التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة الشرعية: الطعن رقم ٢٣٧ / ٢٠١٧م

2017/237 237/2017 ٢٠١٧/٢٣٧ ٢٣٧/٢٠١٧

تحميل

جلسة يوم الأحد الموافق ٤ / فبراير / ٢٠١٨م

المشكلة برئاسة فضيلة الشيخ / د. صالح بن حمد بن سالم الراشدي / نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: مسعود بن محمد الراشدي، حمود بن حمد المسكري، عامر بن سليمان المحرزي، صلاح الدين نعيم غندور

(٢١)
الطعن رقم ٢٣٧ / ٢٠١٧م

أحوال شخصية (سقوط الحضانة)

– تدني المستوى الدراسي للمحضون أو ممارسته لأفعال منحرفة أو الخروج مع الرجال الأجانب أو الظهور بمظاهر لا تليق دليل على عدم صلاحية الحاضن للحضانة. أثر ذلك الحكم بإسقاطها عنه.

الوقائع

بعد الاطلاع على ملف الدعوى والأوراق المرفقة فإن واقعة الدعوى تخلص في أن الطاعن أقام دعواه ابتداء أمام المحكمة الابتدائية بمسقط (دائرة المحكمة الشرعية) ضد المطعون ضدها طالبا إسقاط حضانة ابنته… منها وضم حضانة تلك البنت إليه وإسقاط النفقة المقررة عليه بموجب الحكم القضائي رقم (٥٣٦ / ٢٠٠٨م) الصادر بتأريخ ٣١ / يناير / ٢٠٠٩م.

وقال شارحا لدعواه: إن المدعى عليها مطلقته ورزق منها على فراش الزوجية بأربعة أولاد وقد أقامت المدعى عليها الدعوى رقم (٥٣٧ / ٢٠٠٨م) طلبت فيها القضاء لها بحضانة الأولاد جميعا فاختار ثلاثة منهم العيش مع والدهم وأما البنت ….فصدر الحكم بأن تكون في حضانة أمها المدعى عليها كما أقام المدعي الدعوى رقم (٥٣٦ / ٢٠٠٨م) حكم له فيها بتمكينه من زيارة ابنته… إلا أن المدعى عليها امتنعت عن تنفيذ الحكم منذ شهر نوفمبر (٢٠١٦م) وقد تبين للمدعي أن ابنته… خرجت عن السلوك القويم بتواصلها مع رجال غرباء عبر حساباتها الخاصة في وسائل التواصل الاجتماعي بل وخرجت معهم فضلا عن تدني مستواها العلمي وكثرة غيابها من المدرسة وعدم لياقة ملبسها المدرسي وإنها دائمة التفاخر أمام زميلاتها بعلاقتها مع الشباب مما يدل على انحرافها عن جادة الحق وأما المدعى عليها فأنكرت الدعوى وكذلك البنت…. أفادت بأنها ترغب في البقاء مع أمها منكرة تواصلها مع الرجال الأجانب وأما ورقة اعتذارها لأبيها فلم تكن بسبب تواصلها مع شباب آخرين. وحيث إن المحكمة الابتدائية نظرت الدعوى على النحو الوارد بالمحاضر واستمعت إلى الشهود الذين أتى بهم المدعى (الطاعن حاليا) وكلفت المحكمة قسم البحث الاجتماعي لإعداد تقرير عن المحضونة…. والاستماع

إلى طرفي النزاع واقتراح الأصلح للحضانة وأسباب ذلك. وبجلسة ٢٣ / ٥ / ٢٠١٧م قدمت المدعى عليها دعوى فرعية طلبت في ختامها زيادة النفقة المفروضة للبنت … من مائة ريال إلى مائتي ريال عماني مع إلزام المدعى عليه فرعيا بالمصاريف وأضافت طلبا آخر وهو تسليمها جواز سفر البنت من أجل السفر خلال الإجازة فأبدى المدعى عليه عدم ممانعته من تسليم الجواز للمدعية فرعيا إذا ما أثبتوا ذلك بتذاكر السفر. وحيث إن المحكمة الابتدائية حكمت بجلسة ٤ / ٩ / ١٤٣٨هـ الموافق ٣٠ / ٥ / ٢٠١٧م بالآتي:

أولا: في الدعوى الأصلية بإسقاط حضانة المدعى عليها للبنت… وأحقية المدعى بحضانتها وإسقاط النفقة المقررة للبنت…. وإلزام المدعى عليها بالمصاريف.

ثانيا: في الدعوى الفرعية برفض طلب زيادة النفقة وبإلزام المدعى عليه فرعيا بتسليم المدعية فرعيا جواز سفر البنت… على أن ترجعه المدعية للمدعى عليه بتأريخ ٣١ / يوليو / ٢٠١٧م مع إلزام الطرفين بالمصاريف مناصفة بينهما.

وقد صدر الحكم في الدعوى الأصلية على ما ثبت لدى المحكمة بموجب شهادة الشهود والبحث الاجتماعي والتقارير الدراسية من أن المدعى عليها أصليا غير صالحة لحضانة ابنتها… أخذا من عدم انتباهها لتصرفات ابنتها…. وعدم إعطائها الرعاية الكافية وذلك بشهادة الشهود الذين أثبتوا رؤية البنت مع أجنبي عنها بصورة غير محتشمة ووجود رسائل تواصل بينها وبين شباب ومقاطع مرئية (فيديوهات) وصور للمحضونة… بشكل غير لائق كونها تغني وترقص وشعرها مكشوف وبجنبها أشخاص غير محارم منها، وعرضها لتلك المقاطع على وسائل التواصل الاجتماعي (السناب شات والإنستجرام) ووجود تلك الصور والمقاطع المرئية مع المدعو…. وشهادة الشهود بوجود رسائل في غرفة…. الخاصة موجهة لزميلاتها تفيد بخروجها مع الشباب الأجانب كما أن التقارير الدراسية للمحضونة تبين تدني مستواها فضلا عن وصول البنت لسن البلوغ ووجود من يصلح من النساء مع المدعي للحضانة وهي ابنته…. الساكنة معه. وأما الدعوى الفرعية فقد أتى الحكم فيها بتسليم المدعية فرعيا جواز سفر البنت المحضونة…بناء على ما أبداه المدعى عليه فرعيا من عدم ممانعته من تسليمها الجواز من أجل ذلك السفر على أن ترجعه المدعية عند عودتها إلى السلطنة فورا.

وحيث إن هذا الحكم لم يلق قبولا لدى المدعي أصليا………. فطعن فيه بالاستئناف رقم (١٦١ / ٢٠١٧م) أمام محكمة الاستئناف بمسقط طلب فيه الحكم بإلغاء الشق المتعلق بإلزامه بتسليم جواز سفر ابنته…. إلى أمها المدعية فرعيا وذلك لأنه وافق على التسليم قبل الحكم ولكن استجد أمر بعد الحكم وهو أنه تم إيفاده في بعثة تدريبية من جهة عمله إلى خارج السلطنة من ٣ / يونيو إلى ١٦ /  سبتمبر / ٢٠١٧م وحيث إن المناسب أن تسافر البنت مع باقي أخوانها إلى الجهة الموفد إليها المستأنف لتكون البنت مع أخوانها جميعا.

كما أن المدعى عليها أصليا……. طعنت على الحكم الابتدائي بموجب صحيفة الاستئناف رقم (١٦٢ / ٢٠١٧م) لدى ذات المحكمة طلبت فيه الحكم برفض الدعوى الأصلية وإلزام رافعها المصاريف وذلك لعدم قيام الدليل على صحتها ذلك لأن شهادة أبنائها ضدها أمام محكمة أول درجة تشكك في مصداقيتها كونهم على خصام معها وبالتالي تطلب الالتفات عن تلك الشهادة.

وحيث إن محكمة الاستئناف حكمت بجلسة ٢٩ / ١١ / ١٤٣٨هـ الموافق ٢١ / ٨ / ٢٠١٧م بقبول الاستئنافين شكلا.

وفي الموضوع أولا: في الاستئناف رقم (١٦١ / ش / ٢٠١٧م) برفضه.

ثانيا: في الاستئناف رقم (١٦٢ / ش / ٢٠١٧م) بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى الأصلية والقضاء مجددا برفضها وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى الفرعية وألزمت المحكوم عليه بالمصاريف في الاستئنافين.

وحيث إن هذا الحكم لم يلق قبولا لدى المدعي أصليا……. فطعن عليه بالنقض بموجب صحيفة أودعت أمانة سر المحكمة موقعة عليها من وكيل الطاعن المحامي……. رقم قيد (… / ع / ٢٠١١م) من مكتب……. للمحاماة والاستشارات القانونية حيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بأسباب حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون تطبيقا وتأويلا والفساد في الاستدلال ويقول محامي الطاعن شارحا لذلك إن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون، وذلك عندما التفت عن كافة الشهادات التي أدلى بها الشهود التي سمعتها محكمة أول درجة والتي أثبتت سلوك البنت المحضونة غير القويم والمخالف للقواعد الشرعية والعرفية والعادات والتقاليد الحميدة جاء ذلك الطرح والالتفات عن تلك الشهادات تأسيسا على وجود خصومة بين الشهود ووالدتهم المطعون ضدها وقد فات المحكمة مصدرة الحكم أن تلك الشهادات لم تأت ضد الحاضنة وهي أمهم إنما جاءت كلها حول سلوك أختهم وشهادة الأخ على أخته لا تنال من عدالته ولا يقدح فيها ما دامت متفقة وصحيح القانون وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد خالف صحيح القانون عندما طرح شهادة الشهود بلا موجب أو سند من الشرع أو القانون مما يستوجب معه القضاء بنقض الحكم المطعون فيه فضلا عن أن الحكم المطعون فيه قد تناقضت أسبابه عندما أجاز وقوع بعض الأخطاء البسيطة (على حد تعبيره) وذلك لصغر السن وقلة الخبرة ثم أتى بعدما ذلك وأخذ برغبة تلك البنت في البقاء في حضانة أمها فإن كانت عديمة الخبرة وصغيرة السن فإن اختيارها يكون لا أثر له وفي ختام الصحيفة تساءل الطاعن: ما إذا كان ما قارفته المحضونة من سلوك وهو خروجها مع شاب أجنبي والتصوير معه ونشر هذا المقطع في وسائل التواصل الاجتماعي فضلا عن بقاء البنت بمفردها في المنزل ووجود شاب أجنبي معها لوحدها لا يعتبر إهمالا في التربية والرعاية والقيام بشؤون المحضون من الحفظ والسلامة فماذا يعني هذا؟؟؟

وطالب الطاعن ختاما بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون والإحالة إلى المحكمة مصدرة الحكم لتحكم فيه بهيئة مغايرة أو التصدي لموضوع الدعوى والقضاء بقبول الاستئنافين شكلا وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف الصادر من المحكمة الابتدائية بمسقط في الدعوى رقم (١٠٣ / ٢٠١٧م).

وحيث إنه تم إعلان المطعون ضدها بصحيفة أسباب الطعن فقدمت ردا موقعا من محاميها الدكتور……… خلص الرد إلى طلب رفض الطعن بالنقض على الحكم المطعون فيه وإلزام الطاعن بالمصاريف على سند من القول إن الحكم المطعون فيه صادف صحيح القانون تطبيقا وتأويلا ذلك أن من سلطة محكمة الموضوع وزن البينات وتقدير أقوال الشهود ولها أن تأخذ ببعض أقوالهم دون البعض الآخر لما كان ذلك وكانت محكمة الاستئناف قد طرحت كافة أقوال الشهود الذين شهدوا بانحراف سلوك أختهم فذلك واقع تحت سلطة محكمة الموضوع بلا معقب عليها من المحكمة العليا وأضاف محامي المطعون ضدها إن ما حصل للبنت المحضونة من أخطاء لا يدل دلالة صريحة على إهمال المطعون ضدها تجاه بنتها بل قد تحصل ذلك وإن كانت البنت في حضانة والدها وختاما طالب المحامي برفض الطعن موضوعا.

المحكمة

بعد الاطلاع على أوراق القضية والاستماع إلى التقرير الذي أعده القاضي المقرر فقد تبين أن الطعن قدم ممن يملكه مستوفيا أوضاعه الشكلية المقررة قانونا فقد تعين القضاء بقبوله شكلا إعمالا للمواد (٢٠٤ و٢٤٢ و٢٤٣) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية.

وحيث عن الموضوع فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالأسباب السالف ذكرها سديد في مجمله ذلك ولئن كان المقرر في قضاء المحكمة العليا أن استخلاص الوقائع في الدعوى وتقدير الأدلة قبولا أو رفضا مما تستقل به محكمة الموضوع غير أن ذلك مشروط بأن يكون قضاؤها محمولا على أسباب سائغة وأدلة صحيحة ولما كان المقرر قضاء أن الحضانة هي حفظ الولد وتربيته ورعايته بما لا يتعارض مع حق الولي في الولاية على النفس وحفظه عما يضره ووقايته عما يؤذيه.

لما كان ذلك وكان الثابت بموجب شهادة الشهود المسطرة بمدونات الحكم الابتدائي وبتقرير البحث الاجتماعي والتقارير الدراسية للبنت….. والتي دلت على تدني مستواها الدراسي كل ذلك دل دلاله قاطعة أن المطعون ضدها لم تقم بواجب الحفظ والتربية والرعاية للبنت المحضونة مما جعلها تجنح إلى الأعمال المنحرفة كمصاحبة الرجال الأجانب والظهور بمظهر لا يليق بفتاة في مثل سنها والرقص وهي كاشفة لشعرها الأمر الذي يجعل الأم المطعون ضدها ليست أهلا للحضانة.

ولما كان الحكم المطعون فيه قضى بخلاف ذلك فيكون جديرا بالنقض وبما أن حكم محكمة أول درجة أصاب كبد الحقيقة وتحرى العدالة ورأى أن الأب هو الأولى بحضانة ابنته…. من أجل رعايتها والحفاظ عليها ووقايتها مما يضرها من الأفعال والأقوال فإن المحكمة تقضي بتأييده ملغية بذلك حكم محكمة ثاني درجة حسبما سيرد بالمنطوق.

وحيث عن الكفالة وبما أن الطاعن أفلح في طعنه فإن المحكمة تأمر بإعادة الكفالة له إعمالا للمادة (٢٤٧) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب

«حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء بتأييد حكم محكمة أول درجة ورد الكفالة للطاعن.»