التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة الجزائية (أ): الطعن رقم ١٠٠٣ / ٢٠١٧م

2017/1003 1003/2017 ٢٠١٧/١٠٠٣ ١٠٠٣/٢٠١٧

تحميل

جلسة يوم الثلاثاء الموافق ٩ / يناير / ٢٠١٨م

المشكلة برئاسة فضيلة السيد  /  خليفة بن سعيد بن خليفة البوسعيدي  /  نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: سالم بن سعيد الرحبي، سلطان بن ماجد الزعابي، العربي الحروشي، مجيد فرج شوشان

(٦١)
الطعن رقم ١٠٠٣ / ٢٠١٧م

– مبلغ الضمان «مصادرته». قرار ادعاء عام «مصادرة مبلغ الضمان». قانون تطبيق المواد ٦٤ و ٦٥ و٦٦ من قانون الإجراءات الجزائية.

– مجرَّد تخلف المطعون ضده عن جلسة النطق بالحكم لا يتيح للادعاء العام مصادرة الضمان المالي الذي سبق أن قدَّمه المتهم. علة ذلك.

الوقائع

تتحصَّلُ الوقائع على ما يبينْ ُ من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن في أن الادعاء العام أحال المتهم (المطعون ضده) إلى المحكمة الابتدائية بالرستاق (الدائرة الجزائية) لارتكابه جُنحتين منفصلتين:

أولاً: القضية المقيَّدة برقم (١٥٠ / ق / ٢٠١٥) لدى مركز شرطة الرستاق ورقم (٨١ / ٢٠١٥) لدى الادعاء العام بالرستاق ورقم (١١٥ / ٢٠١٥) لدى المحكمة الابتدائية بالرستاق لأنه بتاريخ (٢٩ / ١٢ / ٢٠١٤م) بدائرة اختصاص مركز شرطة الرستاق:

١) حال كونه مكرراً تكراراً مماثلاً أرسل رسائل نصية مخُالفة للنظام العام والآداب العامة عبر نظام الاتصالات (نظام الرسائل القصيرة) إلى هاتف المجني عليها….، وفق الثابت بالأوراق.

٢) أقلق راحة المجني عليها دون داعٍ وذلك بأن دأب على الاتصال على هاتفها وهو ما كان يُسبِّب لها إزعاجاً وتشويشاً لراحتها، وفق الثابت بالتحقيقات.

وطالب الادعاء العام بمعاقبته بالمادة (٦١ / ٣) من قانون تنظيم الاتصالات والمادة (٣١٢ / ٤) من قانون الجزاء مع تطبيق المادتين (١١٥ / ٢) و (١١٦ / ٤) من ذات القانون.  وبتاريخ (١ / ٧ / ٢٠١٤م) حكمت المحكمة حضورياً بإدانة المتهم (المطعون ضده) بجُنحة إرسال رسائل مخُالفة للنظام العام والآداب العامة مع التكرار المماثل وقباحة إقلاق الراحة العامة وقضت بمعاقبته عن الأولى بالسجن لمدة سنتين وغرامة قدرها (٠٠٠،٢ ر.ع) ألفا ريال وعن الثانية بالسجن لمدة عشرة أيام وغرامة قدرها (٥ ر.ع) خمسة ريالات وتجمع عقوبتاه وتدغم في العقوبة المقضي بها في القضية المقيَّدة برقم (١١٠ / ق / ٢٠١٥) لدى مركز شرطة الرستاق ورقم (٢١٣ / ٢٠١٥) لدى الادعاء العام بالرستاق ورقم (٨٩ / ٢٠١٥) لدى المحكمة الابتدائية بالرستاق.

ثانياً: القضية المقيَّدة برقم (١١٠ / ق / ٢٠١٥) لدى مركز شرطة الرستاق ورقم (٢١٣ / ٢٠١٥) لدى الادعاء العام بالرستاق ورقم (٨٩ / ٢٠١٥) لدى المحكمة الابتدائية بالرستاق لأنه بتاريخ (٢٩ / ٣ / ٢٠١٥م) بدائرة اختصاص مركز شرطة الرستاق:

١) حال كونه مكرراً تكراراً غير مماثل ضبط متلبِّساً حال قيامه بانتهاك حُرمة  مسكن المجني عليه ليلاً وذلك بأن دخل إلى مسكنه عن طريق التسوُّر بدون رضاه أو رضا من له الحق في منعه من الدخول، وفق الثابت بالتحقيقات.

٢) حال كونه مكرراً تكراراً مماثلاً أرسل رسائل نصية مخُ الفة للنظام العام والآداب من الهاتف الذي يحمل رقم (….) والذي ضُبط في حوزته إلى هاتف المجني عليها والذي يحمل رقم (….)، وفق الثابت بالتحقيقات.

وطالب الادعاء العام بمعاقبته بالمادة (٢٦٢) بدلالة المادة (٢٦٣ / ١) من قانون الجزاء والمادة (٦١ / ٣) من قانون تنظيم الاتصالات مع تطبيق المادتين (١١٥ / ٢) و (١١٦ / ٤، ٥) من قانون الجزاء.

وبتاريخ (١ / ٧ / ٢٠١٤م) حكمت المحكمة حضورياً بإدانة المتهم (المطعون ضده) بجُنحة انتهاك حرمة مسكن ليلاً مع التكرار غير المماثل وجُنحة إرسال رسائل مخُالفة للنظام العام والآداب العامة مع التكرار المماثل وقضت بمعاقبته عن الأولى بالسجن لمدة أربع سنوات وغرامة قدرها (٢٠٠ ر.ع) مائتا ريال وعن الثانية بالسجن لمدة سنتين وغرامة قدرها (٠٠٠،٢ ر.ع) ألفا ريال وتجمع عقوبتاه مع إلزامه تعويض المجني عليهما عما لحقهما من ضرر مبلغاً قدره (٠٠٠،٢ ر.ع) ألفا ريال والمصاريف ورفض ما زاد عن ذلك.

لم يحُز هذان الحكمان قبولاً لدى المحكوم عليه (المطعون ضده) فاستأنفهما   أمام محكمة الاستئناف بالرستاق (دائرة الجُنح المستأنفة) التي قضت بتاريخ (٥ / ١ / ٢٠١٦م)  بعد ضم الاستئنافين وإصدار حكم واحد فيهما  بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وألزمت المستأنف المصاريف.

لم يرتض المحكوم عليه (المطعون ضده) بهذا القضاء فطعن فيه بالطعن رقم (٢٢٧ / ٢٠١٦) أمام المحكمة العليا التي قضت بتاريخ (٨ / ١١ / ٢٠١٦م) بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعن المصروفات.

وبتاريخ (١٠ / ٢ / ٢٠١٦م) أصدر الادعاء العام القرار القضائي رقم (٥ / ٢٠١٦) في القضية المقيَّدة برقم (١١٠ / ق / ٢٠١٥) لدى مركز شرطة الرستاق ورقم (٢١٣ / ٢٠١٥) لدى الادعاء العام بالرستاق في حق المحكوم عليه (المطعون ضده) بمصادرة مبلغ الضمان المالي وقدره (٠٠٠.٢ ر.ع) ألفا ريال لصالح الخزانة العامة للدولة.

وبتاريخ (٢١ / ٤ / ٢٠١٦م) تقدَّم المحكوم عليه (المطعون ضده) إلى محكمة الاستئناف بالرستاق (دائرة الجُنح المستأنفة) باستشكال على قرار الادعاء العام القاضي بمصادرة مبلغ الضمان المالي وبتاريخ (٢٨ / ٤ / ٢٠١٦م) حكمت المحكمة بقبول الاستشكال شكلاً وفي الموضوع برفضه والاستمرار في التنفيذ.

لم يرتض المحكوم عليه (المطعون ضده) بهذا القضاء فطعن فيه بالطعن رقم (٦٦٨ / ٢٠١٦) أمام المحكمة العليا التي قضت بتاريخ (٢٧ / ١٢ / ٢٠١٦م) بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة أوراق الدَّعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتفصل في الاستشكال من جديد بهيئة مغايرة ورد مبلغ الكفالة للطاعن.

وبتاريخ (٩ / ٥ / ٢٠١٧م) حكمت محكمة الاستئناف بالرستاق (دائرة الجُنح المستأنفة) بهيئة مغايرة في موضوع الاستشكال بإلغاء قرار مصادرة الضمان المالي وقدره (٠٠٠.٢ ر.ع) ألفا ريال ورده إلى المستشكل وإلزام المستشكل ضده المصاريف.

لم يرتض الطاعن (الادعاء العام) بهذا القضاء فطعن فيه بالنقض أمام المحكمة العليا بالطعن الماثل الذي تم التقرير به بتاريخ (١٨ / ٦ / ٢٠١٧م) بأمانة سر المحكمة التي أصدرته وبذات التاريخ أُودعت صحيفة بأسباب الطعن موقعة من مساعد المدَّعي العام وأُعلن المطعون ضده بصحيفة الطعن فردَّ عليها بواسطة وكيله القانوني بمذكرة التمس فيها رفض الطعن.  وقدَّم الادعاء العام لدى المحكمة العليا مذكرة بالرأي انتهى فيها إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه مع الفصل في موضوع الاستشكال.

المحكمة

بعد الاطلاع على الحكم المطعون فيه وعلى سائر أوراق الطعن وبعد سماع التقرير الذي أعدَّه وتلاه القاضي المقرر وبعد المداولة قانوناً.

حيث إن الطعن استوفى شكله القانوني فهو مقبول شكلاً.

وحيث ينعى الطاعن (الادعاء العام) على الحكم المطعون فيه مخالفته الصَّريحة للقانون عندما قضى بقبول الاستشكال شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار الادعاء العام القاضي بمصادرة مبلغ الضمان المالي وقدره (٠٠٠.٢ ر.ع) ألفا ريال ورده إلى المستشكل (المطعون ضده) تأسيساً على أن هذا الأخير لم يهرب من تنفيذ الأحكام الصَّادرة في مواجهته رغم أن الثابت هو أن المتهم فرَّ من تنفيذ عقوبة السجن الصَّادرة ضده على إثر صدور الحكم الاستئنافي بتاريخ (٥ / ١ / ٢٠١٦م) ولما كان المحكوم عليه لم يحضر جلسة النطق بالحكم وفرَّ من تنفيذ عقوبة السجن الصَّادرة ضده فقد اضطر الادعاء العام إلى إصدار مذكرة بإلقاء القبض عليه بتاريخ (١١ / ١ / ٢٠١٦م) أي بعد ستة أيام من صدور الحكم الاستئنافي حاول فيها الادعاء العام إمهال المحكوم عليه للمبادرة إلى تسليم نفسه إلا أن هذا الأخير كان يأبى ذلك وبتاريخ (١٠ / ٢ / ٢٠١٦م) أصدر الادعاء العام قراره القاضي بمصادرة مبلغ الضمان المالي الذي دفعه المحكوم عليه لضمان حضوره جلسات المحاكمة وعدم التخلف عن تنفيذ الالتزامات المفروضة عليه بعد أن تخلَّف عن تنفيذ عقوبة السجن ولاذ بالفرار وضُبط من لدن مأموري الضبط القضائي بتاريخ (١٤ / ٢ / ٢٠١٦م) وهو الأمر الذي جاء موافقاً لصحيح القانون ومن ثم فإن ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف من أن المتهم لم يهرب من تنفيذ الحكم الصَّادر ضده جاء مخالفاً لما هو ثابت في الأوراق والمستندات الرسمية الأمر الذي يكون معه حكمها بإلغاء قرار الادعاء العام القاضي بمصادرة الضمان المالي مخالفاً للمادة (٦٦) من قانون الإجراءات الجزائية التي تنصُّ على أن الضمان المالي يصبح ملكاً للدولة دون حاجة إلى حكم في حال تخلف المتهم عن تنفيذ أحد الالتزامات المفروضة عليه ومن ضمنها التزامه التام بحضور جميع الجلسات بما فيها جلسة النطق بالحكم وعدم الفرار من تنفيذ الأحكام الصَّادرة ضده لا سيما أن المادة (٦٤) من ذات القانون أشارت إلى أن من مقتضيات الضمان هو عدم فرار المتهم من تنفيذ الأحكام، كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه بما   يستوجب نقضه.

وحيث إن ما ينعاه الطاعن (الادعاء العام) من أن المتهم (المطعون ضده) لم يحضر جلسة النطق بالحكم وأنه فرَّ من تنفيذ الحكم الصَّادر ضده بالسجن بتاريخ (٥ / ١ / ٢٠١٦م) وأن المحكمة المطعون في حكمها التفتت عن المستندات المرفقة بملف الدَّعوى والتي تؤيد قراره بمصادرة الضمان المالي فهو غير سديد ذلك أن المادة (٦٤) من قانون الإجراءات الجزائية تنصُّ على أنه: «… يكون تقدير مبلغ الضمان المالي لمن أصدر أمر الإفراج ويكون هذا المبلغ ضماناً لعدم تخلف المتهم عن الحضور أثناء التحقيق أو المحاكمة وعدم الفرار من تنفيذ الحكم والواجبات الأخرى التي تفرض عليه…» كما تنصُّ المادة (٦٥) من ذات القانون على أنه: «… يُدفع مبلغ الضمان من المتهم أو من غيره ويكون ذلك بإيداعه في خزانة الادعاء العام أو المحكمة حسب الأحوال…» كما تنصُّ المادة (٦٦) من ذات القانون على أنه: «… إذا تخلف المتهم بغير عذر مقبول عن تنفيذ أحد الالتزامات المفروضة عليه يصبح الضمان المالي ملكاً للدولة بغير حاجة إلى حكم بذلك ويُرد مبلغ الضمان بأكمله إذا حُفظت الدَّعوى أو لم يصدر حكم بالإدانة…» كما تنصُّ المادة (٢١٦) من ذات القانون على أنه: «… وللمحكمة أن تأمر باتخاذ الوسائل اللازمة لمنع المتهم من مغادرة قاعة الجلسة قبل النطق بالحكم أو لضمان حضوره في الجلسة التي يُؤجَّل النطق بالحكم إليها ولو كان ذلك بإصدار أمر بحبسه إذا كانت الواقعة مما يجوز فيها الحبس الاحتياطي…».

ولما كان ذلك وكان الثابت أن محكمة الاستئناف وأثناء محاكمة المتهم (المطعون ضده) أصدرت القرار القضائي رقم (٦١ / ٢٠١٥) المؤرَّخ في (١٢ / ٧ / ٢٠١٥م) والقاضي بالإفراج عنه بضمان مالي قدره (٠٠٠.٢ ر.ع) ألفا ريال وكفالة شخصية وأن المتهم لم يتخلف عن الحضور في جميع الجلسات التي دارت فيها المرافعات أي التي اتخذت فيها إجراءات التحقيق النهائي ومن ثم انتفى ما نصَّت عليه المادة (٦٤) من قانون الإجراءات الجزائية المشار إليها كمبرر لمصادرة الضمان المالي وهو التخلف عن حضور المحاكمة أما تخلف المتهم (المطعون ضده) عن حضور جلسة النطق بالحكم فإنه لا يترتب عليه بطلان المحاكمة بل إنه لا يجعل الحكم غيابياً في مواجهته ومن ثم فإن مجرَّد تخلف المطعون ضده عن جلسة النطق بالحكم لا يتيح للادعاء العام مصادرة الضمان المالي الذي سبق أن قدَّمه المتهم.

أما عن نعي الطاعن (الادعاء العام) بأن المتهم (المطعون ضده) فرَّ من تنفيذ الحكم الصَّادر ضده فهو غير سديد كذلك ذلك أن المادة (٦٦) من قانون الإجراءات الجزائية المشار إليها اشترطت شرطين لمصادرة مبلغ الضمان المالي أولهما أن يتخلف المتهم عن تنفيذ أحد الالتزامات المفروضة عليه وثانيهما أن يكون التخلف بغير عذر مقبول ولما كان ذلك وكان الثابت من مدوَّنات الحكم المطعون فيه ومن محتويات ملف الاستشكال أن الادعاء العام لم يتقدَّم أثناء نظر الاستشكال المقدَّم من المحكوم عليه بأي مستند يُثبت أنه فرَّ من تنفيذ الحكم الصَّادر ضده بل إن وكيل المطعون ضده طالب في جلسة الاستشكال أن يقدِّم الادعاء العام ما يُثبت تخلف المحكوم عليه عن تنفيذ التزاماته إلا أن الثابت من المحاضر أن الادعاء الماثل لم يرد بشيء هذا فضلاً عن أن هذه المادة أعطت المتهم حق أن يتقدَّم بعذر يدَّعي بموجبه أنه كان عاجزاً في حينها عن تنفيذ الالتزام الصَّادر ضده إذ له أن يقدِّم من الأدلة ما يُثبت ذلك سواءً أكان شهادة مرضية أو غيرها ولا يجوز المساس بهذا الحق لأنه مقرَّر للمتهم بحكم القانون إلا أن تقدير هذا العذر يخضع لرقابة المحكمة فيما إذا كان مقبولاً من عدمه وأن الالتفات عن سماع عذر المتهم يعد إخلالاً جسيماً بحقوقه.

لما كان ذلك فإن ما يُثيره الطاعن (الادعاء العام) يُضحي غير قويم الأمر الذي يجعل نعيه في غير محله بما يوجب رفضه موضوعاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.