التصنيفات
فتاوى قانونية

وزارة العدل والشؤون القانونية: فتوى رقم ٢٢٢٧٥٧٢١٤

تحميل

(٩)
٥ / ٤ / ٢٠٢٢م

موظف – المسؤولية المدنية للموظف – التفريق بين الخطأ المرفقي والخطأ الشخصي – مسؤولية الموظف عن خطئه الشخصي.

الأصل المقرر أنه لا يجوز لجهة الإدارة الرجوع إلى أي من موظفيها في ماله الخاص لاقتضاء ما تحملته من أضرار عن أخطائهم إلا إذا اتسم هذا الخطأ بطابع شخصي – أساس ذلك – أن الموظف لا يسأل مدنيا عن أخطائه المرفقية، وإنما يسأل فقط عن أخطائه الشخصية – لا توجد ثمة قاعدة عامة مجردة تضع ضوابط محددة تفصل بوجه قاطع فيما بين الأخطاء المرفقية والأخطاء الشخصية التي يرتكبها الموظف، وإنما يتحدد نوع الخطأ في كل حالة على حدة تبعا لما يستخلص من ظروف الحالة، وملابساتها، مع الاستهداء بمعايير عدة، منها: نية الموظف، ومبلغ الخطأ من الجسامة، والدافع إلى ارتكابه – إذا كان العمل الضار غير مصطبغ بطابع شخصي، بل ينم عن تعرض الموظف للخطأ والصواب، فإن خطأه في هذه الحالة يعتبر مرفقيا، وكذلك الأمر في شأن الخطأ الذي يثبت في حق المرفق نفسه بسبب سوء تنظيمه وإدارته – أما إذا كان العمل الضار مصطبغا بطابع شخصي، فإن الخطأ في هذه الحالة يكون خطأ شخصيا – تطبيق.

فبالإشارة إلى الكتاب رقم:………….. المؤرخ في………….ه، الموافق……………م، بشأن طلب الإفادة بالرأي القانوني حول مدى التزام الموظف…………….. بسداد قيمة السيارة الحكومية التي تسبب في إلغائها.

وحاصل وقائع الموضوع – حسبما يبين في الأوراق – أن المعروضة حالته قد تعرض لحادث مروري في أثناء قيامه بمهمة عمل إلى أحد المصارف لتوصيل التحويلات المستحقة لموظفي الوزارة، وبتخطيط هذا الحادث بمعرفة شرطة عمان السلطانية، فقد تم احتساب الخطأ عليه، ثم تقرر لاحقا إلغاء المركبة الحكومية التي كان يقودها، وعدم إمكانية إعادة تسجيلها في نظام تسجيل المركبات.

وبتاريخ ٢٢ من فبراير ٢٠١٧م، قامت وزارة…………………..بمخاطبة وزارة المالية للموافقة على شطب المركبة، وإعفاء المعروضة حالته من دفع قيمتها؛ استنادا إلى المادة (٧) من القانون المالي التي أجازت لوزير المالية شطب قيمة الخسائر التي تلحق بالأموال العامة، وإعفاء المتسبب – كليا أو جزئيا – من هذه القيمة، وردا على ذلك، أفادت وزارة المالية بموجب كتابها المؤرخ في………………أنه استنادا إلى المادة (١٢٩ / ١) من اللائحة التنفيذية للقانون المالي، فقد تعذرت الموافقة على إعفاء المعروضة حالته من قيمة إصلاح المركبة الحكومية البالغ مقدارها (١٩٩,٧٦٨٫٥ ر.ع) خمسة آلاف ومائة وتسعة وتسعين ريالا عمانيا وسبعمائة وثمان وستين بيسة.

وتنفيذا لما أفادت به وزارة المالية من تعذر إعفاء المعروضة حالته من قيمة إصلاح المركبة، فقد شرع المختصون في وزارة……….. في استقطاع جزء من راتب المعروضة حالته لاسترداد قيمة المركبة، وبتظلم المعروضة حالته من هذا الإجراء، فقد تباينت وجهات النظر لدى المختصين لديكم في مدى اعتبار الخطأ الذي وقع من المعروضة حالته خطأ شخصيا يتحمله أم خطأ مرفقيا تتحمله الوزارة، نظرا لدقة التمييز بين نوعي الخطأ من الناحية القانونية.

وإزاء ما تقدم، فإنكم تطلبون الإفادة بالرأي القانوني.

وردا على ذلك، نفيد بأن المادة (٣٢) من قانون المرور الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٢٨ / ٩٣ تنص على أنه: “على سائقي المركبات الالتزام بقواعد المرور وآدابه وعلاماته وإشاراته، واتباع تعليمات رجال الشرطة في هذا الشأن.

وتبين اللائحة التنفيذية هذه القواعد والآداب والعلامات، والإشارات والحدين الأدنى والأقصى لسرعة المركبات، وآلية ووسائل ضبط المخالفات، والغرامات التي توقع على المخالف”.

وتنص المادة (٣٥) من القانون ذاته على أنه: “يحظر سياقة أية مركبة على الطريق بدون ترو أو بسرعة أو تحت تأثير خمر أو مخدر أو بطريقة تشكل خطورة أو تعرض حياة الأشخاص أو أموالهم للخطر.

وتسحب رخصة السياقة في حالة مخالفة حكم الفقرة السابقة وذلك دون إخلال بالعقوبة المقررة”.

وتنص المادة (٧٧) من اللائحة التنفيذية لقانون المرور الصادرة بالقرار رقم ٢٣ / ٩٨ على أنه: “يجب على مستعملي الطريق، سواء كانوا مشاة أو قادة مركبات أو سائقي حيوانات الالتزام بقواعد وآداب المرور واتباع إشاراته وعلاماته وتعليمات رجال الشرطة في ذلك وعليهم أيضا بذل العناية القصوى والتزام الحذر والاحتياط اللازمين وأن لا يؤدي مسلكهم إلى الإضرار بالغير أو تعريضه للخطر أو مضايقته بأكثر مما تستوجبه الظروف ولا تسمح بتجنبه”.

وتنص المادة (١٠٣) من قانون الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ١٢٠ / ٢٠٠٤ على أنه: “الوظائف العامة تكليف للقائمين بها هدفها خدمة المواطنين تحقيقا للمصلحة العامة، ويجب على الموظف مراعاة أحكام هذا القانون وغيره من القوانين واللوائح، ويجب عليه بصفة خاصة:

أ – …….

و –  أن يحافظ على أموال وممتلكات الوحدة التي يعمل بها”.

وتنص المادة (١٠٦) من القانون ذاته على أنه: “كل موظف يخل بالواجبات والمسؤوليات أو يرتكب المحظورات المنصوص عليها في هذا القانون ولائحته أو يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته أو يظهر بمظهر من شأنه الإخلال بكرامة الوظيفة، يعاقب بإحدى العقوبات المنصوص عليها في المادة (١١٦).

ويعفى الموظف من العقوبة إذا ثبت أن ارتكابه المخالفة كان تنفيذا لأمر مكتوب صدر إليه من رئيسه بالرغم من تنبيهه كتابة إلى المخالفة، وفي هذه الحالة تكون المسؤولية على مصدر الأمر وحده.

ولا يسأل الموظف مدنيا إلا عن خطئه الشخصي”.

وتنص المادة (٧) من القانون المالي الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٤٧ / ٩٨ على أنه: “صلاحيات الوزير بالنسبة لشطب قيمة الخسائر التي تلحق الأموال العامة.

للوزير سلطة البت في شطب قيمة الخسائر التي تلحق الأموال العامة فيما لا يجاوز مبلغ عشرة آلاف ريال عماني في المرة الواحدة، وذلك في حالة عدم وجود مسؤول عن تلك الخسائر أو إذا تعذرت معرفته رغم إجراء التحقيق اللازم.

كما يكون للوزير تحميل قيمة الخسائر التي تلحق السيارات الحكومية على جانب الحكومة، وإعفاء المتسبب – كليا أو جزئيا – من هذه القيمة، وذلك بناء على طلب الوزير المختص وفيما لا يجاوز مبلغ خمسة آلاف ريال عماني في المرة الواحدة…….”.

وتنص المادة (١٢٩) من اللائحة التنفيذية للقانون المالي الصادرة بالقرار الوزاري رقم ١١٨ / ٢٠٠٨ على أنه: “المطالبة بتكاليف إصلاح وتعويض ما يصيب السيارات الحكومية من أضرار بسبب الحوادث:

١ – إذا ثبت أن الحادث وقع للسيارة الحكومية بسبب خطأ شخصي من سائقها، تتولى الوحدة الحكومية مطالبته بتكاليف الإصلاح أو التعويض اللازم بمراعاة المرسوم السلطاني رقم ١١٥ / ٩٤ المشار إليه.

٢ – إذا ثبت أن الحادث قد وقع بسبب ظروف خارجة عن إرادة السائق لم يكن في وسعه توقعها أو دفعها، تتحمل الحكومة التكاليف اللازمة للإصلاح أو تشطب قيمة السيارة وفقا لأحكام القانون المالي…

٣ – إذا ثبت أن الحادث وقع للسيارة الحكومية بسبب خطأ من الغير، تتولى الوحدة الحكومية اتخاذ الإجراءات اللازمة لمطالبة شركة التأمين المؤمن لديها، أو مطالبة المتسبب في الحادث بتكاليف الإصلاح أو تعويض ما أصاب السيارة من ضرر، وذلك وفقا لأحكام قانون تأمين المركبات والقرارات والقواعد المنفذة له”.

ومفاد ما تقدم من نصوص قانونية، أنه انطلاقا من تطورات العصر الحديث، واتساع نطاق استخدام المركبات على الطرق في التنقلات اليومية، بحيث أصبحت قيادة المركبات واستعمال الطرق من الضروريات التي لا غنى عنها، وإدراكا لخطورة الحوادث المرورية التي يترتب عليها إهدار الأنفس والأموال العامة والخاصة، مما يتطلب العمل على مواجهتها، والقضاء عليها بشتى الطرق والوسائل، فقد عمد المشرع إلى إصدار قانون المرور المشار إليه، مستهدفا تحقيق الأمن والسلامة لقائدي المركبات، ومستخدمي الطرق، حيث فرض على سائقي المركبات التزاما باتباع قواعد المرور، وآدابه، وعلاماته، وإشاراته، وحظر سياقة أي مركبة على الطريق بدون ترو أو بطريقة تشكل خطورة أو تعرض حياة الأشخاص أو أموالهم للخطر، وهو ما أكدته اللائحة التنفيذية لهذا القانون عندما أوجبت على مستعملي الطرق من قادة المركبات الالتزام بقواعد وآداب المرور، واتباع إشاراته، وعلاماته، وفرضت عليهم الالتزام ببذل العناية القصوى والتزام الحذر والاحتياط اللازمين، وألا يؤدي مسلكهم إلى الإضرار بالغير أو تعريضه للخطر.

ولئن كان الموظف العام يتمتع بجملة من الحقوق منحها إياه المشرع بمقتضى أحكام قانون الخدمة المدنية، إلا أن المشرع فرض عليه – في مقابل ذلك – مجموعة من الواجبات الوظيفية، بحيث إذا أخل بها يعاقب بإحدى العقوبات المقررة قانونا، وهذه الواجبات الوظيفية تتخذ إما صورة سلبية وإما صورة إيجابية، وتتمثل الواجبات السلبية في فرض التزام على الموظف بالامتناع عن عمل، كالالتزام بعدم إفشاء الأسرار الوظيفية، وتتمثل الواجبات الإيجابية في إلزام الموظف بالقيام بعمل، ومن ذلك ما أوجبته المادة (١٠٣) من هذا القانون من قيام الموظف بالمحافظة على أموال وممتلكات الوحدة التي يعمل بها، وضرورة مراعاته أحكام ذلك القانون وغيره من القوانين واللوائح، ومنها قانون المرور ولائحته التنفيذية المشار إليهما.

وفي معرض بيان المسؤولية المدنية للموظف عن الأخطاء التي يرتكبها في أثناء قيادته للمركبة الحكومية، فقد قرر المشرع عدم قيام هذه المسؤولية إلا عن خطئه الشخصي، بحيث إذا ارتكب الموظف هذا النوع من الخطأ، وتسبب في إلحاق أضرار بإحدى المركبات الحكومية، فإنه يتحمل قيمة الخسائر من ماله الخاص، ما لم يتقرر إعفاؤه من هذه القيمة – كليا أو جزئيا – وتحميلها على جانب الحكومة، فيما لا يجاوز مبلغ (٥٠٠٠) خمسة آلاف ريال عماني في المرة الواحدة، كما حدد المشرع حالات المطالبة بتكاليف إصلاح وتعويض ما قد يصيب المركبات الحكومية من أضرار بسبب الحوادث، فقرر قيام الوحدة الحكومية بمطالبة سائق المركبة الحكومية بتكاليف الإصلاح أو التعويض متى ثبت أن الحادث وقع للمركبة الحكومية بسبب خطأ شخصي من سائقها، على أن تتحمل الحكومة التكاليف اللازمة للإصلاح أو تشطب قيمة المركبة متى ثبت أن الحادث قد وقع بسبب ظروف خارجة عن إرادة السائق لم يكن في وسعه توقعها أو دفعها، أما إذا ثبت أن الحادث وقع للمركبة الحكومية بسبب خطأ الغير؛ فتتولى الوحدة الحكومية اتخاذ الإجراءات اللازمة لمطالبة شركة التأمين المؤمن لديها، أو مطالبة المتسبب في الحادث بتكاليف الإصلاح أو تعويض ما أصاب المركبة من ضرر.

ولما كان ذلك، وكان الأصل المقرر على هذا النحو أنه لا يجوز لجهة الإدارة الرجوع إلى أي من موظفيها في ماله الخاص لاقتضاء ما تحملته من أضرار عن أخطائهم إلا إذا اتسم هذا الخطأ بطابع شخصي؛ باعتبار أن الموظف لا يسأل مدنيا عن أخطائه المرفقية، وإنما يسأل فقط عن أخطائه الشخصية، وأنه لا توجد ثمة قاعدة عامة مجردة تضع ضوابط محددة تفصل بوجه قاطع فيما بين الأخطاء المرفقية والأخطاء الشخصية التي يرتكبها الموظف، وإنما يتحدد نوع الخطأ في كل حالة على حدة تبعا لما يستخلص من ظروف الحالة، وملابساتها، مع الاستهداء بمعايير عدة، منها: نية الموظف، ومبلغ الخطأ من الجسامة، والدافع إلى ارتكابه، فإذا كان العمل الضار غير مصطبغ بطابع شخصي، بل ينم عن تعرض الموظف للخطأ والصواب، فإن خطأه في هذه الحالة يعتبر مرفقيا، وكذلك الأمر في شأن الخطأ الذي يثبت في حق المرفق نفسه بسبب سوء تنظيمه وإدارته، أما إذا كان العمل الضار مصطبغا بطابع شخصي، فإن الخطأ في هذه الحالة يكون خطأ شخصيا، وتحديد مدى جسامة الخطأ تعد مسألة نسبية تتفاوت تبعا للظروف المختلفة، ويستهدى فيها بقدرة الموظف متوسط الكفاية الذي يوجد في ظروف مماثلة لتلك التي كان عليها الموظف المخطئ.

وحيث إنه هديا لما تقدم، ولما كان البين في الأوراق أن تقرير شرطة عمان السلطانية حول الحادث الذي ارتكبه المعروضة حالته قد أثبت أنه بينما كان قائد المركبة الأولى قادما من عمارة…………. باتجاه المعارض، وقائد المركبة الثانية (المعروضة حالته) قادما من المعارض إلى عمارة……………..في الاتجاه المعاكس، وعند وصولهم موقع الحادث بعد وزارة………………..، انحرفت المركبة الثانية عن مسارها لخط المركبة الأولى، فاصطدمت المركبة الثانية بالمركبة الأولى؛ ومن ثم اصطدمت المركبة الثانية بالحواجز البلاستيكية، ونتج عن الحادث إصابة قائد المركبة الأولى بإصابة متوسطة، وإصابة قائد المركبة الثانية بإصابة بسيطة، وأضرار بعدد (٤) حواجز بلاستيكية، وأضرار بالغة بالمركبات.

وحيث إنه يستخلص من جميع ما توفر في الواقعة المعروضة أن المعروضة حالته قد خالف القواعد الأساسية التي كان يتعين عليه مراعاتها في مثل هذه الظروف، والتي وردت في قانون المرور ولائحته التنفيذية، وقاد المركبة الحكومية برعونة وإهمال، مما تسبب في الحادث، وإلحاق أضرار بالغة بالمركبة أدت إلى إلغائها، وعدم إمكانية إعادة تسجيلها في نظام تسجيل المركبات على النحو المبين في الأوراق، كما خالف ما يقتضيه واجبه الوظيفي من بذل عناية خاصة وهو يقود المركبة الحكومية؛ حتى لا يعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر، وهو ما يشكل خطأ جسيما أدى إلى وقوع الحادث؛ ومن ثم يضحى الخطأ المنسوب إلى المعروضة حالته خطأ شخصيا، مما يتعين معه – والحال هكذا – تحميله قيمة المركبة.

وحيث إن الثابت من الأوراق أنه بمخاطبة وزارة المالية للموافقة على شطب المركبة، وإعفاء المعروضة حالته من دفع قيمتها، إعمالا للاختصاص المقرر بموجب المادة (٧) من القانون المالي المشار إليه، فقد أفادت بتعذر هذه الموافقة.

لذلك؛ انتهى الرأي إلى إلزام المعروضة حالته بسداد قيمة السيارة الحكومية التي تسبب في إلغائها، وذلك على النحو المبين في الأسباب.