التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة الجزائية (أ): الطعن رقم ١٠٩٩ / ٢٠١٦م

2016/1099 1099/2016 ٢٠١٦/١٠٩٩ ١٠٩٩/٢٠١٦

تحميل

جلسة يوم الثلاثاء الموافق ١٧ / أكتوبر / ٢٠١٧م

المشكلة برئاسة فضيلة السيد  /  خليفة بن سعيد بن خليفة البوسعيدي  /  نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة:سالم بن سعيد الرحبي، سلطان بن ماجد الزعابي، العربي الحروشي، مجيد فرج شوشان

(٥٠)
الطعن رقم ١٠٩٩ / ٢٠١٦م

– قانون حماية المستهلك « مسؤولية متعاقد المزود الجزائية والمدنية».

– يفترض قانون حماية المستهلك لقيام نية التضليل لدى المتعاقد مرتكب التدليس من جهة المزود حتى يكون مسؤولاً من الناحية الجزائية والمدنية أن يكون مهنيا متخصصا يعلم كافة المعلومات التي تهم المستهلك ومع ذلك كتمها أو زيفها.

الوقائع

تتحصَّلُ الوقائع على ما يبينْ ُ من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن في أن الادعاء العام أحال المتهم الأول (الطاعن الأول) وآخر إلى المحكمة الابتدائية بمسقط (الدائرة الجزائية)؛ لأنهما بتاريخ سابق على (١٢ / ٨ / ٢٠١٥م) بدائرة اختصاص الهيئة العامة لحماية المستهلك:

أولاً: بالنسبة للمتهم الأول (الطاعن الأول):

لم يلتزم بتقديم الخدمة للمستهلك…. على الوجه السليم وبما يتفق مع طبيعتها وذلك بأن قام بتركيب كاميرا وحساسات غير أصلية لمركبته وبطريقة غير صحيحة، وفق الثابت بالأوراق.

ثانياً: بالنسبة للمتهم الثاني:

لم يلتزم بتقديم الخدمة للمستهلك….على الوجه السليم وبما يتفق مع طبيعتها وذلك بأن قام بتصليح عطل تسرب الزيت بمركبته دون تنظيف الأجزاء المتضررة، وفق الثابت بالأوراق.

وطالب الادعاء العام بمعاقبة المتهمين بالجنحة المؤثمة بنص المادة (٣٩) من قانون   حماية المستهلك بدلالة المادة (٢٣) من ذات القانون الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٦٦ / ٢٠١٤).

وبجلسة (١٢ / ٥ / ٢٠١٦م) حكمت المحكمة حضورياً: (١) بإدانة المتهم الأول بالتهمة المنسوبة إليه وقضت بتغريمه مبلغاً قدره (٥٠٠ ر.ع) خمسمائة ريال وإعلان براءة المتهم الثاني من التهمة المنسوبة إليه (٢) مدنياً بإلزام المؤسسة….

استبدال الكاميرا والشاشة والحساسات بقطع أصلية حسب تقرير الخبير وتعويض المدعي مبلغاً قدره (٢٠٠ ر.ع) مائتا ريال ورفض ما زاد من طلبات.

لم يحز هذا الحكم قبولاً لدى الطاعنين فاستأنفاه أمام محكمة الاستئناف بمسقط (دائرة الجُنح المستأنفة) التي قضت بجلسة (٢١ / ٩ / ٢٠١٦م) بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بشقيه الجزائي والمدني وألزمت المستأنفين المصاريف.

لم يرتض الطاعنان بهذا القضاء فطعنا فيه بالنقض أمام المحكمة العليا بالطعن الماثل الذي تم التقرير به بتاريخ (٣٠ / ١٠ / ٢٠١٦م) بأمانة سر المحكمة التي أصدرته وبذات التاريخ أودعت صحيفة بأسباب الطعن موقعة من محام مقبول أمام المحكمة العليا بصفته وكيلاً عن الطاعنين وقدم سند وكالته عنهما التي تتيح له ذلك وما يفيد سداد مبلغ الكفالة المقررة قانوناً وتم إعلان المطعون ضدهما بصحيفة الطعن فآثر الأول عدم الرد بينما ردَّ الثاني بواسطة وكيله القانوني بمذكرة التمس فيها رفض الطعن.

وقدم الادعاء العام لدى المحكمة العليا مذكرة بالرأي انتهى فيها إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.

المحكمة

بعد الاطلاع على الحكم المطعون فيه وعلى سائر أوراق الطعن وبعد سماع التقرير الذي أعدَّه وتلاه القاضي المقرر وبعد المداولة قانوناً.

حيث إن الطعن استوفى شكله القانوني فهو مقبول شكلاً.

وحيث ينعى الطاعنان على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وذلك أن الحكم الطعين اعتبر المتهم مزوداً في حين أنه لا يعدو أن يكون موظفاً تابعاً للشركة كما أن حقوق المدعي مضمونة بموجب الضمان المشار إليه في   عقد البيع وهو ما أقرت به الشركة مع استعدادها للإصلاح وفقاً للضمان الذي يشمل المركبة موضوع الدعوى كما أن الركنين المادي والمعنوي منتفيان في حق الطاعن لسببين أولهما: أن المادة (١٦) من قانون حماية المستهلك اشترطت ألا يكون العيب ناتجاً عن سوء استعمال السلعة وقد أثبت الطاعن لمحكمة الموضوع أن ما ظهر من عيب إنما هو ناتج عن سوء الاستعمال إلا أن الحكم التفت عن ذلك الدفع كما أن المركبة قد تجاوزت فترة الضمان الممنوح وبالتالي فلا مسؤولية قانونية بعد الضمان، وثانيهما:

مخالفة شرط المادة (١٧) من قانون حماية المستهلك وذلك لعدم ثبوت الشراء من الطاعن وخلو عقد البيع من اسمه حيث لا يعدو أن يكون موظف صيانة وليس بائعاً أو مزوداً كما أن التأخير المتعمد أو غير المسبب منتف لقيام الشركة بالإصلاح فضلاً عن عدم وجود أية مواءمة بين الجرم المقدم به الطاعن وبين العقوبة المفروضة عليه، كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.

وحيث إن ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه في مجمله سديد فمن المقرر حسب نص المادة (٢٢٠) من قانون الإجراءات الجزائية أنها أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق معه الأركان والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها تمكيناً للمحكمة العليا من مراقبة صحة تطبيق القانون كما صار إثباتها وأن يثبت ذلك في صراحة ووضوح.

لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات حكم محكمة أول درجة المؤيد استئنافاً لأسبابه أن الادعاء العام قدم الطاعن الأول بأنه لم يلتزم بتقديم الخدمة للمدعي على الوجه السليم وبما يتفق مع طبيعة السلعة بأن قام بتركيب كاميرا وحساسات غير أصلية لمركبة المدعي وبطريقة غير صحيحة ورداً من المتهم على هذا الاتهام قرر أن الشاكي اشترى المركبة موضوع الدعوى سنة (٢٠١٣م) بدون مواصفات الكاميرا والحساسات وتم الاتفاق معه على تركيبها على أن يدفع قيمتها وفي المقابل تم التعاقد مع شركة أخرى على تركيب ذلك وقد استعمل الشاكي المركبة (١٦) شهراً دون شكوى وأن مسؤول الفرع انتقل كما قرر الخبير الفاحص أن القطع غير أصلية وأن هناك سوءاً في التركيب وقد جاء تسبيب محكمة أول درجة فيما انتهت إليه: «…

بأن المتهم عليه التزام بتقديم الخدمة على الوجه السليم والبينّ في هذه الدعوى أن الركن المادي يتوافر في الجنحة من خلال الإخلال في أداء الخدمة بما لا يدع مجالاً للشك في ثبوت قيام الجرم قبل المتهم الأمر الذي يتعينّ معه إدانته ومعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الإحالة…».  ولما كان ذلك وكان الحكم بهذا التسبيب لم يستظهر ما إذا كان المتهم هو الذي تعامل مع الشاكي وأنه يعلم بأن القطع غير أصلية حيث يفترض قانون حماية المستهلك أن المتعاقد مرتكب التدليس مهني متخصص يعلم كافة المعلومات التي تهم المستهلك ومع ذلك كتمها أو زيفها وذلك لقيام نية التضليل لديه وحتى يكون مسؤولاً من الناحية الجزائية والمدنية.

ولما كان الحكم لم يكشف عن تمحيصه لعناصر وظروف الواقعة ولم يخلص بأسباب سائغة إلى أن المتهم يعد مزوداً بالمعنى المحدد بقانون حماية المستهلك كما لم يثبت الحكم في صراحة ووضوح أن المتهم هو من اتفق مع الشاكي على تركيب الكاميرا والحساسات أو أنه تدخل في ذلك بصفته الشخصية أو بصفته وكيلاً أو وسيطاً أو سمساراً أو أنه كان مفوضاً بالتوقيع عن المؤسسة…. (الطاعنة الثانية) كما لم يستظهر الحكم الشروط المتفق عليها والتي تتعلق بتركيب الكاميرا والحساسات خاصة أن الشاكي اشترى المركبة بدون هذه المواصفات حيث طلب تركيبها لاحقاً.

ولما كان الحكم المطعون فيه قد أغفل بيان ما ذكر فإنه يكون قاصراً ولا يصلح للإقناع بالإدانة إذ ثمة احتمال انتفاء أحد أركان الجريمة بحيث تفقد الإدانة سندها المنطقي والقانوني الأمر الذي يستوجب نقض الحكم والإعادة مع رد مبلغ الكفالة للطاعنين عملاً بنص المادة (٢٥٥) من قانون الإجراءات الجزائية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتفصل فيها من جديد بهيئة مغايرة مع رد مبلغ الكفالة للطاعنين.