جلسة يوم الأحد الموافق ١١ / مارس / ٢٠١٨م
المشكلة برئاسة فضيلة القاضي / د. صالح بن حمد بن سالم الراشدي / نائب رئيس المحكمة العليا وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: سالم بن محمد البراشدي، مسعود بن محمد الراشدي، حمود بن حمد المسكري، عامر بن سليمان المحرزي
(٢٣)
الطعن رقم ٣ / ٢٠١٧م
معاملات مدنية (قسمة تركة)
– لا تسمع دعاوى فسخ و إعادة قسمة التركة بعد مرور سنة على قسمتها. طلب إعادة تثمين أعيان التركه لا يسري عليه القيد الزمني المشار إليه بالمادة (٨٣٠) من قانون المعاملات المدنية. علة ذلك أنه ليس طلبا للفسخ ولا طلبا لإعادة القسمة.
الوقائع
بعد الاطلاع على الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق وبعد المداولة تتلخص الوقائع في أن المدعية الدعوى المطعون ضدها كانت قد أقامت دعوى شرعية رقم (١٥٩ / ٢٠١٣م) بالمحكمة الابتدائية ضد المدعي عليها الطاعنة بموجب صحيفة أودعت أمانة سر محكمة أول درجة وأعلنت للمدعي عليها طلبت فيها بصفة مستعجلة وقف إجراءات تسجيل ونقل ملكية قطعة الأرض السكنية رقم …. بالمربع الكامل والوافي والبالغ مساحتها (…) إلى حين إعادة تقييم القطعة الداخلية فيها لمنح المدعية عن نفسها وبصفتها كافة حقوقها من حق الانتفاع بالمساحة المؤجرة ومساحتها (….) وندب خبير في الدعوى لتقييم حق الانتفاع بقطعة الأرض البالغ مساحتها (…) وتقدير قيمة النخيل والبئر المحفورة لحساب المدعية وأولادها فيها، وتقدير حق المدعية وأولادها الحصة خمسة أسداس من قيمة حق الانتفاع بالأرض المشار إليها بما في ذلك المغروسات والنخيل البالغ عددها (٣٠٠) نخلة والبئر المحفورة بها وإلزام المدعى عليها الأولى بأن تؤدي للمدعية عن نفسها وبصفتها القيمة التقديرية لهذه الحقوق نقدا مع إلزامها بالمصاريف وأتعاب المحاماة قدرها خمسمائة ريال عماني، وحيث إن الدعوى تدوولت أمام محكمة أول درجة فردت المدعى عليها حسب مذكرة وكيلها ختمها بطلب رفض وإعادة تثمين الأرض موضوع الدعوى والمطالبة بنقل الملكية باسم المدعى عليها الأولى على سند من أن التثمين السابق شمل جميع الأرض بلا استثناء وأن المدعية لم تثبت وجود حق انتفاع وإن وجد فلاحق لنقله الا بموافقة وزارة الإسكان وأن المساحة المزروعة واقعة في وسط الأرض وأن المثمن لم ينص على أن التثمين كان فقط للأرض المزروعة أو الأرض السكنية وأن الأرض المزروعة إذا كانت بالانتفاع فالمدعية تعترف بأنها ليست ملكا لمورثهم، وأنه مضى على التثمين أكثر من سنة ولم تطلب المدعية إعادة التقييم إلا بعد القسمة بالقرعة إلى آخر ما ورد بالصحيفة وبجلسة ١٨ / ٥ / ٢٠١٦م قضت المحكمة الابتدائية بإلزام المدعى عليها بأن تؤدي للمدعيين نصيبهم من فارق المبلغ في قيمة العقار موضوع الدعوى وذلك بأن تؤدي لأرملة المتوفي / ….. مبلغ (٢٣٣٧٥)ر.ع ثلاثة وعشرين ألف ريال عماني وثلاثمائة وخمسة وسبعين ريالا وأن تؤدى لكل واحد من…. و…. مبلغ (١٧٦٦,١١١١ر.ع) سبعة عشر ألف ريال وستمائة ريال وواحد وستين ريالا ومائة وإحدى عشرة بيسة وبإلزام المدعى عليها بمصاريف الدعوى ومبلغ مائة ريال عماني عن أتعاب المحاماة، وأسست قضاء على أنه ثبت للمحكمة أن القسمة تمت بين الورثة بالقرعة تنفيذ ا للقرار القضائي (٨٠ / ٢٠١٣م) والذي ثمن العقار محل التداعي بأربعة وستين ألف ريال عن طريق تقرير الخبرة القضائية على اعتبار أن العقار سكني وكان الثابت من رد وزارة الإسكان أن الشريط الأمامي من الأرض بعمق ثلاثين مترا تم تغييره إلى سكني تجاري عام ٢٠٠٢م أي قبل وفاة مورث الطرفين في ١٩ / ١١ / ٢٠١٠م وقبل اعتماد القسمة في ٢٠٠٣م مما يكون معه تقرير الخبرة قد صدر خلاف الحقيقة والواقع.
وحيث إن المحكمة ندبت خبيرا لتثمين الجزء السكني التجاري والذي قدر ثمنه بـ ٢٢٥ ألف ريال عماني وأن قيمة الإشغالات على الأرض بـ ١٥ خمسة عشر ألف ريال عماني وقيمة النخيل والبئر ١١ ألف ريال عماني مما يكون معه الفارق بين القيمتين ١٨٧ ألف ريال عماني واحتساب المحكمة لنصيب المدعية وابنها وفقا للإعلام الشرعي (٢٨٠ / ٢٠١١م مسقط).
وحيث إن هذا القضاء لم يصادف قبولا لدى المستأنفة فطعنت عليه بالاستئناف بموجب صحيفة أودعت أمانة سر المحكمة بتأريخ ١ / ٦ / ٢٠١٦م: طلبت فيها قبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع الغاء حكم محكمة أول درجة والقضاء مجددا بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بالقرار القضائي (٨٠ / ٢٠١٣م مسقط) وعدم جواز سماع الدعوى لسقوط حق المستأنف ضدها في رفع دعواها لمرور أكثر من سنة على تاريخ تثمين الأرض وقيمتها واحتياطيا: رفض الدعوى لعدم تحقق الغبن بحق المستأنف ضدها الأولى لسداد المستأنفة مبلغ مليون ريال عماني وأربعمائة وسبعة وأربعين ألف ريال وثمانمائة وستة عشر ريالا وستمائة وسبع وسبعين بيسة للمستأنف ضدها وباقي الورثة كفارق سعر عما اختصت به من أعيان التركة إلزامها بالمصاريف والأتعاب عن درجتي التقاضي وقبل الفصل في الموضوع بندب خبير آخر لمباشرة المأمورية إلى آخر ما ورد من أسباب وبجلسة ٦ / ٣ / ١٤٣٨هـ الموافق ٦ / ١٢ / ٢٠١٦م قضت محكمة الاستئناف بقبول للاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وقد تأسس الحكم على أن المدعية لم تطلب ابطال القسمة أو فسخها أو إعادة التقسيم وإنما كان طلبها النظر فيما ظهر بأن الأرض التي قسمت كانت قد قومت على أنها أرض سكنية لكن تبين أن جزءا منها كان: الاستعمال السكني التجاري، ولذا لزم بأن يعاد التقويم وأن هذا ليس داخلا في مخالفة النص القانوني بعدم جواز فسخ وإعادة القسمة بعد مضي سنة من تاريخ القسمة وعليه يجوز نظر الدعوى من جديد، وحيث إن هذا الحكم لم يلق قبولا لدى الطاعنة المدعى عليها فتقدمت بالطعن عليه أمام هذه المحكمة بموجب صحيفة وقعها المحامي……. من مكتب….. للمحاماة والاستشارات القانونية بصفته وكيلا عن الطاعنة وقدم نسخة من سند الوكالة وما يفيد استيفاءه لكافة متطلبات قبول الطعن وتم إيداع الصحيفة خلال القيد الزمني المقرر لذلك وأعلنت للمطعون ضدها فردت عليها بصحيفة عقبت الطاعنة وبذلك يكون الطعن مقبولا شكلا.
أسباب الطعن والرد عليها
أقيم الطعن على أسباب حاصلها الخطأ في تطبيق القانون من وجوه الوجه الأول أن الحكم المطعون فيه ومن قبله حكم محكمة أول درجة قد أخطأتا في تطبيق نص المادة (٥٥) من قانون الإثبات حينما رفضتا الدفع الذي أبدته الطاعنة بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بالقرار القضائي رقم (٨٠ / ٢٠١٣م) تركات مسقط وصيرورته نهائيا وحجيته للأمر المقضي والذي يمتنع على القضاء نظر الدعوى من جديد.
ولما كان الطرفان قد أنهيا النزاع بموجب القرار المذكور ولم يطعن عليه أي منهما فإنه يعد حجة قاطعة فلا يجوز طرح النزاع مرة أخرى أمام المحكمة لأن تلك القسمة قد تمت بموجب قرعة أقر بها الطرفان ورضيا بها وقد جاءت بعد تقرير الخبير واعتماد من المحكمة.
الوجه الثاني: خالف الحكم المطعون فيه نصوص المادة (٨٣٠,٨٢٩,٨١٧) من قانون المعاملات المدنية شاب الحكم المطعون فيه عيب مخالفة القانون حينما سطر بحيثياته بالصفحة رقم (٥) حول الدفاع بعدم جواز سماع الدعوى لسقوط حق المستأنف ضدها في رفع الدعوى لمرور أكثر من سنة على تثمين الأرض وقسمتها وفقا للمادة (٨٣) من قانون المعاملات المدنية، فإن هذه المحكمة ترى أنه دفع في غير محله إذ إن المستأنف ضدها لم تطلب فسخ القسمة او إعادة القسمة بل طلبت إعادة تقويم سعر الأرض محل التداعي كون تثمينها جاء مخالفا للواقع، وحيث إن ما ذهبت إليه المحكمة من تفسير لنص المادة (٨٣٠) يصطدم بصحيح القانون فقد نصت المادة (٨١٧) من ذات القانون أن القسمة إقرار ويتعين الحصة الشائعة وقد تتم بالتراضي أو بحكم المحكمة، ونؤكد للمحكمة أن القسمة تمت رضائية وقضائية، ولا وجود للعبث فيها إذ لا وجود لغبن فاحش فيها.
السبب الثاني: الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وبيانا لذلك: إن الحكم قد تجاهل ما أثارته الطاعن من دفاع بأن مساحة الأرض جميعها مشغولة بالزراعة ولا صحة لما ورد برد وزارة الإسكان أنه تم تغيير استعمال جزء من الأرض من واجهتها بعمق (٣٠ متر) سكني تجاري وإغفال المحكمة عن الرد على هذا الجانب إخلال بحق الدفاع ومخالفة للقرار الوزاري رقم (٤١ / ٢٠١٠م) بإصدار اللائحة التنفيذية لنظام الزراعة إذ يمتنع تغيير الاستعمال من زراعي إلى تجاري ولا وجود لسند ملكية أو كروكي يثبت بأنها سكني تجاري، وكذلك الحال بالنسبة لتقرير الخبير إذ تعترض الطاعنة على التقرير لوجود التناقض فيه بشأن نوع الاستعمال والمساحة والسعر الذي قدره للأرض على أي أساس اعتمد وكذلك الإشغالات وأشجار النخيل والبئر هل هي الموجودة بأرض الملك أم بالأرض المستثمرة بالإيجار إلى آخر ما ورد بالصحيفة والرد على ذلك أن النعي على الحكم المطعون فيه بالوجهين الأولين غير سديد ولا يلقى قبولا من قبل هذه المحكمة؛ ذلك أنه وبالنظر للنزاع الماثل يختلف تماما عن النزاع الذي سبقه فالدعوى الماثلة موضوعها المطالبة بإعادة تقويم الأرض محل النزاع لما ظهر وتأكد أن جزءا منها بالاستعمال السكني التجاري ولا شك أن قيمته أعلى بكثير عن الاستعمال السكني فقط وإذ إن المحكمة في قضائها السابق لم تقوم الأرض على أن جزءا منها سكني تجاري ولما ظهر لدى المدعية بأن الواقع والمسجل لدى وزارة الإسكان خلاف ذلك فلا شك أنها اضطرت لرفع الدعوى الماثلة بالأصالة عن نفسها وأولادها وعليه فلا يوجد اتحاد بين الدعويين في الموضوع، ويجوز في هذه الحالة للمحكمة قبول الدعوى والحكم في موضوعها وقد سبق لهذه المحكمة أن قضت بإعادة الدعوى لمحكمة أول درجة للبحث والتقصي عن ذلك وقد امتثلت المحكمة لذلك متقيدة بما يفرضه القانون عليها وخاطبت وزارة الإسكان فكان ردها واضحا وجود شريط أمامي من الأرض بعمق ثلاثين مترا ثم تغييره إلى سكن تجاري منذ عام ٢٠٠٢م أي قبل وفاة الهالك مورث الطرفين وقبل إجراء القسمة مما يكون معه أن تقرير الخبرة القضائية الذي ثمن العقار موضوع الدعوى بمبلغ (٦٤٠٠٠ر.ع) أربعة وستين ألف ريال عماني على اعتبار أن العقار موضوع الدعوى سكني فقط صدر على خلاف الحقيقة الواقع، وهذا لا شك فيه ضرر كبير على الطاعنة وأولادها وغرر فاحش يترتب معه النظر في الأمر وإظهار الحقيقة وإعطاء كل ذي حق حقه وفق الثابت بسجلات وزارة الإسكان وبالتالي لا تعتبر الدعوى لا يجوز سماعها لسبق الفصل فيها لما بينا ولا يتعارض مع نص المادة (٨٣٠) من قانون المعاملات المدنية ذلك أن نص المادة المذكورة فقط حددت حالات لا يجوز معها إعادة نظر النزاع بشأن قسمة المواريث إذا لم ترفع خلال سنة من تاريخ القسمة وهي دعوى الفسخ وإعادة القسمة فقط أما دعوى الحال فلم تتضمن حالة من الحالتين المذكورتين وإنما فقط طلبت المدعية إعادة تقويم سعر الأرض محل التداعي كون ثمنها جاء على خلاف الواقع وقد ظهر الآن صحة الدعوى فقامت المحكمة وعينت الخبير لتحديد سعر الأرض وقضت به لاطمئنانها بصحة التقرير وما ورد به من تقويم للمزروعات والبئر التي لم ترد بالتقويم السابق، وأما كون الجزء التجاري السكني ليس فيه سند ملك رسمي يؤكد ذلك فهذا مردود عليه بالرسالة الرسمية الواردة من وزارة الإسكان ردا على خطاب فضيلة القاضي لتك الجهة والتي أكدت فيها موافقتها منذ عام (٢٠٠م) لتغيير الاستعمال إلى سكني تجاري والموافقات التي حصل عليها الهالك من الجهات المعنية لإقامة محطة نفط ولو أنها كانت باسم ولده … فلا يغير من صفتها أنها للهالك وهذا لا شك فيه أنه يعد ضمن ما خلفه الهالك والكل من الورثة له نصيب فيه ليس للمدعية وحدها فقيمة الأرض بما فيها الجزء التجاري السكني والمزروعات والبئر الواقعة داخل حدود الأرض هي ميراث، ويجب تثمينها وفق الطبيعة من ثم يتم التقويم كل حسب نصيبه الشرعي، وهذا ما قضت به محكمة أول درجة هذا ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام حكمه على أدلة واضحة وبيانات عادلة فإن الحكم يكون قد أصاب الحق والعدل وعليه لما كان الحكم المطعون فيه قد اعتمده فإن الطعن عليه يكون غير سديد وجديرا بالرفض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه ومصادرة ربع الكفالة.