جلسة يوم الثلاثاء الموافق٢٠ / ٢ / ٢٠١٨م
برئاسة فضيلة القاضي / د. خليفة بن محمد الحضرمي / نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: د.عبدالإله البرجاني، وأشرف أحمد كمال الكشكي، ومحمود بن خليفة طاهر، و توفيق بن محمد الضاوي.
(٢٣٥)
الطعن رقم ١٥٩ / ٢٠١٧م
ضرر (أساب- تحديد- احتجاج) – مسؤولية (ناقل- شروط)
– طالما أن التلف لم يحصل أثناء عملية نقل الأدوية جوًا من تاريخ استلامها من الشركات البائعة إلى مطار مسقط فلا مجال لتطبيق اتفاقية (مونتريال) لسنة ١٩٩٩م.
– مسؤولية الناقل الدولي أو الأثار المترتبة عن ذلك كالتعويضات وإنما يتعين الالتجاء إلى قانون التجارة العماني.
– لتكون الطاعنة المسؤولة عن ذلك التلف خاصة أنها لم تقدم ما يفيد انتفاءها بإثبات القوة القاهرة أو العيب الذاتي في الشيء أو خطأ المرسل أو خطأ المرسل إليه حسبما تقتضيه المادة(١٧٥) من قانون التجارة.
– أن عدم توجيه الاحتجاج في الميعاد المحدد سواءً بعد تسلم البضاعة أو التأخير في الاستلام لا يسقط دعوى مسؤولية الناقل وإنما يؤدي إلى عدم قبولها إلا إذا أثبت المرسل إليه وقوع تدليس من جانب الناقل أو تابعيه لتفويت هذه المواعيد أو لإخفاء حقيقة الضرر الذي أصاب البضاعة.
الوقائع
تتحصل الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق التي بني عليها في أن المطعون ضدها(محلات وصيدلية……. ش.م.م) أقامت الدعوى التجارية رقم(٢٧١ / ٢٠١٣م) في ٢٢ / ٥ / ٢٠١٣م أمام المحكمة الابتدائية بالسيب ضد الطاعنة شركة الطيران………) في طلب الحكم بإلزام هذه الأخيرة بأن تؤدي للمدعية مبلغ(١٧٦ .٥٧٥٦٧٧ ر.ع) خمسمائة وخمسة وسبعين ألف وستمائة وسبعة وسبعين ريال عماني ومائة وستة وسبعين بيسة قيمة شحنات الأدوية التي فسدت نتيجة لخطئها وتعويضها بمبلغ(١٠٠٠٠٠ ر.ع) مائة ألف ريال عماني عن الأضرار المادية والمعنوية عارضة ضمنها أنه في نطاق نشاطها فقد درجت على استيراد أدوية ومنتجات طبية متنوعة من بعض الدول الأجنبية وهي منتجات حساسة تتعرض بسهولة للفساد وتصبح غير صالحة للاستعمال الآدمي إذا لم تتم مراعاة ضوابط وإجراءات معينة تتعلق بكيفية حفظها وتخزينها ونقلها. واشترت المدعية منتجات صيدلانية متنوعة من دول أجنبية وتعاقدت مع عدة شركات طيران لشحنها ونقلها على متن رحلات متعددة من الخارج إلى مطار مسقط وبوصولها إليه عهد بها حسب القواعد المعمول بها إلى شركة الطيران………. لحفظها وتخزينها لحين تسليمها للمدعية. غير أن المدعى عليها احتجزت تلك المنتجات الصيدلانية لديها لمدة ثلاثة أسابيع بمخازن غير صالحة للحفظ ومخالفة الضوابط الواجب اتباعها وتركت مهملة تحت درجة حرارة عالية من (٣٥) إلى (٧٢) درجة مئوية وفق التقارير الفنية مما أدى إلى فساد جميع الأدوية مكبدة المدعية خسائر مالية قدرها (١٨٦.٥٧٥٧٦٧٧ ر. ع). وطبقًا للمادة(٢١٣) من قانون التجارة وجهت المدعية احتجاجًا للمدعى عليها بتاريخ ٩ / ٨ / ٢٠١٢م استلمته هذه الأخيرة في ٢٥ / ٨ / ٢٠١٢م. وبتاريخ ١ / ٩ / ٢٠١٢م أرسلت لها أيضًا إشعارًا قانونيًا لمطالبتها بتعويضها عن تلك الخسائر الناتجة عن خطئها في التخزين غير السليم والتأخر في تخليص الشحنات واستلمته المدعى عليها في ٢ / ٩ / ٢٠١٢م، فردت عليها بتاريخ ١٠ / ٩ / ٢٠١٢م برسالة ترغب فيها معرفة تفاصيل الخسائر وأدلتها على أساس أن يتم حل المسألة وديًا وهو ما تم الاستجابة إليه في ٢٦ / ٩ / ٢٠١٢م ثم تبادلتا العديد من الرسائل للغرض نفسه إلى حدود ١١ / ٢ / ٢٠١٣م حيث أعلمتها المدعية بأن ما تم إرساله لها من مستندات وبيانات تعد كافية وبالتالي فإنه رغم محاولة فض النزاع وديًا وعدم إنكار المدعى عليها مسؤوليتها عن الخطأ الذي ارتكبته فبدون جدوى.
وحيث وردًا على الدعوى لاحظ وكيل المدعى عليها بمذكرته بأن هذه الأخيرة تدير مخزن البضائع بمطار مسقط الدولي لكن تحت إشراف شرطة عمان السلطانية والمديرية العامة للجمارك وتقوم بتشغيل خدمات المناولة الأرضية لشركات الطيران التي تعمل من خلال المطار. وأن المدعية تستورد أدوية ومنتجات صيدلية وطبية للسلطنة غير أنها ليست كلها حساسة ولا يتطلب تخزين كلها في درجة حرارة لا تزيد عن(٢٤) درجة مئوية أما بالنسبة لبقية المنتجات الحساسة فعلى المدعية أن تثبت قطعيًا شروط التخزين المحددة من قبل المصنع لكل منتج وإثر أي تغيير في درجة الحرارة عليه، ورغم أن الدعوى لم تذكر على وجه التحديد شحنات الأدوية الفاسدة إلا أن المدعى عليها تفهم أن الأمر يتعلق بأكثر من خمسين شحنة وصلت المطار خلال الفترة ما بين ١٤ / ٣ / ٢٠١٢م و١٨ / ٣ / ٢٠١٢م على متن عدة خطوط طيران دولية وفي حال قيام ناقل آخر غيرها بتشغيل الرحلات فإن المدعى عليها تعتبر وكيلاً لذلك الناقل في توفير خدمات المناولة مما يؤكد عدم وجود علاقة تعاقدية بين الطرفين فيما يتعلق بالشحنات التي لم يتم نقلها على متن الطيران…..لتكون الدعوى في هذا الشأن بلا أساس وإذا كانت الناقل فإن الشروط التعاقدية تتضمن حدودًا للمسؤولية بتسعة عشر وحدة حقوق سحب عن الكيلوجرام الواحد إضافة إلى الاعتماد على أحكام قواعد الهيئة الدولية للنقل الجوي عن الشحن والتعرفة بسلطنة عمان والتي تنص على أنه على الشاحن أن يقدم إخطارًا قبل أربعة وعشرين ساعة على الأقل بنيته على شحن شحنة حساسة للحرارة بمسقط ويجب إثبات تقديم ذلك الإخطار مع الإشارة أن السلطنة أودعت قرار انضمامها إلى إتفاقية توحيد قواعد النقل الجوي الدولي(مونتريال ١٩٩٩م) بتاريخ ٢٨ / ٥ / ٢٠٠٧م وبدأ العمل بها بالسلطنة اعتبارًا من تاريخ ٢٧ / ٧ / ٢٠٠٧م لتصبح لتلك الإتفاقية بموجب المادة(٢٠٠) من المرسوم السلطاني رقم(٥٥ / ١٩٩٠م) والمادة(٣) من المرسوم السلطاني رقم(٩٣ / ٢٠٠٤م) قوة القانون بالسلطنة.
وبناءً عليها وعلى المستندات المقدمة في الدعوى فإن المدعية عجزت عن إثبات الشحنات بالحالة التي تدعيها كما عجزت عن تقديم الإشعار للمدعى عليها بأن تلك الشحنات كان يجب تخزينها بصورة معينة أو أنها حساسة لدرجات الحرارة وعن إثبات أن طرود الشحنات تم نقلها دون تغليف كاف ومناسب لذا فإن المدعى عليها تطالب برفض الدعوى جملة وتفصيلاً وتحميل المدعية المصاريف والأتعاب.
وحيث وبموجب حكم تمهيدي مؤرخ في ١٢ / ١٢ / ٢٠١٣م أنهى الخبير من (المديرية العامة للصيدلة والرقابة الدوائية بوزارة الصحة) تقريره بتاريخ ٢٨ / ٥ / ٢٠١٤م خلص فيه إلى أنه لا وجود لمخزن مناسب لتخزين الأدوية لتكون الطريقة التي حفظت بها غير صحيحة مما عرض تلك الأدوية أما للتلف أو لإنقاص فعاليتها وكذلك عدم سلامتها وعدم صلاحيتها وكان بالإمكان تلافي الأضرار لو تم الإلتزام بالشروط والإجراءات اللازمة لحفظ الأدوية بعيدًا عن المؤثرات المناخية القاسية وفقًا للتعليمات الواردة بكل دواء.
وحيث وبناءً على اعتراضات المدعى عليها على ذلك التقرير أصدرت المحكمة تمهيديًا بتاريخ ٤ / ٧ / ٢٠١٤م بإعادة المأمورية لذات الخبير لبحثها فأنهى تقريره التكميلي بتاريخ ٧ / ١٢ / ٢٠١٤م جاء فيه أن المدعى عليها الجهة المسؤولة عن استلام وتخزين الأدوية المستوردة لحين تسليمها للجهة الموردة بعد إكمال الإجراءات المتبعة في هذا الخصوص مع الأخذ في الإعتبار أن الأدوية تحتاج لظروف تخزين ونقل ملائم حسب التعليمات المدونة على عبواتها غير أنها لم تلتزم بواجباتها حيال توفير وتهيئة المكان والظروف المناسبين لتخزين الأدوية الأمر الذي أدى إلى تلف كميات كبيرة منها. أما عن قيمة ما فسد من أدوية وما تم إعدامه وجد الخبير أسعارها مطابقة للأسعار المعتمدة لدى الوزارة وبالنسبة لقيمة التعويض فهي متروكة لتحديدها من المحكمة.
وحيث وتعليقًا على هذا التقرير التكميلي وافقت عليه المدعية في حين طالبت المدعى عليها استبعاده لبطلانه لمخالفته المادتين(٩٢ و٩٧) من قانون الإثبات وندب خبير آخر متخصص في مجال نقل البضائع جوًا وبنوده وشروطه وتطبيقات القانون الدولي خاصة إتفاقية (مونتريال) وفي جميع الأحوال رفض الدعوى وتحميل المدعية المصاريف وأتعاب المحاماة.
وحيث وبموجب حكم تمهيدي مؤرخ في ٢٣ / ٢ / ٢٠١٥م تم سماع الطرفين بجلسة ٤ / ٦ / ٢٠١٥م فأكدت المدعية أن شحنات الأدوية تم نقلها عن طريق العديد من الناقلين الجويين من بينهم المدعى عليها التي نقلت تسعة عشر شحنة في تواريخ مختلفة خلال شهري(٥و ٧ / ٢٠١٢م) إلا أن الأدوية فسدت أثناء التخزين وليس أثناء الشحن وهو ما لم تنكره المدعى عليها التي لم يكن لديها سابقًا مخازن خاصة لحفظ الأدوية في حين أكدت المدعى عليها أنه خلال تلك الفترة لم يكن المطار تابعًا لها وإنما للدولة غير انها المسؤولة عن إدارة الشحن وهي التي تستلم الأدوية التي يجلبها ناقلون آخرون وإن المدعية تعلم عدم وجود مخازن خاصة بالأدوية بالمطار وكان يجب عليها ألا تتأخر في استلامها.
وحيث وبموجب حكم تمهيدي مؤرخ في ٦ / ١ / ٢٠١٥م في ندب الخبير المتخصص في النقل الجوي للبضائع (…….. من الهيئة العامة للطيران المدني) الذي أدى اليمين القانونية أمام المحكمة بجلسة ٥ / ١٠ / ٢٠١٥م أنهى تقريره بتاريخ ١٠ / ١ / ٢٠١٦م جاء فيه أن الثمانية وخمسين شحنة أدوية وصلت من الخارج إلى مطار مسقط الدولي في حالة جيدة أي أن الضرر حصل من عملية نقلها من الطائرة إلى المخازن حتى التسليم ووفق الكشف فإن خمسة عشر شحنة تم نقلها من المدعى عليها وكانت في حالة جيدة عند وصولها وأضاف الخبير أن مقدمي الخدمات بمطار مسقط هما الشركة العمانية لإدارة المطارات (المشغل القانوني) والطيران العماني بإعتباره مقدم خدمات المناولة الأرضية ومن ضمنها خدمات الشحن الجوي والركاب والتمويل بالمواد الغذائية وصيانة الطائرات وذلك بناءً لإتفاقية القياسية للأياتا للمناولة الأرضية والإجراءات المبسطة لها وأن عملية نقل الأدوية إلى المخازن قبل وأثناء رفع الدعوى كانت بمخازن غير مكيفة وقد تشكت المدعية في عدة مراسلات وعلى ضوئها أنشئت مخازن جديدة مبردة من قبل الشركة العمانية لإدارة المطارات وهي مؤجرة للمدعى عليها بإعتبار أن بناءها بالمطار يدخل ضمن إختصاصات تلك الشركة والسلطة المشرفة على مرافق المطار. وبالتالي فإن السبب الرئيسي لتلف الأدوية يعود إلى عدم وجود مرافق للتخزين الملائم بدرجة حرارة من تسعة عشر إلى خمسة وعشرين درجة مئوية وذلك قبل رفع الدعوى وبعدها حتى نهاية ٢٠١٣م حسب إعتراضات ممثلي المدعى عليها ووزارة الصحة (دائرة الحجز الزراعي والبيطري) حيث كانت الأدوية تترك بمخازن قديمة غير مبردة لكنها مضللة مع بقية البضائع ومن المفترض أن تكون مبردة بمواصفات خاصة تتناسب مع طبيعة ونوع الأدوية، ولاحظ الخبير أن عملية نقل الأدوية تستغرق بين خمسة وأربعين وستين دقيقة حسب ممثلي المدعى عليها وذلك للمخازن مما يعرضها للحرارة وعن حجم الخسائر الناجمة عن تلف الأدوية فإن المدعية قدمت تفاصيل الأدوية التي تم إتلافها وقيمتها حسب الكشف تتطابق مع القيمة المطالب بها وبالنسبة لبقية المصاريف(مصاريف عمالة، رسوم لمقدمي الخدمات، فائدة على قرضي شراء الأدوية، أتعاب المحاماة) فهي متروكة لنظر المحكمة ويقترح الخبير احتياطيًا ندب خبير محاسبي لتحديد قيمة الخسائر.
وحيث وتعليقًا على هذا التقرير وافقت المدعية عليه مطالبة الحكم لها طبق طلباتها في حين طالبت المدعى عليها بمذكرة أصليًّا بعدم قبول الدعوى لسقوطها بالتقادم وفي الموضوع برفضها وتحميل رافعتها المصاريف واحتياطيًّا إعادة المأمورية لذات الخبير على ضوء إعترضاتها المضمنة بمذكرتها.
وحيث وبموجب الحكم التمهيدي المؤرخ في ١ / ٢ / ٢٠١٦م أعيدت المأمورية لذات الخبير لبحث إعتراضات المدعى عليها فأنهى تقريره التكميلي بتاريخ ٩ / ٥ / ٢٠١٦م خلص فيه إلى نفس نتيجة تقريره الأصلي.
وحيث وبجلسة ٦ / ٦ / ٢٠١٦م حكمت المحكمة الابتدائية بالسيب»… بإلزام المدعى عليها بأن تؤدي للمدعية مبلغ(١٨٦.٥٧٥٦٧٧ ر.ع) نظير قيمة الشحنات التالفة ومبلغ عشرة آلاف تعويضًا عن الأضرار وبإلزامها بالمصاريف ومبلغ خمسمائة ريال عماني أتعاب محاماة، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات» تأسيسًا على المادة الأولى من قانون الإثبات والمادة(٣) من قانون الطيران المدني بشأن القوانين التكميلية بإعتبار أحكام معاهدتي(شيكاغو) و(مونتريال١٩٩٩) والمعاهدات والإتفاقيات الدولية ذات الصلة جزءًا مكملاً للقانون وبناءً على أن تكييف الدعوى من إطلاقات المحكمة فإن منشأ الإلتزام علاقة تعاقدية بموجب عقد النقل الجوي للأشياء فالمادة(١٥٦) من قانون التجارة عرفته بما يفرض إلتزامات على الناقل من بينها تسليم البضاعة وتفريغها ونصت المادة(١٦٨) من ذات القانون على ضمان الناقل لسلامة البضاعة ليكون مسؤولاً عن هلاكها جزئيًا أو كليًا أو عن تلفها أو عن التأخير في تسليمها وبالتالي فهو إلتزام بتحقيق نتيجة ولا يستطيع دفع مسؤوليته إلا بإثبات القوة القاهرة أو العيب الذاتي في الشيء أو خطأ المرسل إليه حسب المادة(١٧٥) من نفس القانون مع توافر أركان المسؤولية العقدية من خطأ وضرر وعلاقة سببية وقد أثبت الخبير بتقريره الذي تطمئن إليه خطأ المدعى عليها والضرر الناتج عنه والرابطة السببية لتتوافر أركان المسؤولية الموجبة للتعويض كما أثبت قيمة الأدوية التالفة. وفي خصوص الإحتجاح حسب المادة(٣١ / ١) من إتفاقية (مونتريال) فلئن كان استلام المدعية دليلاً على تسلمها بحالة جيدة فهي قرينة بسيطة قابلة للإثبات العكسي وأن الخطأ الجسيم للناقل الذي يرتب تلف الشحنات يتساوى والغش مما يرتفع معه الجزاء المقرر بالمادة(٣٢ / ٢) من تلك الإتفاقية لعدم تقديم الإحتجاج في الآجال المحددة طبقًا للاستثناء الوارد بالفقرة الرابعة منها فالمرسل إليه أولى بالرعاية وإجراء عملية التفريغ الملائمة لحين تمام التسليم.
وحيث لم يلق هذا الحكم قبولاً لدى المدعى عليها (الطيران……..) فاستأنفته أمام محكمة الاستئناف بالسيب حيث قيد تحت رقم(١٨٣ / ٢٠١٦م) في طلب أصليًّا بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددًا بعدم قبول الدعوى لسقوط الحق بالتقادم وإلزام المستأنف ضدها بالمصاريف عن درجتي التقاضي وأتعاب المحاماة واحتياطيًّا جزئيًا بإلغائه والقضاء مجددًا برفض الدعوى واحتياطيًّا كليًا بندب خبير من الإتحاد الدولي للنقل الجوي استنادًا إلى سبب وحيد يتمثل في الخطأ في تطبيق القانون لعدة أوجه أولها عندما اعتبرت المحكمة أن على المستأنفة إلتزامًا قانونيًا بتحقيق نتيجة وهي توصيل الأدوية في حالة جيدة والثاني عندما إعتبرتها قد أخفقت في تخزين الأدوية بالمطار والحال أن مرافق الشحن بالمطار على ملك شركة إدارة المطارات العمانية والثالث عندما خالفت المحكمة قواعد الإتحاد الدولي للنقل الجوي التي تشترط أن تطلب المستأنف ضدها الموافقة المسبقة قبل شحن بضاعة حساسة ضد الحرارة لإعطاء المستأنفة الفرصة للتخطيط المناسب في كيفية التعامل مع مثل هذه الشحنات وهو إجراء لم تقم به المستأنف ضدها والرابع عندما رفضت المحكمة تعيين خبير من الإتحاد الدولي للنقل الجوي إذ أن البند(١ / ١ / ١٠) من بوليصة الشحن الجوية تقتضي تقديم شكوى في غضون أربعة عشر يومًا من تاريخ استلام كل شحنة وهو ما نصت عليه أيضًا المادة(٢ / ٣) من إتفاقية(مونتريال) وكان على المستأنفة ضدها تقديم ثمانية وخمسين شكوى منفصلة عن كل شحنة في ذلك الأجل وهو ما فشلت في إثباته طبقًا للمادة(٣٢ / ٢) من تلك الاتفاقية.
وحيث وردًا على صحيفة الاستئناف تقدمت المستأنف ضدها بمذكرة طالبت فيها رفض الاستئناف وتحميل رافعته المصاريف وأتعاب المحاماة.
وحيث وبجلسة ٢٧ / ١٢ / ٢٠١٦م حكمت محكمة الاستئناف بالسيب».. بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت رافعته بالمصاريف» تأسيسًا على المواد(١٩٩، ٢٠٠، ١٦٨، ١٨٠) من قانون التجارة وعلى أن ادعاء المستأنفة أن تلف الأدوية كان نتيجة امتناع المستأنف ضدها استلام الشحنات لا سند له إذ كان عليها أن تثبت بأنها أخطرتها بوصولها وأن الأدوية تلفت بعد ذلك الإخطار كما أنه لا يكون سببًا للإعفاء من تلك المسؤولية الادعاء بأن مستودع البضائع بالمطار مملوك للشركة العمانية لإدارة المطارات وقد ثبت من محضر الإجتماع أن المستأنفة هي من تقوم بعمليات شحن وتفريغ البضائع ونقلها إلى المخازن لتخزينها حتى تسلم للمرسل إليه مقابل أجر لتقع على عاتقها مسؤولية تجهيز مخازن أو إتخاذ أي تدابير لتسليم البضاعة مباشرة بعد وصولها ودون تخزينها حتى ولو كانت غير الناقل لتصبح تابعًا للناقل الجوي ولا يجوز لها التمسك بحدود المسؤولية بالمادة(٢٠٨) من قانون التجارة خاصة وأن الخبراء اثبتوا أن الأدوية تعرضت للتلف أثناء وجودها بالمطار بمكان عار أو مخازن غير مجهزة بالتبريد مما جعلها تتعرض لدرجة حرارة مرتفعة أمام حساسية الأدوية التي ظهرت على إرسالية الأدوية للتأكيد على سلامتها ولم يثبت خطأ المستأنف ضدها واستلامها لإشعار بوصول البضاعة وتقاعسها عن الاستلام أو رفضه وقد أثبتت تقارير الخبرة خطأ المستأنفة في تخزين الأدوية وتركها بالمطار في تلك الظروف لمدة ثلاثة أسابيع. أما عن ندب خبير جديد فإن ذلك خاضع لسلطة المحكمة وفي خصوص الدفع بسقوط المطالبة بالتقادم فإن المستأنفة لن تقصد التقادم على معنى المادة(٢١٤) من قانون التجارة وإنما قصدت الشرط المانع من قبول الدعوى الذي نصت عليه اتفاقية(مونتريال) والمادة(٢١٣) من قانون التجارة في خصوص الاحتجاج خلال مدة أربعة عشر يومًا من تاريخ تسلم البضاعة وقد أثبت الخبراء تأخر المستأنفة في تسليم البضاعة خلال شهري(٧و٨ / ٢٠١٢م) وهو ما أقرت به بمحضر الاجتماع كما أقرت بأنه ليس لديها مخازن، أما التأخير فقد نتج عن أسباب فنية مقترنة باستحداث نظام تخليص جديد والحال إن الطقس حار خلال الشهرين المذكورين وأن الشحنات موضوع عليها بيانات لدرجة الحرارة وقد بدأ الاستلام للشحنات في ٣٠ / ٧ / ٢٠١٢م وقد تم إخطارها في الميعاد القانوني بموجب الخطاب الموجه إلى غرفة تجارة وصناعة عمان بتاريخ ٤ / ٨ / ٢٠١٢م.
عليه وحيث لم يلق هذا الحكم قبولاً لدى المستأنفة(الطيران……) فطعنت بالنقض أمام المحكمة العليا بالطعن الماثل بصحيفة أودعت أمانة سر هذه المحكمة بتاريخ ٢ / ٢ / ٢٠١٧م موقعة من المحامي……. المقبول أمام هذه المحكمة بوصفه وكيلاً عن الطاعنة وقدم سند وكالة مع ما يفيد سداد الرسم والكفالة وتم إعلان المطعون ضدها بصحيفة الطعن فردت عليها بمذكرة طلبت فيها رفض الطعن فعقبت الطاعنة على هذا الرد بمذكرة صممت فيها على طلباتها بصحيفة الطعن فردت المطعون ضدها على هذا التعقيب بمذكرة تمسكت فيها بطلبها السابق.
وحيث وبتاريخ ٩ / ٥ / ٢٠١٧م قررت المحكمة وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتًا لحين الفصل في الطعن.
وحيث أقيم الطعن على سبب وحيد تمثل في مجانبة التوفيق والصواب لعدة أوجه:
الوجه الأول، عندما اعتبرت المحكمة أن المطعون ضدها غير ملزمة قانونًا بإستلام الشحنات عند وصولها المطار والحال أن قواعد الإتحاد الدولي للنقل الجوي تلزمها بذلك إلا أن المطعون ضدها لم تستلم الشحنات حسب تقارير الخبرة تاركة إياها لعدة أسابيع خاصة أن عملية الاستلام غير معقدة وأن عملية التخليص الجمركي هي إلتزام يقع على عاتق المطعون ضدها وحدها ولا علاقة للطاعنة بها إضافة إلى أن هذه الأخيرة غير ملزمة بإخطارها بوصول الشحنات للمطار لأن المطعون ضدها هي المسؤولية عن تتبع شحناتها سواءً عبر الإنترنت أو بالتحقق من صندوق البريد التابع لها بالمطار وبامتناعها عن تصريح الإفراج الجمركي واستلام شحناتها في الوقت المحدد هو السبب الحقيقي وراء تعرضها لأي خطر.
الوجه الثاني، عندما أخطأت المحكمة في تطبيق المواد(١٨٠، ١٩٩، ٢٠٣،٢٠٠) من قانون التجارة محملة الطاعنة المسؤولية، إذ تدعي المطعون ضدها أن الطاعنة امتنعت عن الوفاء بالتزاماتها بصفتها مديرة خدمة الشحن بالمطار وليس كشركة شحن جوي أو ناقل للشحنات فقد أثبت الخبير الثاني أن الطاعنة نقلت ستة عشر شحنة فقط من جملة الشحنات التي عددها ثمانية وخمسون شحنة التي تعرضت للتلف فلا يجوز مقاضاتها عن جملتها بسبب الامتناع عن أداء التزاماتها بصفتها ناقلاً لأنها لم تنقل أغلبها، كما أن جميع تلك المواد تتعلق بمسؤولية الشحنة ناقل عن التلف في البضائع إلا أنها لا تنطبق على القائم بمناولة البضائع.
الوجه الثالث، لا وجود لأي التزام قانوني على الطاعنة بتخزين المواد الصيدلانية لأية فترة زمنية إضافية حسب العقد، عندما اعتبرت المحكمة أن الطاعنة أخفقت في الوفاء بالتزامها بتخزينها الشحنات في حالة سليمة وأنها تتقاضى أجرًا مقابل ذلك وهو غير صحيح لأنها لا تتقاضى أجرًا مقابل التخزين لعدم عملها في مجال التخزين فهي مديرة خدمة شحن كما أنها لا تملك مرافق الشحن وبالتالي لا التزام عليها بالتخزين وما حدث أن المطعون ضدها امتنعت عن استلام شحناتها لعدة أسابيع في بعض الأحيان مما أجبر الطاعنة على تخزينها لأجل غير مسمى.
الوجه الرابع، عندما أغفلت المحكمة الدفع بأن مرافق الشحن بالمطار على ملك طرف آخر وهو الشركة العمانية لإدارة المطارات.
فبصفة الطاعنة مشغل خدمات مناولة البضائع بالمطار فهي تقوم بتنفيذها باستخدام الموارد التي أتيحت لها من قبل تلك الشركة التي لا يمكن للطاعنة مطالبتها بتحديث مرافق التخزين وبالتالي لا يمكن تحميل الطاعنة مسؤولية شيء ليست ملزمة به طبقًا للمادة(١٧٦) من قانون المعاملات المدنية لتكون الدعوى مرفوعة ضد الجهة الخطأ.
الوجه الخامس، عندما أغفلت المحكمة الدفع بأن المطعون ضدها لم تحصل على موافقة من الطاعنة قبل شحن بضاعة حساسة لدرجة الحرارة مخالفة قواعد الاتحاد الدولي للنقل الجوي فالمطعون ضدها لم تقدم أي دليل على طلبا أو حصولها على الموافقة وهو ما أدى إلى عدم تمكن الطاعنة من إعداد مرافق تخزين ملائمة للشحنات الحساسة مما أثر سلبًا عليها.
الوجه السادس، عندما رفضت المحكمة ندب خبير من الاتحاد الدولي للنقل الجوي لمراجعة النصوص الواردة بقواعده. وهي نصوص تقتضي إرسال البضاعة في حاويات باردة قابلة للتحكم في درجة حرارتها وحصول صاحبة البضاعة على موافقة قبل الشحن لتلك المواد الحساسة للاستعداد لاستقبالها مع وضع «علامة حساسية الوقت ودرجة الحرارة « على جميع الشحنات وقد فشلت المطعون ضدها في كل ذلك.
الوجه السابع، عندما أساءت المحكمة تفسير المواد المتعلقة بالتقادم، فحسب المادة(٢١٣) من قانون التجارة والبند(١ / ١ / ١٠) من بوليصة الشحن فإنه على المطعون ضدها أن ترفع شكوى بخصوص البضائع التالفة لدى الطاعنة في غضون أربعة عشر يومًا من تاريخ استلام كل شحنة وبالتالي يجب عليها تقديم ثمانية وخمسين شكوى تتعلق بعددها خلال ذلك الأجل من تاريخ استلام كل منها فجوهر المسألة ليس حدوث التأخير في الإفراج عن الشحنة من عدمه وإنما في مدى إحترام الأجل من تاريخ الاستلام في حين أن المطعون ضدها لم تقدم أي شكوى في ذلك الأجل وأن الدعوى الماثلة قدمت بعد ذلك الأجل. كما أن المادة (٣١ / ٢) من اتفاقية(مونتريال) تنص على أنه» يجب على أي مستلم شحنة رفع شكوى في غضون أربعة عشر يومًا من تاريخ الاستلام وهو ما لم يتوفر من قبل المطعون ضدها».
الوجه الثامن، عندما لم تقم المحكمة بندب خبير لتقدير خسائر المطعون ضدها، وهو ما ذكره الخبير من أنه بالنسبة لتقدير المبلغ الذي يجب على الشركة دفعه للمطعون ضدها فيترك أمره للمحكمة أي أنه لم يقدر قيمة المطالبة ولم تدل المطعون ضدها بما يثبت سدادها لقيمة الشحنات فربما استردتها عن طريق التأمين.
وعلى ضوء ذلك فإن الطاعنة تطالب بنقض الحكم المطعون فيه والتصدي بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددًا برفض الدعوى وإلزام المطعون ضدها بالمصاريف عن درجتي التقاضي ومبلغ خمسة آلاف ريال عماني أتعاب محاماة واحتياطيًّا إحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتحكم فيها بهيئة مغايرة.
وحيث وردًا على صحيفة الطعن لاحظ وكيل المطعون ضدها بمذكرته بأنه عن الوجه الأول فهو مجرد مجادلة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع ليكون حريًا بالرفض إضافة إلى عدم جواز هذا الوجه لكونه غير منتج وفاسد مضمونًا لفشل الطاعنة في تقديم أي مستند يثبت أن الموكلة رفضت استلام شحنات الأدوية عند وصولها المطار بل أنها أقرت عند الاجتماع بوزارة الصحة بتاريخ ١٤ / ١١ / ٢٠١٢م بأنها لا تمتلك مخازن مخصصة لحفظ الدواء وإنما هي التي تأخرت في تسليم الدواء في شهري(٧و٨ / ٢٠١٢م) لأسباب فنية تتعلق بنظام التخليص الجديد.
وعن الوجه الثاني فهو مجهل وغامض لأن الطاعنة لم تبين ما تنعاه على الحكم المطعون فيه من خطأ في تطبيق المواد التجارية فالحقيقة الثابتة هي وصول جميع الشحنات إلى السلطنة بحالة سليمة وأن المتسبب في فسادها وتلفها هي الطاعنة حسب التقارير الفنية.
وعن الوجه الثالث فهو لا يصلح أن يكون سببًا لعدم تحديد وجه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله إذ أن سبب فساد الأدوية وتلفها هو خطأ الطاعنة بإحتجازها الأدوية بمخازن لا تتناسب مع خصوصيتها وطبيعتها خاصة أنها غير مكيفة وتركت بمكان عار على أرض المطار وهو ما أثبته جميع الخبراء.
وعن الوجه الرابع فالطاعنة لا تنكر استئجارها لمرافق المطار ومن بينها المخازن وإنما المدير والمسؤول عن إدارتها حسبما أقرت به بمذكرتها المؤرخة في ٢٠ / ١١ / ٢٠١٣م أمام محكمة أول درجة لتكون مسؤوليتها حفظ وتخزين الدواء بمخازن ملائمة سواءً كانت مالكة لها أو مستأجرة.
وعن الوجه الخامس فهو يعد تناقصًا مع الأوجه الأخرى ويكشف أن الطاعنة هي المسؤولة عن استلام وتخزين البضائع بالمطار.
وعن الوجه السادس فهو في غير محله لأنه لا يجوز لمحكمة الموضوع أن تندب خبيرًا لبحث المسائل القانونية بإعتبارها من صميم عمل القضاء كما أن الأجهزة الحساسة المشار إليها في قواعد الأياتا كانت مرفقة لكل شحنة من شحنات الدواء التي فسدت وهي التي كشفت حقيقة تعرضها لدرجات حرارية عالية أثناء فترة احتجازها وتخزينها لدى الطاعنة. أما الزعم بمخالفة المادة (٢١٣) من قانون التجارة فإنه لا مجال لتطبيق أحكام النقل الجوي سواءً الواردة بهذا القانون أو بإتفاقية(مونتريال) لأننا بصدد دعوى منشؤها المسؤولية التقصيرية وهي مسؤولية الطاعنة عن استلام وتخزين البضائع أي مسؤولية الحارس وليس مسؤولية الناقل الجوي خاصة أن جميع شحنات الأدوية لم تتلف أثناء عمليات النقل من الدول المصنعة إلى مطار مسقط حسبما هو ثابت بالتقارير الفنية وإنما تلفت بمخازن الطاعنة.
وعن الوجه السابع وعلى سبيل الافتراض فإن صح ادعاء الطاعنة بأن أحكام إتفاقية(مونتريال) هي واجبة النفاذ على الدعوى الماثلة فإن الدفع بسقوط الدعوى لعدم تقديم الاحجتاج غير صحيح لأن المطعون ضدها وجهت احتجاجًا للطاعنة ولأن عدم تقديم الاحتجاج في الميعاد المحدد في المادة(٢١٣) هو قرينة بسيطة لمصلحة الناقل بأنه قام بتسليم البضاعة في حالة جيدة وقابلة لإثبات العكس من المرسل إليه الذي له أن يثبت العكس بكافة طرق الإثبات فدعوى مسؤولية الناقل الجوي لا تسقط بمجرد عدم توجيه الاحتجاج وإنما تسقط بمرور سنتين من يوم بلوغ الطائرة جهة الوصول أو من اليوم الذي كان يجب أن تصل فيه أو من يوم وقف النقل عملاً بالمادة(٢١٤) من قانون التجارة.
وبناءً على ذلك فإن المطعون ضدها تطلب رفض الطعن وتحميل رافعته المصاريف.
وحيث عقبت الطاعنة على هذا الرد بمذكرة صمم فيها وكيلها على ما ورد بصحيفة الطعن فردت المطعون ضدها على هذا التعقيب بمذكرة تمسكت فيها بطلبها السابق.
المحكمة
– من حيث الشكل:
حيث استوفى الطعن كافة أوضاعه القانونية فكان بذلك مقبولاً شكلا
– من حيث الموضوع:
حيث أن النعي على الحكم المطعون فيه بسبب الطعن الوحيد بأوجهه الثمانية سديد جزئيًا لما يلي:
فمن حيث القانون الواجب تطبيقه فقد ثبت من أوراق الدعوى أنه بموجب عقد نقل جوي اتفق الطرفان على أن يتم نقل خمسة عشر شحنة أدوية من الدول المصنعة إلى مطار مسقط على متن طائرات الطاعنة مع إتفاق المطعون ضدها مع العديد من خطوط الطيران الأخرى على ذات الخدمة وعددها ثلاثة وأربعون شحنة ليتم استلامها من الطاعنة بوصفها مشغل خدمات المناولة الأرضية لشركات الطيران ومن بين تلك الخدمات المتعلقة بالشحن الجوي وفي كلا الحالتين فهي ملزمة باستلام البضاعة من الطائرات ونقلها إلى مخازن وحفظها لحين تسليمها للمطعون ضدها وقد تبين من أوراق الملف وتقارير الخبرة أن جميع شحنات الأدوية وعددها ثمانية وخمسون وصلت سليمة إلى مطار مسقط وأن تلف تلك الأدوية حصل منذ استلام الشحنات من عمال الطائرات ونقلها إلى مخازن بالمطار تبين أنها غير مكيفة وغير ملائمة لمثل تلك البضاعة لحساسيتها واحتفظ بها بطريقة غير سليمة خاصة أن درجة الحرارة مرتفعة خلال شهري(٧ و٨ / ٢٠١٢م) وهي وقائع ثابتة غير متنازع في شأنها وبالتالي وطالما أن التلف لم يحصل أثناء عملية نقل الأدوية جوًا من تاريخ استلامها من الشركات البائعة إلى مطار مسقط فلا مجال لتطبيق إتفاقية (مونتريال) لسنة ١٩٩٩م سواءً من حيث الإشعار الكتابي المتوجب إرساله للناقل الجوي الدولي بالمادة(٣٢ / ٢) في ظرف أربعة وعشرين ساعة من تاريخ استلام الأدوية أو من حيث مسؤولية الناقل الدولي أو الأثار المترتبة عن ذلك كالتعويضات وإنما يتعين الالتجاء إلى قانون التجارة العماني.
وحيث أنه من المقرر قانونًا أن مسؤولية الناقل تنشأ في الأحوال التي يثبت فيها إخلال من جانبه بالتزاماته التي يرتبها عليه عقد النقل عندما تكون الطاعنة هي الناقل الجوي والمسؤولة عن الخدمات الأرضية وخاصة خدمة شحن البضائع بحكم ارتباطها مع المشغل القانوني(الشركة العمانية………..) أو عندما تكون بصفتها مقدم الخدمات الأرضية من خلال تعاملها مع شركات الطيران الأخرى ليكون هذا التعامل الأخير امتدادًا لعقد النقل الذي يربط تلك الشركات مع المطعون ضدها لإتمامه أرضًا في إطار تعاقد الطاعنة مع شركات الطيران الأخرى وهو ما يجعل الطاعنة ضامنة في كلا الحالتين لسلامة البضاعة محل النقل الجوي من تاريخ إنزالها من الطائرات إلى تاريخ تسليمها للمطعون ضدها حسبما تقتضيه المادة(١٦٨) من قانون التجارة خاصة ان المادة(٢٠٠) من ذات القانون تقتضي أن تسري على النقل الجوي أحكام الباب الثالث المتعلقة بعقد النقل لتكون البضاعة تحت رقابتها لحين تسليمها وقد نصت المادة(١٨٠) من ذلك القانون على أنه» إذا لم يكن التسليم واجبًا في محل المرسل إليه كان على الناقل أن يخطر بوصول الشيء وبالوقت الذي يستطيع فيه تسلمه وعلى المرسل إليه تسلم الشيء في الميعاد الذي حدده الناقل…» وإزاء ذلك فإن الناقل ملزم بإخطار المرسل إليه بوصول البضاعة إلى المطار وضرورة استلامها أمام عدم وجود أي إتفاق بين الطرفين على وجوب التسليم في محل المرسل إليه وهو ما يجعل الطاعنة مخلة بالتزاماتها بصفتها ناقلاً جويًا ومدير خدمات الشحن بالمطار ليكون الوجهان الأول والثاني في غير محلهما كما أنها ملزمة بتخزين البضاعة في مكان ملائم حسب طبيعة كل بضاعة حتى تاريخ التسليم ولحين تخليص جميع الإجراءات القانونية لدى وزارة الصحة وشرطة عمان السلطانية والجمارك وغيرها ليكون الوجه الثالث غير طريقه بغض النظر عما تدعيه الطاعنة بالوجه الرابع من أن مرافق الشحن بالمطار ليست على ملكها وإنما تابعة للشركة العمانية لإدارة المطارات إذ أن المطعون ضدها لا علاقة لها بالرابطة القانونية التي تجمع الطاعنة بالشركة المذكورة سواءً كانت مالكة أو مستأجرة للمخازن وأن ما يهمها استلام البضاعة بحالة سليمة وجيدة والدليل على إمكانية تأثير الطاعنة على الشركة العمانية لإدارة المطارات جعلها تجهز المطار بمخازن حديثة ومكيفة تفي بالتزامات التخزين في ظروف ملائمة بعد الواقعة.
وحيث وبناءً على ما تقدم فإن الطاعنة لم تقدم ما يفيد إخطار المطعون ضدها بوصول البضاعة للمطار حتى تتمكن من البدء في القيام بإجراءات التخليص الجمركي خاصة أن الأوراق المتعلقة بشحنات الأدوية وخاصة بوليصات الشحن تكون مرفقة لها وتستلمها من الطاعنة بصفتيها المذكورتين وهو ما يجعلها مسؤولة عما يلحق البضاعة من تلف أو هلاك حسبما تقتضيه المادة(١٦٨) من قانون التجارة وقد ثبت من تقارير الخبراء وخاصة الأخير منها المعد من الخبير……..
بتاريخ ٦ / ١ / ٢٠١٥م الواقع تأكيد نتيجته التقريرين التكميليين المؤرخين في ١ / ٢ / ٢٠١٦م و٩ / ٥ / ٢٠١٦م أن تلف الأدوية يعود إلى عدم وجود مرافق للتخزين الملائم حيث كانت توضع بمخازن قديمة وغير مبردة مع بقية البضائع طيلة ثلاثة أسابيع لتكون الطاعنة المسؤولة عن ذلك التلف خاصة أنها لم تقدم ما يفيد انتفاءها بإثبات القوة القاهرة أو العيب الذاتي في الشيء أو خطأ المرسل أو خطأ المرسل إليه حسبما تقتضيه المادة(١٧٥) من قانون التجارة.
وحيث وعن الوجه الخامس فإنه يتبين من تقارير الخبرة أن الأدوية جاءت معبأة بكرتونات تحمل ملصقات حول محتواها باعتبارها ذات حساسية إضافة إلى أن بوليصة الشحن والفواتير وغيرها تحمل ضرورة نوعية البضاعة ونوعيتها وطبيعتها مما لا يمكن معه للطاعنة الجهل بها خاصة أنها تستلمها مع البضاعة وبالتالي لا وجود لما يلزم المطعون ضدها الحصول على موافقة من الطاعنة قبل شحن البضاعة الحساسة حتى تستعد لذلك فمن المفروض حسبما يقتضيه عقد النقل أو بصفتها مشغل خدمات مناولة البضائع بالمطار التهيؤ لتخزين كل نوع من البضائع حسب طبيعته إلى حين تسليمها لأصاحبها باعتبارها ضامنة لسلامتها وهو ما لم توف به بحكم ثبوت تلف الأدوية التابعة للمطعون ضدها بسبب سوء تخزينها ليصبح هذا الوجه الخامس في غير محله.
وحيث وعن الوجه السادس فإنه لا تثريب على محكمة الموضوع أن هي لم توافق على تعيين خبير من الاتحاد الدولي للنقل الجوي لمراجعة النصوص الواردة في قواعده لأنه وحسب المادة(٨٢) من قانون الإثبات فإن استعانة المحكمة بأهل الخبرة يقتصر على تحقيق واقعة معينة وإبداء الرأي فيما يطرح فيها من مسائل فنية أو متخصصة دون المساس بالمسائل القانونية التي هي من صلاحية المحكمة ومنها مراجعة النصوص القانونية الواردة في قواعد النقل الجوي الدولي التي لا يجوز اسنادها إلى أهل الخبرة.
وحيث وعن الوجه السابع المتعلق بإساءة المحكمة تفسير المواد المتعلقة بالتقادم فهو غير وجيه ذلك أن المادة(٢١٣) من قانون التجارة اقتضت أنه على» المرسل إليه في حالة تلف الأمتعة أو البضائع أن يوجه احتجاجًا إلى الناقل فور اكتشاف التلف وعلى الأكثر خلال سبعة أيام بالنسبة للأمتعة وأربعة عشر يومًا بالنسبة إلى البضائع وذلك من تاريخ تسلمها وفي حالة التأخير يجب أن يوجه الاحتجاج خلال واحد وعشرين يومًا على الأكثر من اليوم الذي توضع فيه الأمتعة أو البضائع تحت تصرف المرسل إليه… ولا تقبل دعوى المسؤولية ضد الناقل إذا لم يوجه الاحتجاج في المواعيد المنصوص عليها في هذه المادة..» بما يعني من هذه المادة أن عدم توجيه الاحتجاج في الميعاد المحدد سواءً بعد تسلم البضاعة أو التأخير في الاستلام لا يسقط دعوى مسؤولية الناقل وإنما يؤدي إلى عدم قبولها إلا إذا أثبت المرسل إليه وقوع تدليس من جانب الناقل أو تابعيه لتفويت هذه المواعيد أو لإخفاء حقيقة الضرر الذي أصاب البضاعة وهو دفع لم تطالب به الطاعنة متمسكة بتقادم حق المطالبة بمرور تلك المواعيد من تاريخ استلام كل شحنة هذا من ناحية ومن ناحية أخرى وحسبما أعلاه في الرد على الأوجه السابقة يتضح أن هذا الدفع في غير محله طالما أن الطاعنة لم تثبت إيفاءها بالتزامها الأساسي المتمثل في إخطار المرسل إليه بوصول البضاعة إلى المطار طبق ما تقتضيه المادة(١٨٠) من قانون التجارة بالنسبة لجميع الشحنات وهو ما أدخل اضطرابًا في استلام البضاعة التي بقيت بمخازن الطاعنة الغير ملائمة طيلة ثلاثة أسابيع وقد أثبتت المطعون ضدها توجيهها احتجاجًا مؤرخًا في ٩ / ٨ / ٢٠١٢م في فساد الشحنات الثلاثة التي استلمتها يوم ٨ / ٨ / ٢٠١٢ والتي وصلت المطار في ٣٠ / ٧ / ٢٠١٢م ولإعلامها بأن شحنات أخرى لا زالت معلقة لدى الطاعنة ولا تعرف مكانها كما أرسلت خطابًا بتاريخ ٤ / ٨ / ٢٠١٢م لغرفة تجارة وصناعة عمان وزارة الصحة لشرح المشكلة التي تعرضت لها والمتمثلة في تأخير الطاعنة في تسليم البضاعة وعدم وجود مخازن مجهزة مما يؤكد أن الاحتجاج وجه خلال تسعة أيام من استلام الشحنات الثلاثة الأولى أما بالنسبة لبقية الشحنات فإن عدم إثبات الطاعنة لتواريخ استلام البضاعة بإعتبار أن على عاتقها عبء الإثبات أمام تمسكها بالمادة(٢١٣) بما يجعل هذا الدفع في غير طريقه.
وحيث وعن الوجه الثامن فهو وجيه ذلك أن المطعون ضدها طالبت بمبلغ(١٨٦.٥٧٥٦٧٧ ر.ع) قيمة الأدوية التالفة التي أكد في شأنها الخبير المنتدب أنها تطابقت مع الكشف التفصيلي للأدوية الواقع إتلافها إلا أنه أوصى بندب خبير حسابي لتقدير قيمة الخسائر كما أنه بالرجوع إلى محضر الاجتماع لدى الخبير بتاريخ ٢٠ / ١٢ / ٢٠١٥م يتبين أن ممثل المطعون ضدها أفاد بأن هذه الأخيرة تكبدت خسائر في قيمة الأدوية التالفة بسبب سوء التخزين وقدرها مبلغ المطالبة الذي يشمل أيضًا رسوم التخليص ومصاريف النقل والفوائد على القروض من البنوك بواقع(٩٪) تسعة بالمائة ورسوم وزارة الصحة وتكاليف العمالة وفوات الربح والأتعاب القانونية ورغم مطالبتها من الخبير بتوضيح تلك الخسائر وتقديم ما لديها من مستندات التي تم بموجبها دفع قيمة الشحنات والتحويلات البنكية للشركات البائعة وما سددته من المصاريف الأخرى فإنها لم تقم بذلك ورغم ذلك فإن محكمة الاستئناف وما خولته لها المادة(٢٢٤) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية من تطبيق قاعدة الأثر الناقل للاستئناف فلم تحقق في ذلك ولم تنتدب خبيرًا في الحسابات لإجراء الحساب حول قيمة الأدوية التالفة ومدى تطابقها مع مبلغ المطالبة الذي اعتمدته رغم شموله على عناصر أخرى حسبما أكده ممثل الطاعنة لدى الخبير وهو ما يعد منها قصورًا في التسبيب الموجب لنقضه جزئيًا من هذه الناحية بما يتعين القضاء بذلك مع إحالة الدعوى إلى محكمة استئناف السيب لتحكم فيها من جديد بهيئة مغايرة وإلزام المطعون ضدها بالمصاريف ورد الكفالة للطاعنة طبق المواد(١٨٣، ٢٤٧، ٢٥٩، ٢٦٠) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية.
فلهذه الأسباب
« حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه نقضًا جزئيًا وإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف بالسيب لتحكم فيها من جديد بهيئة مغايرة وإلزام المطعون ضدها بالمصاريف ورد الكفالة للطاعنة».