التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة الجزائية (أ): الطعن رقم ٦٣١ / ٢٠١٧م

2017/631 631/2017 ٢٠١٧/٦٣١ ٦٣١/٢٠١٧

تحميل

جلسة يوم الثلاثاء الموافق ٧ / نوفمبر / ٢٠١٧م

المشكلة برئاسة فضيلة السيد  /  خليفة بن سعيد بن خليفة البوسعيدي  /  نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة:سالم بن سعيد الرحبي، سلطان بن ماجد الزعابي، العربي الحروشي، مجيد فرج شوشان

(٥٤)
الطعن رقم ٦٣١ / ٢٠١٧ م

– محاكمة الأحداث» السرية». نظام عام. قانون» تطبيق المادة (٤٠) من قانون مساءلة الأحداث».

– مفاد نص المادة (٤٠) من قانون مساءلة الأحداث أن محاكمة الحدث تكون سرية وجوباً ولم يترك ذلك لتقدير المحكمة وهو أمر متعلق بالنظام العام لتعلقه بأحد المبادئ العامة بمرحلة المحاكمة القانونية بالنسبة للحدث، مخالفة ذلك إخلال بحق الدفاع مؤداه بطلان من النظام العام. علة ذلك.

الوقائع

تتحصَّلُ الوقائع على ما يبينْ ُ من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن في أن الادعاء العام أحال المتهم (الطاعن) إلى المحكمة الابتدائية بالسيب (الدائرة الجزائية)؛ لأنه بتاريخ (٤ / ١ / ٢٠١٦م) بدائرة اختصاص مركز شرطة الخوض:

أقدم على تهديد المجني عليها /…. وذلك بأن قام بفتح باب مركبتها الأمامي وتهديدها بواسطة سكين أثناء وجودها أمام مخبز…. بالخوض، وفق الثابت بالأوراق.

وطالب الادعاء العام بمعاقبة المتهم بجنحة التهديد بالسلاح المؤثمة بالمادة (٢٦٤) من قانون الجزاء مع مراعاة إعمال المادة (٢٨) من قانون مساءلة الأحداث.

وبجلسة (١٧ / ٥ / ٢٠١٦م) حكمت المحكمة الابتدائية بالسيب (الدائرة الجزائية) بإدانة الحدث الجانح….(الطاعن) بارتكاب جنحة التهديد بالسلاح وقضت بإيداعه في دار إصلاح الأحداث لمدة ستة أشهر وعلى الدار موافاة المحكمة بتقرير عن حالته بعد انتهاء مدة الإيداع.

لم يحُز هذا الحكم قبولاً لدى المحكوم عليه فاستأنفه أمام محكمة الاستئناف بالسيب (دائرة الجنح المستأنفة) التي قضت بتاريخ (١ / ٢ / ٢٠١٧م) حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف مع الأمر بإنفاذ شهرين من التدبير المقضي به بدار الإصلاح على أن ينفذ خلال الإجازة الصيفية للمدارس.

لم يرتض الطاعن بهذا القضاء فطعن فيه بالنقض أمام المحكمة العليا بالطعن الماثل الذي تم التقرير به بتاريخ (٩ / ٣ / ٢٠١٧م) بأمانة سر المحكمة التي أصدرته وبذات التاريخ تم إيداع صحيفة بأسباب الطعن موقعة من محام مقبول أمام المحكمة العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن وقدم سند وكالته عنه التي تتيح له ذلك وقد تم إعلان المطعون ضده بصحيفة الطعن فآثر عدم الرد عليها.

وقدم الادعاء العام لدى المحكمة العليا مذكرة بالرأي خلص فيها إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.

المحكمة بعد الاطلاع على الحكم المطعون فيه وعلى سائر أوراق الطعن وبعد سماع التقرير الذي أعدَّه وتلاه القاضي المقرر وبعد المداولة قانوناً.

حيث إن الطعن استوفى شكله القانوني فهو مقبول شكلاً.

وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أن الحكم الطعين لم يرد على الدفوع التي أثارها من بطلان كافة الإجراءات من قبض وتحقيق بالمخالفة للمادة (٨) من قانون مساءلة الأحداث التي تقرر عدم جواز القبض على الحدث إلا إذا أذن أبوه أو وليه أو وصيه كما أنه لم يمثل معه وليه بتحقيقات الشرطة والادعاء العام وأنه صمَّم على طلب عرض شريط الفيديو أمام محكمة الاستئناف إلا أنها التفتت عن هذا الطلب دون مبرر سائغ وأن الحكم اطَّرح دفاعه الذي أبداه بتناقض أقوال الشهود كما أن شهادة المجني عليها غير مقبولة عقلاً إذ كيف يتسنى لها أن تصفه بهذا التفصيل وهي في حالة ارتباك كما اطَّرح الحكم شهادة شاهد النفي…. الذي رافقه وقت الجرم المزعوم في صالة الرياضة كما اطَّرح دفعه ببطلان طابور التشخيص لعدم توافقه مع الواقع إذ لم يبينّ المحضر من مثل معه في طابور التشخيص وأعمارهم وأطوالهم وألوانهم كما خالف الحكم الطعين نص المادة (٤٠) من قانون مساءلة الأحداث عندما خالف مبدأ سرية الجلسات إذ إن   الثابت من جلسات المحاكمة أنها كانت علنية كما خالف الحكم ما اقترحه المراقب الاجتماعي من عقوبة بتسليمه إلى والديه، وأن كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.

وحيث إنه من المقرر حسب نص المادة (١٧٧) من قانون الإجراءات الجزائية أن: «…

جلسات المحاكم علنية ويجوز للمحكمة مراعاة للنظام العام أو محافظة على الآداب أن تقرر نظر الدعوى كلها أو بعضها في جلسة سرية أو أن تمنع فئات معينة من الحضور فيها…» فالمادة السالفة الذكر تقرر مبدأ عاماً يحكم جلسات المحاكمة بصفة عامة وهو مبدأ العلانية ويعني حق الجمهور في حضور جلسات المحاكمة وهو مبدأ يسود في جميع التشريعات المختلفة دون خلاف بينها وهذا المبدأ ورد عليه استثناء خاص بمحاكمة الأحداث حيث نصت المادة (٤٠) من قانون مساءلة الأحداث على أنه:

«… تكون محاكمة الحدث سرية ولا يجوز أن يحضرها إلا والده أو وليه أو وصيه أو المؤتمن عليه والمحامون والشهود والمراقبون الاجتماعيون ومن تأذن له المحكمة ويجوز إعفاء الحدث من الحضور والاكتفاء بحضور من ينوب عنه ممن ذكروا في الفقرة السابقة وفي هذه الحالة لا يجوز الحكم بالإدانة إلا بعد إفهام الحدث ما تم من إجراءات…» إذن فمحاكمة الحدث حسبما تقرره المادة السالفة الذكر تكون سرية وجوباً والحكمة من وراء الحد من العلانية عند محاكمة الحدث هو الحفاظ على سمعته ونفسيته وحصر العلم بجريمته على من أجاز لهم المشرع حضور الجلسة حصراً وحتى لا يعلم بها الجمهور كافة مما قد يقف عقبة أمام مستقبل الحدث بل قد يمتد الأمر إلى حماية أسرة الحدث فالابتعاد عن العلانية يبعث الاطمئنان في نفس الحدث، لما كان ذلك وكان المشرع قد أقر مبدأ عاماً في محاكمة الحدث وهو أن تنعقد الجلسة سرية ولم يترك ذلك لتقدير المحكمة بحيث يترتب على مخالفة ذلك البطلان.

لما كان ذلك وكان البينّ من مدونات حكم محكمة الاستئناف ومحاضر الجلسات أن محاكمة الطاعن الحدث لم تكن سرية مما يصم الحكم بالبطلان لمخالفته للقانون ولإخلاله بحق الدفاع وهو أمر متعلق بالنظام العام لتعلقه بأحد المبادئ العامة بمرحلة المحاكمة القانونية بالنسبة للحدث مما استوجب نقض الحكم مع الإعادة دون الحاجة لبحث أوجه الطعن المثارة من الطاعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدَّعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتفصل فيها من جديد بهيئة مغايرة.