(٢)
١٨ / ١ / ٢٠٢١م
١ – قانون – مبدأ انعدام الأثر الرجعي للقانون.
أكد النظام الأساسي للدولة على مبدأ انعدام الأثر الرجعي للقانون، فلا ينهض منطبقا إلا على ما يقع من تاريخ العمل به، وتنحسر ولايته على ما يكون حاصلا قبل ذلك العمل، إلا إذا كانت الأوضاع القانونية في طور التكوين، ولم تستكمل وجودها في ظل القانون القديم الذي كان يحكمها، فيسري عليها القانون الجديد بما له من أثر فوري ومباشر، أما إذا كانت هذه الأوضاع القانونية قد تكاملت، وتوفرت العناصر اللازمة لإنشائها، فإنها تظل محكومة بالقانون الذي نشأت، وتكاملت في ظله – تطبيق.
٢ – قرار إداري – القرار المنشئ والقرار الكاشف – أثر قرار اللجنة الطبية المختصة لعدم اللياقة الصحية للموظف.
ينقسم القرار الإداري من حيث آثاره إلى قرار كاشف وقرار منشئ، فالأول لا يستحدث مركزا قانونيا جديدا إنشاء أو تعديلا، بل يقتصر على إثبات أو تقرير حالة موجودة من قبل ومحققة بذاتها للآثار القانونية، أما الثاني فإنه يستحدث مركزا قانونيا جديدا ولا يشترط في القرار الإداري أن يصدر في صيغة معينة أو شكل معين، بل ينطبق هذا الوصف ويجري حكمه كلما أفصحت الإدارة عن إرادتها الملزمة بقصد إحداث أثر قانوني معين – أثر ذلك – أن قرار اللجنة الطبية المختصة لعدم لياقة الموظف صحيا للاستمرار في عمله، يعد قرارا منشئا للمركز القانوني للموظف – وأن قرار الجهة الإدارية بإنهاء خدمة الموظف لعدم اللياقة يعد كاشفا لسبب إنهاء الخدمة وليس منشئا له – تطبيق.
فبالإشارة إلى الكتاب رقم:………….. بتاريخ……………هـ، الموافق……………..م بشأن طلب الإفادة بالرأي القانوني حول الجهة المختصة باتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن الفاضل /……………………………….، في ضوء قرار اللجنة الطبية بإنهاء خدمته في تاريخ ١٩ من يوليو٢٠٢٠م، والقانون الواجب التطبيق حول استحقاقه للمعاش التقاعدي.
وتتلخص وقائع الموضوع – حسبما ورد في كتاب طلب الرأي – في أن الفاضل /………………….. يشغل وظيفة…………، تم نقله مع موظفي بلدية صحار إلى وزارة………………بموجب المرسوم السلطاني رقم ١٠١ / ٢٠٢٠ بإصدار نظام المحافظات والشؤون البلدية، وسبق أن تم عرض وضعه الصحي على اللجنة الطبية المختصة التي قررت في تاريخ ١٩ من يوليو٢٠٢٠م، بأنه غير لائق صحيا للاستمرار في عمله، بيد أنه لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة في حينه بإصدار قرار إنهاء خدمته لعدم اللياقة الصحية من تاريخ صدور قرار اللجنة الطبية.
وتذكرون بأنه نظرا لكون القوانين التي كان يخضع لها موظفو بلدية صحار قبل صدور المرسوم السلطاني رقم ١٠١ / ٢٠٢٠ المشار إليه، تختلف عن القوانين التي يخضع لها موظفو وزارة……………… التي تحكم العلاقة الوظيفية بين الإدارة والموظف، فقد ارتأيتم استطلاع رأي وزارة العدل والشؤون القانونية حول القانون الواجب التطبيق على المذكور، سواء من حيث الجهة المختصة بإصدار قرار إنهاء خدمته أو استحقاقه للمعاش التقاعدي.
وإزاء ما تقدم، تطلبون الإفادة بالرأي القانوني في الموضوع المشار إليه.
وردا على ذلك، يسرني أن أفيد معاليكم بأن المادة (٩٢) من النظام الأساسي للدولة تنص على أنه: “لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبل هذا التاريخ، إلا إذا نص فيها على خلاف ذلك،……”.
ومفاد ما تقدم، أن النظام الأساسي للدولة أكد على مبدأ انعدام الأثر الرجعي للقانون، فلا ينهض منطبقا إلا على ما يقع من تاريخ العمل به، وتنحسر ولايته على ما يكون حاصلا قبل ذلك العمل، إلا إذا كانت الأوضاع القانونية في طور التكوين، ولم تستكمل وجودها في ظل القانون القديم الذي كان يحكمها، فيسري عليها القانون الجديد بما له من أثر فوري، ومباشر، أما إذا كانت هذه الأوضاع القانونية قد تكاملت، وتوفرت العناصر اللازمة لإنشائها، فإنها تظل محكومة بالقانون الذي نشأت، وتكاملت في ظله.
ومتى كان ما تقدم، وكانت الواقعة محل طلب الرأي قد نشأت وتكونت وتكاملت في ظل العمل بقانون معاشات ومكافآت ما بعد الخدمة لموظفي ديوان البلاط السلطاني العمانيين الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٨٦ / ٩٦، والقانون الخاص بنظام الموظفين بديوان البلاط السلطاني رقم ٩٧ / ٩٧، فإن هذه القوانين تكون واجبة التطبيق على الواقعة المذكورة، بحيث ينحسر عنها مجال تطبيق قانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية، وقانون معاشات ومكافآت ما بعد الخدمة لموظفي الحكومة العمانيين ونظام المحافظات والشؤون البلدية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ١٠١ / ٢٠٢٠.
ومن حيث إن المادة (١) من قانون معاشات ومكافآت ما بعد الخدمة لموظفي ديوان البلاط السلطاني العمانيين الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٨٦ / ٩٦ والمعدل بالمرسوم السلطاني رقم ٥٦ / ٢٠١٩ تنص على أنه: “في تطبيق أحكام هذا القانون، تكون للكلمات والعبارات الآتية المعنى المبين قرين كل منها، ما لم يقتض سياق النص معنى آخر:…..الموظف:
كل شخص عماني يشغل وظيفة دائمة بدرجة مالية في الديوان أو في الوحدات الخاضعة لأحكام هذا القانون…….”.
وتنص المادة (٢) من القانون ذاته على أنه: “تسري أحكام هذا القانون على الآتي: أ – الموظفين العمانيين المدنيين العاملين في الديوان أو في الوحدات الخاضعة لأحكام هذا القانون…..”.
وتنص المادة (٢٣) من القانون ذاته على أنه: “يستحق الموظف معاشا إذا انتهت خدمته بأحد الأسباب والشروط الآتية:……ب – الوفاة أو عدم اللياقة الصحية بقرار من اللجنة الطبية المختصة في الديوان أيا كانت مدة الخدمة…..”.
وتنص المادة (٢) من القانون الخاص بتنظيم بلدية صحار الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٩ / ٩٧ على أن: “بلدية صحار وحدة من وحدات الجهاز الإداري للدولة تتبع ديوان البلاط السلطاني وتتمتع بالشخصية الاعتبارية…..”.
وتنص المادة (١) من القانون الخاص بنظام الموظفين بديوان البلاط السلطاني رقم ٩٧ / ٩٧ على أنه: “في تطبيق أحكام هذا القانون، يكون للكلمات والعبارات التالية المعنى الوارد أمام كل منها ما لم يقتض السياق غير ذلك:
الديوان: ديوان البلاط السلطاني والوحدات الملحقة أو التي تلحق به.
…اللجنة الطبية: لجنة أو أكثر تشكل بقرار من الوزير لدراسة الأوضاع الصحية للموظفين المحالين إليها لتقرير مدى عجزهم أو صلاحيتهم للعمل….”.
وتنص المادة (٢) من القانون ذاته على أنه: “مع مراعاة حكم المادة التالية تسري أحكام هذا القانون على جميع الموظفين بالديوان فيما عدا ما يرد به نص خاص في العقود المبرمة مع غير العمانيين”.
وتنص المادة (١٢٩) من القانون ذاته على أنه: “تنتهي خدمة الموظف العماني بأحد الأسباب الآتية: ب – عدم اللياقة الصحية بقرار من اللجنة الطبية…..”.
وتنص المادة الثالثة من نظام المحافظات والشؤون البلدية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ١٠١ / ٢٠٢٠ على أنه:”…… كما تؤول إليها كافة المخصصات والأصول والحقوق والالتزامات والموجودات الخاصة ببلدية صحار، وينقل موظفوها إلى وزارة الداخلية بذات درجاتهم المالية”.
ومن حيث إن مفاد النصوص المتقدمة، أن المشرع قرر تبعية بلدية صحار لديوان البلاط السلطاني، ومنحها الشخصية الاعتبارية، وقرر سريان قانون معاشات ومكافآت ما بعد الخدمة لموظفي ديوان البلاط السلطاني العمانيين المشار إليه، والنظام الخاص بموظفي ديوان البلاط السلطاني المشار إليه، على موظفي بلدية صحار، باعتبارها من الوحدات الملحقة بالديوان، فتسري في شأن موظفي بلدية صحار كافة الأحكام المتعلقة بنظام الموظفين في الديوان ونظام معاشات ومكافآت ما بعد الخدمة لموظفي الديوان العمانيين، منها تلك الأحكام المتعلقة بحالات إنهاء خدمة الموظف، لعدم اللياقة الصحية بقرار من اللجنة الطبية، حيث تنتهي خدمة الموظف لعدم اللياقة الصحية بقرار من اللجنة الطبية المشكلة بقرار من وزير ديوان البلاط السلطاني، لدراسة الأوضاع الصحية لموظفي الديوان والوحدات الملحقة بها، المحالين إليها، لتقرير مدى عجزهم أو صلاحيتهم للعمل.
وبصدور المرسوم السلطاني رقم ١٠١ / ٢٠٢٠ المشار إليه، وفي إطار إعادة هيكلة وحدات الجهاز الإداري للدولة، قرر المشرع أيلولة جميع المخصصات والأصول والحقوق والالتزامات والموجودات الخاصة ببلدية صحار إلى وزارة……….، ونقل جميع موظفي البلدية إلى وزارة الداخلية بذات درجاتهم المالية.
ولما كان الأصل في النصوص التشريعية، هو أن تحمل على مقاصدها التي توخاها المشرع حقا حين صاغها، وألا تفسر عبارتها على وجه يحيد بها عن معناها، أو بما يؤول معه إلى النكول عن حقيقة مراميها، أو ينتزعها من واقعها الذي تحدد لها، مما يدفع بها إلى الوجهة التي ابتغاها المشرع من وراء تقريرها، وما عناه منها، وبما يكشف عن إرادته الحقيقية التي لا يسوغ الالتواء عليها، ويفترض في تلك النصوص – دائما – أن تكون كاشفة عنها، ومبلورة لها، ومتلائمة معها.
ومن حيث إن المستقر عليه إفتاء وقضاء أن القرار الإداري ينقسم من حيث آثاره إلى قرار كاشف وقرار منشئ، فالأول لا يستحدث مركزا قانونيا جديدا إنشاء أو تعديلا، بل يقتصر على إثبات أو تقرير حالة موجودة من قبل ومحققة بذاتها للآثار القانونية، أما الثاني فإنه يستحدث مركزا قانونيا جديدا.
ولا يشترط في القرار الإداري أن يصدر في صيغة معينة أو شكل معين، بل ينطبق هذا الوصف ويجري حكمه كلما أفصحت الإدارة عن إرادتها الملزمة بقصد إحداث أثر قانوني معين.
فإنه وبالتطبيق لما تقدم، ولما كان المعروضة حالته، كان يشغل وظيفة (كاتب أول) في بلدية صحار – آنذاك -، وتسري في شأنه أحكام المرسوم السلطاني رقم ٨٦ / ٩٦ المشار إليه، والمرسوم السلطاني رقم ٩٧ / ٩٧ المشار إليه، وقررت اللجنة الطبية المختصة في الديوان بتاريخ ١٩ من يوليو ٢٠٢٠م بأنه غير لائق صحيا للاستمرار في عمله، إلا أنه لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة في حينه تنفيذا لقرار اللجنة الطبية، ولما كانت من بين أسباب إنهاء خدمة الموظف في ديوان البلاط السلطاني عدم اللياقة الصحية بقرار من اللجنة الطبية المختصة في الديوان، ومن ثم فإن سلطة جهة الإدارة في إنهاء خدمة الموظف مرهونة بصدور قرار منشئ من الجهة الطبية المختصة بعدم لياقته صحيا لشغل الوظيفة، بما مؤداه أن القرار الصادر عن جهة الإدارة بإنهاء خدمة الموظف لعدم اللياقة الصحية يعد كاشفا لسبب إنهاء الخدمة لا منشئا له، وبالتالي فإن المركز القانوني للموظف بإنهاء الخدمة لعدم لياقته صحيا يكون قد نشأ واكتمل بمجرد صدور قرار الجهة الطبية المختصة بعدم لياقته صحيا لشغل الوظيفة، وهو المقصد الذي توخاه المشرع صراحة حين صاغ عبارة النص بإنهاء خدمة الموظف لعدم اللياقة الصحية بقرار من اللجنة الطبية المختصة، إذ لم يتطلب أي إجراء آخر لاعتماده، باعتباره نافذا بذاته، وتولد به مركز قانوني ذاتي، وأضحى بموجبه صاحب حق مكتسب واجب الأداء، ومن ثم فلا يجوز المساس به، ولا يقف في سبيل استيفاء هذا الحق تراخي جهة الإدارة في إصدار القرار الكاشف بإنهاء خدمته، وبالتالي يستحق المعروضة حالته ما رتبه القرار الصادر من اللجنة الطبية من حقوق استنادا إلى قانون معاشات ومكافآت ما بعد الخدمة لموظفي ديوان البلاط السلطاني العمانيين الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٨٦ / ٩٦، ونظام الموظفين بديوان البلاط السلطاني رقم ٩٧ / ٩٧، السارية على الواقعة المعروضة، وذلك اعتبارا من تاريخ صدوره في ١٩ / ٧ / ٢٠٢٠م.
وبالبناء على ما تقدم، فإنه ينتفي القول بأن الموظف المعروضة حالته قد تم نقله إلى وزارة………… بصدور المرسوم السلطاني رقم ١٠١ / ٢٠٢٠ المشار إليه بتاريخ ١٨ / ٨ / ٢٠٢٠م، والتي يسري في شأن موظفيها قانون الخدمة المدنية وقانون معاشات ومكافآت ما بعد الخدمة لموظفي الحكومة العمانيين.
لذلك، انتهى الرأي إلى الآتي:
أولا: أن الجهة المختصة باتخاذ إجراءات إنهاء خدمة الموظف المعروضة حالته في ضوء قرار اللجنة الطبية بإنهاء الخدمة، هي ديوان البلاط السلطاني، وذلك على النحو المبين بالأسباب.
ثانيا: أن القانون المطبق والذي يحكم الموظف المعروضة حالته هو قانون معاشات ومكافآت ما بعد الخدمة لموظفي ديوان البلاط السلطاني العمانيين المشار إليه.