جلسة يوم الثلاثاء الموافق ٣٠ / مايو / ٢٠١٧م
المشكلة برئاسة فضيلة السيد / خليفة بن سعيد بن خليفة البوسعيدي / نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة:سالم بن سعيد الرحبي، سلطان بن ماجد الزعابي، العربي الحروشي، مجيد فرج شوشان
(٤٨)
الطعن رقم ٩٣٩ / ٢٠١٦ م
– خدم المنازل» شمولهم بالقرار الوزاري رقم(١ / ٢٠١١)».
– القرار الوزاري رقم (١ / ٢٠١١) والذي صدر تطبيقاً لقانون العمل ينطبق على خدم المنازل. مخالفة ذلك نقض الحكم.
الوقائع
تتحصَّلُ الوقائع على ما يبينْ ُ من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن في أن الادعاء العام أحال المتهم (المطعون ضده) إلى المحكمة الابتدائية بالسيب (الدائرة الجزائية)؛ لأنه بتاريخ (٧ / ١٢ / ٢٠١٤م) بدائرة اختصاص دائرة التفتيش بوزارة القوى العاملة:
بصفته صاحب مكتب……….. لجلب الأيدي العاملة رفض إعادة مبلغ استقدام عاملة منزل امتنعت عن العمل دون سبب قانوني لصالح صاحب العمل………….
بعد أربعة أشهر من تاريخ بدء عملها لديه، وفق الثابت بملف الدَّعوى.
وطالب الادعاء العام بمعاقبته بالمادة (١١٤ مكرر) من قانون العمل بدلالة المادة (٢٠) من ذات القانون والمادة (٢٠) من اللائحة التنظيمية لمزاولة نشاط استقدام الأيدي العاملة غير العُمانية الصَّادرة بالقرار الوزاري رقم (١ / ٢٠١١). وبجلسة (٢٣ / ٤ / ٢٠١٥م) حكمت المحكمة حضورياً ببراءة المتهم (المطعون ضده) من التهمة المسندة إليه وعدم اختصاصها بنظر المطالبة المدنية.
لم يحُز هذا الحكم قبولاً لدى الادعاء العام (الطاعن) فاستأنفه أمام محكمة الاستئناف بالسيب (دائرة الجُنح المستأنفة) التي قضت بتاريخ (٢٠ / ١ / ٢٠١٦م) بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. لم يرتض الطاعن (الادعاء العام) بهذا القضاء فطعن فيه بالنقض أمام المحكمة العليا بالطعن الماثل الذي تم التقرير به بتاريخ (٢٤ / ٢ / ٢٠١٦م) بأمانة سر المحكمة التي أصدرته وبذات التاريخ أودعت صحيفة بأسباب الطعن موقعة من رئيس ادعاء عام وقد تم إعلان المطعون ضده بصحيفة الطعن فردَّ عليها بواسطة وكيله القانوني بمذكرة التمس فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن المصاريف وأتعاب المحاماة.
وقدَّم الادعاء العام لدى المحكمة العليا مذكرة بالرأي انتهى فيها إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدَّعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتفصل فيها من جديد بهيئة مغايرة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الحكم المطعون فيه وعلى سائر أوراق الطعن وبعد سماع التقرير الذي أعدَّه وتلاه القاضي المقرر وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطعن استوفى شكله القانوني فهو مقبول شكلاً.
وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ذلك أن الحكم الابتدائي القاضي بالبراءة لم يقم على أساس من القانون إذ إن المادة (٢ / ٣) من قانون العمل وإن استثنت بعض الفئات كخدم المنازل من تطبيق قانون العمل إلا أن هذا الاستثناء قاصر على تلك الفئات ولا ينصرف إلى أصحاب المنشآت والمؤسَّسات الخاصَّة ومنهم المطعون ضده وآية ذلك أن المادة (٤) من قانون العمل أخضعت تلك المنشآت على اختلاف أنواعها الوطنية والأجنبية في كل ما يتعلق بممارسة نشاطها إلى قانون العمل إذ جاء في المادة (٢٠) من ذات القانون ما نصُّه: «… لا يجوز لأي شخص مزاولة نشاط توريد عمال أجانب إلا إذا كان مرخصاً له بذلك وتحدَّد بقرار من الوزير الشروط الواجب توافرها لمنح الترخيص وحقوقه وواجبات المرخص له…» وعلى ضوء ذلك أصدر الوزير المختص القرار الوزاري رقم (١ / ٢٠١١) بإصدار اللائحة التنظيمية لمزاولة نشاط استقدام الأيدي العاملة غير العُمانية وحدَّدت المادة (٢٠) من اللائحة الحالات التي يتوجَّب على المرخص له فيها إعادة المبالغ التي تحصَّل عليها مقابل استقدام عاملة أجنبية خلال فترة زمنية محدَّدة ومنها ترك العمل ثم جاءت المادة (١١٤) من قانون العمل لتجرِّم مخالفة المادة (٢٠) والقرارات المتعلقة بشروط الترخيص ولما كان المتهم (المطعون ضده) قد خالف تلك القرارات بامتناعه عن إعادة المبلغ لصاحب العمل بعد أن هربت عاملته خلال فترة الضمان وكان من المقرَّر في قضاء المحكمة العليا أن الهروب في حكم الامتناع عن العمل ومن ثم قامت الجريمة في حق المتهم (المطعون ضده) بركنيها المادي والمعنوي الأمر الذي يستوجب إدانته بما نسب إليه، كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه من المقرَّر أن من قواعد التفسير المرعيَّة قاعدة أن الشك يُفسَّر لمصلحة المتهم واستبعاد عملية القياس في تفسير القواعد الجنائية لتجنب خلق جرائم وعقوبات لم ينص عليها القانون وبالتالي تجنب خرق مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات وقاعدة عدم التوسُّع في تفسير النص الجنائي والتحرُّز في تفسيره والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراته فوق ما تحتمل فعندما تكون عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنها يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة المشرِّع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك ولا الخروج عن النص متى كان واضحاً جليَّ المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته لأن البحث في حكمة التشريع ودواعيه إنما تكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه إذ تدور الأحكام مع علتها لا مع حكمتها ولا محل للاجتهاد إزاء صراحة النص الواجب تطبيقه.
لما كان ذلك وكان المتهم (المطعون ضده) قد أحيل من لدن الادعاء العام بتهمة مخالفة المادة (١١٤ مكرر) من قانون العمل بدلالة المادة (٢٠) من ذات القانون والمادة (٢٠) من اللائحة التنظيمية لمزاولة نشاط استقدام الأيدي العاملة غير العُمانية الصَّادرة بالقرار الوزاري رقم (١ / ٢٠١١) وحيث إن المادة (١) من قانون العمل تنصُّ على أنه: «… في تطبيق أحكام هذا القانون تكون للكلمات والعبارات التالية المعنى الوارد قرين كل منها ما لم يقتض سياق النص خلاف ذلك: (٤) المنشأة: كل مشروع يقوم به شخص طبيعي أو اعتباري يستخدم عاملاً أو أكثر لقاء أجر…»
كما تنص المادة (٢٠) من ذات القانون على أنه: «… لا يجوز لأي شخص مزاولة نشاط توريد عمال أجانب إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من الوزارة ويُحظر على صاحب العمل التعاقد مع أي شخص على توريد عمال أجانب إلا إذا كان مرخصاً له بذلك وتحدد بقرار من الوزير الشروط الواجب توافرها في العقد الذي يُبرم بين صاحب العمل والمرخص له وبصفة خاصَّة أن يكون العقد مكتوباً وأن يتضمَّن نوع العمل وفئات وأجور العمال حسب وظيفة أو مهنة كل منهم وإلزام المرخص له إعادة العامل إلى الجهة التي استقدم منها إذا ثبت أنه لا تتوافر فيه الشروط المنصوص عليها في التعاقد…» كما تنصُّ المادة (١١٤ مكرر) من ذات القانون على أنه: «…يُعاقب كل متعهد توريد عمال أجانب يخالف المادة (٢٠) والقرارات الصَّادرة بتنظيم الترخيص وشروطه بالسجن مدة لا تزيد على شهر وبغرامة لا تزيد على (٢٠٠ ر.ع) مائتي ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين فضلاً عن إلغاء الترخيص أو إيقافه لمدة لا تتجاوز سنة…» كما تنص المادة (١١١) من ذات القانون على أنه: «… مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها أي قانون آخر يُعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في المواد التالية عن المخالفات المشار إليها فيها…» كما تنص المادة (٢٠) من اللائحة التنظيمية لمزاولة استقدام الأيدي العاملة غير العُمانية الصَّادرة بالقرار الوزاري رقم (١ / ٢٠١١) على أنه: «… تلتزم المنشأة المرخص لها بالاستقدام بإعادة العامل إلى بلده على نفقتها الخاصَّة كما تلتزم بإعادة المبالغ التي حصلت عليها مقابل الاستقدام إلى صاحب العمل إذا ثبت خلال (١٨٠) يوم من وصول العامل المستقدم (١) أن مهنته تخالف المهنة المحددة في ترخيص الاستقدام (٢) إذا امتنع عن أداء العمل دون سبب قانوني (٣) إذا ثبت أن لديه إعاقة لا تمكنه من أداء العمل (٤) إذا كان مُصاباً بأحد الأمراض المعدية أو بمرض مزمن…» ولما كانت عبارات النصوص السَّالفة الذكر جاءت بصيغ واضحة لا لبس فيها متضمِّنة قواعد آمرة تخاطب المرخص له باستقدام عمال غير عُمانيين وتقرِّر حقوقاً لصاحب العمل وهو وصف ينطبق على المطعون ضده باعتباره متعهِّداً بتوريد عمال أجانب ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه ومن قبله الحكم الابتدائي قد أخطأ في تطبيق القانون عندما قرَّر أن القرار الوزاري رقم (١ / ٢٠١١) والذي صدر تطبيقاً لقانون العمل لا ينطبق على خدم المنازل استناداً للمادة (٢ / ٣) من قانون العمل لأن المادة (١) منه قرَّرت أن أحكام هذا القانون تنطبق على المنشآت التي تدار من الشخص الطبيعي أو الاعتباري كما هو الحال في منشأة المطعون ضده المسماة مكتب خميس الصيد لجلب الأيدي العاملة ولأن القرار الوزاري رقم (١ / ٢٠١١) قواعده الآمرة لا تخاطب خدم المنازل وإنما تخاطب متعهِّدي توريد العمال الأجانب فلما كان ذلك وكان ما تقدَّم فلذلك يتعينَّ نقض الحكم المطعون فيه مع الإعادة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدَّعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتفصل فيها من جديد بهيئة مغايرة.