التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة الجزائية (أ): الطعون أرقام ٥٤٥ / ٢٠١٧م و٥٤٦ / ٢٠١٧م

2017/546 546/2017 ٢٠١٧/٥٤٦ ٥٤٦/٢٠١٧

تحميل

جلسة يوم الثلاثاء الموافق ١٤ / نوفمبر / ٢٠١٧م

المشكلة برئاسة فضيلة السيد  /  خليفة بن سعيد بن خليفة البوسعيدي  /  نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة:سالم بن سعيد الرحبي، سلطان بن ماجد الزعابي، العربي الحروشي، مجيد فرج شوشان

(٥٧)
الطعون أرقام ٥٤٥ / ٢٠١٧م و ٥٤٦ / ٢٠١٧م

– جريمة « التوسط في تداول المخدر. أركانها». قانون « تطبيق نص المادة ٤٤ / ١ من قانون مكافحة المخدرات».

– جريمة التوسط في تداول المواد المخدرة والمعاقب عليه بالمادة (٤٤ / ١) من قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية هي كل فعل من شأنه تقريب وجهات النظر بين طرفي عقد من العقود التي يكون موضوعها مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أي أن فعل الوسيط ينحصر هنا في تهيئة الظرف الملائم للجمع بين المتعاقدين وتسهيل إنجاز الصفقة بينهما ولا فرق بين أن يكون التوسط في تداول المواد المخدرة قد وقع بمقابل أو بغير مقابل وتأسيساً على ذلك فكل فعل يأتيه الجاني لتحقيق تلك الغاية يكون الركن المادي لتلك الجريمة أما الركن المعنوي فهو علمه بأن ما يأتيه من فعل مجرم قانوناً ومع ذلك انصرفت إرادته لإتيانه.

الوقائع

تتحصَّلُ الوقائع على ما يبينْ ُ من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن في أن الادعاء العام أحال الطاعن (المتهم الثالث) وآخرين إلى محكمة الاستئناف بصُحار (محكمة الجنايات)؛ لأنهم بتاريخ (١٢ / ١٠ / ٢٠١٤م) بدائرة اختصاص إدارة مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية بمحافظة شمال الباطنة:

أولاً: بالنسبة للمتهم الأول:

١) باع مواد مخدرة من نوع الهيروين بقصد الاتجار في غير الأحوال المرخص بها قانوناً وذلك بأن باع علبة فلمية (كوداك) تحتوي على مخدر الهيروين بمبلغ قدره (٣٠٠ ر.ع) ثلاثمائة ريال للمصدر وتم ضبطه متلبساً بالجُرم، وفق الثابت بالتحقيقات ومحضر الضبط.  ٢) حاز وأحرز بقصد الاتجار مادة مخدرة من نوع الهيروين في غير الأحوال المرخص بها قانوناً، وفق الثابت بالتحقيقات ومحضر الضبط.

٣) قدَّم مواد مخدرة للمتعاطي (المتهم الثالث) بمقابل وذلك بأن سلَّمه علبة فلمية (كوداك) تحتوي على مخدر الهيروين بمبلغ قدره (٣٠٠ ر.ع) ثلاثمائة ريال، وفق الثابت باعترافه.

٤) حال كونه عائداً في جُرم غير مماثل تعاطى مواد مخدرة من نوعي المورفين والكودايين في غير الأحوال المرخص بها قانوناً، وفق الثابت بتقرير الفحص الفني.

ثانياً: بالنسبة للمتهم الثاني:

١) حاز مادة مخدرة من نوع الهيروين بغير قصد التعاطي وفي غير الأحوال المرخص بها قانوناً، وفق الثابت بالتحقيقات ومحضر الضبط وتقرير الفحص الفني.

٢) تعاطى مادة مخدرة من نوع الهيروين في غير الأحوال المرخص بها قانوناً، وفق الثابت باعترافه قضائياً.

ثالثاً: بالنسبة للمتهم الثالث (الطاعن):

اشترك مع المتهم الأول حال مقارفته للجُ رم أولاً، وذلك بأن توسَّط في بيع العلبة الفلمية (كوداك) المحتوية على مخدر الهيروين وذلك بتوليه التنسيق الهاتفي للتوفيق بين العرض والطلب، وفق الثابت باعترافه.

رابعاً: بالنسبة للمتهمين الثاني والثالث:

قاوما سلبياً عملاً شرعياً وذلك بأن امتنعا عن إعطاء عينة من بولهما لغايات الفحص المخبري، وفق الثابت بالأوراق.

وطالب الادعاء العام بمعاقبة المتهم الأول بالمادة (٤٤ / ١) والمادة (٤٤ / ٤) من قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية ومعاقبة المتهم الثاني بالمادة (٤٧ / ٢) من ذات القانون ومعاقبة المتهم الثالث بالمادة (٤٤ / ١) من ذات القانون ومعاقبة المتهمين جميعاً بالمادة (٦٤) بدلالة المادة (٢) من ذات القانون ومعاقبة المتهمين الثاني والثالث بالمادة (١٧١) من قانون الجزاء مع تطبيق المادة (١١٦ / ٥) من قانون الجزاء في حق المتهم الأول ومصادرة المواد المضبوطة والهاتف استناداً للمادة (٥٩) من قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية.  وبتاريخ (٢٩ / ١٠ / ٢٠١٥م) حكمت المحكمة بإدانة المتهم الأول بجناية الاتجار في المواد المخدرة وقضت بسجنه لمدة عشر سنوات وغرامة قدرها (٠٠٠،٣ ر.ع) ثلاثة آلاف ريال وإدانة المتهم الثاني بجناية حيازة مخدر الهيروين بغير قصد التعاطي وقضت بسجنه لمدة خمس سنوات وغرامة قدرها (٠٠٠،٣ ر.ع) ثلاثة آلاف ريال وإدانته بجُنحتي تعاطي المواد المخدرة والمقاومة السلبية وقضت عليه عن الأولى بالسجن لمدة سنة وغرامة قدرها (٥٠٠ ر.ع) خمسمائة ريال وعن الثانية بالسجن لمدة ثلاثة أشهر وغرامة قدرها (٢٠ ر.ع) عشرون ريالاً وإدانة المتهم الثالث (الطاعن) بجناية التوسُّط في بيع المواد المخدرة وقضت بسجنه لمدة عشر سنوات وغرامة قدرها (٠٠٠،٣ ر.ع) ثلاثة آلاف ريال وإدانته بجُنحتي تعاطي المواد المخدرة والمقاومة السلبية وقضت عليه عن الأولى بالسجن لمدة سنة وغرامة قدرها (٥٠٠ ر.ع) خمسمائة ريال وعن الثانية بالسجن لمدة ثلاثة أشهر وغرامة قدرها (٢٠ ر.ع) عشرون ريالاً على أن تدغم العقوبات في حق المتهمين الأخف في الأشد وينفذ أشدها ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة تمهيداً لإتلافها ومصادرة الهاتف لصالح الدولة.

لم يرتض الطاعن (المحكوم عليه الثالث) بهذا القضاء فطعن فيه بالطعن رقم (٩١ / ٢٠١٦) أمام المحكمة العليا التي قضت بجلسة (٣١ / ٥ / ٢٠١٦م) بقبول الطعن شكلاً في والموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة أوراق الدعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتفصل فيها من جديد بهيئة مغايرة.

وبجلسة (٢٢ / ١ / ٢٠١٧م) حكمت محكمة الاستئناف بصحار (محكمة الجنايات) بهيئة مغايرة بإدانة المتهم الثالث…. بجناية التوسط في بيع المواد المخدرة ومعاقبته بالسجن لمدة سبع سنوات ونصف وغرامة قدرها (٠٠٠.٣ ر.ع) ثلاثة آلاف ريال وبراءته من جنحتي تعاطي المواد المخدرة والمقاومة السلبية ومصادرة هاتفه المضبوط.

لم يرتض الطاعن بهذا القضاء فقرر الطعن فيه بطريق النقض أمام المحكمة العليا للمرة الثانية بالطعنين الماثلين بتاريخي (١ / ٣ / ٢٠١٧م) و (٢ / ٣ / ٢٠١٧م) بأمانة سر المحكمة التي أصدرته وبذات التاريخين أودعت صحيفتان بأسباب الطعنين موقعة كل منهما من محام مقبول أمام المحكمة العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن وقدم كل منهما سند وكالته التي تتيح له ذلك وتم إعلان المطعون ضده بالصحيفتين فآثر عدم الرد.

وقدم الادعاء العام لدى المحكمة العليا في الطعنين مذكرة بالرأي خلص فيها إلى قبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع برفضهما.  وحيث ارتأت المحكمة ضم الطعنين للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد.

المحكمة بعد الاطلاع على الحكم المطعون فيه وعلى سائر أوراق الطعنين وبعد سماع التقرير الذي أعدَّه وتلاه القاضي المقرر وبعد المداولة قانوناً.

حيث إن الطعنين استوفيا شكلهما القانوني فهما مقبولان شكلاً.

وحيث ينعى الطاعن بصحيفتي الأسباب على الحكم المطعون فيه أنه إذ أدانه بجريمة التوسط في بيع مواد مخدرة يكون قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون وتأويله والبطلان في الإجراءات وذلك أنه لم يبين على نحو كاف أركان جريمة التوسط في بيع المخدرة التي أدانه بها وعول في إدانته وفي بيان أركان تلك الجريمة على أقوال الشهود (فريق الضبط) بالرغم من أنها لا تؤدي إلى ذلك إذ إنها جاءت متناقضة ومتضاربة فيما بينها بدلالات عددها بأسباب طعنيه ودفع ببطلان إجراءات الدعوى لبطلان القبض عليه بدلالة تناقض أقوال فريق الضبط في ذلك الشأن ولصدوره بطريقة غير معروفة ولتنفيذه بدون سند من القانون ودون أن يكون في حالة تلبس ولتنفيذه في وقت سابق على الواقعة بالمخالفة للمادتين (٤١، ٤٨) من قانون الإجراءات الجزائية وهو ما يجعل الاتهام قائماً على مجرد الشك والتخمين إلا أن المحكمة التفتت عن هذه الدفوع ولم ترد عليها كما أنه يدفع ببطلان الدليل المستمد من المصدر لاختلاق الجريمة وكونها تحريضية من رجال الشرطة وكذلك يدفع بعدم جواز قيام رجال الشرطة بمباشرة إجراءات الاستدلال والتحقيق في الدعوى الراهنة كونها تشكل جناية وكون تجنيد المصدر من قبل رجال الشرطة يعد عملاً من أعمال التحقيق وهو من اختصاص الادعاء العام ويخرج عن اختصاص الشرطة بقوة القانون وقيام الشرطة بذلك يكون مخالفاً للمادتين (٦٤) من النظام الأساسي للدولة و (٢) من قانون الادعاء العام لا سيما أنه لم يكن في حالة تلبس كما أنه يدفع بعدم معقولية واقعة قيامه بالعرض على المصدر شراء علبة المخدر بمبلغ (٣٠٠ ر.ع) ثلاثمائة ريال بدلالة عدم توافق شهود الضبط في ذلك الشأن من حيث عدم ضبطهم مواد مخدرة معه وقت الضبط ولا مع المتهم الأول…. ولا بالسيارة كما أن المحكمة لم تواجهه بمبلغ الشراء كما أنه لم يدفع بعدم انطباق نص مادة الاتهام عليه لأن التوسط المقصود به هو أن يكون بقصد الاتجار وهو غير متوفر في حقه، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.  وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بينّ واقعة الدعوى وأورد مضمون أدلتها في بيان كاف انتهى إلى إدانة الطاعن بقوله: «… حيث أفاد المتهم أمام المحكمة بخصوص توسطه في بيع المادة المخدرة بأنه لم يتوسط وأن المخبر اتصل به يريد منه كمية من المخدر وأنه يعرف المخبر حيث كانا يتعاطيا سوية وأخبره أنه ترك التعاطي وليس لديه مخدرات وطلب منه رقم المتهم الأول…. وزوده به وأنه يعرف أن المتهم الأول يتعاطى ولا يعرف أنه يبيع المخدرات ولا يعلم ما تم بعد ذلك بين المصدر و…. غير أن هذه الأقوال أو هذا الاعتراف المبتور تعزز بالكمال من قبل أفراد الضبط حيث شهدوا وفق ما سرد في شهادتهم المدونة والتي أيدت تواجد المتهم في مسرح الجريمة وضبطه مع بقية المتهمين عند واقعة الاستلام والتسلم لمادة الهيروين وسبق اتفاقه مع المصدر وإرشاده وأفراد الضبط إلى المتهم…. لإتمام عملية بيع المواد المخدرة المعزز بمحاضر الضبط وأن أقوال المتهم بعدم علمه بما جرى بين المتهم…. والمصدر بعد أن زود الأخير برقم هاتف المتهم الأول بعد أن طلب منه شراء المواد المخدرة قد كذبته شهادات الشهود والتي جاءت مطابقة فيما بينها مع وقائع الضبط والتي كملت إحداها الأخرى بشكل كون قناعة المحكمة في صحتها واعتمادها دليلاً يستند إليه في صحة الاتهام ويكون المتهم مارس فعلاً فعل التوسط في بيع المواد المخدرة بين المصدر والمتهم…. والذي كان من شأنه تقريب وجهات النظر بين الطرفين البائع والمشتري في موضوع المواد المخدرة وأن فعل الوسيط ينحصر في تهيئة الظرف الملائم لجمع المتعاقدين وتسهيل إتمام الصفقة بينهما ولا فرق بين أن يكون التوسط في تداول المواد المخدرة قد وقع بمقابل أو بغير مقابل وتأسيساً على ذلك فإن كل فعل يأتيه الجاني لتحقيق تلك الغاية يكون الركن المادي لتلك الجريمة وأما الركن المعنوي فهو علمه بأن ما يأتيه من فعل مجرم قانوناً ومع ذلك انصرفت إرادته لإتيانه وبذلك تكون الأدلة قد توافرت في قيام المتهم بالتوسط في بيع المواد المخدرة المؤثمة بالمادة (٤٤ / ١) من قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية…» ولما كان ذلك وكان البينّ من الحكم المطعون فيه أنه قد بينّ واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي أدان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقة أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة وكان من المقرر أنه وإن كان على المحكمة أن تبين واقعة الدعوى بياناً كافياً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها إلا أنه من المقرر أيضاً أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وإذا كان مجموع   ما أورده الحكم المطعون فيه كافياً في تفهم واقعة الدعوى بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة (٢٢٠) من قانون الإجراءات الجزائية ومن ثم ينتفي عن الحكم قالة القصور في التسبيب ويكون منعى الطاعن في ذلك الشأن غير سديد.

ولما كان ذلك وكان التوسط في تداول المواد المخدرة والمعاقب عليه بالمادة (٤٤ / ١) من قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية هو كل فعل من شأنه تقريب وجهات النظر بين طرفي عقد من العقود التي يكون موضوعها مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أي أن فعل الوسيط ينحصر هنا في تهيئة الظرف الملائم للجمع بين المتعاقدين وتسهيل إنجاز الصفقة بينهما ولا فرق بين أن يكون التوسط في تداول المواد المخدرة قد وقع بمقابل أو بغير مقابل وتأسيساً على ذلك فكل فعل يأتيه الجاني لتحقيق تلك الغاية يكون الركن المادي لتلك الجريمة أما الركن المعنوي فهو علمه بأن ما يأتيه من فعل مجرم قانوناً ومع ذلك انصرفت إرادته لإتيانه.

ولما كان ذلك وكانت المحكمة على ما يبين من محاضر الجلسات قد استمعت إلى شهادة فريق الضبط وهم الملازم….والوكيل…. والوكيل…. وأورد الحكم المطعون فيه مضمون شهاداتهم حيث شهد الملازم….أنه رئيس فريق الضبط وأن المتهم الطاعن …. هو هدف معروف بترويج المخدرات والتوسط فيها ولديهم مصدر خاص مع الوكيل…. حيث قام بالتواصل هاتفياً أمامه مع المتهم…. لشراء مادة الهيروين وكان الحديث على مسمع منه حيث أفاد المتهم أن الكمية موجودة وقام الوكيل….

والمصدر بعمل الإجراءات بالتوجه إلى مكان المتهم في شناص واللقاء به وجهاً لوجه وركب بالسيارة مع الوكيل…. والمصدر وبعد ذلك أخبره الوكيل…. أن المتهم اتصل مرة أخرى بأحد أقاربه الذي تبينّ بعد ذلك أنه المتهم الأول….وطلب منه بيان مكان وجوده وتم اللقاء بينهم المتهم….والمصدر والوكيل والمتهم… وتوجهوا غرب الشارع ووقفوا هناك وأنه تابع السيارة لتأمين رجل الشرطة والمصدر ثم حضرت مركبة ثانية توقفت خلف مركبة المصدر والوكيل وشاهد المتهم…. ينزل من المركبة باتجاه المركبة الثانية وهو يحمل شيئاً وضعه في جيبه من تلك المركبة وركب بالمركبة الأولى وبعد ذلك استلم الإشارة المتفق عليها من الوكيل…. وتم ضبط جميع المتهمين والمخدرات وأن المتهم كان حاضراً أثناء واقعة الضبط كما أورد الحكم شهادة الوكيل….الذي شهد بما لا يخرج في مضمونه عن شهادة الشاهد الأول إلا أنه لم يكن حاضراً واقعة اتصال المصدر بالمتهم وأضاف أن المتهم الطاعن حاول الهرب إلا أنه تم ضبطه بعد ذلك كما أورد الحكم شهادة الوكيل…. الذي شهد بما   لا يخرج في مضمونه عما شهد به الشاهد الأول وأضاف أن الطاعن ورداً على اتصال المصدر به عرض عليه شراء علبة كوداك من مخدر الهيروين بمبلغ قدره (٣٠٠ ر.ع) ثلاثمائة ريال وفي خلال واقعة الضبط كان قد قام بتسليم المبلغ المذكور إلى المصدر الذي قام بتسليمه للطاعن وقام الأخير بتسليمه إلى المتهم الأول…. الذي أحضر المخدر من المركبة الثانية ثم قام بإعطاء الإشارة المتفق عليها للملازم المذكور حيث تم ضبط المتهمين.

ولما كان ذلك وكان من المقرر أن استخلاص الواقع في الدعوى والصورة الصحيحة لها وتقدير الدليل ووزن البينات من المسائل التي تستقل بها محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وقادرة على حمله وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وأن تناقض رواية الشاهد في بعص تفاصيلها مع أقوال شاهد آخر بغرض حصوله لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ولا تضارب كما هو الحال في الدعوى المطروحة كما أنه من المقرر أن العبرة في المحاكمات الجزائية هي باقتناع المحكمة من جميع عناصر الدعوى المطروحة عليها ولها كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه ما دام أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح من الأوراق كما لا يصح مطالبتها بالأخذ بدليل دون الآخر.

لما كان ذلك وكان فيما أورده الحكم المطعون فيه على النحو السالف والذي جاء متسقاً وليس فيه تناقض ولا تضارب تتوافر به أركان جريمة التوسط في تداول المواد المخدرة التي أدان الطاعن بها ويكون ما انتهى إليه الحكم من إدانة الطاعن وما ورد به على دفاعه في ذلك الشأن سائغاً ويتفق وصحيح القانون ويضحي منعى الطاعن في ذلك الشأن غير مقبول.

لما كان ذلك وكان كل إجراء يقوم به مأمورو الضبط القضائي ومرؤوسوهم في الكشف عن الجريمة صحيحاً ولو اتخذوا في سبيل ذلك التخفي وانتحال الصفات حتى يأنس الجاني لهم ويأمن جانبهم وأن مسايرة رجال الضبط للجناة بقصد كشف جريمة يقارفونها لا يجافي القانون ما لم يتدخلوا بفعلهم في خلق الجريمة أو التحريض   عليها وطالما بقيت إرادة الجناة حرة غير معدومة كما أن اصطحاب الضابط لمصدره السري ليتظاهر الأخير بشراء المخدر بواسطة الطاعن ليس فيه ما يفيد التحريض على ارتكاب الجريمة أو خلقها ما دام الطاعن قام بالتوسط لشراء المخدر بمحض إرادته واختياره.

لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن هناك أمراً صادراً من الادعاء العام بالقبض على المتهم وتفتيشه وتم القبض عليه وتفتيشه على هذا الأساس فمن ثم فإن القبض على المتهم وتفتيشه يكون قد جاء على سند من القانون ويكون الحكم المطعون فيه في هذا الشأن قد صادف صحيح القانون ويضحي دفع الطاعن بشأن بطلان الإجراءات والقبض عليه وأن الجريمة مختلقة وتحريضية وبطلان قيام رجال الشرطة بعمل من أعمال التحقيق عند قيامهم بتجنيد المصدر السري لأنه عمل من اختصاص الادعاء العام غير سديد.

لما كان ذلك وكان الدفع بعدم الوجود على مسرح الجريمة وقت الضبط والدفع ببطلان القبض لتمامه قبل الواقعة إنما هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناءً على حال التلبس أخذاً بالأدلة التي أوردتها كما هو الحال في الدعوى المطروحة ولذلك كان ما يثيره الطاعن في ذلك الشأن لا محل له.

لما كان ذلك وكان دفع الطاعن بعدم معقولية واقعة قيامه بعرض المخدر على المصدر هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم فلذلك كان منعاه في هذا الشأن غير سديد.

ولما كان ذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة وانتهت إلى ثبوت واقعة التوسط في تداول المواد المخدرة في حق المتهم بأدلة مقبولة في العقل والمنطق فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة وأن نص مادة الاتهام لا ينطبق عليه ينحل إلى جدل موضوعي حول تقدير الدليل وسلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وهو ما تستقل به المحكمة ولا تجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام المحكمة العليا ويكون   ما يثيره الطاعن في ذلك الشأن غير سديد.

لما كان ذلك وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي يوردها الحكم كما هو الحال في الدعوى المطروحة فإن باقي ما يثيره الطاعن من أوجه دفاع موضوعية لا يكون مقبولاً.

لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس بما يتعينّ رفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات عملاً بالمادة (٢٢٥) من قانون الإجراءات الجزائية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين رقمي (٥٤٥، ٥٤٦  /  ٢٠١٧) شكلاً وفي الموضوع برفضهما وإلزام الطاعن المصروفات.