جلسة يوم الأحد الموافق ٨ / إبريل / ٢٠١٨م
المشكلة برئاسة فضيلة القاضي / د. صالح بن حمد بن سالم الراشدي / نائب رئيس المحكمة العليا وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: سالم بن محمد البراشدي، مسعود بن محمد الراشدي، حمود بن حمد المسكري، عامر بن سليمان المحرزي
(٢٤)
الطعن رقم ٢١٧ / ٢٠١٧م
أحوال شخصية (زواج – إذن – ولي – بطلان)
– زواج المرأة بغير إذن وليها أثره بطلان عقد الزواج.
الوقائع
تتحصل وقائع الدعوى في أن الطاعنة أقامت الدعوى الشرعية رقم (٢١٨ / ٢٠١٦م) لدى المحكمة الابتدائية بالبريمي ضد المدعى عليه……. «سعودي الجنسية» طلبت فيها الحكم بإثبات زواجها بالمدعي عليه وإلزامه بالمصاريف ومبلغ (٥٠٠ر.ع) مقابل أتعاب المحاماة، على سند من القول: إن طرفي الدعوى كانا يدرسان بالولايات المتحدة الأمريكية فتعارفا واتفقا على الزواج أثناء دراستهما هناك، وبتأريخ ١ / ٦ / ٢٠١٦م تم عقد قرانهما بالمركز الإسلامي بمدينة جرس سيتي على يد أحد المختصين بعقد قران المسلمين المدعو / …… وقد دخل عليها المدعى عليه وعاشرها معاشرة الأزواج بعد العقد، وعند رجوعها للسلطنة أرادت توثيق العقد إلا أن المدعى عليه رفض ذلك وهي الآن حامل منه وموجودة عند أهله بالمملكة العربية السعودية، أجاب المدعى عليه عن طريق وكيله معترفا بهذا الزواج، فقدم والد الطاعنة عريضة تدخل هجومي في الدعوى طلب فيها القضاء ببطلان عقد زواج طرفي الدعوى وإلزام الطاعنة بطاعة أبيها وإلزامها بالمصاريف ومبلغ (١٢٠٠ر.ع) أتعاب المحاماة، فردت الطاعنة على عريضة التدخل: بأنها أعلمت أخوالها وأعمامها بموضوع الزواج وأخبرت أباها إلا أنه كان رافضا لهذا الزواج.
وبجلسة ١٨ / شعبان / ١٤٣٨هـ الموافق ١٥ / ٥ / ٢٠١٧م قضت محكمة أول درجة:
«أولا: برفض الدعوى وإلزام رافعتها المصاريف.
ثانيا بقبول التدخل الهجومي شكلا وفي موضوعه ببطلان عقد الزواج بين المدعية والمدعى عليه، وبإلزام المدعية بطاعة ولي أمرها الخصم المتدخل هجوميا، وبإلزامها والمدعى عليه بمصاريف التدخل الهجومي ومبلغ (١٠٠ر.ع) مقابل أتعاب المحاماة».
مؤسسة حكمها على أن زواج الطاعنة وقع بدون إذن الولي ورضاه وهو الخصم المتدخل هجوميا أبوها إذ هو حق من حقوقه فلا تلي المرأة نكاح نفسها وهذا ما ذهب إليه جمهور الأمة واعتمده قانون الأحوال الشخصية العماني في المادة (١٦) منه التي نصت على: «أركان عقد الزواج: أ الإيجاب والقبول، ب الولي، ج الصداق، د البينة».
لم يحز الحكم الابتدائي قبولا لدى الطاعنة فاستأنفته أمام محكمة الاستئناف الدائرة الشرعية بالبريمي كما استأنفه المدعى عليه كذلك أمامها فقضت فيهما بجلسة ٢٦ / ٩ / ١٤٣٨هـ الموافق ٢١ / ٦ / ٢٠١٧م «بقبول الاستئنافيين رقمي (٣٦،٣٧ / ش / ٢٠١٧م) شكلا وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف، وإلزام كل مستأنف بمصاريف استئنافه».
لم تقبل الطاعنة بهذا القضاء فطعنت فيه على سبيل النقض أمام المحكمة العليا بالطعن الماثل.
أقيم الطعن بالنقض على ثلاثة أسباب تنعى بها الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون وتأويله وتفسيره، والفساد في الاستدلال، والإخلال بحق الدفاع؛ على سند من القول بأن الحكم المطعون فيه استند إلى المذاهب الفقهية وليس إلى نصوص القانون إذ يتعارض مع المادة (١٠ / ب) من قانون الأحوال الشخصية التي نصت على: «يحدد القاضي مدة لحضور الولي يبين خلالها أقواله فإذ لم يحضر الأصل أو كان اعتراضه غير سائغ زوجها القاضي» وبتطبيق هذه المادة على الدعوى الماثلة نجد أن من قام بتزويج الطاعنة هو القاضي الشرعي بالولايات المتحدة الأمريكية بعدما قام بالاتصال مع والدها الذي امتنع بدون أسباب شرعية تعطيه الحق في الامتناع، وقانون الأحوال الشخصية جاء واضحا في صحة إبرام الزواج بدون ولي وحدد آلية في حالة عدم حضور الولي وهو: «القاضي ولي من لا ولي له» المادة (١٣) منه ولم يترك مسألة الولي بلا حدود أو قيود، وأيضا خالف الحكم المطعون فيه المادة (٦) من القانون المذكور التي تنص على «يوثق الزواج رسميا ويجوز اعتبارا لواقع معين، إثبات الزواج بالبينة أو بالتصادق» والثابت من محاضر الجلسات أن الطاعنة قدمت البينة وأقر المطعون ضده الأول بزواجه من الطاعنة إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذه الحقيقة وقضى برفض الدعوى، وكذلك فإن الحكم المطعون فيه استند في حكمه على أن الزواج تم بلا ولي رغم أن الولي أثناء العقد هو المدعو / ….بصفته المسؤول عن زواج المسلمين في ذلك المكان.
المحكمة
بعد الاطلاع على كافة الأوراق، وصحيفة الطعن، وسماع التقرير الذي أعده القاضي المقرر، وبعد المداولة.
وحيث إن التقرير بالطعن بالنقض قد تم بأمانة سر المحكمة العليا وخلال القيد الزمني الوارد في المادة (٢٤٢) مقروءة مع المادة (٢٠٤) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية واستوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية المقررة قانونا فالطعن مقبول شكلا.
ومن حيث الموضوع فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالأسباب الثلاثة المتمثلة في الخطأ في تطبيق القانون تأويلا وتفسيرا، والفساد في الاستدلال، والإخلال بحق الدفاع بالصورة التي ورد تفصيلها في صدر هذا الحكم نعي لا يصادف محلا من الحكم المطعون فيه ومردود عليه بأن الثابت من أوراق الدعوى أن الطاعنة تزوجت من المطعون ضده الأول……بالولايات المتحدة الأمريكية دون إذن وليها المطعون ضده الثاني أبيها، والولي أحد أركان عقد الزواج بموجب المادة (١٦) من قانون الأحوال الشخصية وهذا الرأي اعتمده الجمهور من الأمة، وجرى عليه قانون الأحوال الشخصية العماني، على أن الطاعنة تقدمت إلى المحكمة العليا بتأريخ ٢١ / ١ / ٢٠١٦م بدعوى عضل ضد أبيها المطعون ضده فلم تستمر فيها وكان الأولى بها أن تستمر في السير في الدعوى لتصل إلى حقها في التزويج بمن ترضاه على أسس شرعية سليمة لكنها تركت ذلك وغادرت السلطنة لتزج بنفسها في زواج فقد أحد أركانه وهو الولي فوقعت في مخالفات شرعية كان بإمكانها أن تتفادى ذلك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل « ومن المبادئ العامة: «من فر من الحق رد إليه» وهذه الممارسات التي قامت بها الطاعنة في الدعوى الماثلة لا تؤدي إلى صحة النكاح بل الحكم ببطلانه هو الأولى سدا لباب الفتنة ودرءا للمفسدة التي تأتي من وراء هذا التصرف وهو ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه فكان يتفق مع الشرع والقانون مما يتعين معه على هذه المحكمة القضاء بتأييده.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه ومصادرة ربع الكفالة.