جلسة يوم الثلاثاء الموافق ٣ / أبريل / ٢٠١٨م
المشكلة برئاسة فضيلة القاضي الشيخ / محمد بن عبدالله الحجري / رئيساً وعضوية كل من المشايخ أصحاب الفضيلة القضاة :د. سلطان بن حمد السيابي, سيد ساتي زيادة, الحسين غرار, عابدين صلاح حسن.
(٧٧)
الطعن رقم ٨٦٤ / ٢٠١٧م
– جريمة «الامتناع عن إعطاء عينة « ورودها على سبيل الحصر». قانون « تطبيق المادة ٦٤ مكرر من قانون مكافحة المخدرات».
– تنحصر جريمة الامتناع عن إعطاء عينة لكشف المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية في الحدود التي قررها القانون وفقا لنص المادة (٦٤مكرر) من قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية ولا يصح بأن يتوسع فيها أو يقاس عليها.
الوقائع
تتحصل الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه، ومن سائر أوراق الطعن في أن الادعاء العام أحال المتهم إلى المحكمة الابتدائية بالبريمي (الدائرة الجزائية) ، لأنه بتاريخ : ١٤ / ١١ / ٢٠١٦م بدائرة اختصاص مركز شرطة البريمي:
امتنع عن إعطاء العينة اللازمة للكشف عن المواد المخدرة، والمؤثرات العقلية، وذلك بأن رفض إعطاء الطبيب المختص عينة من بوله الأمر الثابت بالأوراق.
وطالب الادعاء العام معاقبة المتهم بالجنحة المؤثَمة بنص المادة (٦٤مكرر) من قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية.
وبجلسة: ٨ / ١ / ٢٠١٥م حكمت المحكمة الابتدائية بالبريمي (الدائرة الجزائية) حضوريًا: ببراءة / ………………… / عماني، من ارتكاب جنحة الامتناع عن إعطاء العينة اللازمة للكشف عن المواد المخدرة والمؤثرات العقلية لعدم قيام الجرم، ويفرج عنه ما لم يكن محبوسا لسبب آخر.
لم يحز هذا الحكم قبولا لدى الطاعن فاستأنفه أمام محكمة الاستئناف بالبريمي (دائرة الجنح المستأنفة) التي قضت بتأريخ: ٥ / ٤ / ٢٠١٧م حضوريًا: بقبول الاستئناف شكلا، ورفضه موضوعا، وتأييد الحكم المستأنف.
م يرتضِ الطاعن (الادعاء العام) هذا القضاء، فطعن فيه بالنقض أمام المحكمة ل العليا بالطعن الماثل الذي تم التقرير به بتأريخ: ١ / ٥ / ٢٠١٧ بأمانة سر المحكمة مصدرة الحكم وذلك خلال القيد الزمني المقرر بموجب المادة ٢٤٩من قانون الإجراءات الجزائية وبذات التاريخ أودعت مذكرة بأسباب الطعن وموقعة من رئيس ادعاء عام، وقد تم إعلان المطعون ضده بصحيفة الطعن، وآثر عدم الرد .
وقدم الادعاء العام لدى المحكمة العليا مذكرة بالرأي خلص فيها إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الحكم المطعون فيه وعلى سائر الأوراق، وبعد سماع التقرير الذي أعده وتلاه القاضي المقرر، وبعد المداولة طبقاً للقانون.
حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه المقررة قانونا فهو مقبول شكلاً.
حيث ينعى الطاعن – الادعاء العام – على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله عندما قضى ببراءة المطعون ضده من جرم الامتناع عن إعطاء العينة اللازمة للكشف عن المواد المخدرة والمؤثرات العقلية مؤسسا قضاءه على أن الواقعة لا تنطبق عليها الحالات لواردة بالنص في المادة (٦٤ مكرر) من المرسوم السلطاني رقم ٣٤ / ٢٠١٥م بإصدار تعديلات على أحكام قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية ، وأن ما ذهب إليه الحكم مردود عليه بأن مادة التجريم جاءت لتحقق الردع العام والخاص، وأن الحالات الواردة في ماده التجريم وردت على سبيل المثال لا الحصر بدليل أنها جاءت لتؤكد أن الاشتباه بالمتهمين بتعاطيهم المواد المخدرة يجيز إخضاعهم للكشف، ولم يقصد المشرع إعطاءهم سبباً لإباحة فعل الامتناع عن إعطاء العينات اللازمة ، وأن وجود محضر التحري على المطعون ضده وأمر إلقاء القبض يحقق الغاية المنصوص عليها في مادة التجريم ذاتها، وامتناع المطعون ضده عن إعطاء العينة اللاَزمة يتعارض مع ما جمع ضده من تحريات معززًا بمذكره إلقاء القبض عليه، وكلها تشير الى الاشتباه بتعاطيه المواد المخدرة من نوع (الهيروين) مما يستوجب تطبيق المادة(٦٤) مكرر على الواقعة، وأن واقعة الامتناع عن إعطاء العينة اللاَزمة للكشف عن المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية لم تأت المحكمة العليا بمبادئ بشأنها مما أدى إلى اختلاف التطبيق القانوني وتباينه لمادة التجريم والحالات الواردة بها ، الأمر الذي يعيب الحكم المطعون فيه ، ويستوجب – ٤٠٤ – إيجاد مبدأ قانوني أو حكم من المحكمة العليا للفصل في هذا الشأن.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن بأسباب الطعن سالفة البيان ،على الحكم المطعون فيه المؤيد لحكم محكمة أول درجة محمولا على أسبابه وما أضافته المحكمة المطعون على حكمها من أسباب فيما انتهت إليه من ببراءة المطعون ضده من جنحة الامتناع عن إعطاء العينة اللازمة للكشف عن المواد المخدرة والمؤثرات العقلية ، غير سديد ومردود عليه بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة (العليا) بأن من حق محكمة الموضوع أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت ، إذ إن مرجع الأمر في ذلك إلى قناعتها وإلى ما تطمئن إليه المحكمة في تقديرها للأدلة ووزنها للبينات ولمدى قوتها في الإثبات ، ما دام أن حكمها قد اشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام وأنها وازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في عناصر الاتهام كما هي الحال في الدعوى الراهنة .
لما كان ذلك وكان من المقرر قانونًا أن الأصل في الأنسان البراءة وأن الجريمة صورة من صور السلوك الشاذ وغير المألوف ويتعين التحوط في نسبتها إليه ويُبْنَى على قرينة البراءة أن الشك يفسر لمصلحة المتهم وأن الاحكام الجزائية تُبنى على الجزم واليقين لا على الشك والتخمين.
لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه، انتهى إلى التصريح ببراءة الطاعن مما نسب إليه لعدم توافر أركان الجريمة محل الاتهام، وكان الحكم المطعون فيه قد أيده فيما انتهى إليه من براءة المتهم استنادا إلى عدم قيام عناصر الاتهام في حقه وكان قضاؤه على هذا النحو سائغا وسليم، إذ الأصل في الانسان البراءة وعلى من يدعي خلاف ذلك إثباته، فلا يلزم المتهم بإثبات براءته، وبالتالي فمن حق المتهم ألا يلزم بالشهادة ضد نفسه أو الاعتراف أنه مذنب ، كما لا يجوز للمحكمة إجباره على تقديم دليل ضد نفسه، وليس لها كذلك أن تأمره بتقديم أي مستند قد يدينه إلا أن نص القانون على خلاف هذه القاعدة كما هو الحال في الدعوى الراهنة وعليه ينحصر هذا الاستثناء في الحدود التي قررها القانون وفقا لنص المادة (٦٤مكرر) من قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية التي أوردها الحكم المطعون فيه وبين الصور التي يجب على المتهم إعطاء العينة فيها خلافا للأصل ولا يصح بأن يتوسع في الاستثناء أو يقاس عليه .
لما كان ذلك وكان يبين بجلاء من الأوراق أن المتهم اعتصم بإنكار التعاطي وأن اعترف – ٤٠٥ – بالامتناع عن إعطاء العينة لتخلف الصور التي حددتها المادة (٦٤مكرر) وهي: ١ إذا وجد في مكان عام وعليه سمات التعاطي لمواد مخدرة أو مؤثرات عقلية.
٢-إذا وجد بحوزته مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أو أي من أدوات تعاطيها.
٣- إذا وجد مع شخص أو أكثر وظهرت على أحدهم دلائل التعاطي أو وجدت لدى أي منهم مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أو أي من أدوات تعاطيها ويعد إعطاء العينة سببا من أسباب التخفيف.
وإذ يبين من مدونات الحكم المطعون فيه ومن محاضر الجلسات أن محكمة الموضوع قد أحاطت بواقعة الدعوى إحاطة تامة واستمعت لشاهد الواقعة الوكيل / ………………….. وتعرضت بالنقاش المستفيض لواقعة الاتهام وخلصت إلى عدم توفر أيٍ من الصور التي جاءت على سبيل الحصر، وانتهت إلى عدم قيام الجريمة لعدم انطباق النص المجرم على الواقعة المنسوبة للمتهم ، وأوضحت المحكمة بتعليل سائغ لا يخالف عقلاً ولا منطقاً ما انتهت إليه وردت على كل ما أثاره الطاعن بردود سائغة مما يغني هذه المحكمة من إيرادها والرد عليها ، وتكتفي بالإحالة عليها ، ولما كانت قناعة المحكمة وليدة ما يطمئن إليه وجدانها ويرتاح له ضميرها فإن ذلك من سلطتها متى ما كان قضاؤها سائغا وله ما يبرره فلا رقابة للمحكمة العليا عليها في بناء عقيدتها الجازمة والحال كما ذكر، وقد برر الحكم ما انتهى إليه بما يرفع النَّيْل من سلامته ، ويجعل أسباب الطعن المرفوع من الادعاء العام مجرد جدل موضوعي حول السلطة التقديرية الموكلة لمحكمة الموضوع في استخلاص واقعة الدعوى ووزن ثقل أدلتها وتكوين عقيدتها وهو ما لا يجوز إثارته والخوض فيه أمام المحكمة العليا ، مما يتعين معه القضاء برفض الطعن موضوعا.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه.