جلسة يوم الثلاثاء الموافق ٢١ / فبراير / ٢٠١٧م
المشكلة برئاسة فضيلة السيد / خليفة بن سعيد بن خليفة البوسعيدي / نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: سالم بن سعيد الرحبي، سلطان بن ماجد الزعابي، العربي الحروشي، مجيد فرج شوشان
(٢٩)
الطعن رقم ٦٩٩ / ٢٠١٦ م
– تأمين « على الأشياء. تأمين من المسؤولية. الفرق بينهما». قائد المركبة « تحت تأثير الخمر». المؤمن له « تعويض شركة تأجير المركبات. تأمين شامل». الغير « مفهومه بين عقد التأمين وقانون تأمين المركبات».
– المراد بالتأمين على الأشياء هو تعويض المؤمَّن له عن خسارة تلحق بشيء من أمواله وهذا النوع من التأمين ليس فيه سوى طرفين هما المؤمِّن (شركة التأمين) والمؤمَّن له (المستفيد)، والتأمين من المسؤولية هو تأمين لدَيْن في ذمة المؤمَّن له في حين أن التأمين على الأشياء هو تأمين لشيء مملوك للمؤمَّن له، فمحلَّ التأمين على الأشياء هو ما للمؤمَّن له من مال، وتأمين المسؤولية لدَيْن هو بخلاف التأمين على الأشياء لا يقتصر على شخصين اثنين (المؤمِّن والمؤمَّن له) بل يمتدُّ إلى طرف ثالث هو المضرور حيث تكون هناك علاقة متميزة ما بين المؤمِّن والمؤمَّن له من جهة وما بين المؤمِّن والمضرور من جهة أخرى. تفصيل ذلك. مؤدى ذلك أن تلتزم شركة التأمين المؤمن لديها تأمينا شاملا من قبل شركة تأجير المركبات بتعويض الشركة عن تلف المركبة التي قادها مرتكب الحادث ولو كان تحت تأثير الخمر. علة ذلك. تفصيل ذلك.
الوقائع
تتحصَّلُ الوقائع على ما يبينْ من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن في أن الادعاء العام أحال المتهم (المطعون ضده الثالث) إلى المحكمة الابتدائية بخصب (الدائرة الجزائية)؛ لأنه بتاريخ (١٠ / ٢ / ٢٠١٦م) بدائرة اختصاص مركز شرطة خصب:
قاد المركبة رقم (….. / … تأجير) والعائدة بالملك للمطعون ضدها الثانية بتهوُّر وبدون ترو وبطريقة تشكل خطورة وتعرِّض حياة الآخرين للخطر وتحت تأثير الخمر الأمر الذي أدَّى إلى انحراف مركبته واصطدامها بالحاجز الحديدي للشارع مما نتجت عنه أضرار جسيمه بالمركبة، وفق الثابت بالأوراق.
وطالب الادعاء العام بمعاقبته بجُنحة قيادة مركبة تحت تأثير الخمر المؤثمة بالمادة (٥٠ / ١) من قانون المرور.
وبتاريخ (١٢ / ٤ / ٢٠١٦م) حكمت المحكمة حضورياً بإدانة المتهم (المطعون ضده الثالث) بجُنحة قيادة مركبة تحت تأثير الخمر وقضت بمعاقبته بالسجن لمدة شهر وفي الدَّعوى المدنية بإلزام شركة……… للتأمين (الطاعنة) أن تؤدي للمدَّعية بالحق المدني (المطعون ضدها الثانية) مبلغاً قدره (٣٢ .٩٤٣ .٢ ر.ع) ألفان وتسعمائة وثلاثة وأربعون ريالاً واثنتان وثلاثون بيسة.
لم يحُز هذا الحكم قبولاً لدى الطاعنة (المسؤولة عن الحق المدني) فاستأنفته أمام محكمة الاستئناف بمسندم (دائرة الجُنح المستأنفة) التي قضت بتاريخ (٦ / ٦ / ٢٠١٦م) بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفة المصاريف.
لم ترتض الطاعنة (المسؤولة عن الحق المدني) بهذا القضاء فطعنت فيه بالنقض أمام المحكمة العليا بالطعن الماثل الذي تم التقرير به بتاريخ (٤ / ٧ / ٢٠١٦م) بأمانة سر المحكمة التي أصدرته وبذات التاريخ أودعت صحيفة بأسباب الطعن موقعة من محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا بصفته وكيلاً عن الطاعنة وقدم سند وكالته عنها التي تتيح له ذلك وما يفيد سداد مبلغ الكفالة المقرَّرة قانوناً وتم إعلان المطعون ضدهم بصحيفة الطعن فردَّت المطعون ضدها الثانية بواسطة وكيلها القانوني بمذكرة التمست فيها رفض الطعن بينما آثر المطعون ضدهما الأول والثالث عدم الرد.
وقدم الادعاء العام لدى المحكمة العليا مذكرة بالرأي خلص فيها إلى أولاً: عدم قبول الطعن شكلاً في مواجهة المطعون ضده الأول (الادعاء العام) لرفعه على غير صفة، ثانياً: قبول الطعن شكلاً في مواجهة المطعون ضدهما الثانية والثالث ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة المصروفات ومصادرة مبلغ الكفالة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الحكم المطعون فيه وعلى سائر أوراق الطعن وبعد سماع التقرير الذي أعدَّه وتلاه القاضي المقرر وبعد المداولة قانوناً. حيث إنه من المقرَّر في قضاء المحكمة العليا أن الصفة في الطعن كما يجب توافرها في الطاعن لقبول طعنه فإنه وبذات القدر يتعينَّ ُ توافرها في المطعون ضده ولما كان ذلك وكانت الطاعنة بصفتها المسؤولة عن الحق المدني قد اختصمت الادعاء العام وهو ليس طرفاً في الدَّعوى المدنية بما يكون معه الطعن في مواجهته غير مقبول شكلاً لرفعه على غير ذي صفة في خصومة الطعن.
وحيث إن الطعن قد استوفى شكله القانوني في مواجهة المطعون ضدهما الثانية والثالث فهو مقبول شكلاً.
وحيث تنعى الطاعنة (المسؤولة عن الحق المدني) على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون عندما قضى بإلزامها أداء مبلغ قدره (٣٢. ٩٤٣ .٢ ر.ع) ألفان وتسعمائة وثلاثة وأربعون ريالاً واثنتان وثلاثون بيسة للمطعون ضدها الثانية عن قيمة إلغاء المركبة بالرغم من أن الحادث غير مشمول بالتغطية التأمينية استناداً للبند الرابع من الفقرة (أ) من وثيقة التأمين الموحدة على المركبات والمادة (١٥) من قانون تأمين المركبات باعتبار أن المتهم (المطعون ضده الثالث) قائد المركبة المتسبِّبة في الحادث كان تحت تأثير الخمر وقد أخطأ الحكم المطعون فيه حين استند في قضائه إلى المادة (٥٨) من قانون الجزاء رغم أنها ليست هي الفاعلة حتى تلزم أداء قيمة إلغاء المركبة، كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه غير سديد ذلك أن البينِّ من مفردات الطعن أن المطعون ضدها الثانية قد أمَّنت على المركبة رقم (……… /…تأجير) تأميناً شاملاً (عُمان والإمارات) لدى الشركة الطاعنة بموجب وثيقة التأمين رقم (٤٠١٠٢١٥٤١٨) في الفترة من (٢٧ / ٣ / ٢٠١٥م) إلى (٢٦ / ٣ / ٢٠١٦م) وكان البند الأول من الفصل الأول من وثيقة التأمين الموحدة على المركبات وملحق الحوادث الشخصية ينصُّ على أنه: «… يلتزم المؤمِّن بتعويض المؤمَّن له عن الفقد أو التلف الذي يلحق بالمركبة المؤمَّن عليها وملحقاتها وقطع غيارها الموجودة بها والتي تعتبر جزءاً لا يتجزأ منها وذلك في الحالات الآتية: (د) فعل متعمد صادر من الغير…» والمراد بالتأمين على الأشياء هو تعويض المؤمَّن له عن خسارة تلحق بشيء من أمواله وهذا النوع من التأمين ليس فيه سوى طرفين هما المؤمِّن (شركة التأمين) والمؤمَّن له (المستفيد) وكانت المادة (٣ / ٤) من قانون المرور الصَّادر بالمرسوم السُّلطاني رقم (٢٨ / ٩٣) قد اشترطت للترخيص بتسيير مركبة من بين ما اشترطت التأمين من المسؤولية المدنية الناشئة عن حوادث المركبة لصالح الغير طوال مدة الترخيص طبقاً لأحكام القانون الخاص بذلك وهو قانون تأمين المركبات الصَّادر بالمرسوم السُّلطاني رقم (٣٤ / ٩٤) الذي استهدف حماية الطرف الثالث أو الغير بيد أن التأمين على الأشياء يختلف عن التأمين من المسؤولية ذلك بأن هذا الأخير هو تأمين لدَيْن في ذمة المؤمَّن له في حين أن التأمين على الأشياء هو تأمين لشيء مملوك للمؤمَّن له وبهذا يظهر أن محلَّ التأمين على الأشياء هو ما للمؤمَّن له من مال أما محل التأمين من المسؤولية فهو ما على المؤمَّن له من دَيْن ولما كان تأمين المسؤولية لدَيْن هو بخلاف التأمين على الأشياء لا يقتصر على شخصين اثنين (المؤمِّن والمؤمَّن له) بل يمتدُّ إلى طرف ثالث هو المضرور حيث تكون هناك علاقة متميزة ما بين المؤمِّن والمؤمَّن له من جهة وما بين المؤمِّن والمضرور من جهة أخرى ويظهر ذلك جلياً في قانون تأمين المركبات الذي عُنيَ بما نصَّت عليه المادة (٣ / ٤) من قانون المرور من إحالة في تعريف المؤمَّن له إلى قانون تأمين المركبات والذي عرَّفه بأنه مالك المركبة الذي يغطي المؤمِّن مركبته من حوادثها على الطريق وفق أحكام هذا القانون ويُعتبر في حكم المؤمَّن له كل شخص يقود المركبة المؤمَّنة ومن ثم فإنه في حالة التأمين من المسؤولية يكون الرجوع لقانون تأمين المركبات أما في حالة التأمين على الأشياء من الفقد أو الضياع أو الهلاك أو التلف فلا مجال للرجوع إلى التعريفات الواردة في قانون تأمين المركبات ومن ثم فإذا ما أسَّس المؤمَّن له طلب التعويض على مسؤولية المؤمِّن التعاقدية بمقتضى عقد التأمين الشامل وفق بنوده الواضحة وذلك تلافياً للأخطار المترتبة على تأجير السيارات ومنها خطر تعرُّضها للحوادث أثناء استئجارها وما قد يترتب على ذلك من تلف كلي أو جزئي وأنه في سبيل ذلك قام بسداد أقساط تأمينية أعلى من أنواع أخرى من التأمين بحُسْ بان أن هذه السيارات يستأجرها أشخاص كُثر تختلف مهاراتهم في القيادة فتكون أكثر عرضة للمخاطر السَّالفة الذكر من سواها من المركبات الأخرى.
لما كان ذلك وكان البينِّ ُ من الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه وأوراق الدَّعوى أن المتهم (المطعون ضده الثالث) قد استأجر المركبة السَّالفة البيان من المطعون ضدها الثانية ثم وقع له حادث بأن اصطدم بالحاجز الحديدي للطريق وقد نتجت عن ذلك أضرار بالغة بالمركبة أدَّت إلى إلغائها وكان التأمين على الأشياء على نحو ما أسلفنا ليس فيه سوى طرفين المؤمِّن والمؤمَّن له وهو في الوقت ذاته المستفيد فإن تفسير الغير الوارد في المادة (أ / د) من الفصل الأول من وثيقة التأمين هو كل من لا يرتبط بعقد التأمين بأية علاقة على خلاف معنى الغير الوارد في المادة الأولى من قانون تأمين المركبات. لما كان ذلك وكان المتهم قائد المركبة (المطعون ضده الثالث) يُعتبر من الغير بالنسبة لعقد التأمين الشامل وهذا المعنى يتفق مع قصد المؤمَّن له وشركة التأمين عند التعاقد من التأمين الشامل على مركبة التأجير وذلك كما هو الحال في الدَّعوى الراهنة إذ إن المطعون ضدها الثانية هي شخص معنوي لم تقم بتأمين مركباتها إلا محافظة منها على أموالها المتمثلة في هذه المركبات المؤمَّن عليها تأميناً شاملاً وكان أساس الالتزام ومصدره في الدَّعوى الماثلة هو عقد التأمين (وثيقة التأمين) وكان البند الأول من الفصل الأول منها قد نص على إلزام المؤمِّن تعويض المؤمَّن له عن الفقد والتلف الذي يلحق المركبة المؤمَّن عليها.
لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه تلف المركبة المؤمَّن عليها بفعل الغير وإنه وإن كان هذا الفعل لم يكن متعمداً منه إلا أنه كان بخطئه الجسيم الذي يترتب عليه التزام شركة التأمين من باب أولى ومن ثم فإنها تكون ملتزمة بتعويض المؤمَّن له.
لما كان ذلك ولما كان ما تقدَّم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد التزم هذا النظر وصادف صحيح القانون وطبَّق القانون التطبيق الصَّحيح على الواقعة ومن ثم يكون منعى الطاعنة على الحكم المطعون فيه على النحو الوارد في أسباب الطعن على غير أساس بما يتعينَّ معه رفض الطعن موضوعاً وإلزام الطاعنة المصروفات ومصادرة مبلغ الكفالة عملاً بالمادتين (٢٥٥،٢٢٥) من قانون الإجراءات الجزائية.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: أولاً: بعدم قبول الطعن شكلاً في مواجهة المطعون ضده الأول (الادعاء العام) لرفعه على غير صفة، ثانياً: بقبول الطعن شكلاً في مواجهة المطعون ضدهما الثانية والثالث ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة المصروفات ومصادرة مبلغ الكفالة.