التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة الجزائية (أ): الطعن رقم ٧٤١ / ٢٠١٦م

2016/741 741/2016 ٢٠١٦/٧٤١ ٧٤١/٢٠١٦

تحميل

جلسة يوم الثلاثاء الموافق ١٦ / مايو / ٢٠١٧م

المشكلة برئاسة فضيلة السيد  /  خليفة بن سعيد بن خليفة البوسعيدي  /  نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: سالم بن سعيد الرحبي، سلطان بن ماجد الزعابي، العربي الحروشي، مجيد فرج شوشان

(٤٤)
الطعن رقم ٧٤١ / ٢٠١٦ م

– جريمة « تركيب غربال دون تصريح. تعريف الغربال». قانون تطبيق المادة (٣١) من قانون حماية البيئة ومكافحة التلوث.

– كل أداة تستخدم في تنقية الرمل من الحجارة أو الحصى هي غربال وإن اختلفت أسماؤها.

– أدلة، وأقوال المتهم «طرحها للمناقشة». صحيفة استئناف «مناقشة أقوال المتهم وباقي الأدلة من خلالها».

– نعي الطاعن بأن المحكمة لم تطرح أقواله في التحقيقات وتقرير المعاينة والصور الفوتوغرافية في جلسة المحاكمة ليبدي دفاعه فيها مردود عليه بأن كل تلك الأدلة اطَّلع عليها الطاعن في مدوَّنات الحكم الابتدائي وناقشها وأبدى رأيه فيها في صحيفة طعنه أمام محكمة الاستئناف وهي محكمة موضوع بما يضحى معه هذا النعي في غير محله.

الوقائع

تتحصَّلُ الوقائع على ما يبينْ ُ من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن في أن الادعاء العام أحال المتهم (الطاعن) إلى المحكمة الابتدائية بلوى (الدائرة الجزائية)؛ لأنه بتاريخ سابق على (١٩ / ١١ / ٢٠١٤م) بدائرة اختصاص إدارة البيئة والشؤون المناخية:

قام بتركيب غربال وغربلة مواد ردمية في مزرعته دون الحصول على تصريح بيئي من الجهة المختصَّة، وفق الثابت بالأوراق. وطالب الادعاء العام بمعاقبته بالمادة (٣١) من قانون حماية البيئة ومكافحة التلوث.  وبجلسة (١٢ / ٥ / ٢٠١٥م) حكمت المحكمة حضورياً بإدانة المتهم (الطاعن) بمخالفة قانون حماية البيئة ومكافحة التلوث وذلك بتركيب غربال وغربلة مواد ردمية في مزرعته دون الحصول على تصريح بيئي من الجهة المختصَّة وقضت بمعاقبته بغرامة قدرها (٠٠٠،١ ر.ع) ألف ريال مع إلزامه إزالة أسباب المخالفة خلال أجل أقصاه شهر من تاريخ النطق بالحكم فإن تمنع عن ذلك تزال أسباب المخالفة بالقوة الجبرية وعلى نفقته الشخصية بعد انتهاء المهلة ويُوقف تنفيذ نصف العقوبة إذا أزال المخالفة خلال المهلة الممنوحة له.

لم يحُز هذا الحكم قبولاً لدى المحكوم عليه (الطاعن) فاستأنفه أمام محكمة الاستئناف بصُحار (دائرة الجُنح المستأنفة) التي قضت بتاريخ (١٢ / ١ / ٢٠١٦م) حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وأمرت بنفاذ (٤٠٠ ر.ع) أربعمائة ريال من الغرامة إذا التزم المستأنف بإزالة المخالفة خلال أربعين يوماً من تاريخ النطق بالحكم وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك.

لم يرتض الطاعن (المحكوم عليه) بهذا القضاء فطعن فيه بالنقض أمام المحكمة العليا بالطعن الماثل الذي تم التقرير به بتاريخ (١٥ / ٢ / ٢٠١٦م) بأمانة سر المحكمة التي أصدرته وبذات التاريخ أودعت صحيفة بأسباب الطعن موقعة من محام مقبول أمام المحكمة العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن وقدَّم سند وكالته عنه التي تتيح له ذلك وما يفيد سداد مبلغ الكفالة المقرَّرة قانوناً وقد تم إعلان المطعون ضده بصحيفة الطعن فآثر عدم الرد.

وقدَّم الادعاء العام لدى المحكمة العليا مذكرة بالرأي انتهى فيها إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدَّعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتفصل فيها من جديد بهيئة مغايرة.

المحكمة بعد الاطلاع على الحكم المطعون فيه وعلى سائر أوراق الطعن وبعد سماع التقرير الذي أعدَّه وتلاه القاضي المقرر وبعد المداولة قانوناً.

حيث إن الطعن استوفى شكله القانوني فهو مقبول شكلاً.

وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع عندما عوَّل في إدانته على   محاضر التحقيقات السَّابقة على المحاكمة دون إخضاعها للتحقيق الشفوي وعدم طرح الاعترافات والصور الفوتوغرافية الملتقطة لمكان المخالفة وتقرير المعاينة الفنية على بساط البحث ومواجهته بها وتمكينه من الرد عليها وإبداء دفوعه بشأنها وأن المحكمة لم تجب طلبه بالانتقال لمعاينة مكان المخالفة أو ندب الخبراء أو ندب عضو الادعاء العام لإتمام هذا الإجراء وأن الحكم اعتبر تصريحاته بشأن الواقعة بمثابة اعتراف منه بالجُرم بأنه أقرَّ بتركيب غرابيل في مزرعته بدون ترخيص مع أنه لم يُقر بتركيب غرابيل وإنما أقرَّ بتركيب شبك وهو ما يعني أن الحكم قد أخذ بدليل مخالف للثابت بالأوراق وأن الحكم خالف المادة (٢٢٠) من قانون الإجراءات الجزائية إذ لم يبينِّ وقائع الدَّعوى ومؤدى الأدلة التي استند إليها في الإدانة مكتفياً بسردها دون بيان مؤداها وأنه لم يُؤسَّس على أدلة مقبولة وسائغة بل على مجرد نتائج تعسفية تخالف العقل والمنطق وأنه لم يبينِّ الواقعة المستوجبة للعقوبة وعجز عن بيان أركان الجريمة فجاء بذلك مجملاً مجهلاً مخالفاً لقواعد تسبيب الأحكام، كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.

وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه غير سديد ذلك أنه من المقرَّر في قضاء المحكمة العليا أن استخلاص الواقع في الدَّعوى والصورة الصَّحيحة لها وتقدير الدليل فيها ووزن البيِّنات هو من المسائل التي تستقلُّ بها محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وقادرة على حمله وأن العبرة في المحاكمات الجزائية هي باقتناع المحكمة من جميع عناصر الدعوى المطروحة عليها ولها كامل الحرية في أن تستمدَّ اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه ومن أية بيِّنة أو قرينة ترتاح إليها طالما أن لكل ذلك مأخذه الصَّحيح من الأوراق.

لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائيُّ المؤيد بالحكم المطعون فيد قد بينَّ واقعة الدَّعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجُنحة التي أدان بها الطاعن وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها من الأوراق وتكفي لحمل الحكم عليها مستمدَّة من اعتراف الطاعن في جميع مراحل الدَّعوى بأنه ومنذ شهرين أقدم على تركيب منخل لتنقية الأتربة في مزرعته دون ترخيص بيئي حيث يشتري المواد الردمية من موقع الكسَّارات وينقلها إلى مزرعته ويقوم بتصفيتها من الشوائب عن طريق شبك وذلك لأنه يعمل في مجال المقاولات ويحتاج لهذه المواد لإكمال الأبنية التي التزم بها كمقاول خاصَّة بعد أن قامت وزارة البيئة بإغلاق الكسَّارات ولم يتم تحديد موقع معينَّلتنقية هذه المواد الردمية ومما أكَّده تقرير محضر المعاينة الفنية والمعزز   بالصور الفوتوغرافية الملتقطة على الموقع.

لما كان ذلك وكان الطاعن لا يمُاري في صحيفة طعنه أنه استخدم منخلاً لتصفية الأتربة في مزرعته مستبعداً تركيب الغربال الذي اتهم به مع أن كل أداة تستخدم في تنقية الرمل من الحجارة أو الحصى هي غربال وإن اختلفت أسماؤها لذا فإن محكمة الموضوع اطمأنت من تقرير المعاينة الفنية المعد من لدن محرِّر المخالفة ومن الصور الفوتوغرافية إلى أن المتهم استخدم غربالاً في مزرعته دون ترخيص وبالتالي أخذت المحكمة بهذه النتيجة التي انتهى إليها تقرير المعاينة ولم تحتج إلى معاينة الموقع وذلك لوضوح الدَّعوى لديها فصارت في غنى عن المعاينة بنفسها ولم يقدم الطاعن صوراً أخرى تخالف الثابت في تقرير المعاينة.

أما عن نعي الطاعن بأن المحكمة لم تطرح أقواله في التحقيقات وتقرير المعاينة والصور الفوتوغرافية في جلسة المحاكمة ليبدي دفاعه فيها فمردود عليه بأن كل تلك الأدلة اطَّلع عليها الطاعن في مدوَّنات الحكم الابتدائي وناقشها وأبدى رأيه فيها في صحيفة طعنه أمام محكمة الاستئناف وهي محكمة موضوع بما يُضحي معه هذا النعي في غير محله.

لما كان ذلك وكان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهُّم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة وتتوافر به الأركان القانونية للجُنحة التي أدان الطاعن بها وكان ذلك محققاً لحكم القانون ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في أسباب طعنه يُضحي غير قويم ولا يعدو أن يكون مجرد جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الواقع في الدَّعوى وتقدير الدليل فيها واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام المحكمة العليا ويتعينَّ ترتيباً على ذلك رفض الطعن موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات عملاً بالمادة (٢٢٥) من قانون الإجراءات الجزائية ومصادرة مبلغ الكفالة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعن المصروفات ومصادرة مبلغ الكفالة.