التصنيفات
فتاوى قانونية

وزارة الشؤون القانونية: فتوى رقم ١٨٢٧٠٣٢٦٥

182703265

تحميل

(٣١)
بتاريخ ٣١ / ٧ / ٢٠١٨م

١ – عقد – العقد شريعة المتعاقدين – مدى أحقيه المتعاقد في التعويض عن أي زيادة تطرأ على الأجور وأسعار المواد.

المستقر عليه قضاء وإفتاء أن الأصل الذي يحكم العقود المدنية والإدارية على حد سواء، قوامه أن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون، وأن تنفيذه يجب أن يكون طبقا لما اشتمل عليه، وبطريقة تتفق مع ما يوجبه مبدأ حسن النية في تنفيذ الالتزامات التعاقدية – اتجاه إرادة الطرفين نصا في العقد المبرم بينهما إلى جواز مطالبة الطرف المتعاقد بالتعويض عن الأضرار الناشئة عن أي زيادة تطرأ على سلم الأجور وعلى أسعار المواد كأثر مباشر لصدور تشريع جديد في السلطنة بعد تاريخ قبول العطاء -أثره – لا يوجد ثمة مانع قانوني من تعديل قيمة العقد بمقدار الزيادة التي طرأت عليه – تطبيق.

٢ – عقد – عقد إداري – أحكام تعويض المتعاقد في حالة اختلال التوازن المالي للعقد.

من طبيعة العقود الإدارية أنها تحقق بقدر الإمكان التوازن بين الأعباء التي يتحملها المتعاقد مع جهة الإدارة، وبين المزايا التي ينتفع بها بحيث إذا واجه المتعاقد مع الجهة الإدارية ما يخل باقتصاديات العقد، كان له الحق في المطالبة بإعادة التوازن المالي في ضوء النظريات الخاصة بعوارض تنفيذ العقد الإداري (نظرية عمل الأمير ونظرية الظروف الطارئة) -يحتكم في شأن مطالبة المتعاقد بالتعويض إلى شروط تطبيق النظريتين في ضوء ما أصاب المتعاقد من ضرر وما لحقه من خسارة وجسامة ذلك، كي يتسنى تحقيق التوازن المالي للعقد، وإقالة المتعاقد من عثرته، والوصول بالخسارة إلى الحد المعقول – تطبيق.


فبالإشارة إلى الكتاب رقم:…….، بتاريخ………….، الموافق……………..، بشأن طلب إبداء الرأي القانوني حول المطالبات المالية لشركة…………….. المنفذة لمشروع إنشاء شبكات توزيع المياه بمناطق……….. في ولاية…………….. في محافظة………………

وتتلخص وقائع الموضوع – حسبما يبين من الأوراق، وكتابكم المشار إليه – في أن الهيئة العامة………….. كانت قد أسندت مشروع إنشاء شبكات توزيع المياه في مناطق…… في ولاية…….. في محافظة…….. إلى شركة…….. بتاريخ……….. بموجب المناقصة رقم……، على أن يبدأ التنفيذ بتاريخ…….، وقد أنهت الشركة المنفذة العمل فعليا بتاريخ………….، وقد تقدمت الشركة المذكورة بمطالبات لتعويضها نتيجة لما واجهته خلال مدة تنفيذ العقد من تغيير في بعض التشريعات، والتي تتلخص في الآتي:

أولا: التعويض عن رفع الحد الأدنى لأجور العمانيين العاملين في القطاع الخاص اعتبارا من الأول من يوليو ٢٠١٣م، وذلك إثر صدور القرار الوزاري رقم ٢٢٢ / ٢٠١٣ بشأن تحديد الحد الأدنى لأجور العمانيين العاملين في القطاع الخاص.

ثانيا: التعويض عن رفع حصة المساهمة التي تسددها الشركات للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية من (٩,٥٪) إلى (١٠,٥٪) من أجر المؤمن عليه شهريا إثر صدور المرسوم السلطاني رقم ٦١ / ٢٠١٣ بتعديل بعض أحكام قانون التأمينات الاجتماعية.

ثالثا: التعويض عن رفع أسعار وقود السيارات (المحروقات) ابتداء من ١٥ من يناير ٢٠١٦م.

رابعا: التعويض عن الزيادة في رسوم إصدار وتجديد تراخيص استقدام القوى العاملة غير العمانية ومزاولة أعمالها إثر صدور القرار الوزاري رقم ٣٤٠ / ٢٠١٦.

وإزاء ذلك، تستطلعون الرأي القانوني حول مدى أحقية شركة……. في المطالبات المشار إليها.

وردا على ذلك، نفيد بالآتي:

أولا: فيما يتعلق بمدى استحقاق الشركة للتعويض عن زيادة أجور العمانيين العاملين في القطاع الخاص المترتبة على صدور القرار الوزاري رقم ٢٢٢ / ٢٠١٣ بشأن تحديد الحد الأدنى لأجور العمانيين العاملين في القطاع الخاص، وعن رفع أسعار وقود السيارات (المحروقات) ابتداء من ١٥ من يناير ٢٠١٦م:

فإن المادة (١٥٦) من قانون المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٢٩ / ٢٠١٣ تنص على أنه: “يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه ولا يقتصر على إلزام المتعاقد بما ورد فيه، ولكن يتناول أيضا ما هو من مستلزماته وفقا للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة التصرف”.

وتنص المادة (٥٠) من قانون العمل الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٣٥ / ٢٠٠٣ على أنه: “يضع مجلس الوزراء الحد الأدنى للأجور، وفقا لما تقتضيه الظروف الاقتصادية، وله أن يضع حدا أدنى لأجور فئة بذاتها من العمال الشاغلين لوظائف أو مهن تقتضي ظروف أو طبيعة العمل بها هذا التحديد. ويصدر بالحد الأدنى للأجور قرار من الوزير”.

وحيث إنه بتاريخ ٢ / ٢ / ٢٠١٣م وافق مجلس الوزراء الموقر على رفع الحد الأدنى لأجور العمانيين العاملين في القطاع الخاص، وتنفيذا لذلك صدر قرار وزير القوى العاملة رقم ٢٢٢ / ٢٠١٣ بتاريخ ٢٠ / ٤ / ٢٠١٣م بشأن تحديد الحد الأدنى لأجور العمانيين العاملين في القطاع الخاص، والذي ينص في المادة الأولى منه على أن: “يكون الحد الأدنى لأجور العمانيين العاملين في القطاع الخاص (٣٢٥) ثلاثمائة وخمسة وعشرين ريالا عمانيا شهريا…”.

وتنص المادة الثانية من القرار الوزاري المشار إليه على أنه: “على أصحاب الأعمال رفع الأجر الأساسي والعلاوات للعمانيين وفقا للمادة الأولى من هذا القرار مع عدم الإخلال بمقدار الأجر الأساسي والعلاوات المستحقة للعاملين الذين على رأس عملهم إذا كانت أكثر من الحد الأدنى المشار إليه”.

وتنص المادة الخامسة من القرار الوزاري ذاته على أنه: “ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية، ويعمل به اعتبارا من الأول من يوليو ٢٠١٣م”.

وتنص المادة (٧٠) من وثائق العقد الموحد لإنشاء المباني والأعمال المدنية (الطبعة الرابعة، سبتمبر ١٩٩٩م) المبرم مع شركة……………. على أنه:

“تجرى تعديلات في قيمة العقد على أساس الكلفة الصافية في الحالات الآتية:

١ – إذا حصلت تغييرات في سلم الرواتب والأجور الأخيرة والعلاوات الخاصة بالعمال والموظفين الذين تتأثر رواتبهم مباشرة بأي تشريعات جديدة تسن في سلطنة عمان بعد تاريخ رسالة قبول العطاء، ومما تكون منطبقة على العقد. وفي هذه الحالة يتوجب على المقاول تزويد المهندس بتفاصيل كافية تتعلق بالتغييرات التي طرأت على آخر سلم للرواتب والعلاوات التي دفعت وذلك قبل أن تدفع أي من هذه التغييرات أو تحسم منه.

٢ – إذا حصلت تغييرات في أسعار المواد كنتيجة مباشرة لأي تشريعات جديدة تسن في سلطنة عمان بعد تاريخ رسالة قبول العطاء. وفي هذه الحالة يتوجب على المقاول تزويد المهندس بتفاصيل كافية عن أي تغيير في السعر الأساسي للمواد المتأثرة بهذا التشريع”.

وتنص الفقرة (ج) من البند (١) في المادة (٥) من العقد ذاته على أن:

“يخضع هذا العقد ويفسر بموجب القوانين الواجبة الاتباع في سلطنة عمان”.

ومن حيث إن المستقر عليه قضاء وإفتاء أن الأصل الذي يحكم العقود المدنية والإدارية على حد سواء، قوامه أن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون، وأن تنفيذه يجب أن يكون طبقا لما اشتمل عليه، وبطريقة تتفق مع ما يوجبه مبدأ حسن النية في تنفيذ الالتزامات التعاقدية.

وحيث إن نصوص العقد المبرم مع شركة…………….. قد حددت التزامات الطرفين فيما يتعلق بالتغييرات التي تطرأ على سلم الأجور والتغييرات التي تطرأ على أسعار المواد كأثر مباشر للتشريعات التي تصدر بعد تاريخ رسالة قبول العطاء. ولا مرية في أن الالتزام المتبادل بين المتعاقدين على هذا النحو ينبئ عن اتجاه إرادتهما إلى جواز مطالبة الشركة المعروضة حالتها بالتعويض عن الأضرار الناشئة عن أي زيادة تطرأ على سلم الأجور، وعلى أسعار المواد كأثر مباشر لصدور تشريع جديد في السلطنة بعد تاريخ قبول العطاء.

وحيث إنه، ولما كان الثابت من الأوراق أن شركة…………… قامت برفع أجور العمانيين العاملين في الشركة المشار إليها تنفيذا لقرار وزير القوى العاملة رقم ٢٢٢ / ٢٠١٣ المشار إليه، وأن قائمة الكميات الواردة في العقد المبرم بين طرفيه – والتي حددت مواد المشروع – قد تضمنت احتساب أسعار الوقود ضمن الكميات المحددة، وقد طرأت تغييرات على أسعار وقود السيارات (المحروقات)، وحيث إن إرادة طرفي العقد المشار إليه قد التقت صراحة على جواز تعديل كلفته لتغطية أي زيادة قد تطرأ على سلم الأجور، وأسعار المواد وفقا للمادة (٧٠) من العقد، ومن ثم، فإنه لا يوجد ثمة مانع قانوني من تعديل قيمة العقد المشار إليه بمقدار الزيادة في أجور العاملين بالشركة الذين تأثرت أجورهم نتيجة صدور القرار الوزاري رقم ٢٢٢ / ٢٠١٣ المشار إليه، وبمقدار الزيادة التي طرأت على أسعار وقود السيارات (المحروقات).

ثانيا: وفيما يتعلق بمدى استحقاق الشركة للتعويض عن رفع حصة المساهمة التي تسددها الشركات للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية من (٩,٥٪) إلى (١٠,٥٪) من أجر المؤمن عليه شهريا إثر صدور المرسوم السلطاني رقم ٦١ / ٢٠١٣ بتعديل بعض أحكام قانون التأمينات الاجتماعية، وعن الزيادة في رسوم إصدار وتجديد تراخيص استقدام القوى العاملة غير العمانية ومزاولة أعمالها إثر صدور القرار الوزاري رقم ٣٤٠ / ٢٠١٦:

فإن البند (١) من المادة (٢٠) من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٧٢ / ٩١، والمعدل بموجب المرسوم السلطاني رقم ٦١ / ٢٠١٣، ينص على أنه: “الحصة التي يلتزم صاحب العمل بسدادها للهيئة بواقع (١٠,٥٪) من أجر المؤمن عليه شهريا”.

وتنص المادة (١٩) من قانون العمل الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٣٥ / ٢٠٠٣ على أنه: “تحدد بقرار من الوزير: (١) رسوم الترخيص باستقدام العمال غير العمانيين، ورسوم إصدار بطاقة العمل وتجديدها، وذلك بالتنسيق مع وزارة المالية بعد موافقة مجلس الوزراء…”.

وتنفيذا لذلك، صدر القرار الوزاري رقم ٣٤٠ / ٢٠١٦ بشأن رسوم إصدار، وتجديد تراخيص استقدام القوى العاملة غير العمانية، ومزاولة عملها، وقد تضمن زيادة في مقدار الرسم المستحق للترخيص باستقدام ومزاولة العمل وتسجيل بيانات العامل على النحو الوارد فيه.

وحيث إن من طبيعة العقود الإدارية أنها تحقق بقدر الإمكان التوازن بين الأعباء التي يتحملها المتعاقد مع جهة الإدارة، وبين المزايا التي ينتفع بها بحيث إذا واجه المتعاقد مع الجهة الإدارية ما يخل باقتصاديات العقد، كان له الحق في المطالبة بإعادة التوازن المالي في ضوء النظريات الخاصة بعوارض تنفيذ العقد الإداري.

ومن حيث إن نصوص العقد المبرم مع هذه الشركة قد حددت – على سبيل الحصر – حالات التغيير في فئاته، وليس من بينها رفع حصة المساهمة التي تسددها الشركات للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية، والزيادة في رسوم إصدار وتجديد تراخيص استقدام القوى العاملة غير العمانية ومزاولة أعمالها، ومن ثم، فإن بحث مدى أحقية الشركة في المطالبة بالتعويض عنها من عدمه مرهون بمدى توافر شروط النظريات الخاصة بعوارض تنفيذ العقد الإداري، التي تنحصر في الحالتين المعروضتين في نظرية عمل الأمير، ونظرية الظروف الطارئة.

وحيث إن الأحكام العامة لنظرية عمل الأمير تستوجب أن يكون العمل الضار صادرا من الجهة الإدارية المتعاقدة، وألحق ضررا خاصا بالمتعاقد معها، وهو ما لا يتوافر في الحالتين المعروضتين، مما يتعين معه استبعاد تطبيق هذه النظرية، لعدم توافر شروط إعمالها، والتولي شطر نظرية الظروف الطارئة.

وحيث إن المستقر عليه قضاء وفقها أن تطبيق نظرية الظروف الطارئة يستلزم أن تطرأ خلال مدة تنفيذ العقد الإداري حوادث أو ظروف طبيعية أو اقتصادية، أو من عمل جهة إدارية غير الجهة المتعاقدة أو من عمل إنسان آخر لم تكن في حسبان المتعاقد عند إبرام العقد، ولا يملك لها دفعا، ومن شأنها أن تنزل به خسائر فادحة تختل معها اقتصاديات العقد اختلالا جسيما.

وحيث إنه هديا بما تقدم، وكانت زيادة حصة مساهمة الشركة لدى الهيئة العامة………….. (من ٩,٥٪ إلى ١٠,٥٪ من أجر العامل)، والزيادة في رسوم إصدار وتجديد تراخيص استقدام القوى العاملة غير العمانية ومزاولة أعمالها، ليس من شأنها بحال من الأحوال أن تصيب الشركة بخسارة فادحة تتجاوز كل تقديرات الخسارة مما يبرر التدخل لإقالتها من عثرتها، والوصول بهذه الخسارة إلى الحد المعقول، وقد خلت الأوراق مما يفيد أن هذه الزيادة من شأنها إلحاق خسارة فادحة تتجاوز الحد المعقول، ومن ثم تنتفي شروط إعمال نظرية الظروف الطارئة، الأمر الذي يضحى معه طلب الشركة بتعويضها في هاتين الحالتين غير قائم على سند صحيح، وخليقا بالرفض.

لذلك انتهى الرأي إلى الآتي:

أولا: أحقية الشركة في التعويض عن زيادة أجور العمانيين العاملين في القطاع الخاص المترتبة على صدور القرار الوزاري رقم ٢٢٢ / ٢٠١٣ بشأن تحديد الحد الأدنى لأجور العمانيين العاملين في القطاع الخاص.

ثانيا: أحقية الشركة في التعويض عن رفع أسعار وقود السيارات (المحروقات) ابتداء من ١٥من يناير ٢٠١٦م.

ثالثا: عدم أحقية الشركة في التعويض عن رفع حصة المساهمة التي تسددها الشركات للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية من (٩,٥٪) إلى (١٠,٥٪) من أجر المؤمن عليه شهريا إثر صدور المرسوم السلطاني رقم ٦١ / ٢٠١٣ بتعديل بعض أحكام قانون التأمينات الاجتماعية.

رابعا: عدم أحقية الشركة في التعويض عن الزيادة في رسوم إصدار وتجديد تراخيص استقدام القوى العاملة غير العمانية ومزاولة أعمالها إثر صدور القرار الوزاري رقم ٣٤٠ / ٢٠١٦.

وذلك على النحو المبين بالأسباب.