جلسة يوم الثلاثاء الموافق٢٠ / ٢ / ٢٠١٨م
برئاسة فضيلة القاضي / د. خليفة بن محمد الحضرمي / نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: د.عبدالإله البرجاني، وأشرف أحمد كمال الكشكي، ومحمود بن خليفة طاهر، و توفيق بن محمد الضاوي.
(٢٣٣)
الطعن رقم ٥٦٩ / ٢٠١٧م
وثيقة تأمين (ميعاد – تنظيم)
– الميعاد المنصوص عليه بوثيقة التأمين لأجل المطالبة بالتعويض هو ميعاد تنظيمي وليس وجوبيًّا، ولا يترتب على مخالفته البطلان ويكون النعي على غير أساس بما يتعين عدم قبوله.
الوقائع
تتحصل الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق في أن البنك المطعون ضده الأول (بنك……) أقام على الطاعنة والمطعون ضدهم الثاني الدعوى رقم(١١٧٣ / ٢٠١٦م) تجاري مسقط الابتدائية بطلب الحكم وفقًا لطلباته الختامية بإلزام المدعى عليهم أولاً: الورثة أن يؤدوا له مبلغًا قدره(٧٠٠. ٧٨٦٩ ر.ع) سبعة آلاف وثمانمائة وتسعة وستون ريالاً عمانيًّا وسبعمائة بيسة، مع العائد السنوي بواقع (٧٪) من تاريخ رفع الدعوى وحتى تمام السداد، وعلى أن تحل محلهم في الأداء الشركة العمانية المتحدة للتأمين، وإلزامهم بالمصاريف وأتعاب المحاماة.
وقال بيانًا لها إن مورثة المطعون ضدهم ثانيًا حصلت على قرض شخصي بمبلغ (٣١٦.٧٣٠٢ ر.ع) سبعة آلاف وثلاثمائة وريالين عمانيين وثلاثمائة وستة عشر بيسة بفائدة قدرها(٧٪) يسدد على أقساط شهرية، وفي حالة عدم السداد يحق للطاعن المطالبة بكامل المستحقات مضافًا إليه المتبقي من أقساط القرض مع استحقاق الفائدة حتى تمام السداد. إلا أنه ولوفاة مورثة المطعون ضدهم ثانيًا ترصد المبلغ المطالب به وكان القرض مؤمنًا عليه لدى الطاعنة فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان.
حكمت المحكمة في ٢٧ / ٢ / ٢٠١٧م بإلزام المدعى عليهم أولاً بأن يؤدوا إلى المطعون ضده الأول مبلغًا وقدره (٧٠٠.٧٨٦٩ ر. ع) سبعة آلاف وثمانمائة وتسعة وستون ريال عماني وسبعمائة بيسة والفائدة بواقع (٦٠٥٪) سنويًا من تاريخ إقامة الدعوى وحتى تمام السداد وألزمتهم بالمصاريف، و(٢٠٠ ر.ع) مقابل أتعاب المحاماة. على أن تحل محلهم الشركة العمانية المتحدة للتأمين في السداد.
استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف مسقط برقم(٢٧٧ / ٢٠١٧م) وبتاريخ ٣٠ / ٤ / ٢٠١٧م قضت بالتأييد، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بموجب صحيفة أودعت أمانة سر المحكمة العليا موقعة من محام مقبول أمامها مصحوبة بسند الوكالة وما يفيد سداد الكفالة والرسم المقررين قانونًا.
أعلن المطعون ضدهما بصحيفة الطعن فاستعمل المطعون ضده الأول حقه في الرد بمذكرة طلب في ختامها رفض الطعن، كما قدمت الطاعنة مذكرة بالتعقيب على الرد اختتمتها بطلب نقض الحكم.
المحكمة
حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية:
أقيم الطعن على خمسة أسباب تنعى بالسبب الأول منها بطلان الحكم إذ جاء الحكم مجهلاً بأسماء الورثة وصفاتهم بما يتعين معه بطلانه ويوجب نقضه. النعي بالسبب الأول غير صحيح إذ تم تصحيح الخطأ المادي بديباجة الحكم ويكون النعي غير مقبول بهذا السبب.
وينعى بالسبب الثاني الإخلال بحق الدفاع إلا أن الحكم أغفل ذكر تقديم مذكرة الطاعنة بالتعقيب. النعي غير صحيح؛ إذ واجه الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه دفاع الطاعنة المبدئ فيها أمام المحكمة ويكون النعي غير مقبول بهذا السبب.
وتنعى الطاعنة بالسبب الثالث الفساد في الاستدلال ذلك أن المطالبة بعد عامين بالمخالفة للمادة(١٤) من وثيقة التأمين ويجب أن تكون المطالبة بالتغطية خلال (٩٠) يومًا ورغم ذلك قضى الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعنة بأداء المبلغ المقضي به وهو ما يعيب الحكم ويوجب نقضه. النعي مردود إذ أن الميعاد المنصوص عليه بوثيقة التأمين هو ميعاد تنظيمي وليس وجوبي ولا يترتب على مخالفته البطلان ويكون النعي على غير أساس بما يتعين عدم قبوله. وتنعى بالسبب الرابع بمخالفة الثابت بالأوراق من وجهين إذ قضى الحكم بإلزامها بالمبلغ المقضي به ملتفاتً عما تمسكت به الطاعنة من إلزام البنك بتقديم شهادة تفيد بيان سبب الوفاة للوقوف على ما إذا كانت سبب الوفاة تستحق التغطية التأمينية من عدمه إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفاع رغم جوهريته وقضى بالفوائد رغم أن أصل الدّين هو المشمول بالتغطية التأمينية دون الفوائد عليه.
النعي بالوجه الأول سديد؛ ذلك أن المادة(١٤) من وثيقة التأمين الجماعي على الحياة للقروض الشخصية لمقترض بنك……. تضمنت بالمادة الرابعة عشر بند(٤) في حالة حدوث واقعة تؤدي إلى نشؤ مطالبة محتملة تقديم شهادة طبية تشير إلى سبب الوفاة في حالة المطالبة بسبب الإعاقة صادرة عن الجهة المختصة. وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه رفض الدفع المبدئي من الطاعنة بعدم التزامها بالتغطية التأمينية لعدم تقديم المطعون ضده الأول إفادة عن سبب الوفاة على ما أورده بمدوناته أن الطاعنة عند استلامها للاستبيان الحالة الخاصة بالحالة الصحية للمقترض لم تعترض على البيانات الواردة به وقامت بالموافقة على تلك البيانات فتصبح مسؤولة عن تغطية القرض في حالة الوفاة وكان الرد الذي أورده الحكم لا يواجه دفاع الطاعنة من وجوب تقديم شهادة تبين سبب الوفاة للوقوف على ما إذا كان سبب الوفاة تعتبر من الحالات المنصوص عيلها بالوثيقة والتي تخضع للتغطية التأمينية فيكون الحكم قد جاء قاصر البيان ومخالفًا الثابت بالأوراق في هذا الوجه بما يعيبه ويوجب نقضه.
والنعي بوجهه الثاني من سبب الطعن سديد؛ لما كان من المقرر أن العقد شريعة المتعاقدين فهو يلزم عاقديه بما يرد الاتفاق عليه متى وقع صحيحًا ولا يجوز لأحد طرفيه أن يستقل بنقضه أو تعديله ولا يجوز ذلك للقاضي الذي يقتصر عمله على تفسير مضمونه بالرجوع إلى نية المتعاقدين والخطأ في تطبيق القانون يخضع لرقابة المحكمة العليا وأن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذ انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة التي تثبت لديها أو استخلاص هذه الواقعة من مصدر لا وجود له أو موجودًا لكنه مناقضًا لما أثبته.
لما كان وكان الثابت من مطالعة وثيقة التأمين المبرمة بين البنك المطعون ضده الأول والطاعنة أن مسؤولية شركة التأمين وفقًا للبند (٣ / أ) من الوثيقة قاصرة على مبلغ التأمين وفقًا للبند(٥) من الوثيقة بأن حدد مسؤولية الشركة وفق الوثيقة لكل مؤمن على حياته بمبلغ القرض الأصلي الممنوح من قبل حامل الوثيقة الرئيسية للمؤمن على حياته، وبالتالي ووفقًا لوثيقة التأمين وهي العقد المنظم لحقوق والتزامات طرفيها فإن مسؤولية الطاعنة قاصرة على أصل القرض دون فوائده إعمالاً لأحكام وثيقة التأمين بالبنود(٣ / أ، ٥، ١١ / أ) وإذ خالف الحكم المطعون فيه والمؤيد لأول درجة الثابت بالأوراق وشابه الفساد في الاستدلال بما يعيبه ويوجب نقضه.
والسبب الخامس ينعى به على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع إذ طلبت الطاعنة ندب خبيرًا حسابيًا في الدعوى لبيان أصل القرض والمسدد منه وعدم الاكتفاء بالكشوف المقدمة من جانب المطعون ضده الأول كونه خصم له مصلحة.
إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن إجابتها لطبلها رغم أنها وسيلتها الوحيدة إثبات المديونية المستحقة عليها بما يعيب حكمها ويوجب نقضه، النعي سديد؛ بما هو مقرر إنه إذا كان طلب التحقيق بوساطة أهل الخبرة جائزًا قانونًا وكان هذا التحقيق هو الوسيلة الوحيدة للخصم في إثبات مدعاه فلا يجوز للمحكمة رفضه بلا سبب مقبول بإعتبار أن إعراض المحكمة عن تحقيق دفاع الخصم بندب خبير دون سبب مقبول وهو مصادرة لحقه في وسيلته الوحيدة في الإثبات وهو دفاع جوهري يتغير به أن صح وجه الرأي في الدعوى، لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد لجأت في إثبات المتبقي من أصل القرض إلى طلب ندب خبير حسابي لبيان أصل القرض والمسدد منه إلا أن المحكمة التفتت عن هذا الطلب بسبب غير مقبول إلا وأنها سلكت بصحة مطالبة المطعون ضده الأول في حين أن تسليمها بصحة مطالبة المطعون ضده الأول لا تعني التسليم بصحة المطالبة قبلها سيما وأن إلتزامها تحكمه وثيقة التأمين مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة للمحكمة التي أصدرته لتحكم فيها من جديد بدائرة أخرى مغايرة.
وحيث أنه عن المصاريف فالمحكمة تلزم بها البنك المطعون ضده الأول مع رد الكفالة للطاعنة.
فلهذه الأسباب
وإحالة « حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه الدعوى إلى محكمة استئناف مسقط لتحكم فيها من جديد بدائرة أخرى مغايرة، وألزمت المطعون ضده الأول المصاريف مع رد الكفالة للطاعنة «.