جلسة يوم الثلاثاء الموافق ١١ / أبريل / ٢٠١٧م
المشكلة برئاسة فضيلة السيد / خليفة بن سعيد بن خليفة البوسعيدي / نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة:سالم بن سعيد الرحبي، سلطان بن ماجد الزعابي، العربي الحروشي، مجيد فرج شوشان
(٤١)
الطعن رقم ٢١٩ / ٢٠١٧م
– قانون « تطبيق المادة ٤٧ من قانون حماية المستهلك». عقوبة « وقف النشاط بالسجل التجاري. ماهيته. اقتصاره على ما تعلقت به الجريمة».
– من العقوبات التي نصَّت عليها المادة (٤٣) من قانون حماية المستهلك المشار إليها وقف النشاط وهو يعني أن يُحظر على الشخص مباشرة نشاطه المعتاد دون مساس بوجوده القانوني إلا أن هذا الوقف يجب أن ينصبَّ على النشاط الذي تمكن من خلاله ممثل الشخص الاعتباري من ارتكاب جريمته وليس كل الأنشطة التي يمارسها الشخص الاعتباري والتي لا علاقة لها بالجُرم المدان به.
الوقائع
تتحصَّلُ الوقائع على ما يبينْ ُ من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن في أن
الادعاء العام أحال المتهمة……. نيوزيلاندية إلى المحكمة الابتدائية بمسقط (الدائرة الجزائية)؛ لأنها بتاريخ سابق على (١ / ٥ / ٢٠١٦م) بدائرة اختصاص
الهيئة العامة لحماية المستهلك:
أولاً: تداولت سلعاً مغشوشة وذلك بأن قامت ببيع مواد غذائية كاللحوم والدواجن منتهية الصلاحية بعد أن قامت بطباعة تواريخ صلاحية جديدة عليها، وفق الثابت بمحضر الضبط واعترافها.
ثانياً: تداولت مواد ضارة بالصحة وغير صالحة للاستهلاك الآدمي وذلك بأن انتهت مدة صلاحية المواد الغذائية (محل الوصف الأول) المدوَّنة في بطاقة البيانات الإيضاحية، وفق الثابت بالأوراق.
وطالب الادعاء العام بمعاقبتها بالمادة (٤٠) بدلالة المادة (٧) من قانون حماية المستهلك والمادة (٢٢) من قانون سلامة الغذاء بدلالة المادة (١٣ / ٩) من لائحته التنفيذية.
وبجلسة (٢٣ / ٦ / ٢٠١٦م) حكمت المحكمة حضورياً بإدانة المتهمة………….. نيوزيلاندية (الممثلة القانونية لشركة………. للتجارة) بجُنحة تداول سلع مغشوشة وجُنحة تداول مواد غذائية ضارة بالصحة وغير صالحة للاستهلاك الآدمي وقضت بمعاقبتها عن الأولى بالسجن لمدة ثلاث سنوات وغرامة قدرها (٠٠٠،٥٠ ر.ع) خمسون ألف ريال وعن الثانية بالسجن لمدة سنة وغرامة قدرها (٠٠٠،٢ ر.ع) ألفا ريال على أن تدغم العقوبات في الأشد وينفذ من العقوبة الحبسية ستة أشهر ويوقف الباقي وينفذ من الغرامة (٠٠٠.٢٠ ر.ع) عشرون ألف ريال ويوقف الباقي مع الأمر بمصادرة المضبوطات تمهيداً لإتلافها على نفقة المحكوم عليها ووقف نشاط شركة………. للتجارة (الطاعنة) نهائياً ويُفرج عن المتهمة في حالة الاستئناف بكفالة مالية قدرها (٠٠٠.١٠ ر.ع) عشرة آلاف ريال ويُنشر ملخص الحكم في جريدتين يوميتين واسعتي الانتشار إحداهما باللغة العربية على نفقة المحكوم عليها بعد صيرورة الحكم نهائياً.
لم يحُز هذا الحكم قبولاً لدى المحكوم عليها والشركة الطاعنة فاستأنفتاه أمام محكمة الاستئناف بمسقط (دائرة الجُنح المستأنفة) التي قضت بتاريخ (٩ / ١١ / ٢٠١٦م) حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفين المصاريف وأمرت بوقف تنفيذ باقي العقوبة الحبسية في حق المستأنفة المتهمة.
لم ترتض الطاعنة (شركة………… للتجارة) بهذا القضاء فطعنت فيه بالنقض أمام المحكمة العليا بالطعن الماثل الذي تم التقرير به بتاريخ (١٣ / ١٢ / ٢٠١٦م) بأمانة سر المحكمة التي أصدرته وبذات التاريخ أودعت صحيفة بأسباب الطعن موقعة من محام مقبول أمام المحكمة العليا بصفته وكيلاً عن الطاعنة وقدَّم سند وكالته عنها التي تتيح لها ذلك وما يفيد سداد مبلغ الكفالة المقرَّرة قانوناً وتم إعلان المطعون ضدهما بصحيفة الطعن فآثرا عدم الرد.
وقدَّم الادعاء العام لدى المحكمة العليا مذكرة بالرأي انتهى فيها إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الحكم المطعون فيه وعلى سائر أوراق الطعن وبعد سماع التقرير الذي أعدَّه وتلاه القاضي المقرر وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطعن استوفى شكله القانوني فهو مقبول شكلاً.
وحيث تنعى الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق عندما قضى بوقف نشاطها نهائياً مع أن الادعاء العام لم يدرجها كمتهمة في قرار الإحالة وإنما الاتهام كان موجَّهاً ومقتصراً على المتهمة………….. نيوزيلاندية لأنها هي من ارتكبت جريمة تداول سلع مغشوشة ومواد ضارة بالصحة أما هي فلا علم لها بما بدر من المتهمة من أفعال جُرمية فلا يُسأل إلا الشخص الطبيعي عن وزره وذنبه وأما الشخص المعنوي فلا مسؤولية عليه لانعدام الإرادة وسوء النية وأنها وعلى إثر علمها باقتراف المتهمة للجريمة شرعت إلى فصلها من العمل فوراً بدون تردد بموجب خطاب موجه إليها وأنه لا يجوز رفع الدعوى العمومية في مواجهة شخص معنوي لانعدام النص التجريمي والعقابي وإنما ذلك يقتصر على الشخص الطبيعي استناداً للقاعدة الجنائية بأنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني وأن المحكمة بنت قضاءها بوقف نشاطها على أسباب غير سائغة منها أن أوراق السجل التجاري تفيد أن المتهمة هي المفوَّضة بالتوقيع والإدارة وعليه تكون الشركة مسؤولة عن الفعل الجُرمي فهذا الذي جاءت به المحكمة لا يكفي أن يكون مبرراً كافياً للحكم بوقف نشاطها بصفة نهائية لأنه خالف الثابت باعتراف المتهمة من أنها اقترفت الجُرم بدون علم الشركة وأن الحكم جاء مجهلاً وغامضاً في أسبابه ولم يتضمَّن البيانات الأساسية التي أوجبتها المادة (٢٢٠) من قانون الإجراءات الجزائية فجاء تسبيب الحكم مشوباً بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه من المقرَّر أن الاعتراف للشخص الاعتباري بالشخصية القانونية يفترض بالضرورة قدرته على اكتساب الحقوق وتحمُّل الالتزامات شأنه في ذلك شأن الشخص الطبيعي ولكن في حدود أضيق وبما لا يخرج عما هو مقرَّر في عقد التأسيس وهذا ما نصَّت عليه المادة (٤٩) من قانون المعاملات المدنية بقولها: «… (١) يمُتع الشخص الاعتباري بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازماً لصفة الإنسان الطبيعية وذلك في الحدود التي يقرِّرها القانون فيكون له ما يلي: (أ) ذمة مالية مستقلة (ب) أهلية في الحدود التي يعيِّنها سند إنشائه أو التي يعيِّنها القانون (ج) حق التقاضي (د) موطن مستقل ويعتبر موطنه المكان الذي يوجد فيه مركز إدارته والشركات التي يكون مركزها الرئيسي في الخارج ولها نشاط في السَّلطنة يعتبر مركز إدارتها بالنسبة للقانون العُماني المكان الذي توجد فيه الإدارة المحلية (٢) يكون للشخص الاعتباري من يمثله في التعبير عن إرادته…» ومؤدى ذلك أن للشخص الاعتباري أهلية والمقصود بها صلاحيته لمباشرة التصرُّفات القانونية بحيث يكون قادراً على اكتساب الحقوق وتحمُّل الالتزامات ولما كان الشخص الاعتباري لا يستطيع مباشرة التصرُّفات القانونية بذاته لذلك كان المسؤول عنه هو الذي يتولى ذلك نيابة عنه وهو الذي يمثله أمام القضاء بما له أو عليه وبالتالي فإن الشخص الاعتباري يكون مسؤولاً مسؤولية مباشرة عن الالتزامات العقدية من جهة وعن التصرُّفات غير المشروعة التي يرتكبها ممثله أثناء مباشرته لنشاط الشركة أو بمناسبة مباشرته لهذا النشاط حيث يمكن أن تفرض على الشخص الاعتباري بعض العقوبات التي تتناسب مع طبيعته وهذا ما نصَّت عليه المادة (٤٣) من قانون حماية المستهلك بقولها: «… للمحكمة المختصَّة في نطاق تطبيق أحكام هذا القانون فضلاً عن الحكم بعقوبتي السجن والغرامة أن تقضي في جميع الأحوال بمصادرة أو إتلاف السلعة محل الجريمة والمواد والأدوات التي استخدمت فيها وذلك على نفقة المحكوم عليه أو وقف النشاط أو إغلاق المحل الذي وقعت فيه الجريمة بصفة مؤقتة أو نهائية…» ومما يبرر هذه العقوبات ما يشهده المجتمع الحديث من انتشار الاشخاص الاعتبارية وحيازتها الكثير من المال وأسباب القوة والاحتمال الكبير في أن ينحرف القائمون على إدارة أنشطتها فيأتون باسمها أفعالاً جُرمية يغلب أن تكون شديدة الإضرار بالمجتمع لضخامة ما يساندها من وسائل وما يترتب عليها من نتائج ومن هذه العقوبات التي نصَّت عليها المادة (٤٣) من قانون حماية المستهلك المشار إليها وقف النشاط وهو يعني أن يُحظر على الشخص مباشرة نشاطه المعتاد دون مساس بوجوده القانوني إلا أن هذا الوقف يجب أن ينصبَّ على النشاط الذي تمكن من خلاله ممثل الشخص الاعتباري من ارتكاب جريمته وليس كل الأنشطة التي يمارسها الشخص الاعتباري والتي لا علاقة لها بالجُرم المدان به.
لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيَّد بالحكم المطعون فيه لم يتجاوز القانون عندما حكم بوقف النشاط من حيث المبدأ لأن المحكوم عليها المتهمة عندما ارتكبت جريمتها التي أدينت بها ارتكبتها باسم الشركة الطاعنة وبالتالي تكون هذه الأخيرة مسؤولة عن أعمالها التقصيرية وهذا ما قرَّره الحكم المطعون فيه بقوله:
«… أما فيما يتعلق بالاستئناف المقدَّم من الشركة (الطاعنة) فبالرجوع لأسباب الاستئناف تبينَّ للمحكمة عند نظرها في أوراق السجل التجاري للشركة أن المحكوم عليها المتهمة هي المفوَّضة بالتوقيع والإدارة لفرع السَّلطنة تفويضاً منفرداً وكلياً وغير محدَّد وعليه تكون الشركة مسؤولة عن الفعل الجُرمي الذي وقع من المتهمة المحكوم عليها…» إلا أن الحكم الابتدائي المؤيَّد بالحكم المطعون فيه أخطأ عندما أطلق عبارة وقف نشاط الشركة نهائياً إذ لم يحدد الأنشطة التي يستوجب وقفها بعد أن يربطها بطبيعة الجُرم الذي ارتكبته المتهمة خاصَّة أن الثابت من مفردات الطعن أن السجل التجاري للطاعنة به عدد كبير من الأنشطة التي تمارسها منها ما له علاقة بالجُرم المرتكب ومنها ما ليس له به صلة الأمر الذي يستوجب نقض الحكم المطعون فيه جزئياً فيما يتعلق بعقوبة وقف النشاط مع الإعادة ورد مبلغ الكفالة للطاعنة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه جزئياً فيما يتعلق بعقوبة وقف النشاط وإعادة الدَّعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتفصل فيها من جديد بهيئة مغايرة ورد مبلغ الكفالة.