التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة الجزائية (أ): الطعن رقم ٥٨٨ / ٢٠١٧م

2017/588 588/2017 ٢٠١٧/٥٨٨ ٥٨٨/٢٠١٧

تحميل

جلسة يوم الثلاثاء الموافق ١٤ / نوفمبر / ٢٠١٧م

المشكلة برئاسة فضيلة السيد  /  خليفة بن سعيد بن خليفة البوسعيدي  /  نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة:سالم بن سعيد الرحبي، سلطان بن ماجد الزعابي، العربي الحروشي، مجيد فرج شوشان

(٥٥)
الطعن رقم ٥٨٧ / ٢٠١٧م والطعن رقم ٥٨٨ / ٢٠١٧م

– مواد قانونية» إغفال ذكرها». حكم « إغفاله ذكر المواد القانونية».

– المقرر في قضاء المحكمة العليا أنه لا يعيب الحكم إغفاله ذكر المواد القانونية التي طبقها على وقائع الدعوى بشرط أن النصوص القانونية الواجب إعمالها مفهومة من الوقائع التي أوردها الحكم. علة ذلك أن العبرة هي توخي معاني القانون وربط تلك المعاني بفهم الواقع في الدعوى.

الوقائع

تتحصَّلُ الوقائع على ما يبينْ ُ من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعنين في أن الادعاء العام أحال المتهم…. (المطعون ضده الأول في الطعن رقم (٥٨٧ / ٢٠١٧)) إلى محكمة الاستئناف بعبري (محكمة الجنايات)؛ لأنه بتاريخ (٢١ / ٣ / ٢٠١٤م) بدائرة اختصاص مركز شرطة عبري:

قاد المركبة رقم (…. / ر  خاص) على الطريق بدون ترو وبطريقة تشكل خطورة على حياة الأشخاص وأموالهم الأمر الذي أدَّى إلى فقدان السيطرة عليها وتدهورها خارج الطريق الأمر الذي نتج عنه إصابة مرافقيه المجني عليهم: (١)…. (الطاعن في الطعن رقم (٥٨٨ / ٢٠١٧)) (٢)…. (٣)…. بالإصابات المبيَّنة بالتقارير الطبية المرفقة والتي أقعدتهم عن العمل مدة تزيد على عشرة أيام وإلحاق الأضرار المادية بالمركبات، وفق الثابت بأوراق الدعوى.

وطالب الادعاء العام بمعاقبته بالمادة (٥٠ / ١) من قانون المرور وسحب رخصة قيادته استناداً للمادة (٥٤) من ذات القانون.

وبتاريخ (٣٠ / ١٢ / ٢٠١٤م) حكمت المحكمة بإدانة المتهم بما هو مُسند إليه وقضت   بمعاقبته بالسجن لمدة سنة موقوفة النفاذ وسحب رخصة قيادته لمدة ثلاثة أشهر ومدنياً بإلزامه دفع مبلغ قدره (٦٩٠.٣١ ر.ع) واحد وثلاثون ألفاً وستمائة وتسعون ريالاً للمجني عليه الأول…. ومبلغ قدره (٢٥٠.١ ر.ع) ألف ومائتان وخمسون ريالاً للمجني عليه الثالث…. على أن تحل محله في الأداء شركة التأمين…. وإلزامه مصاريف الدعوى وإحالة باقي المطالبات المدنية للمحكمة المختصَّة. لم ترتض المسؤولة عن الحق المدني شركة التأمين…. (الطاعنة في الطعن رقم (٥٨٧ / ٢٠١٧)) والمدعي بالحق المدني…. (الطاعن في الطعن رقم (٥٨٨ / ٢٠١٧)) بهذا القضاء فطعنا فيه بالطعنين رقمي (٥١٩، ٥٢٠  /  ٢٠١٥) أمام المحكمة العليا التي قضت بتاريخ (٣ / ١١ / ٢٠١٥م) بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه جزئياً في الشق المدني المتعلق بتعويض المجني عليه الأول…. وإعادة الدعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتفصل فيها من جديد بهيئة مغايرة مع رد مبلغ الكفالة للطاعنين.

وبتاريخ (٢٠ / ١ / ٢٠١٦م) حكمت محكمة الاستئناف بعبري (محكمة الجنايات) في موضوع الدعوى المدنية المقامة من المجني عليه الأول…. بإلزام المتهم…. بتعويض المجني عليه الأول مبلغاً قدره (١٨٠.٤٣ ر.ع) ثلاثة وأربعون ألفاً ومائة وثمانون ريالاً تعويضاً شاملاً عما لحقه من أضرار بكافة أنواعها على أن تحل محله في الأداء شركة التأمين…. وألزمته المصاريف.

لم يرتض الطاعنان (المسؤولة عن الحق المدني والمدعي بالحق المدني) بهذا القضاء فطعنا فيه بالنقض أمام المحكمة العليا للمرة الثانية بالطعنين رقمي (٣٧١، ٣٧٢  /  ٢٠١٦) وبتاريخ (٨ / ١١ / ٢٠١٦م) قضت المحكمة العليا بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتفصل فيه من جديد بهيئة مغايرة مع رد مبلغ الكفالة للطاعنين وذلك لوقوع بطلان في الحكم في الشكل والاختصاص.

وبحلسة (٢٢ / ٢ / ٢٠١٧م) حكمت محكمة الاستئناف بعبري (محكمة الجنايات) في موضوع الدعوى المدنية المقامة من المجني عليه…. بإلزام المتهم…. بتعويض المجني عليه مبلغاً مقداره (٩٥٠،٥٤ ر.ع) أربعة وخمسون ألفاً وتسعمائة وخمسون ريالاً تعويضاً شاملاً عما لحق به من أضرار على أن تحل محله في الأداء شركة التأمين…. وألزمته المصاريف.  لم يرتض الطاعنان بهذا القضاء فطعنا فيه بالنقض أمام المحكمة العليا للمرة الثالثة بالطعنين الماثلين إذ أقامت عليه المسؤولة عن الحق المدني شركة التأمين….

الطعن رقم (٥٨٧ / ٢٠١٧) الذي تم التقرير به بتاريخ (٢٢ / ٣ / ٢٠١٧م) بأمانة سر المحكمة التي أصدرته وبذات التاريخ أودعت صحيفة بأسباب الطعن موقعة من محام مقبول أمام المحكمة العليا بصفته وكيلاً عن الطاعنة وقدم سند وكالته عنها التي تتيح له ذلك وما يفيد سداد مبلغ الكفالة المقررة قانوناً وقد تم إعلان المطعون ضدهما بصحيفة الطعن فرد عليها المطعون ضده الثاني بواسطة وكيله القانوني بمذكرة التمس فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنة المصروفات وأتعاب المحاماة كما أقام عليه المدعي بالحق المدني….الطعن رقم (٥٨٨ / ٢٠١٧) الذي تم التقرير به بتاريخ (٢ / ٤ / ٢٠١٧م) بأمانة سر المحكمة التي أصدرته وبذات التاريخ أودعت صحيفة بأسباب الطعن موقعة من محام مقبول أمام المحكمة العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن وقدم سند وكالته عنه التي تتيح له ذلك وما يفيد سداد مبلغ الكفالة المقررة قانوناً وقد تم إعلان المطعون ضدها بصحيفة الطعن فردت عليها بواسطة وكيلها القانوني بمذكرة التمست فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات وأتعاب المحاماة.

وقدم الادعاء العام لدى المحكمة العليا في كلا الطعنين مذكرة بالرأي خلص فيها إلى قبول الطعنين شكلاً ورفضهما موضوعاً ومصادرة الكفالتين.

وحيث ارتأت المحكمة ضم الطعنين بعضهما لبعض للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد.

المحكمة

بعد الاطلاع على الحكم المطعون فيه وعلى سائر أوراق الطعنين وبعد سماع التقرير الذي أعدَّه وتلاه القاضي المقرر وبعد المداولة قانوناً.

حيث إن الطعنين استوفيا شكلهما القانوني فهما مقبولان شكلاً.

أولاً: في الطعن رقم (٥٨٧ / ٢٠١٧):

حيث تنعى الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والقصور في التسبيب حينما قضى للمجني عليه…. (المطعون ضده الثاني) بتعويض يفوق التعويض المحكوم به سابقاً في الحكم المنقوض الأمر الذي أضر الطاعنة بطعنها كونها كانت طاعنة بدورها في الحكم بالمخالفة للقاعدة الفقهية:

« لا يضار الطاعن بطعنه « وعوض الحكم كدمة بالدماغ على أنها دامغة ومنحت   عنها ثلث الدية والحال أنها لا تعوض بأرش وإنما تعوض بحكومة عدل كما اعتبرت المحكمة إدخال أنبوب التغذية جائفة وعوضتها بثلث الدية رغم أن إدخال أنبوب التغذية لا يعد إصابة تستحق التعويض فهو أمر يفيد المريض ولا يؤذيه كما أن إدخال الأنبوب بين الضلوع كان يمكن تعويضه بموضحة كما أن المحكمة عوضت المصاب عن نزيف دموي في كلا الجانبين ثم عادت وعوضته أيضاً عن التجمع الدموي بالصدر والحال أن تعويضاً واحداً يكفي لجبر الإصابة وكذلك عوضت المجني عليه عن إصابة في جانبي الرئة ثم عادت وعوضته مرة أخرى عن كدمة في الصدر مع وجود انهيار رئوي ناهيك عن أن الحكم تناول الإصابات بالتعويض دون الإشارة إلى النصوص القانونية المطبقة عليها، كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.

ثانياً: في الطعن رقم (٥٨٨ / ٢٠١٧):

حيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب حينما قضى بتعويضه تعويضاً لا يتناسب وحجم الإصابات التي لحقت به إذ لم يعوضه عن الأيام التي كان فيها في غرفة الإنعاش وهي مدة كافية لتعويضه دية كاملة كونها كانت خمسة عشر يوماً كما أغفل الحكم تعويضه عن كسر في العمود الفقري وعن تمزقات في الوجه وعن إصابة في الرئة ستؤدي إلى عجز في القلب وتعويضه عن العملية المستقبلية في نزع الصفائح المعدنية وهو ضرر مباشر، كل ذلك يعيب المطعون فيه ويستوجب نقضه.

وحيث إن ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه غير سديد ومردود عليه ذلك أن تقدير الديات والأروش بالنسبة للواقعة محل الطعن يخضع لأحكام المرسوم السلطاني رقم (١١٨ / ٢٠٠٨) وأن من مقتضيات إعمال هذا المرسوم السلطاني هو التحصيل السليم للإصابات التي لحقت بالمضرور وتحديد الوصف الصحيح لكل إصابة وإنزال المسمى الوارد في المرسوم المشار إليه على كل إصابة حسبما وردت في الملحق المرافق بالمرسوم وتقدير الديات والأروش الجابرة لجميع الأضرار المادية والمعنوية لكل إصابة على حدة.

لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أبان في قضائه كل الإصابات التي لحقت بالمجني عليه (المطعون ضده الثاني في الطعن رقم (٥٨٧ / ٢٠١٧) والطاعن في الطعن رقم (٥٨٨ / ٢٠١٧)) وأمعن النظر في التكييف السليم للإصابات التي لحقت به وأعمل الجهد في استظهار الوصف الصحيح لكل إصابة على حدة وفق ما جاء في المرسوم السلطاني رقم (١١٨ / ٢٠٠٨) بشكل سليم وقضى بمبلغ التعويض استناداً   لما لحق به من إصابات شهدت بها التقارير الطبية وقد تكفل الحكم ببيان عناصر الضرر التي أدخلها في حساب التعويض المقضي به وأعطى لكل إصابة حقها واضعاً في اعتباره التوافق الشرعي في التأريش المنصوص عليه في الجدول المرفق بالمرسوم المشار إليه ومراعياً التقدير السليم والحكم بحكومة عدل فيما لم ينزل به نص في التعويض ومن ثم يكون ما أورده الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص سائغاً.

لما كان ذلك وكانت شركة التأمين…. (الطاعنة في الطعن رقم (٥٨٧ / ٢٠١٧)) لم تكن هي وحدها التي طعنت في الحكم السابق المقضي بنقضه سابقاً بل كان المدعي بالحق المدني…. قد طعن فيه أيضاً فلا يجوز الادعاء بإضرار الشركة المذكورة بطعنها حينما قضى الحكم المطعون فيه بالرفع من قيمة التعويض المحكوم به لفائدة المدعي بالحق المدني…. عن قيمة التعويض المحكوم به في الحكم المنقوض سابقاً إذ المحكمة في هذه الحالة لا تتقيد بما قضي به من تعويض في الحكم السابق ما دام هذا الحكم قد تم نقضه لفائدة الطاعنين معاً شركة التأمين…. المسؤولة عن الحق المدني…. المحكوم له ومن ثم يكون نعي الطاعنة على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن لا محل له.

لما كان ذلك وكان من المقرر في قضاء المحكمة العليا أنه لا يعيب الحكم إغفاله ذكر المواد القانونية التي طبقها على وقائع الدعوى متى كانت النصوص القانونية الواجب إعمالها مفهومة من الوقائع التي أوردها الحكم ذلك أن العبرة هي توخي معاني القانون وربط تلك المعاني بفهم الواقع في الدعوى فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه أشار في مدوناته إلى المرسوم السلطاني رقم (١١٨ / ٢٠٠٨) المتعلق بتقدير الديات والأروش الذي استند إليه في قضائه بالتعويض ومن ثم يكون منعى الطاعنة في الطعن رقم (٥٨٧ / ٢٠١٧) على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن غير سديد.

لما كان ذلك وكان ما تقدم فإن الطعنين برمتهما غير سديدين بما يتعينّ القضاء برفضهما موضوعاً وإلزام كل طاعن مصروفات طعنه وأداء كل واحد منهما للآخر مبلغاً قدره (١٠٠ ر.ع) مائة ريال مقابل أتعاب المحاماة ومصادرة الكفالتين عملاً بالمادة (٢٥٥) من قانون الإجراءات الجزائية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين رقمي (٥٨٧، ٥٨٨  /  ٢٠١٧م) شكلاً ورفضهما موضوعاً وإلزام كل طاعن مصروفات طعنه وأداء كل واحد منهما للآخر مبلغاً قدره (١٠٠ ر.ع) مائة ريال مقابل أتعاب المحاماة ومصادرة الكفالتين.