التصنيفات
فتاوى قانونية

وزارة الشؤون القانونية: فتوى رقم ١٨٢٧٠٢٨٩٣

182702893

تحميل

(٣٢)
بتاريخ ٣١ / ٧ / ٢٠١٨م

عقد – العقد شريعة المتعاقدين – أهمية الاحتفاظ بالتوازن المالي للعقد.

إن المستقر عليه فقها وقضاء وفقا لأحكام القضاء الإداري بالسلطنة في مجال تنفيذ الالتزامات العقدية سواء كانت مدنية أو إدارية أنه يجب تنفيذها وفقا لما اشتملت عليه شروطها وبما يتفق ومبدأ حسن النية طبقا للأصل العام – مقتضى ذلك – حقوق المتعاقد مع الإدارة والتزاماته إنما تتحدد طبقا للشروط التي تربطه بجهة الإدارة، ومن طبيعة العقود الإدارية أنها تحقق – بقدر الإمكان – توازنا بين الأعباء التي يتحملها المتعاقد مع الإدارة وبين المزايا التي ينتفع بها، على أساس أن نصوص العقد تؤلف في مجموعها التلازم بين مصالح الطرفين المتعاقدين، فإذا ترتب على تعديل التزامات المتعاقد مع الإدارة زيادة في أعبائه المالية فإنه ليس من العدل ولا من المصلحة العامة نفسها أن يتحمل المتعاقد وحده تلك الأعباء، بل يكون له في مقابل ذلك أن يحتفظ بالتوازن المالي للعقد، -أساس ذلك – أن العقد ينظر إليه كوحدة من حيث تحديد الحقوق المالية للمتعاقد، فإذا ما انتهى تدخل الإدارة في العقد بالتعديل إلى الإخلال بهذه الحقوق كما حددت عند إبرام العقد، فيجب إعادة التوازن المالي للعقد إلى ما كان عليه – تطبيق.


فبالإشارة إلى الكتاب رقم:…….، بتاريخ………..، الموافق…….، بشأن طلب فتوى قانونية حول المطالبات المالية…… المنفذة لمشروع إنشاء خط المياه الناقل من محطة تحلية المياه…….. إلى خزان المياه……………..

وتتلخص وقائع الموضوع – حسبما يبين من الأوراق – في أن الهيئة…. قد أبرمت بتاريخ ١٦ / ٢ / ٢٠١٣م عقد إنشاء خط المياه الناقل من محطة تحلية المياه…… إلى خزان المياه…… مع شركة…………..، وذلك بموجب المناقصة رقم……………..، وقد تقدمت بمطالبات مالية نتيجة لما واجهته خلال مدة تنفيذ العقد من تغيير في بعض التشريعات، وهي كالآتي:

١ – المطالبة بمبلغ مالي وقدره (…….. ر.ع)………. ريالا عمانيا، وذلك نتيجة رفع الحد الأدنى لأجور الموظفين العمانيين العاملين في القطاع الخاص اعتبارا من الأول من يوليو ٢٠١٣م إزاء صدور قرار وزارة القوى العاملة رقم ٢٢٢ / ٢٠١٣ بشأن تحديد الحد الأدنى لأجور العمانيين العاملين في القطاع الخاص.

٢ – المطالبة بمبلغ مالي وقدره (…….. ر.ع)……….. ريالا عمانيا، وذلك إثر رفع حصة المساهمة التي تسددها الشركة المشار إليها إلى الهيئة………………….. بموجب البند (١) من المادة (٢٠) من قانون التأمينات الاجتماعية اعتبارا من الأول من يوليو ٢٠١٤م، وذلك وفقا للمرسوم السلطاني رقم ٦١ / ٢٠١٣ بتعديل بعض أحكام قانون التأمينات الاجتماعية.

٣ – المطالبة بمبلغ مالي وقدره (…… ر.ع)……. ريالا عمانيا، وذلك عن الزيادة في أسعار الوقود اعتبارا من ١٥ من يناير ٢٠١٦م.

وإزاء ذلك تطلبون الإفادة بالرأي القانوني حول مدى استحقاق شركة……………….. للتعويض وأحقيتها للمطالبات المالية المذكورة التي تقدمت بها بناء على العقد المبرم بينها وبين الهيئة.

وردا على ذلك، نفيد بأن المادة (١٥٦) من قانون المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٢٩ / ٢٠١٣ تنص على أن: “يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه ولا يقتصر على إلزام المتعاقد بما ورد فيه، ولكن يتناول أيضا ما هو من مستلزماته وفقا للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة التصرف”.

كما تنص المادة (١٦٥) من القانون نفسه على أن: “إذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يعدل عنها بحجة تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين، أما إذا كان في عبارة العقد غموض فيجب تفسيرها للبحث عن الإرادة المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ، ويستهدى في ذلك بطبيعة التعامل، وبالعرف الجاري، وبما ينبغي أن يسود من أمانة وثقة بين المتعاقدين”.

كما ينص البند (٧٠) من العقد المبرم بين الهيئة……………. وشركة……………..، وهو العقد الموحد لإنشاء المباني والأعمال المدنية (الطبعة الرابعة – سبتمبر ١٩٩٩)، على الآتي:

“٧٠ – التغييرات في أسعار اليد العاملة والمواد:

تجرى التعديلات في قيمة العقد على أساس الكلفة الصافية في الحالات الآتية:

١ – إذا حصلت تغييرات في سلم الرواتب والأجور الأخيرة والعلاوات الخاصة بالعمال والموظفين الذين تتأثر رواتبهم مباشرة بأي تشريعات جديدة تسن في سلطنة عمان بعد تاريخ رسالة قبول العطاء ومما تكون منطبقة على العقد. وفي هذه الحالة يتوجب على المقاول تزويد المهندس بتفاصيل كافية تتعلق بالتغييرات التي طرأت على آخر سلم للرواتب والعلاوات التي دفعت وذلك قبل أن تدفع أي من هذه التغييرات أو تحسم منه.

٢ – إذا حصلت تغييرات في أسعار المواد كنتيجة مباشرة لأي تشريعات جديدة تسن في سلطنة عمان بعد تاريخ رسالة قبول العطاء.

وفي هذه الحالة يتوجب على المقاول تزويد المهندس بتفاصيل كافية عن أي تغيير في السعر الأساسي للمواد المتأثرة بهذا التشريع”.

كما أنه من المستقر عليه فقها وقضاء وفقا لأحكام القضاء الإداري بالسلطنة في مجال تنفيذ الالتزامات العقدية سواء كانت مدنية أو إدارية أنه يجب تنفيذها وفقا لما اشتملت عليه شروطها وبما يتفق ومبدأ حسن النية طبقا للأصل العام، ومن مقتضى ذلك أن حقوق المتعاقد مع الإدارة والتزاماته إنما تتحدد طبقا للشروط التي تربطه بجهة الإدارة، ولما كان من طبيعة العقود الإدارية أنها تحقق – بقدر الإمكان – توازنا بين الأعباء التي يتحملها المتعاقد مع الإدارة وبين المزايا التي ينتفع بها، على أساس أن نصوص العقد تؤلف في مجموعها التلازم بين مصالح الطرفين المتعاقدين، فإذا ترتب على تعديل التزامات المتعاقد مع الإدارة زيادة في أعبائه المالية، فإنه ليس من العدل ولا من المصلحة العامة نفسها أن يتحمل المتعاقد وحده تلك الأعباء، بل يكون له في مقابل ذلك أن يحتفظ بالتوازن المالي للعقد، تأسيسا على أن هذا العقد ينظر إليه كوحدة من حيث تحديد الحقوق المالية للمتعاقد، فإذا ما انتهى تدخل الإدارة في العقد بالتعديل إلى الإخلال بهذه الحقوق كما حددت عند إبرام العقد، فيجب إعادة التوازن المالي للعقد إلى ما كان عليه.

وهديا بما تقدم، نفيد بالآتي:

أولا: بشأن مدى أحقية الشركة للمطالبة بالتعويض المالي نتيجة رفع الحد الأدنى لأجور الموظفين العمانيين العاملين في القطاع الخاص إزاء صدور قرار وزير القوى العاملة رقم ٢٢٢ / ٢٠١٣:

إن الثابت من الأوراق أن إرادة طرفي العقد قد التقت صراحة على أن يعمل بالعقد وفقا للقوانين واللوائح المعمول بها في السلطنة، باعتبارها القوانين والقواعد التي تحكم العقد، وأنه وفقا للبند (٧٠) الفقرة (١) من العقد فإن الطرفين اتفقا على جواز تعديل قيمة العقد على أساس الكلفة الصافية لتغطية أي زيادة قد تطرأ على سلم الأجور والعلاوات.

كما أنه، تنفيذا لما ورد بقرار وزير القوى العاملة المشار إليه المتضمن زيادة أجور القوى العاملة الوطنية اعتبارا من ١ / ٧ / ٢٠١٤م، فإن مطالبة شركة………………. بالتعويض بمقدار هذه الزيادة تغدو قائمة على سند القانون.

عليه، فإن الشركة تستحق التعويض بمقدار الزيادة في أجور العاملين العمانيين الذين تأثرت رواتبهم نتيجة صدور القرار المشار إليه.

ثانيا: بشأن رفع حصة المساهمة التي تسددها الشركة المشار إليها إلى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية بموجب الفقرة (١) من المادة (٢٠) من قانون التأمينات الاجتماعية:

بما أن المادة (١٥٦) من قانون المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٢٩ / ٢٠١٣ تنص على أن: “يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه ولا يقتصر على إلزام المتعاقد بما ورد فيه، ولكن يتناول أيضا ما هو من مستلزماته وفقا للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة التصرف”.

ولما كان من طبيعة العقود الإدارية أنها تحقق – بقدر الإمكان – توازنا بين الأعباء التي يتحملها المتعاقد مع الإدارة وبين المزايا التي ينتفع بها، على أساس أن نصوص العقد تؤلف في مجموعها التلازم بين مصالح الطرفين المتعاقدين، ولما كانت الشركة المشار إليها تطالب بتعويضها عن الزيادة في أعبائها المالية نتيجة رفع حصة مساهمتها لدى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية (من ٥.٩٪ إلى ٥.١٠٪ من أجر العامل)، فإنه ليس من العدل ولا من المصلحة العامة أن تتحمل الشركة وحدها تلك الأعباء، بل يكون لها الحق في التعويض عنها، تأسيسا على أن العقد ينظر إليه كوحدة من حيث تحديد الحقوق المالية للشركة المتعاقدة، فإذا ما انتهى تدخل الإدارة في العقد بالتعديل إلى الإخلال بهذه الحقوق كما حددت عن إبرام العقد، فوجب التعويض عن ذلك الإخلال.

عليه، فإن مطالبة الشركة بتعويضها في هذه الحالة قائمة على سند صحيح، وتكون الشركة مستحقة للتعويض بمقدار الزيادة في حصة مساهمتها للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية.

ثالثا: بشأن الزيادة في أسعار الوقود اعتبارا من ١٥ من يناير ٢٠١٦م:

وفقا للبند (٧٠) الفقرة (٢) من العقد، فإن الطرفين اتفقا على جواز تعديل قيمة العقد إذا حصلت تغييرات في أسعار المواد كنتيجة مباشرة لأي تشريعات جديدة تسن في سلطنة عمان بعد تاريخ رسالة قبول العطاء.

ولما كان الثابت أن أسعار الوقود قد تغيرت نتيجة صدور قرار مجلس الوزراء الموقر بتعديل أسعار المنتجات النفطية ابتداء من ١٥ من يناير ٢٠١٦م، وكان الوقود يعد من ضمن المواد اللازمة لتنفيذ الأعمال محل العقد كما ورد في التقرير الخاص بالأمر التغييري رقم (١٣) وحسبما تبين من قائمة الكميات الخاصة بالعقد المبرم.

عليه، فإن للشركة المشار إليها الحق في المطالبة بالتعويض عن الزيادة في أسعار الوقود، وذلك عملا بما التقت عليه إرادة المتعاقدين بموجب البند (٧٠) من العقد.

وبناء على ما تقدم، انتهى الرأي إلى أحقية شركة……… في المطالبة بالتعويض عن زيادة أجور العاملين العمانيين بها المترتبة على صدور قرار وزارة القوى العاملة رقم ٢٢٢ / ٢٠١٣ بشأن تحديد الحد الأدنى لأجور العمانيين العاملين في القطاع الخاص، وأحقيتها في المطالبة بالتعويض عن الزيادة في حصة المساهمة للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية والتي قامت الشركة بتسديدها عملا بالمرسوم السلطاني رقم ٦١ / ٢٠١٣ بتعديل بعض أحكام قانون التأمينات الاجتماعية، وأحقية الشركة المشار إليها في المطالبة بالتعويض عن الزيادة في أسعار الوقود، وذلك على النحو المبين بالأسباب.