التصنيفات
فتاوى قانونية

وزارة العدل والشؤون القانونية: فتوى رقم ١٩٢٧٢١٩٧٣

192721973

تحميل

(٣١)
بتاريخ ١٢ / ٩ / ٢٠١٩م

١ – قرار – قرار إداري – تاريخ نفاذه وترتيب آثاره القانونية.

المستقر عليه فقها وإفتاء وقضاء أن القرار بشأن تعيين الموظف يعتبر نافذا أو نهائيا بمجرد اعتماد السلطة المختصة لتوصية أو اقتراح لجنة شؤون الموظفين، واعتبارا من تاريخ هذا الاعتماد تفتتح العلاقة الوظيفية بين الموظف، وجهة عمله، وتترتب كافة الآثار القانونية على تلك العلاقة – أساس ذلك – أنه بهذا الاعتماد تعتبر جهة الإدارة قد أفصحت عن إرادتها بما لها من سلطة بمقتضى القانون في إحداث أثر قانوني ممكن وجائز، وينشأ بهذا الاعتماد مركز قانوني ذاتي للموظف المعين، لا يجوز المساس به – يعتبر القرار الذي يصدر بعد ذلك في الشكل المتعارف عليه للقرارات الإدارية بمثابة إعلان لإرادة أفصحت عنها جهة الإدارة سلفا، وتوجيها للأجهزة المختصة داخل الجهة الإدارية بإعمال، وإنفاذ قرار التعيين، وترتيب آثاره – تطبيق.

٢ – قرار – قرار إداري – لا يشترط صدوره في شكل معين.

الأصل أنه لا يشترط في القرار الإداري أن يصدر في صيغة معينة، أو في شكل معين، بل ينطبق هذا الوصف، ويجري حكما كلما أفصحت جهة الإدارة في أثناء قيامها بوظائفها عن إرادتها الملزمة بقصد إحداث أثر قانوني معين في حق الأفراد – أثر ذلك – أن الموافقة الصادرة من صاحب الاختصاص الأصيل في إصدار قرار التعيين معبرة عن إرادته تعبيرا صريحا في إحداث الأثر القانوني تعتبر قرارا إداريا منتجا لآثاره القانونية في حق الأفراد حتى ولو لم تفرغ في صياغة معينة، وتكون نافذة في هذه الحالة من تاريخ هذه الموافقة – تطبيق.

٣ – وزارة الشؤون القانونية – الفتوى القانونية الصادرة عنها تعتبر كاشفة عن صحيح حكم القانون.

الفتوى القانونية الصادرة عن وزارة الشؤون القانونية هي بيان حكم القانون في واقعة معينة غم على جهة الإدارة بيان الحكم القانوني لها، أو حل منازعة نشأت بين وحدتين أو أكثر من وحدات الجهاز الإداري للدولة – الفتوى بحسب وظيفتها كاشفة، وليست منشئة، ولذلك فإن ما تستظهره الوزارة، وهي بصدد ممارسة لوظيفتها في الإفتاء يكشف عن حكم القانون، وينزله على الواقعة محل طلب الرأي، ورأيها يكون كاشفا للحكم، وليس منشئا له – أي أنه يكون كاشفا عن الحكم الصحيح للقانون بما يؤدي إلى تطبيقه تطبيقا سليما- تطبيق.


فبالإشارة إلى الكتب المتبادلة، والمنتهية بالكتاب رقم:…………… بتاريخ …………… ه، الموافق …………… م بشأن طلب إبداء الرأي القانوني حول مدى سلامة تنفيذ وزارة ………… للتوجيهات السامية القاضية بوقف إجراءات ترقيات موظفي كافة الوحدات الحكومية المطبقة للمرسوم السلطاني رقم ٧٨ / ٢٠١٣ بإصدار جدول الدرجات والرواتب الموحد للموظفين العمانيين المدنيين في الدولة دون استثناء، أيا كانت النظم الخاضعة لها، والإجراءات المتعين اتخاذها، في ضوء قيام وزارة ………… بترقية عدد من شاغلي الوظائف الطبية والطبية المساعدة والهيئات التدريسية خلال عامي ٢٠١٦م، ٢٠١٧م، متخذة نهج إعادة التعيين، أو تغيير المسمى الوظيفي سبيلا لذلك.

وتتلخص الوقائع – حسبما يبين من الأوراق – في أن وزارة …………… قامت بإصدار قرارات التعيين في وظيفة أعلى في أثناء الخدمة لعدد من شاغلي الوظائف الطبية والوظائف الطبية المساعدة والهيئات التدريسية بلغوا (٦٨٧) ستمائة وسبعة وثمانين موظفا، وذلك خلال عامي ٢٠١٦م، ٢٠١٧م، مستندة إلى حصول بعضهم على مؤهل أعلى لم يسبق معاملتهم به وظيفيا من قبل، فضلا عن تعديل الوضع الوظيفي لبعضهم الآخر بما يتوافق مع مؤهلاتهم، وخبراتهم بعد اجتيازهم المقابلات المقررة، وقد وافقت وزارة المالية على إجراء التعديلات اللازمة على موازنة وزارة …………، مع صرف المبالغ المترتبة على ذلك.

وتذكرون معاليكم أنه للتحقق من صحة وسلامة المسلك الذي اتخذته وزارة…………… تم استطلاع رأي جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة في تلك القرارات، وقد تبين له في أثناء فحص أعمال وزارة …………… أنها قد أصدرت قرارات خلال عامي ٢٠١٦ و٢٠١٧م بشأن عدد (٦٨٧) ستمائة وسبعة وثمانين موظفا، وذلك على النحو الآتي:

أ – إعادة تعيين عدد (…………) ………… موظفا من شاغلي الوظائف الطبية والوظائف الطبية المساعدة والهيئات التدريسية خلال عام ٢٠١٦م في وظائف ودرجات مالية أعلى، وذلك لاستحقاقهم الترقية قبل صدور القرار الوزاري رقم ١٦ / ٢٠١٤ المؤرخ في ٦ / ٢ / ٢٠١٤م بإصدار اللائحة التنظيمية للشؤون الوظيفية لشاغلي الوظائف الطبية والوظائف الطبية المساعدة بالمؤسسات الطبية الحكومية (المدنية والعسكرية)، وذلك بعد الحصول على موافقة وزارة المالية.

ب – تغيير المسميات الوظيفية خلال عامي ٢٠١٦م، ٢٠١٧م لعدد (١١١) مائة وأحد عشر موظفا من شاغلي الوظائف الطبية والوظائف الطبية المساعدة والهيئات التدريسية في المؤسسات الطبية (المدنية والعسكرية)، نتيجة لتعيينهم في وظائف ودرجات مالية أعلى، وذلك دون الحصول على موافقة وزارة المالية.

وقد نعى الجهاز في تقريره على مسلك وزارة …………… بأنه قد تم اعتماد تنفيذها بأثر رجعي بالمخالفة لقانون الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ١٢٠ / ٢٠٠٤، وتعميم وزارة الخدمة المدنية رقم ٥ / ٢٠٠٨ من خلال تغيير مسمياتهم الوظيفية، أو إعادة تعيينهم، في حين كان يمكن شغل هذه الوظائف عن طريق الترقية التي حظرتها التوجيهات السامية المطاعة في هذا الشأن، فضلا عن عدم الحصول على موافقة وزارة المالية المسبقة لبعض تلك الإجراءات.

وإزاء ما تقدم تطلبون الإفادة بالرأي القانوني – وفقا للتكييف القانوني السليم – حول مدى مخالفة القرارات التي أصدرتها وزارة ……………. بشأن عدد (٦٨٧) ستمائة وسبعة وثمانين موظفا من شاغلي الوظائف الطبية والطبية المساعدة والهيئات التدريسية خلال عامي (٢٠١٦م، ٢٠١٧م) للتوجيهات السامية لجلالة السلطان المعظم – حفظه الله ورعاه – بوقف ترقيات موظفي كافة الوحدات الحكومية دون استثناء أيا كانت النظم الخاضعة لها، والإجراءات المتعين اتخاذها في حالة ثبوت مخالفة وزارة.……………. لهذه التوجيهات.

ومن حيث إنه يتعين الإشارة بداية إلى أنه قد تمت مخاطبة معاليكم بموجب الكتاب رقم: …………… المؤرخ في …………… هـ، الموافق. …………… م، لاستيفاء بعض المستندات، والإجابة عن بعض الاستفسارات من قبل وزارة ……………، حتى يتسنى للوزارة إبداء الرأي القانوني في الموضوع محل طلب الرأي الماثل، حيث طلبت موافاتها بمذكرة توضيحية تعد من قبل وزارة …………… تتضمن كافة الأسباب والمبررات واﻹجراءات السابقة ﻹصدار القرارات المشار إليها مع بيان تاريخ كل إجراء، وبيان اﻷساس القانوني الذي تم على أساسه إصدار القرارات المشار إليها، ومنها على سبيل المثال هل تم تطبيق المادة (٣٨) من اللائحة التنظيمية للشؤون الوظيفية لشاغلي الوظائف الطبية والوظائف الطبية المساعدة بالمؤسسات الطبية الحكومية) المشار إليها أم ﻻ ؟، وتحديد آلية ترقية الموظفين غير العمانيين هل تم تعديل عقودهم أم لا؟ وإرفاق بعض النسخ من القرارات المشار إليها للحالات المعروضة، على أن تتضمن كحد أدنى حالة تشتمل على نقل لدرجة مالية واحدة، ودرجتين، وثلاث، وأربع، وخمس درجات، وإرفاق محاضر اجتماعات لجنة شؤون الموظفين في وزارة …………… التي أوصت باعتماد هذه القرارات، مع بيان تاريخ اعتمادها، وبيان ما إذا كان قد تم صرف رواتب لجميع الحاﻻت المعروضة، بما فيها الحاﻻت التي لم تحصل على موافقة وزارة المالية؟، مع توضيح موقف وزارة المالية إذا كان قد تم الصرف، وهل تم إدراج هذه المصروفات في بند الرواتب في ميزانية وزارة …………… من عدمه؟، وملاحظات جهاز الرقابة المالية واﻹدارية للدولة المبلغة لوزارة …………… بتاريخ …………… م، وردود وزارة …………… عليها إذا كانت لها علاقة بالقرارات التي صدرت في عامي (٢٠١٦ / ٢٠١٧م).

وقد تلقت الوزارة كتاب رئيس مكتب معاليكم رقم ………… المؤرخ …………… هـ الموافق …………… م، والموجه إلى رئيس مكتبنا، وتضمن هذا الرد رسالة جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة رقم ……………، ومرفقاتها حول هذا الموضوع، ثم ورد إلى الوزارة الكتاب رقم:.…………… المؤرخ في ……………ه، الموافق …………… م، وقد كان عدد المرفقات (١٠) عشرة مجلدات.

وعلى إثر ذلك عقدت عدة اجتماعات داخلية لمناقشة الموضوع، ونظرا لكثرة عدد الموظفين المطلوب إبداء الرأي بشأنهم، تم فرز القرارات الصادرة في عام ٢٠١٥م على حدة، واستبعادها باعتبارها ليست محلا لطلب الرأي المنصب على القرارات الصادرة في عامي ٢٠١٦م، ٢٠١٧م، ثم تم فرز القرارات الصادرة في عامي ٢٠١٦م، ٢٠١٧م، وتم ربط تلك القرارات بمحاضر اجتماعات لجنة شؤون الموظفين، وما تضمنته من موضوعات معروضة عليها.

وبناء على ما تقدم يسرني أن أفيد معاليكم بأن نطاق البحث سيقتصر على مدى مخالفة تلك القرارات للتوجيهات السامية من عدمه، دون بحث أوجه المخالفات الأخرى للقانون التي تكون قد شابت هذه القرارات – إن وجدت -.

ومن حيث إن الثابت في الأوراق – ولاسيما تقرير جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة – أن القرارات محل طلب الرأي الماثل ليست جميعها من نوعية واحدة، بل تقسم إلى نوعين من القرارات، وذلك على النحو الآتي:

أولا: قرارات تعيين عدد (٥٧٦) خمسمائة وستة وسبعين موظفا من شاغلي الوظائف الطبية والوظائف الطبية المساعدة والهيئات التدريسية خلال عام ٢٠١٦م، وذلك لاستحقاقهم الترقية قبل صدور القرار الوزاري رقم ١٦ / ٢٠١٤ بتاريخ ٦ / ٢ / ٢٠١٤م بإصدار اللائحة التنظيمية للشؤون الوظيفية لشاغلي الوظائف الطبية والوظائف الطبية المساعدة في المؤسسات الطبية الحكومية (المدنية والعسكرية)، ومن ثم يحكمها قانون الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ١٢٠ / ٢٠٠٤.

ومن حيث إن المادة (٦) من قانون الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ١٢٠ / ٢٠٠٤ تنص على أنه: “يكون شغل الوظائف عن طريق التعيين أو الترقية أو النقل أو الندب بمراعاة توافر الشروط الواردة في بطاقات وصف الوظائف”.

وتنص المادة (٧) منه على أنه: “تنشأ في كل وحدة لجنة لشؤون الموظفين تشكل بقرار من رئيس الوحدة من عدد فردي لا يقل عن ثلاثة أعضاء، على ألا تقل وظيفة رئيس اللجنة عن مدير عام أو ما في حكمها ………… “.

وتنص المادة (٨) منه على أنه: “تختص لجنة شؤون الموظفين بالإضافة إلى ما ورد من اختصاصات بهذا القانون، بما يأتي:

أ – النظر في التعيين والترقية ومنح العلاوات التشجيعية لجميع الموظفين فيما عدا شاغلي وظيفة مدير عام وما في حكمها وما يعلوها من وظائف ……………”.

وتنص المادة (٩) من ذات القانون على أنه: “تجتمع لجنة شؤون الموظفين بناء على دعوة من رئيسها أو بناء على طلب رئيس الوحدة، وتكون توصياتها بأغلبية الآراء، فإذا تساوت الأصوات رجح الجانب الذي منه الرئيس.

وتصدر اللجنة توصياتها في مدة لا تجاوز أسبوعين من تاريخ عرض الموضوعات عليها، على أن ترفعها في مدة لا تجاوز أسبوعا من تاريخ إصدارها إلى رئيس الوحدة، وعلى رئيس الوحدة أن يبت فيها خلال (٣٠) ثلاثين يوما من تاريخ وصولها إليه فإذا اعتمدها اعتبرت تلك التوصيات نافذة من تاريخ الاعتماد، وتعين عليه إصدار القرارات المنفذة لها.

أما إذا اعترض على أي توصية، فيتعين أن يبين الأسباب، على أن يعرض ذلك على اللجنة للنظر فيه خلال أجل يحدده رئيس الوحدة بما لا يجاوز أسبوعين، وعلى اللجنة أن تبدي رأيها خلال هذه المدة، وأن ترسل ذلك إلى رئيس الوحدة لاتخاذ القرار خلال أسبوع من تاريخ وصولها إليه، ويعتبر قراره في هذه الحالة نهائيا”.

ومن حيث إنه قد صدرت الأوامر السامية لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم – حفظه الله، ورعاه – المبلغة بموجب خطاب معالي السيد / وزير ديوان البلاط السلطاني الموقر …………… المؤرخ في …………… هـ، الموافق …………… م، والمنقولة لوزارة الشؤون القانونية بكتاب معالي الشيخ وزير الخدمة المدنية نائب رئيس مجلس الخدمة المدنية المؤرخ في …………… م، والقاضية بالآتي:

أولا: …………… ثانيا: بوقف كافة الوحدات الحكومية المدنية دون استثناء أيا كانت النظم الخاضعة لها من إجراء ترقيات لموظفيها.

ومن حيث إن مفاد ما تقدم من نصوص أن المشرع في ظل أحكام قانون الخدمة المدنية الذي كان يسري على شاغلي الوظائف الطبية والوظائف الطبية المساعدة والهيئات التدريسية قبل إصدار اللائحة التنظيمية الخاصة بهم بوصفه الشريعة العامة للموظفين في وحدات الجهاز الإداري في الدولة – قد اختص لجنة شؤون الموظفين بالنظر في التعيين والترقية ومنح العلاوات التشجيعية لجميع الموظفين فيما عدا شاغلي وظيفة مدير عام وما في حكمها وما يعلوها من وظائف.

وأوجب المشرع عرض توصيات لجنة شؤون الموظفين في هذه المسائل على السلطة المختصة (رئيس الوحدة)، وأوضح أن قرارات لجنة شؤون الموظفين تعتبر نافذة اعتبارا من تاريخ اعتماد رئيس الوحدة لها أو فوات (٣٠) ثلاثين يوما على عرض تلك التوصيات عليها دون أن يبدي اعتراضا عليها، وفي حالة الاعتراض يعتبر قراره نافذا إذا لم تبد لجنة شؤون الموظفين خلال الأجل الذي حدد لها رأيا بشأن اعتراضه على توصياتها، كما بين المشرع أنه في حالة إصرار لجنة شؤون الموظفين، وتمسكها برأيها يعتبر قرار رئيس الوحدة في هذه الحالة نهائيا.

ونظرا لما أفرزه الواقع العملي من مشاكل عملية نتيجة تراخي بعض الجهات الإدارية في إصدار القرارات الكاشفة عن القرارات النافذة باعتماد توصيات لجنة شؤون الموظفين، فقد ألزم المشرع رئيس الوحدة بالمبادرة إلى إصدار القرارات المنفذة لتحقيق آثار القرارات التي نشأت فور اعتماده توصيات لجنة شؤون الموظفين.

ومن حيث إن المستقر عليه فقها وإفتاء وقضاء أن القرار بشأن تعيين الموظف يعتبر نافذا أو نهائيا بمجرد اعتماد السلطة المختصة لتوصية أو اقتراح لجنة شؤون الموظفين، واعتبارا من تاريخ هذا الاعتماد تفتتح العلاقة الوظيفية بين الموظف، وجهة عمله، وتترتب كافة الآثار القانونية على تلك العلاقة – فيما عدا استحقاق الراتب -، إذ بهذا الاعتماد تعتبر جهة الإدارة قد أفصحت عن إرادتها بما لها من سلطة بمقتضى القانون في إحداث أثر قانوني ممكن وجائز، وينشأ بهذا الاعتماد مركز قانوني ذاتي للموظف المعين، لا يجوز المساس به، ويعتبر القرار الذي يصدر بعد ذلك في الشكل المتعارف عليه للقرارات الإدارية بمثابة إعلان لإرادة أفصحت عنها جهة الإدارة سلفا، وتوجيها للأجهزة المختصة داخل الجهة الإدارية بإعمال، وإنفاذ قرار التعيين، وترتيب آثاره.

وأن الأصل أنه لا يشترط في القرار الإداري أن يصدر في صيغة معينة، أو في شكل معين، بل ينطبق هذا الوصف، ويجري حكما كلما أفصحت جهة الإدارة في أثناء قيامها بوظائفها عن إرادتها الملزمة بقصد إحداث أثر قانوني معين في حق الأفراد، ومتى كان ذلك، فإن الموافقة الصادرة من صاحب الاختصاص الأصيل في إصدار قرار التعيين ومعبرة عن إرادته تعبيرا صريحا في إحداث الأثر القانوني تعتبر قرارا إداريا منتجا لآثاره القانونية في حق الأفراد، حتى ولو لم تفرغ في صياغة معينة، وتكون نافذة في هذه الحالة من تاريخ هذه الموافقة.

وهذا النهج هو ما اطردت عليه أحكام محكمة القضاء الإداري في السلطنة، حيث قضت بأن الموظف يكتسب حقا ثابتا منذ اعتماد التوصية الصادرة لفائدته من قبل لجنة شؤون الموظفين، والمعتمدة من رئيس الوحدة.

وقد استقر إفتاء وزارة الشؤون القانونية على أن اعتماد السلطة المختصة لتوصية لجنة شؤون الموظفين هو القرار المنشئ لحق الموظف، والقرار اللاحق الصادر من رئيس الوحدة لا يعدو أن يكون إجراء تنفيذيا.

(يراجع في هذا المعنى فتوى رقم و ش ق  /  م و  /  ٢١ / ١ / ٤٢٨ / ٢٠٠٤ الصادرة بتاريخ ٢٩ / ٣ / ٢٠٠٤م).

ومن حيث إنه، وعلى هدي ما تقدم، ولما كان الثابت في الأوراق أن القرارات المشار إليها قد صدرت بناء على توصيات من لجنة شؤون الموظفين في وزارة ………… في أعوام ٢٠١٣م، ٢٠١٤م، ٢٠١٥م، وقد اعتمدت هذه التوصيات من السلطة المختصة، ومن ثم تضحى هذه القرارات نافذة بمجرد الاعتماد، ونشأ بهذا الاعتماد مركز قانوني ذاتي للموظف المعين، لا يجوز المساس به، ولاسيما أن وزارة المالية قد وافقت على اعتماد الفروق المالية المترتبة على هذه القرارات بإجمالي مبلغ، مقداره (……………) …………… تم نقلها من احتياطي الموازنة الجارية إلى وزارة ……………، وقسمت وزارة المالية هذه الفروق المالية على النحو الآتي:

أ – مبلغ (…………… ريالا عمانيا) لاعتماد الفروقات المالية لتعيين عدد.…………… موظفا من شاغلي الوظائف الطبية والوظائف الطبية المساعدة والهيئات التدريسية في غير أدنى الدرجات، وذلك بموجب كتاب الوزير المسؤول عن الشؤون المالية الموجه إلى وزير …………… والمؤرخ في …………… م.

ب – مبلغ (…………… ريالا عمانيا) لاعتماد الفروقات المالية لتعيين عدد …………… موظفا من شاغلي الوظائف الطبية والوظائف الطبية المساعدة والهيئات التدريسية في غير أدنى الدرجات، وذلك بموجب كتاب الوزير المسؤول عن الشؤون المالية الموجه إلى وزير ……………، والمؤرخ في …………… م.

وبناء على ما تقدم تغدو تلك القرارات قد نشأت بالفعل، وتحققت آثارها القانونية على أرض الواقع قبل التوجيهات السامية بوقف الترقيات، مما يجعلها بمنأى عن نطاق البحث عن مدى مخالفتها أو اتفاقها مع تلك التوجيهات السامية باعتبارها قد صدرت بالفعل باعتماد السلطة المختصة لها في تاريخ سابق على صدور هذه التوجيهات السامية، دون حاجة إلى البحث عن طبيعتها القانونية، سواء انطوت على تعيين، أو إعادة تعيين، أو حتى ترقية.

ولا ينال من ذلك صدور القرارات المنفذة بشأن الموظفين المذكورين في تاريخ لاحق على التوجيهات السامية، إذ إن ذلك مردود بما استقر عليه قضاء وإفتاء بأنه باعتماد القرارات محل البحث تكون القرارات قد أنشئت بالفعل باعتبار أن جهة الإدارة أفصحت عن إرادتها بما لها من سلطة بمقتضى القانون في إحداث أثر قانوني ممكن وجائز، ونشأ بهذا الاعتماد مركز قانوني ذاتي للموظف، لا يجوز المساس به، بحيث تكون القرارات المنفذة لها التي تصدر بعد ذلك في الشكل المتعارف عليه للقرارات الإدارية هي مجرد قرارات كاشفة، وإعلان لإرادة أفصحت عنها جهة الإدارة سلفا، وتوجيها للأجهزة المختصة داخل الجهة الإدارية بإعمال، وإنفاذ القرار، وترتيب آثاره.

ثانيا: بالنسبة لعدد (……………) …………… موظفا من شاغلي الوظائف الطبية والوظائف الطبية المساعدة والهيئات التدريسية، وقد صدرت القرارات الخاصة بهم في ظل اللائحة التنظيمية للشؤون الوظيفية لشاغلي الوظائف الطبية والوظائف الطبية المساعدة في المؤسسات الطبية (المدنية والعسكرية) الصادرة بالقرار الوزاري رقم ١٦ /  ٢٠١٤، وذلك فيما عدا طبيب استشاري  /  …………… باعتبار أنه قد صدر قرار تعيينها بتاريخ ١ / ٤ / ٢٠١٦م أي قبل صدور التوجيهات السامية، ومن ثم تخرج عن نطاق البحث الماثل، وتأخد حكم الموظفين الواردين في البند أولا.

ومن حيث إن الفتوى القانونية هي بيان حكم القانون في واقعة معينة غم على جهة الإدارة بيان الحكم القانوني لها، أو حل منازعة نشأت بين وحدتين أو أكثر من وحدات الجهاز الإداري للدولة، ومن ثم فالفتوى بحسب وظيفتها كاشفة، وليست منشئة، ولذلك فإن ما تستظهره الوزارة، وهي بصدد ممارسة لوظيفتها في الإفتاء، يكشف عن حكم القانون، وينزله على الواقعة محل طلب الرأي، ورأيها يكون كاشفا للحكم، وليس منشئا له، أي أنه يكون كاشفا عن الحكم الصحيح للقانون بما يؤدي إلى تطبيقه تطبيقا سليما، ولكفالة قيام وزارة الشؤون القانونية بدورها المنوط بها بإبداء الرأي القانوني في الحالات المعروضة عليها، فإن لها أن تستوفي ما يعن لها من مستندات، أو أوراق، أو حالات واقعية متى كان ذلك لازما، وضروريا لتكوين عقيدتها في موضوع طلب الرأي المعروض عليها.

وبناء على ما تقدم فقد تبين للمختصين لدينا- بالنسبة للقرارات الصادرة بشأن عدد (……………) …………… موظفين، الذين صدرت القرارات الخاصة بهم في ظل اللائحة التنظيمية للشؤون الوظيفية لشاغلي الوظائف الطبية والوظائف الطبية المساعدة في المؤسسات الطبية (المدنية والعسكرية) على نحو ما تقدم، أن المستندات المرفقة بطلب الرأي الماثل بحالتها الراهنة ﻻ تعين على بيان الحكم القانوني للقرارات الصادرة بشأن هؤلاء الموظفين، وبيان مدى موافقة أو مخالفة هذه القرارات للتوجيهات السامية، ولاسيما أنه قد تبين بعد فحصها أن معظمها يتعلق بصور ضوئية لمحاضر اجتماعات لجنة شؤون الموظفين لما يجاوز عدد (………) …………… موظف، ورد في بعضها معلومات منقوصة، أو غير مكتملة، وجاء بعضها الآخر غير متعلق بالموضوع، فضلا عن اشتمال المستندات على قرارات كثيرة تبين بعد فرزها أنها تتصل بموظفين صدرت قرارات تعيينهم في عام ٢٠١٥م، ومن ثم تخرج عن محل الطلب الماثل.

وبناء عليه، فإنه من الناحية القانونية يمكن تصنيف حاﻻت الموظفين المعروضة الواجب بحث مدى مخالفتها للتوجيهات السامية من عدمه إلى مجموعتين:

أوﻻهما: تضم الموظفين الذين تم تعيينهم في وظائف، ودرجات أعلى، نظرا لحصولهم على مؤهلات أعلى في أثناء الخدمة.

والثانية: تضم الموظفين الذين تم ترفيعهم درجة أو درجتين أو أكثر عن طريق تعيينهم في غير أدنى الوظائف.

ولذلك وحتى يتسنى لنا إبداء الرأي القانوني بالنسبة إليهم، يلزم بحث مدى مشروعية تلك القرارات في ضوء أحكام اللائحة التنظيمية لشاغلي الوظائف الطبية والوظائف الطبية المساعدة في المؤسسات الطبية الحكومية (المدنية والعسكرية) المشار إليها، لبيان مدى التزام وزارة …………… بالضوابط الواردة في هذه اللائحة بالنسبة للتعيين في حالة الحصول على مؤهل أعلى، أو التعيين في غير أدنى الوظائف، ومن خلال ذلك يستجلي لنا حقيقة هذه القرارات، هل هي بالفعل تعيين – وإن اختلف سندها القانوني – أم أنها تضمنت ترقية مخالفة للتوجيهات السامية اتخذت بصددها وزارة …………… نهج إعادة التعيين، أو تغيير المسمى الوظيفي سبيلا لذلك.

وعليه وحتى يتسنى إبداء الرأي القانوني بالنسبة لهذه المجموعة من الحالات المعروضة يرجى موافاتنا بالآتي:

١ – بيان الحالة الوظيفية لهؤلاء الموظفين الـ(……………)، مبينا فيه تفصيلا التدرج الوظيفي لكل منهم بدءا من قرار التعيين في أدنى الوظائف، والمؤهل العلمي الذي عومل به عند اﻻلتحاق بالخدمة ﻷول مرة، مرورا بالترقية إلى الوظائف اﻷعلى، ورقم، وتاريخ قرار الترقية لكل وظيفة، ومدة الخبرة التي قضاها كل منهم فيها، ومدة الخبرة الكلية المتوفرة لكل منهم في تاريخ التعيين في الوظيفة الحالية، هذا باﻹضافة إلى الدرجات العلمية اﻷعلى، والشهادات المهنية الحاصل عليها، وتاريخ الحصول عليها، وصورة ضوئية من قرار تعيين كل واحد منهم في وظيفته الحالية.

٢ – صورة ضوئية من إعلان وزارة …………… عن حاجتها لشغل الوظائف للمذكورين سواء أكان اﻹعلان عاما أم داخليا، وفي حالة عدم الإعلان يرجى موافاتنا بصورة ضوئية من القرار الصادر باﻹعفاء من شرط اﻹعلان.

٣- بيان الموظفين الذين حصلوا على مؤهلات أعلى في أثناء الخدمة، وصدرت بشأنهم قرارات تعيين بموجب هذه المؤهلات في تاريخ ﻻحق على التوجيهات السامية، مع بيان كل حالة، ورقمها الوظيفي، ومكان عملها، ووظيفتها السابقة، ووظيفتها الحالية، ودرجة كل منها، والمؤهل العلمي الذي عينت بموجبه في الوظيفة السابقة، والمؤهل العلمي الذي حصلت عليه في أثناء الخدمة، وقرار تعيين كل منها في الوظيفة الحالية، فضلا عن محاضر لجنة شؤون الموظفين ذات الصلة.

٤ – بيان ما إذا كانت محاضر لجنة شؤون الموظفين الخاصة بهذا العدد من الموظفين (…………).…………… قد تم اعتمادها من قبل رئيس الوحدة في تاريخ سابق أم ﻻحق على صدور التوجيهات السامية المشار إليها.

لذلك انتهى الرأي، إلى الآتي:

أولا: عدم مخالفة القرارات التي أصدرتها وزارة …………….. بتعيين عدد …………… موظفا من شاغلي الوظائف الطبية والوظائف الطبية المساعدة والهيئات التدريسية خلال عامي (٢٠١٦، ٢٠١٧م) للتوجيهات السامية لجلالة السلطان المعظم – حفظه الله، ورعاه – بوقف ترقيات موظفي كافة الوحدات الحكومية دون استثناء.

ثانيا: استيفاء بعض المستندات بالنسبة لعدد …………… موظفين، وذلك على النحو المبين تفصيلا في الأسباب.