التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة الجزائية (أ): الطعون أرقام ٤٦٣ / ٢٠١٧م و٤٦٤ / ٢٠١٧م و١٣٢ / ٢٠١٧م

2017/463 463/2017 ٢٠١٧/٤٦٣ ٤٦٣/٢٠١٧

تحميل

جلسة يوم الثلاثاء الموافق ١٤ / نوفمبر / ٢٠١٧م

المشكلة برئاسة فضيلة السيد  /  خليفة بن سعيد بن خليفة البوسعيدي  /  نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة:سالم بن سعيد الرحبي، سلطان بن ماجد الزعابي، العربي الحروشي، مجيد فرج شوشان

(٥٦)
الطعون أرقام ٤٦٣ / ٢٠١٧م و ٤٦٤ / ٢٠١٧م و ٤٦٥ / ٢٠١٧م

– الأحراز « ردها لجهة المصدر». تسبيب حكم « منطق سليم».

– الأحراز التي تضبط على ذمة القضايا ويتم التحفظ عليها لا يجوز التصرف فيها إلا بعد انتهاء القضية وتقول المحكمة كلمتها النهائية بشأنها إما بالرد أو بالمصادرة بما في ذلك المبالغ المزود بها المصدر. استناد الحكم المطعون فيه على تعذر الوصول للحرز برده لجهة المصدر أفقده منطقه السليم في تكوين عقيدة المحكمة. علة ذلك.

الوقائع

تتحصَّل الوقائع حسبما يبينْ من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعون في أن الادعاء العام أحال المتهم الأول (الطاعن) وآخر إلى محكمة الاستئناف بصحار (محكمة الجنايات)؛ لأنهما بتاريخ (١٠ / ١٢ / ٢٠١٤م) بدائرة اختصاص إدارة مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية بمحافظة شمال الباطنة:

أولاً: بالنسبة للمتهم الأول (الطاعن):

١ . باع مواد مخدرة من نوع الهيروين في غير الأحوال المرخص بها قانوناً وذلك بأن باع (٥) لفافات ورقية تحوي مخدر الهيروين بمبلغ قدره (٥٠ ر.ع) خمسون ريالاً للمصدر وتم ضبطه متلبساً، وفق الثابت بالتحقيقات.

٢ . حاز بقصد الاتجار مواد مخدرة من نوع الهيروين في غير الأحوال المرخص بها قانوناً وذلك بأن ضبطت في حيازته علبة تحوي المخدر ذاته، وفق الثابت بالتحقيقات ومحضر الضبط المعزز بتقرير البينة الفنية.

٣ . قاوم أحد مأموري الضبط القضائي المنوط بهم تنفيذ أحكام قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية بالقوة والعنف واستخدام السلاح وذلك بأن لكم وركل مأموري الضبط القضائي وأطلق أعيرة نارية قبلهم أثناء تأديتهم لواجبات وظيفتهم، الأمر الذي كشف التحقيق عنه تفصيلاً.

٤ . شرع في قتل الوكيل…. من إدارة مكافحة المخدرات حال مقارفته للجرم الثالث وأثناء قيام الأخير بوظيفته وذلك بأن أطلق عياراً نارياً قبله إلا أن فعله قد خاب لسبب لا دخل لإرادته فيه تمثل في تمكن المجني عليه من مسك السلاح الناري ورفع فوهته لأعلى، وفق الثابت بالتحقيقات.

٥ . تعاطى مخدر الهيروين في غير الأحوال المرخص بها قانوناً، وفق الثابت باعترافه.

٦ . قاوم سلبياً عملاً شرعياً لموظف وذلك بأن امتنع عن إعطاء عينة بول لغايات الفحص المخبري، وفق الثابت بالأوراق.

٧ . قاد المركبة رقم (…. / ….دبي  خاص) تحت تأثير المواد المخدرة.

ثانياً: بالنسبة للمتهمين معاً:

١ . حازا سلاحاً نارياً وذخيرته (محل الجرمين (٣ و ٤) من البند أولاً) من نوع (سكتون) المدرج في القائمة الثانية من القوائم الملحقة بقانون الأسلحة والذخائر دون ترخيص من الجهة المختصة، وفق الثابت باعترافهما المعزز بتقرير البينة الفنية.

٢ . حازا أداة (كاتم الصوت) غير مرخص بحيازتها بأي حال من الأحوال وذلك بأن كانت مثبتة في السلاح الناري محل الجرم، وفق الثابت بتقرير البينة الفنية.

٣ . حازا ذخائر تستخدم في السلاح الناري دون أن يكون مرخصاً لهما حيازة السلاح الناري، وفق الثابت بالأوراق واعتراف المتهم الثاني ومحضر الضبط.

وطالب الادعاء العام بمعاقبة المتهم الأول (الطاعن) بالجنايات المؤثمة بالمادة (٤٤ / ١) والمادة (٥٦) من قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية والمادة (٢٣٦ / ٣) مقروءة بالمادتين (٨٦) و (٨٨) من قانون الجزاء والجنح المؤثمة بالمادة (٦٤) بدلالة المادة (٢) من قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية والمادة (١٧١) من قانون الجزاء والمادة (٥٦) من قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية ومعاقبة المتهمين معاً بالجنح المؤثمة بالمادتين (٢٢) و (٢٤) مقروءة بالمادتين (٣ / ب)   و (١٠) من قانون الأسلحة والذخائر وتعديلاته.

وبجلسة (١٨ / ١ / ٢٠١٧م) حكمت محكمة الاستئناف بصحار (محكمة الجنايات) حضورياً بثبوت إدانة المتهم الأول بجناية حيازة مواد مخدرة بقصد الاتجار وجناية الاتجار بالمواد المخدرة وجناية مقاومة أحد مأموري الضبط القضائي المكلفين بتنفيذ قانون المخدرات باستخدام سلاح ناري وقضت بسجنه عن الجناية الأولى لمدة عشر سنوات وغرامة (٠٠٠.٣ ر.ع) ثلاثة آلاف ريال وسجنه عن الجناية الثانية لمدة عشر سنوات وغرامة قدرها (٠٠٠.٣ ر.ع) ثلاثة آلاف ريال وعن الجناية الثالثة بالسجن المطلق وثبوت إدانة المتهم الأول بجنحة تعاطي مواد مخدرة وجنحة المقاومة السلبية وقضت بسجنه عن الجنحة الأولى لمدة سنة وغرامة قدرها (٥٠٠ ر.ع) خمسمائة ريال وعن الجنحة الثانية بالسجن لمدة شهر وغرامة قدرها (٢٠ ر.ع) عشرون ريالاً على أن تدغم العقوبات قبله الأخف في الأشد وينفذ الأشد منها وبراءة المتهم الأول من جناية الشروع في القتل وجنحة قيادة مركبة تحت تأثير المخدر لعدم كفاية الدليل وإحالة الجنح المنسوبة للمتهم الثاني لمحكمة الجنح المختصة ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة تمهيداً لإتلافها والأسلحة والذخائر.

لم يرتض الطاعن (المحكوم عليه) بهذا القضاء فطعن فيه بالنقض أمام المحكمة العليا بالطعون الماثلة التي تم التقرير بها بتواريخ (٢٦، ٢٣، ٢٧ / ٢ / ٢٠١٧م) بأمانة سر المحكمة التي أصدرته وبذات التواريخ أودعت في كل طعن صحيفة بأسبابه موقعة من محام مقبول أمام المحكمة العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن وقدم سند وكالته عنه التي تتيح له ذلك وقد تم إعلان المطعون ضده بصحيفة كل طعن فرد عليها بمذكرة طالب فيها برفض الطعن.

وقدم الادعاء العام لدى المحكمة العليا في كل الطعون مذكرة بالرأي خلص فيها إلى قبول الطعون شكلاً ورفضها موضوعاً.

وحيث ارتأت المحكمة ضم الطعون الثلاثة للارتباط وليصدر فيها حكم واحد.

المحكمة

بعد الاطلاع على الحكم المطعون فيه وعلى سائر أوراق الطعون وبعد سماع التقرير الذي أعده وتلاه القاضي المقرر وبعد المداولة قانوناً.

حيث إن الطعون الثلاثة استوفت شكلها القانوني فهي مقبولة شكلاً.  وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بأسباب طعونه الثلاثة مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع حينما أدانه بالجرائم المسندة إليه دون بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة إذ لم يسرد بوضوح تفاصيل الحديث بينه وبين شاهد الإثبات (المصدر) والظروف والملابسات التي دارت فيها الواقعة والتي استخلص منها الحكم قيامه ببيع مخدر الهيروين للمصدر وما إذا كان المصدر سلمه فعلاً مبلغ (٥٠ ر.ع) خمسين ريالاً من عدمه ومن تحديداً من رجال الضبط شاهد ذلك التسليم والتسلم على وجه الجزم واليقين في ظل إنكاره لواقعة الاتجار بالمواد المخدرة وحيازتها بقصد الاتجار بتحقيقات الادعاء العام وأمام المحكمة المصدرة للحكم الأمر الذي يجعل المحكمة غير ملمة بالواقعة إلماماً كافياً وبالظروف والملابسات التي وقعت فيها كما أن أفراد الضبط القضائي قاموا باختلاق الواقعة والتحريض عليها وأن الشرطة لا اختصاص لها في تجنيد مصدر في جريمة تتعلق بجناية ودفع بأن المقاومة منتفية لانتفاء علمه بهوية أفراد الضبط القضائي حيث كانوا يرتدون زياً مدنياً ويستقلون مركبة ذات رقم مدني ولم يبرزوا له بطاقاتهم المهنية عند القبض عليه كما أخطأ الحكم في الاستدلال عندما قرر أنه صوب السلاح الناري إلى الخلف لاستحالة ذلك لطول مأسورة السلاح وأن شهادة الشاهد…. بسماعه صوت الطلقة لا يتفق مع المنطق لوجود كاتم صوت وأن وقائع الدعوى تخالف تلك الشهادة وأن الحكم أهدر دفاعه بعدم ضبط مبلغ بيعه المواد المخدرة وبطلان تقرير المختبر الجنائي لعدم أداء اليمين القانونية من قبل معد التقرير وعدم إثبات أي بصمات تخصه على السلاح الناري وأن الشاهد…. (المصدر) أكد في شهادته أنه هو من وضع المخدر في مركبته وأنه لم تكن هناك مقاومة منه ولم يتم ضبط أي مبلغ سلم إليه وقام بتسليمه له لشراء المخدر وأنه لم يكن هناك أي إطلاق نار من السلاح خلف مقعد السائق كما تجاهل الحكم شهادة الشاهد…. بأن رئيس فريق الضبط تعمد الإيقاع به وتلفيق التهمة إليه وأن الشاهد قام بضربه وسحب مفاتيح السيارة منه وقام برمي المخدر في المركبة وكذب عملية تصوير الواقعة من قبل رجال الشرطة وتأييد ذلك بشهادة الشاهد…. وشهادة الشاهد…. وأن جميع الشهود أكدوا أنهم لم يشاهدوا عملية بيع المخدر وشرائه كما أن الحكم لم يرد على دفاعه بانتفاء حالة التلبس في حقه وبطلان اعترافه لصدوره تحت تأثير الإكراه والضرب الذي وقع عليه بدليل وجود إصابات في وجهه تم إثباتها في محضر الادعاء العام ولم يتم ضم التقرير الطبي الذي يثبت ذلك إلى ملف الدعوى وللتناقض البينّ بين ما تم إثباته في المحضر من وجود المخدر بجيب دشداشته الأيمن والمبلغ بجيبه الأيسر وطلبه ضم   وتسجيل كاميرات محطة الوقود التي تمت فيها المداهمة وضم حرز المبلغ النقدي للبيع وإثبات وجود بصماته عليه وإثبات وجود بصماته على المخدر المضبوط وطلبه إجراء معاينة الواقعة لإثبات استحالة وقوع المقاومة واستخدام السلاح كما دفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش لعدم جدية التحريات وبنائها على محضر تحر غير جدي ولاختلاق الجريمة من قبل أفراد الضبط القضائي ولصدور أمر القبض والتفتيش بعد وقوع الجريمة كما أن الحكم لم يلتزم بمبدأ شفوية المرافعة عندما استند على دليل لم يطرح على الخصوم بالجلسة وهو ضبط المبلغ النقدي بحوزته كما أدانه بجناية مقاومة أحد مأموري الضبط القائمين على تنفيذ قانون المخدرات باستعمال سلاح ناري المؤثمة بالمادة (٥٦) من قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية وقضى عليه بالسجن المطلق دون مراعاته للتعديل الحاصل بالمادة (٥٦) المشار إليها بموجب المرسوم السلطاني رقم (٣٤ / ٢٠١٥) الصادر بتاريخ (٥ / ١٠ / ٢٠١٥م) وبما أن الواقعة كانت بتاريخ (١٠ / ١٢ / ٢٠١٤م) والتعديل حصل بعد حصول الواقعة الأمر الذي تتحقق معه قاعدة تطبيق القانون الأصلح للمتهم وهو النص قبل التعديل عملاً بالمادة (٢٤٥) من قانون الإجراءات الجزائية ما دامت الدعوى لم يفصل فيها بحكم بات باعتبار أن النص الذي تم تعديله جاء مشدداً للعقوبة، كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.

وحيث إن منعى الطاعن على الحكم المطعون فيه في مجمله سديد ذلك أنه وإن كان المشرع قد اعتمد مبدأ الاقتناع القضائي أساساً للأحكام الجزائية حسبما ورد بالمادة (٢١٥) من قانون الإجراءات الجزائية إلا أن هناك قيوداً على هذا المبدأ ومنها ضرورة تسبيب الأحكام والمقصود بالتسبيب ليس هو مجرد سرد الأدلة فقط بل يجب أن يكون التسبيب مفصلاً ومقنعاً وكافياً ليستقيم به منطوق الحكم مبيناً بالتفصيل والتحليل العناصر الواقعية والأركان القانونية لكل جريمة من الجرائم التي أدان بها وفق ما تقتضيه مواد الاتهام والحجج والأدلة التي اعتمد عليها في ثبوت الاتهام أما إذا كانت الأسباب التي أوردها الحكم غامضة وغير سليمة ولا تؤدي حتماً إلى النتيجة التي انتهى إليها في منطوقه فإنه يكون قاصراً قصوراً يبطله كما يقتضي تفصيل الأسباب أن يرد الحكم على كل دفع جوهري أبدي في الدعوى وأن يكون رده على ذلك سائغاً ومقبولاً وله سنده من الأوراق.

لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه بعد سرده لأدلة الثبوت وأقوال الشهود وبعد رده على الدفوع المبداة من قبل الدفاع خلص إلى القول: «… أما عن مقاومة رجال المكافحة بواسطة سلاح ناري فهي ثابتة بالبندقية المضبوطة بسيارة المتهم وما جرى   عليها من فحص فني وبشهادة شهود الإثبات…» وكان التسبيب الذي أورده الحكم للتدليل على ثبوت جناية مقاومة أحد مأموري الضبط القضائي المكلفين بتنفيذ قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية باستخدام سلاح ناري والمؤثمة بالمادة (٥٦) من ذات القانون غير كاف وغير مقنع إذ لا يبين من أقوال شهود الإثبات الذين اعتمد عليهم الحكم وهم من وقعت عليهم هذه الجريمة وعلى النحو الذي ساقه الحكم بأسبابه أن الطاعن كان وقت مقاومته لهم يعلم علم اليقين أنهم من مأموري الضبط القضائي القائمين على تنفيذ أحكام القانون المذكور كما أن الحكم لم يسق بأسبابه أي دليل على حصول هذا العلم والوقائع بذاتها كما ساقها الحكم لا تدل على ذلك فالثابت من أقوال شهود الإثبات من مأموري الضبط القضائي أن الطاعن تمت مداهمته ومباغتته وهو في غفلة منه بمركبته مع المصدر كما لم يدلل الحكم بأي دليل مادي يفيد أن الطاعن قد ألحق بأي عنصر من عناصر الضبط القضائي أي عنف أو أذى للقول بتوافر عناصر المادة (٥٦) من قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في حق الطاعن ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قاصراً في هذا المنحى قصوراً يبطله إذ المطلوب في تسبيب الأحكام أن يكون على وجه الدقة والتحديد بعيداً عن التعميم والتجهيل وذلك لا يتحقق إلا بعرض كافة الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي اعتمدتها المحكمة في قضائها عرضاً واضحاً ومفصلاً لا لبس فيه ولا غموض بما يدلل على توافر كافة العناصر القانونية للجريمة محل الإدانة ودون أن يترك الحكم في طياته أي حيز للتعميم والتجهيل والإبهام بل يجب أن يكون فيه من الكفاية ليستقيم به منطوق الحكم كما أن الدفع ببطلان الاعتراف هو دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه رداً سائغاً ما دام الحكم قد عول في قضائه بالإدانة بالتهم التي انتهى إلى القول بثبوتها في حق الطاعن على هذا الاعتراف ذلك أن الاعتراف الذي يعتد به في الإثبات يجب أن يكون اختيارياً وصادراً عن إرادة حرة وهو لا يعتبر كذلك ولو كان صادقاً إذ حصل تحت تأثير الإكراه أو التهديد أو الخوف كان ما كان قدر هذا التهديد والإكراه أو الخوف فكان يتعين على محكمة الموضوع وقد دفع الطاعن أمامها بأن اعترافه بتحقيقات الشرطة كانت نتيجة إكراه مورس عليه كما ورد بالحكم أن تتولى تحقيق دفاعه وبحث هذا الإكراه وسببه وعلاقته بأقواله لا سيما وأن دفاع الطاعن تمسك بجلسة المحاكمة بتاريخ (٢١ / ١٢ / ٢٠١٦م) بإثبات دفعه بضم التقرير الطبي المنجز في حق الطاعن كون الأخير أحيل إلى المستشفى من قبل الادعاء العام جراء الجروح والخدوش العالقة به وأصر على ذلك فإذ هي نكلت عن ذلك واكتفت بقولها: «… وعن بطلان الاعترافات المنسوبة للمتهم الأول (الطاعن) بتحقيقات الشرطة لصدورها نتيجة إكراه فلم يثبت من أي تقارير   طبية أن ذلك المتهم قد تعرض للضرب والتعذيب للتأثير في إرادته وانتزاع اعتراف منه…» فإن حكمها يكون قاصراً لا سيما وأن الأوراق قد خلت مما يفيد أن المحكمة نفسها أمرت بندب طبيب لإجراء خبرة طبية بقصد التعرف على أسباب الخدوش العالقة بإحدى عيني الطاعن والتي تمت معاينتها عليه من قبل الشاهد الرابع الذي أخذ إفادته بتحقيقات الشرطة وفق ما ورد بمدونات الحكم نفسه للقول بأن الإكراه لم يثبت من أي تقارير طبية إضافة إلى ذلك أن الحكم المطعون فيه رد على دفع الطاعن ببطلان الدليل المستمد من ضبط المبلغ النقدي وذلك بالقول: «… قد تبين من خطاب مساعد مدير إدارة مكافحة المخدرات أن جميع المبالغ المستخدمة لشراء مواد مخدرة يتم إرجاعها للإدارة العامة للمخدرات نهاية كل عام لإجراء التدقيق السنوي الأمر الذي يتعذر معه إحضار الحرز المتعلق بالمبلغ المالي…» فهذا الرد الذي أورده الحكم المطعون فيه غير سائغ ذلك أن الأحراز تضبط على ذمة القضايا ويتم التحفظ عليها ولا يجوز التصرف فيها إلا بعد انتهاء القضية وتقول المحكمة كلمتها النهائية بشأنها إما بالرد أو بالمصادرة ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد فقد منطقه في تكوين عقيدة المحكمة ذلك أنه وإن كانت المحكمة العليا لا تراقب القاضي في تكوين قناعته فهي بلا شك لا تقره على رأيه إذا تبين لها أن ما توصل إليه يجافي المنطق السليم ويخل بالأصول المسلم بها في الاستدلال القضائي.

لما كان ذلك وكان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بمخالفة القانون ومشوباً بعيب القصور المبطل في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع مما يوجب نقضه وإعادة أوراق الدَّعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتفصل فيها من جديد بهيئة مغايرة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعون أرقام (٤٦٣، ٤٦٤، ٤٦٥  /  ٢٠١٧) شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة أوراق الدَّعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتفصل فيها من جديد بهيئة مغايرة.