(٤٢)
٩ / ٨ / ٢٠٢١م
حكم قضائي – عدم صحة القرار الإداري – أثره.
الأصل المستقر عليه أن الحكم الصادر بعدم صحة القرار الإداري قد يقتصر على أثر من آثار القرار أو جزء منه مع بقاء ما عدا ذلك سليما، فتسمى عدم الصحة النسبية أو الجزئية، وقد تكون عدم الصحة شاملة لجميع أجزائه بحيث يتناول القرار جميعه بكل آثاره أي يترتب عليه إعدام القرار كله، وهو ما يسمى بعدم صحة القرار مجردا أو كاملا، ويكون من شأن حجية الحكم الصادر بعدم الصحة أن يضحى القرار المقضي بعدم صحته كأن لم يكن، ولا يحتج به في مواجهة أحد، وينبني على ذلك، أنه إذا صدر حكم بعدم صحة القرار الإداري، فيتعين على جهة الإدارة عند تنفيذ هذا الحكم أن تزيل القرار المقضي بعدم صحته، وكافة ما يترتب عليه من آثار بأثر رجعي من تاريخ صدوره حتى تاريخ الحكم بعدم صحته – تطبيق.
فبالإشارة إلى الكتاب رقم:……………..المؤرخ في…………هـ، الموافق………………..م، في شأن طلب الإفادة بالرأي القانوني حول تصحيح أوضاع بعض موظفي وزارة…………..
وتتلخص وقائع الموضوع – حسبما يبين من الأوراق – في أن وزارة الخارجية قد قامت بتصحيح أوضاع (٢) اثنين من موظفيها، وذلك على النحو الآتي:
أولا: عينت السكرتير ثان /……………في وزارة……………. بتاريخ…….م، بالدرجة المالية…………..بمسمى “………………”، وبتاريخ……………..م رقيت إلى الدرجة المالية…………… بمسمى “……………..”، وحصلت المعروضة حالتها على مؤهل البكالوريوس بتاريخ………………..م، ومن ثم تقدمت بطلب تعديل وضعها الوظيفي، إلا أنها بتاريخ……………..م تلقت ردا من الدائرة المختصة مفاده بأن وضعها لا يزال قيد الدراسة، وقامت وزارة……… بتاريخ………….م بتعيين موظفة جديدة على الدرجة ذاتها التي تطالب بها المذكورة، الأمر الذي أدى إلى تقدم المعروضة حالتها بتظلم تطالب فيه بإلغاء قرار تعيين الموظفة الجديدة، وتعيينها على الدرجة المالية العاشرة بمسمى……………، وبأثر رجعي منذ تاريخ حصولها على مؤهل البكالوريوس، وتشيرون بأن المذكورة أقامت بتاريخ……………..م دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري مطالبة بعدم صحة قرار تعيين الموظفة الجديدة، قيدت برقم (………..) لسنة(……….) قضائية، والتي قضت فيها المحكمة بعدم صحة قرار تعيين الموظفة الجديدة مجردا، وتذكرون بأن المعروضة حالتها قامت بإعادة المطالبة بتصحيح وضعها في نهاية عام………..م، وانتهى رأي الدائرة القانونية في وزارة…………… بتعديل الدرجة المالية للمذكورة، الأمر الذي استتبع معه صدور القرار الوزاري رقم………….. الصادر بتاريخ………………م، بتعديل وضع المعروضة حالتها إلى الدرجة المالية العاشرة بمسمى “……………”، اعتبارا من………………م.
ثانيا: التحق……………. /………….. بـ…………………….. التابع لوزارة……………. بموجب عقد مؤقت اعتبارا من……………م، وقرر مجلس الوزراء الموقر في جلسته رقم ٢٧ / ٢٠١١م بتاريخ………………م، الآتي:” وافق مجلس الوزراء على تثبيت…………… الذي يعمل بعقد مؤقت في……………. منذ…………….م، مع احتساب المستحقات التقاعدية اعتبارا من بداية التعاقد مع المذكور”، عليه، قامت وزارة……… بتعيينه بموجب القرار الوزاري رقم……………. بوظيفة………….. بالدرجة المالية…………..، ويعمل بالقرار اعتبارا من تاريخ………….م وتذكرون بأن الدائرة القانونية في وزارة………….. قد قامت بمخاطبة دائرة الموارد البشرية في الوزارة ذاتها لتصحيح القرار بتعيين المعروضة حالته في ضوء قرار مجلس الوزراء الموقر المشار إليه، وتشيرون بأن وزارة…………. قد قامت بالاستئناس برأي صندوق تقاعد موظفي الخدمة المدنية في شأن الاشتراكات المستحقة على المذكور عن الفترة من تاريخ………….حتى تاريخ…………………م، حيث أفاد الصندوق بأنه يتعين تصحيح قرار تعيين المعروضة حالته بتثبيته اعتبارا من……………..م وفق قرار مجلس الوزراء الموقر، واحتساب اشتراكاته ابتداء من…………………….م، الأمر الذي أدى إلى صدور قرار وزاري رقم………..بترقية المذكور إلى الدرجة المالية………….. بمسمى “…………..” اعتبارا من………………م، وتعويضه الفروقات المالية اعتبارا من…………………م.
وتشيرون بأن وزارة………. قد خاطبت وزارة المالية في شأن تعديل الدرجات المالية للموظفين المشار إليهما، إلا أن وزارة المالية أفادت فيما يتعلق بالفاضلة…………………. بأن حكم محكمة القضاء الإداري لم يمنح المذكورة حقا في شغل الوظيفة وتعديل درجتها، وفيما يتعلق بالفاضل /………………… ارتأت وزارة المالية مخاطبة وزارة العدل والشؤون القانونية للاستئناس برأيها القانوني في شأن المعروضة حالته.
وإزاء ما تقدم، فإنكم تطلبون الإفادة بالرأي القانوني حول الموضوع المشار إليه.
وردا على ذلك، يسرني أن أفيدكم بالآتي:
أولا: فيما يتعلق بالفاضلة /……………………..:
فإنه لما كانت المادة (٨١) من النظام الأساسي للدولة تنص على أنه: “تصدر الأحكام وتنفذ باسم السلطان، ويكون الامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين جريمة يعاقب عليها القانون، وللمحكوم له في هذه الحالة حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة إلى المحكمة المختصة”.
وأن المادة (٥٥) من قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٦٨ / ٢٠٠٨، تنص على أنه: “الأحكام التي حازت حجية الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلا وسببا. وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها”.
وأن المادة (٢٣) من قانون محكمة القضاء الإداري الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٩١ / ٩٩ تنص على أنه: “تسري في شأن جميع الأحكام القواعد الخاصة بقوة الشيء المحكوم فيه، على أن الأحكام الصادرة بعدم صحة القرار تكون حجة على الكافة”.
وحيث إنه يستظهر مما تقدم، أن النظام الأساسي للدولة قد جعل إصدار الأحكام القضائية وتنفيذها باسم جلالة السلطان المعظم – حفظه الله ورعاه -، وبالنظر إلى أهمية وضرورة احترامها عدا الامتناع عن تنفيذها، أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين، جريمة يعاقب عليها القانون، ومنح للمحكوم له في هذه الحالة الحق في رفع الدعوى الجنائية مباشرة إلى المحكمة المختصة، وأن المشرع بموجب قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية المشار إليه أضفى على جميع الأحكام القضائية القطعية حجية الأمر المقضي، وحظر قبول دليل يناقض هذه الحجية، وجعل – بموجب المادة (٢٣) من قانون محكمة القضاء الإداري المشار إليه – الأحكام الصادرة عن هذه المحكمة بمختلف درجاتها تحوز قوة الشيء المحكوم فيه، وهذه القوة تشمل في طياتها الحجية، وقرر أن الأحكام الصادرة بعدم صحة القرارات الإدارية تكون حجة على الكافة.
متى كان ما تقدم، وكان الأصل المستقر عليه أن الحكم الصادر بعدم صحة القرار الإداري قد يقتصر على أثر من آثار القرار أو جزء منه مع بقاء ما عدا ذلك سليما، فتسمى عدم الصحة النسبية أو الجزئية، وقد تكون عدم الصحة شاملة لجميع أجزائه بحيث يتناول القرار جميعه بكل آثاره أي يترتب عليه إعدام القرار كله، وهو ما يسمى بعدم صحة القرار مجردا أو كاملا، ويكون من شأن حجية الحكم الصادر بعدم الصحة أن يضحى القرار المقضي بعدم صحته كأن لم يكن، ولا يحتج به في مواجهة أحد، وينبني على ذلك، أنه إذا صدر حكم بعدم صحة القرار الإداري، فيتعين على جهة الإدارة عند تنفيذ هذا الحكم أن تزيل القرار المقضي بعدم صحته، وكافة ما يترتب عليه من آثار بأثر رجعي من تاريخ صدوره حتى تاريخ الحكم بعدم صحته.
وبتطبيق ما تقدم على الحالة المعروضة، فإنه لما كان يبين من الاطلاع على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري – الدائرة الابتدائية في الدعوى رقم (………..) لسنة (……..) قضائية أن المحكمة قضت بشأن الطعن في قرار وزارة….. بتعيين الفاضلة /…………………. في وظيفة……. بالدرجة المالية…………… بعدم صحته مجردا، وأقامت قضاءها في هذا الشأن على فقدان هذا القرار لسببه المبرر له، ومخالفته لقواعد المفاضلة المنصوص عليها في المادة (٦) من قانون تنظيم وزارة الخارجية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٣٢ / ٢٠٠٨ في شأن تعيين أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي، الأمر الذي يقضي العودة بالحال على ما كان عليه قبل صدور قرار تعيين الموظفة الجديدة، وكأنه لم يصدر، ولم يكن له وجود، دون أن يرتب ذلك للمعروضة حالتها أو زميلاتها في العمل أو باقي المرشحين الآخرين حقا لشغل الوظيفة محل الدعوى، ولوزارة……… بعد ذلك اتخاذ ما يلزم لإعادة إجراءات شغل الوظيفة محل النزاع الماثل وفقا للشروط المتطلبة قانونا.
ولما كان مقتضى تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري – الدائرة الابتدائية المشار إليه الصادر بعدم صحة قرار وزارة………… المشار إليه مجردا، والذي لم يبن في الأوراق الطعن فيه بالاستئناف، أن تقوم وزارة…… بسحب هذا القرار بأثر رجعي من تاريخ صدوره، وتعيد الحال إلى ما كان عليه قبل صدوره، فتتخذ ما يلزم لإعادة إجراءات شغل وظيفة………وفقا للإجراءات والشروط المتطلبة قانونا، باعتبار أن الحكم المشار إليه لم يكسب المعروضة حالتها حقا في شغل هذه الوظيفة، وهو ما صرحت به المحكمة في أسباب حكمها من عدم ترتيب أي حق للمعروضة حالتها أو زميلاتها في العمل أو باقي المرشحين الآخرين في شغل الوظيفة.
ولما كان الثابت من الأوراق، أنه تم تعديل وضع المعروضة حالتها إلى الدرجة المالية…………….مسمى……، وتعويضها عن الفروقات المالية لدرجة التعديل، وذلك بموجب القرار رقم………. استنادا إلى حكم محكمة القضاء الإداري المشار إليه، وكأثر من آثاره، ولما كان هذا الحكم لم يكسب حقا للمعروضة حالتها في شغل هذه الوظيفة على النحو سالف البيان، عليه يكون هذا القرار الصادر في شأن المعروضة حالتها استنادا إلى حكم محكمة القضاء الإداري المشار إليه فاقدا سنده القانوني، ويعتبر هو والعدم سواء بسواء.
ثانيا: فيما يتعلق بحالة الفاضل /……………………: فإنه، ولئن كان الثابت من الأوراق أن المذكور قد التحق بالنادي الدبلوماسي التابع لوزارة الخارجية بموجب عقد مؤقت اعتبارا من………………..م، وصدر في شأنه قرار مجلس الوزراء في الجلسة رقم ٢٧ / ٢٠١١ المشار إليه، والذي نص على أنه:” وافق مجلس الوزراء على تثبيت……………………………. الذي يعمل بعقد مؤقت في……… منذ الأول من نوفمبر ٢٠١٠م، مع احتساب المستحقات التقاعدية اعتبارا من بداية التعاقد مع المذكور”، ولما كانت وزارة…….. قد قامت بتعيين المعروضة حالته بموجب القرار الوزاري رقم ٥٠١ / ٢٠١١ بوظيفة كاتب إداري بالدرجة المالية الثامنة.
وبناء عليه، ولئن كان كتاب الرأي القانوني قد ورد به أن المعروضة حالته التحق ب………… بعقد مؤقت، وخلت الأوراق من نسخة العقد المشار إليه.
ولما كان إبداء الرأي القانوني – في شأن المعروضة حالته – يقتضي بيان طبيعة التي كان يشغلها المعروضة حالته بعقد مؤقت، من حيث كونها وظيفة دائمة أم مؤقتة.
وعليه، أكون شاكرا لمعاليكم موافاة وزارة العدل والشؤون القانونية بالأوراق والمستندات ذات الصلة.
لذلك، انتهى الرأي إلى الآتي:
أولا: فيما يتعلق بالفاضلة /……………….. عدم صحة القرار الوزاري رقم……………….بتعديل وضع المعروضة حالتها إلى الدرجة المالية العاشرة بمسمى……….، وتعويضها عن الفروقات المالية لدرجة التعديل.
ثانيا: فيما يتعلق بالفاضل /………………… إرجاء إبداء الرأي القانوني في شأنه لحين موافاة وزارة العدل والشؤون القانونية بالأوراق والمستندات ذات الصلة، وذلك على النحو المبين بالأسباب.