التصنيفات
فتاوى قانونية

وزارة الشؤون القانونية: فتوى رقم ١٧٢٧٠٠٠٢٥٦٥٩

172700025659

تحميل

(٣)
بتاريخ ٢٢ / ١ / ٢٠١٨م

عقد – العقد شريعة المتعاقدين – تفسير العقد – وسيلة الوقوف على إرادة المتعاقدين.

استقر الرأي إفتاء وقضاء أن الأصل الذي يحكم العقود المدنية والإدارية على حد سواء قوامه أن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون، وأن تنفيذه يجب أن يكون طبقا لما اشتمل عليه، وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، وأن التزامات طرفي العقد لا تقف عند حد ما حوته نصوصه، بل تمتد إلى كل ما تستلزمه طبيعة موضوعه من التزامات، سواء جرى بها نص في قانون أو عرف معتبر أو اقتضتها قواعد العدالة – وأنه في مقام تفسير العقد يتعين التعرف على إرادة المتعاقدين حسبما تفصح عنها عبارات العقد، فإن كانت واضحة تكشف بذاتها عن هذه الإرادة، فلا وجه للحيد عنها أو مخالفتها أو الاجتهاد في تفسيرها بما ينأى عن صراحتها، وعن وضوح عباراتها ومقتضى دلالتها، وذلك رعاية لمبدأ سلطان الإرادة، وتحقيقا لاستقرار المعاملات، أما إذا غم الأمر، وكان هناك محل لتفسير نصوص العقد، فإنه يتعين الوقوف على ما تلاقت عليه إرادة المتعاقدين الحقيقية دون التعويل في ذلك على ظاهر النصوص، والمعنى الحرفي لألفاظها، ويستهدى في سبيل الوصول إلى هذه الإرادة بطبيعة التعامل محل العقد، وبالعرف الذي يجري على أساسه التعامل، وما تقتضيه الأمانة والثقة بين المتعاقدين – تطبيق.


فبالإشارة إلى الكتاب رقم:……………..، بتاريخ……………..، الموافق…………….، بشأن طلب الإفادة بالرأي القانوني حول مدى أحقية شركة……… في المطالبة بالتعويض عن زيادة التكلفة الشهرية لأعمال شفط مياه الصرف الصحي لعدد من المؤسسات الصحية في محافظة………… نتيجة ارتفاع سعر الديزل، وفرض رسوم عليها نظير تفريغ صهريج مياه الصرف الصحي في محطة…………….

وحاصل وقائع الموضوع – حسبما يبين من الأوراق – أن وزارة……. قد تعاقدت مع الشركة المذكورة، لتقديم خدمات أعمال شفط مياه الصرف الصحي لعدد من المؤسسات الصحية التابعة للمديرية العامة للخدمات الصحية في محافظة…………. وهي: (مركز………. الصحي، ومركز………… الصحي والمساكن التابعة له، ومركز…….. الصحي والمساكن التابعة له) للفترة من ١ / ٨ / ٢٠١٥م حتى ٣١ / ٧ / ٢٠١٧م، بقيمة إجمالية، مقدارها (٩,٨٦٤) تسعة آلاف وثمانمائة وأربعة وستون ريالا عمانيا.

وتذكرون أنه بتاريخ ٢٧ / ٢ / ٢٠١٧م تقدمت الشركة المذكورة بطلب زيادة التكلفة الشهرية للأعمال محل التعاقد نتيجة ارتفاع سعر الديزل، وقيامها بدفع رسوم تم فرضها مؤخرا من قبل هيئة……………. نظير تفريغ صهريج مياه الصرف الصحي في محطة………….

وإزاء ما تقدم، فإنكم تطلبون الإفادة بالرأي القانوني عن مدى أحقية الشركة المذكورة في المطالبة بالتعويض عن زيادة التكلفة الشهرية للأعمال محل التعاقد نتيجة ارتفاع سعر الديزل، وفرض رسوم عليها نظير تفريغ صهريج مياه الصرف الصحي في محطة…………

وردا على ذلك، نفيد بأنه بمطالعة أحكام قانون المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٢٩ / ٢٠١٣ تبين أن المادة (١٥٦) منه تنص على أنه: “يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه، ولا يقتصر على إلزام المتعاقد بما ورد فيه، ولكن يتناول أيضا ما هو من مستلزماته وفقا للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة التصرف”.

وأن المادة (١٦٥) من القانون ذاته تنص على أنه: “إذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يعدل عنها بحجة تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين، أما إذا كان في عبارة العقد غموض فيجب تفسيرها للبحث عن الإرادة المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ، ويستهدى في ذلك بطبيعة التعامل وبالعرف الجاري، وبما ينبغي أن يسود من أمانة وثقة بين المتعاقدين”.

ومفاد ما تقدم – وعلى ما استقر عليه الرأي إفتاء وقضاء – أن الأصل الذي يحكم العقود المدنية والإدارية على حد سواء قوامه أن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون، وأن تنفيذه يجب أن يكون طبقا لما اشتمل عليه، وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، وأن التزامات طرفي العقد لا تقف عند حد ما حوته نصوصه، بل تمتد إلى كل ما تستلزمه طبيعة موضوعه من التزامات، سواء جرى بها نص في قانون أو عرف معتبر أو اقتضتها قواعد العدالة، وأنه في مقام تفسير العقد يتعين التعرف على إرادة المتعاقدين حسبما تفصح عنها عبارات العقد، فإن كانت واضحة تكشف بذاتها عن هذه الإرادة، فلا وجه للحيد عنها أو مخالفتها أو الاجتهاد في تفسيرها بما ينأى عن صراحتها، وعن وضوح عباراتها ومقتضى دلالتها، وذلك رعاية لمبدأ سلطان الإرادة، وتحقيقا لاستقرار المعاملات، أما إذا غم الأمر، وكان هناك محل لتفسير نصوص العقد،

فإنه يتعين الوقوف على ما تلاقت عليه إرادة المتعاقدين الحقيقية دون التعويل في ذلك على ظاهر النصوص، والمعنى الحرفي لألفاظها، ويستهدى في سبيل الوصول إلى هذه الإرادة بطبيعة التعامل محل العقد، وبالعرف الذي يجري على أساسه التعامل، وما تقتضيه الأمانة والثقة بين المتعاقدين.

ولما كان ذلك، وكان البين من مطالعة الاتفاقية المبرمة فيما بين وزارة……….. والشركة المعروضة حالتها أن البند (٨ – ٢) منها قد نص على أنه: “إذا حصلت تغييرات في أسعار المواد كنتيجة مباشرة لأي تشريعات جديدة تسن في سلطنة عمان بعد تاريخ رسالة قبول العطاء، وفي هذه الحالة يتوجب على المتعاقد تزويد الوزارة بتفاصيل كافية عن أي تغيير في السعر الأساسي للمواد المتأثرة بهذا التشريع، على أن يتم كتابيا، وعلى الطرف الأول (الوزارة) استكمال الإجراءات المتبعة بهذا الخصوص، على حسب النظم المعمول بها وذلك بالتنسيق مع الجهات المعنية بالأمر”.

وحاصل ما تقدم، أن البند (٨ – ٢) من الاتفاقية المشار إليها قد حدد التزامات طرفيها فيما يتعلق بالتغييرات التي تطرأ على أسعار المواد كأثر مباشر للتشريعات التي تصدر في مرحلة لاحقة على انعقاد العقد، فأوجب على الشركة المعروضة حالتها في هذه الحالة تزويد وزارة………. كتابيا بتفاصيل كافية عن أي تغيير في السعر الأساسي للمواد المتأثرة من صدور تشريع، وناط بالوزارة استكمال الإجراءات المتبعة في هذا الشأن، على حسب النظم المعمول بها، وذلك بالتنسيق مع الجهة المعنية، ولا مرية في أن الالتزام المتبادل بين المتعاقدين على هذا النحو ينبئ عن اتجاه إرادتهما إلى جواز مطالبة الشركة المعروضة حالتها بالتعويض عن الأضرار الناشئة عن أي زيادة تطرأ على أسعار المواد كأثر مباشر لصدور تشريع جديد في السلطنة بعد انعقاد العقد.

وحيث إنه، ولما كان البين من الأوراق أن ثمة تغييرات طرأت على أسعار الديزل الذي يعد من المواد اللازمة لتنفيذ الأعمال محل الاتفاقية، ومن ثم فلا مناص من احترام ما تلاقت عليه إرادة المتعاقدين الحقيقية في البند (٨ – ٢) من الاتفاقية المشار إليها، والعمل بمقتضاها، مما لازمه – والحالة هذه – الإقرار بأحقية الشركة المذكورة في المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بها.

وحيث إنه – ومن ناحية أخرى – ولما كان البند (٨ – ٢) من الاتفاقية المشار إليها قد حدد صراحة ما يجوز المطالبة بالتعويض عنه، وحصرها في المواد اللازمة لتنفيذ الأعمال محل الاتفاقية، وكانت الرسوم – التي تعد من أهم موارد الدولة السيادية، وتتقاضاها مقابل ما تؤديه من خدمات – لا تدخل من ضمن هذه المواد، وقد خلت النصوص الأخرى للاتفاقية من النص على أحقية الشركة المذكورة في المطالبة بالتعويض عن الرسوم التي قد يتم فرضها خلال مدة سريانها، الأمر الذي مفاده ولازمه عدم جواز مطالبة الشركة المذكورة بالتعويض عن الزيادة الشهرية في التكلفة المترتبة على فرض رسوم من قبل……………….. نظير تفريغ صهريج مياه الصرف الصحي في محطة…………

لذلك انتهى الرأي، إلى أحقية شركة…………… في المطالبة بالتعويض عن زيادة التكلفة الشهرية نتيجة ارتفاع أسعار الديزل، وعدم أحقيتها في المطالبة بالتعويض عن زيادة التكلفة الشهرية نتيجة فرض رسوم عليها من…………… نظير تفريغ صهريج مياه الصرف الصحي في محطة…………، وذلك على النحو المبين بالأسباب.