والمنطق ويحيط بها الشك والريبة كما أن الحكم لم يُحط بظروف الدعوى ولم يمحص أدلة الإثبات ولم يوازن بينها وبين دفاع الطاعن ولم يناقش أقوال المجني عليهن وبيان سبب اختلاف أقوالهن لأنهن أنكرن معرفتهن به عند رؤيتهن له في بادئ الأمر ثم عدن وذكرن أنه هو الفاعل وكذلك اختلاف أقوالهن من حيث مكان وقوع الجريمة فلم يُجمعن على مكان واحد وهذا فيه اختلاف مع أقوال الشاهد………… الذي أكد في شهادته أنه شاهد الطاعن صاعداً على لعبة التزحلق وأنه أي هذا الأخير تحصَّل بعد الحكم على أحكام قضائية تفيد أن أقارب المجني عليهن قاموا باتهام أحد الاشخاص بواقعة مماثلة وأنهم يمارسون العنف والإيذاء مع الخصوم، كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.

لما كان ذلك وكان الثابت في قضاء المحكمة العليا أن استخلاص الواقع في الدَّعوى والصُّورة الصحيحة لها وتكييفها التكييف القانوني الصَّحيح وتقدير الدليل ووزن البيِّنات هو من المسائل التي تستقلُّ بها محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وقادرة على حمله وأن العبرة في المحاكمات الجزائية هي باقتناع المحكمة من جميع عناصر الدَّعوى المطروحة عليها ولها كامل الحرية في أن تستمدَّ اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه ولا يصحُّ مطالبتها بالأخذ بدليل دون الآخر ولا يلزم في الأدلة التي يُعوَّل عليها في الحكم أن تكون مفصَّلة بحيث يُنبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدَّعوى إذ إن الأدلة في المواد الجزائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكوَّن عقيدة المحكمة فلا يُنظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها وحدة واحدة تؤدي إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ولو عن طريق الاستنتاج طالما أن القانون لم يحدد وسيلة معيَّنة لإثبات الجريمة كما هو الحال في الدَّعوى المطروحة.

لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد بينَّ واقعة الدَّعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة التحرُّش الجنسي التي أدان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها سندها في أوراق الدَّعوى ومقبولة عقلاً ومنطقاً ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وذلك من أقوال المجني عليهن وشهادة الشاهد ……… ومن ثبوت وجود المتهم (الطاعن) في مكان الواقعة المدَّعى بها زمن حصولها وعدم صحة روايته بأنه كان موجوداً هناك من أجل مساعدة طفل صغير كان يبكي ومن أقوال أولياء المجني عليهن فقد أفادت المجنيُّ عليها……………….لدى الادعاء العام وأمام هيئة المحكمة أن المتهم قام بحملها من خصرها ومؤخرتها وكذلك أفادت المجنيُّ عليها……………….. بأن المتهم قام بحملها من خصرها وكذلك المجنيُّ عليهما………………و…………فقد أفادتا بأن المتهم مسك كل واحدة منهما من مؤخرتها وقرَّر الشاهد…………….. أنه لا يعرف المتهم ولا صلة له به وأنه شاهده عند لعبة الأطفال وانتظر فترة إلى أن نزل وتأكَّد من شخصيته ومشى الرجل فتبعه على أساس أن لا يظلمه وقال بأنه يمكن أن تكون معه عائلة وشاهد آباء المجني عليهن مجتمعين فسأل ماذا يحصل فقالوا له ما حصل وقال لهم بأن ثمة شخصاً رآه فوق اللعبة وتم جلب البنات للتعرُّف عليه وبالفعل تعرَّفن عليه وأنه رأى المتهم فوق اللعبة ورأى بنات من سن المجني عليهن وأن الرجل لم يقاوم عندما اتهموه بما قام به وقرَّر الشاهد…………. أنهم قدموا للحديقة لتناول العشاء واتصل به………… وأعلمه بالسَّ الفة وراحوا لمركز الشرطة وتمت   مواجهة الأطفال مع المتهم من قبل الشرطة وقرَّر الشاهد…………… أنهم كانوا جالسين في الحديقة ومعهم العائلة والأطفال يلعبون في الحديقة وبعد فترة جاءته أم الطفلة…… وقالت له الموضوع وذهب ليرى الشخص حيث رأى رجلاً يمشي بسرعة وكان يريد يخرج من الحديقة وجاءه الشاهد الأول وقال لهم الشخص الذي تريدونه يريد الخروج من الحديقة فتم الإمساك به وهو يريد الخروج من الحديقة وقرَّر الشاهد……………أن ابنته أقبلت وهي تصيح وقالت له إن رجلاً سوَّى فيها ومسكها من مكان عيب وبعدها ذهب للبحث عنه وجاءه الشاهد………

وأخبرهم بشخصية المتهم فالتقوا به عند البوابة وكان يريد الخروج من الحديقة وقد أوردت محكمة الحكم المطعون فيه في ذلك قولها: «… وحيث إن الواقعة بحالتها الراهنة قد وضحت لدى المحكمة من واقع اطلاعها على جميع أوراق الدعوى ومستنداتها وما أجري فيها من تحقيقات وما دار بجلسات المحاكمة من مرافعات وما أبدي فيها من أوجه دفاع ودفوع ومن ثم وقر في يقين المحكمة ارتكاب المتهم للجريمة بأن عمد إلى مسكهن من خصرهن برفعهن على أرجوحة كما عمد إلى مسك كل من …… و……… من مؤخرتيهما وما تصميم المتهم على الإنكار ومحاولة تبرير وجوده بمسرح الواقعة ساعة حصولها لمساعدة الطفل الصغير الذي كان يبكي إلا محاولة يائسة للإفلات من العقاب وأن هذا الادعاء نفته كل البنات لعدم حصول تلك الواقعة البتة زيادة على شهادة……….الذي أكَّد مشاهدته للمتهم عند لعبة الأطفال وانتظر فترة إلى أن نزل وتأكَّد من شخصيته علاوة على شهادة أولياء المجني عليهن الذين أمسكوا بالمتهم عند باب الحديقة وهو يتأهب لمغادرتها وانتهاءً بعملية العرض والتعرُّف والتي من خلالها أكَّدت المجنيُّ عليهن أن الشخص الذي تحرَّش بهن هو المتهم بعد حشره ضمن مجموعة من الأشخاص يُشبهونه في السن والأوصاف…».

لما كان ذلك وكان المقرَّر في قضاء المحكمة العليا أن ما يعتمده القاضي من أدلة يجب أن يؤدي بشكل طبيعي إلى النتيجة التي توصَّل إليها ذلك أن استقلال القاضي الجزائي في تقدير الأدلة مقيَّد بسلامة التقدير والاستدلال وكان البينِّ ُ مما أورده الحكم المطعون فيه أن المحكمة التي أصدرته قد استعرضت أدلة الدَّعوى على نحو يدلُّ على أنها محَّصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة وتأسيساً على ذلك تكون مناعي الطاعن بشأن استناد الحكم المطعون فيه على أقوال الشاهد….. رغم أن شهادته غير مقبولة في العقل والمنطق ويُحيط بها الشك والريبة لكونه لم يجزم بمشاهدته له يرتكب أيَّ   فعل مما نسب إليه وأن الحكم المطعون فيه لم يوازن بين أدلة الاتهام ودفاعه وعدم تعرُّف المجني عليهن عليه أول مرة مناعي في غيرها محلها ومردود عليها بما هو مقرَّر في قضاء المحكمة العليا في تعريف الشهادة من أنها رواية شخص أمام مجلس القضاء عما اتصل بحواسه من وقائع وأحداث حول الجُرم موضوع الشهادة دون أن يُضيف رأياً خاصاً أو تخميناً حول الوقائع الإجرامية التي يُدلي بشهادته حولها وكان البينِّ ُ من أقوال الشاهد  الذي أكَّد أنه لا يعرف المتهم من قبل  أنها أثبتت وجود المتهم في مكان الواقعة المدَّعى بها زمن حصولها والحال أنه مكان مخُصَّص للعب الأطفال وأنه لم تكن له عائلة يصطحبها إلى ذلك المكان كما أن دفاعه بأنه كان هناك من أجل مساعدة طفل صغير كان يبكي افتقد لدليل يعضده مما حمل المحكمة على اطِّراحه وتأسيساً على ذلك يُضحي اعتماد المحكمة على أقوال الشاهد دليلاً من أدلة الإدانة وجيهاً طالما أنه كان نتيجة استخلاص سائغ مستمداً من واقع الدَّعوى وأوراقها أما عن تعرُّف المجني عليهن عليه فهو ثابت من خلال الصور المظروفة بأوراق الدَّعوى حيث تعرَّفت عليه كل واحدة من المجني عليهن رغم وضعه ضمن مجموعة من الأشخاص تقاربه من حيث السن والقسمات.

لما كان ذلك وكانت المادة (٥٦) من قانون الطفل الصَّادر بالمرسوم السُّلطاني رقم (٢٢ / ٢٠١٤) تنصُّ على أنه: «… يُحظر على أي شخص ارتكاب أي من الأفعال الآتية: (ب) اغتصاب طفل أو هتك عرضه أو التحرُّش به جنسياً…» والتحرُّش الجنسي في حقيقته مصطلح شامل يشمل جميع الأفعال الخارجية أو السطحية التي تثير الغريزة الجنسية وكان ما أتاه المتهم (الطاعن) من الأفعال تجاه المجني عليهن وعلى نحو ما ذكرته كلُّ واحدة منهن وقام الدليل على صحته حسبما سلف بيانه تستوعبه أحكام المادة (٥٦) المشار إليها خاصَّة وأنه قد قصد تلك الأفعال وانصرفت نيته إلى إتيانها هذا إلى جانب أن محكمة الموضوع قد تحققت من أعمار المجني عليهن في تاريخ الواقعة فلذلك كان نعي الطاعن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً حول سلطة محكمة الموضوع في استخلاص واقعة الدَّعوى وتقدير أدلتها وهو ما لا يجوز إثارته أمام المحكمة العليا ويتعينَّ تبعاً لذلك رفض الطعن موضوعاً وإلزام الطاعن المصاريف إعمالاً للمادة (٢٢٥) من قانون الإجراءات الجزائية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعن المصروفات.