(١٧)
١٩ / ٥ / ٢٠٢٢م
مجلس الشورى – مدى جواز الجمع بين العمل في الشركات المملوك رأس مالها بالكامل للحكومة وعضوية مجلس الشورى.
حظر المشرع على عضو مجلس الشورى الجمع بين عضوية المجلس وتولي الوظائف العامة – صفة الموظف العام في إطار الحظر المنصوص عليه في
النظام الأساسي للدولة تمتد لتشمل العاملين في الشركات التي تساهم فيها الحكومة بنسبة تزيد على (٤٠٪) أربعين بالمائة – أثر ذلك – عدم جواز الجمع بين عضوية مجلس الشورى والعمل في الشركات المملوك رأس مالها بالكامل للحكومة استنادا إلى أن مقصد المشرع ومبتغاه من حظر الجمع بين عضوية مجلس الشورى، وتولي الوظائف العامة هو تحقيق الاستقلالية لعضو مجلس الشورى عند ممارسته دوره التشريعي والرقابي الذي رسمه النظام الأساسي بما يضمن جدية هذه الرقابة، وينأى به عن الشبهات تحقيقا للمصلحة العامة، وتجنبا للتضارب بين المصلحة العامة والمصالح الخاصة بما مقتضاه ولازمه ضرورة التوسع في نطاق هذا الحظر، بحيث لا يعتد عند إعماله فقط بالتفسير الضيق لمفهوم الوظيفة العامة – تطبيق.
فبالإشارة إلى الكتاب رقم:…………. المؤرخ في…………..ه، الموافق……………..م، بشأن طلب الإفادة بالرأي القانوني حول مدى انطباق حظر الجمع بين تولي الوظيفة العامة وعضوية مجلس الشورى على موظفي الشركة…………..(……….). وتتلخص وقائع الموضوع – حسبما يبين من الأوراق – في أنه في أثناء قيام جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة بفحص بعض الأعمال المالية والإدارية في……………………تبين عدم قيام الشركة بإنهاء خدمات سعادة / ……………….. بعد انتخابه لعضوية مجلس الشورى في ٢٧ من أكتوبر ٢٠١٩م ممثلا عن ولاية……………، وقد استمرت الشركة في صرف رواتبه الشهرية للفترة من نوفمبر ٢٠١٩م إلى نوفمبر ٢٠٢١م بإجمالي مبلغ وقدره (٣٥٦٥٧ ر.ع) خمسة وثلاثون ألفا وستمائة وسبعة وخمسون ريالا عمانيا، فضلا عن تحمل الشركة ما يقارب (٤١٠٠ ر.ع) أربعة آلاف ومائة ريال عماني نظير مساهمتها في اشتراكات المعروضة حالته في الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية.
وتذكرون بأن جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة خاطب……………موصيا بتصويب وضع المعروضة حالته وإنهاء خدماته عملا بأحكام النظام الأساسي للدولة، وقانون مجلس عمان، إذ إن حظر الجمع بين عضوية مجلس الشورى وتولي الوظائف العامة يمتد ليشمل العاملين في الشركات التي تساهم فيها الحكومة بنسبة تزيد على (٤٠٪) أربعين في المائة، وهو ما يتفق والأساس الذي بنيت عليه فتوى وزارة العدل والشؤون القانونية رقم: (و ش ق / م و / ٢٠ / ١ / ١٢٨٣ / ٢٠١٢) المؤرخة في ٤ / ٧ / ٢٠١٢م؛ لتحقق علة الحظر المتمثلة في تحقيق استقلال العضو عند ممارسة دوره الرقابي والتشريعي.
وتبدون بأن الشركة المذكورة أفادت بأن فتوى وزارة العدل والشؤون القانونية المشار إليها قد قصرت الحظر على الجمع بين عضوية مجلس الشورى والعمل في الشركات المملوكة للحكومة بالكامل فقط، وأن مد هذا الحظر ليشمل العمل في الشركات التي تساهم فيها الحكومة بنسبة تزيد على (٤٠٪) أربعين في المائة إنما هو من باب التفسير والقياس تختص به الجهة مصدرة الفتوى دون سواها، في حين يرى جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة بأن المستقر عليه إفتاء أن إعمال حظر الجمع بين عضوية مجلس الشورى وتولي الوظائف العامة لا يعتد في شأنه بالتفسير الضيق لمفهوم الوظيفة العامة الوارد في قانون الخدمة المدنية، وإنما يمتد ليشمل شغل الوظائف في الشركات المملوكة للحكومة بالكامل، وهذا ما يتفق والنهج الذي سار عليه المشرع في قانون الجزاء وقانون حماية المال العام وتجنب تضارب المصالح؛ باعتبار أن الشركات المملوك رأس مالها بالكامل للحكومة تمثل استثمارات حكومية تقوم بها الدولة، ويمارس مجلس الشورى دوره الرقابي على المختصين بتوجيه هذه الاستثمارات.
وتضيفون بأن أساس حظر الجمع بين عضوية مجلس الشورى وتولي الوظائف العامة مبني على تحقيق الاستقلالية لعضو مجلس الشورى عند ممارسته دوره التشريعي والرقابي الذي رسمه له النظام الأساسي للدولة بما يضمن جدية هذه الرقابة وينأى بها عن الشبهات تحقيقا للمصلحة العامة وتجنبا للتضارب بينها وبين المصالح الخاصة؛ ومن ثم فإن علة الحظر متحققة أيضا عند الجمع بين عضوية مجلس الشورى والعمل في الشركات التي تساهم فيها الحكومة بنسبة تزيد على (٤٠٪) أربعين في المائة، لا سيما أن المشرع في المادة (١٠) من قانون الجزاء الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٧ / ٢٠١٨ اعتبر العاملين في الشركات التي تساهم الحكومة في رأس مالها بنسبة تزيد على (٤٠٪) موظفين عموميين، كما اعتبر المشرع في المادة (١) من قانون حماية المال العام وتجنب تضارب المصالح الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ١١٢ / ٢٠١١ العاملين في الشركات المملوكة للحكومة بالكامل أو تلك التي تساهم فيها الحكومة بنسبة تزيد على (٤٠٪) من رأس مالها في حكم المسؤول الحكومي.
وإزاء ما تقدم، تطلبون الإفادة بالرأي القانوني في الموضوع المشار إليه. وردا على ذلك، يسرني أن أفيد معاليكم بأن المادة (٥٨) مكررا (١٨) من النظام الأساسي للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ١٠١ / ٩٦ – والتي تحكم الواقعة محل طلب الرأي باعتبارها قد تمت في ظل العمل بها – تنص على أنه: “لا يجوز الجمع بين عضوية مجلس الشورى وتولي الوظائف العامة، فإذا تم انتخاب أحد الموظفين العموميين لعضوية المجلس اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ إعلان النتائج، وفي حالة الطعن في صحة عضويته يظل محتفظا بوظيفته دون صرف راتبه إلى حين صدور حكم نهائي في الطعن، فإذا صدر الحكم ببطلان عضويته وإلغاء قرار فوزه عاد إلى وظيفته وصرف له راتبه من تاريخ عودته للعمل، أما إذا رفض الطعن اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ إعلان النتائج، ويمنح معاشا استثنائيا يحدده القانون شريطة أن تكون له في هذا التاريخ مدة خدمة محسوبة في المعاش لا تقل عن عشر سنوات ميلادية”.
وتنص المادة (٢٠) من قانون الرقابة المالية والإدارية للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ١١١ / ٢٠١١ على أنه:”تخضع الجهات التالية لرقابة الجهاز:……………… ٤ – الشركات المملوكة للحكومة بالكامل أو تلك التي تساهم فيها بنسبة تزيد على (٤٠٪) من رأس مالها…”. وتنص المادة (١) من قانون حماية المال العام وتجنب تضارب المصالح الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ١١٢ / ٢٠١١ على أنه: “في تطبيق أحكام هذا القانون يكون للكلمات والعبارات الآتية المعنى الموضح قرين كل منها ما لم يقتض سياق النص معنى آخر:
“……
المسؤول الحكومي: كل شخص يشغل منصبا حكوميا، أو يتولى عملا بصفة دائمة أو مؤقتة في إحدى وحدات الجهاز الإداري للدولة بمقابل أو بدون مقابل، ويعتبر في حكم المسؤول الحكومي أعضاء مجلس عمان، وممثلو الحكومة في الشركات، والعاملون بالشركات المملوكة للحكومة بالكامل أو تلك التي تساهم فيها بنسبة تزيد على (٤٠٪) من رأسمالها”.
وتنص المادة (١) من قانون تصنيف وثائق الدولة وتنظيم الأماكن المحمية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ١١٨ / ٢٠١١ على أنه: “في تطبيق أحكام هذا القانون يكون للكلمات والعبارات التالية المعنى المبين قرين كل منها ما لم يقتض سياق النص معنى آخر:
الموظف: كل من يشغل وظيفة عامة بإحدى وحدات الجهاز الإداري للدولة، ويعتبر في حكم الموظف العام أعضاء مجلس عمان، والعاملون بالأشخاص الاعتبارية الخاصة التي تديرها وتشرف عليها إحدى وحدات الجهاز الإداري للدولة، والشركات التي تساهم فيها الدولة بنسبة تزيد على ٤٠٪”.
وتنص المادة (١٠) من قانون الجزاء الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٧ / ٢٠١٨ على أنه:”يعد موظفا عاما في تطبيق أحكام هذا القانون:…. د – ممثلو الحكومة في الشركات، والعاملون بالشركات المملوكة للحكومة بالكامل، أو تلك التي تساهم الحكومة في رأس مالها بنسبة تزيد على (٤٠٪) أربعين في المائة…”.
ومفاد نص النظام الأساسي للدولة أن المشرع حظر على الموظفين العموميين المنتخبين لعضوية مجلس الشورى الجمع بين عضوية المجلس والوظيفة العامة، فقرر انتهاء خدمة الموظف العام المنتخب لعضوية المجلس من تاريخ إعلان النتائج، فإذا طعن على صحة عضويته، يحتفظ عندئذ عضو المجلس بوظيفته دون الحصول على راتب، فإذا حكم ببطلان عضويته يلغى قرار فوزه، ويعود إلى وظيفته، ويستحق راتبه من تاريخ عودته للعمل، أما إذا صدر الحكم بصحة عضويته فعندئذ تنتهي خدمته من تاريخ إعلان النتائج، ويستحق معاشا استثنائيا إذا ما قضى فترة لا تقل عن عشر سنوات ميلادية في الخدمة.
ومن حيث إن فتوى وزارة العدل والشؤون القانونية المشار إليها انتهت إلى عدم جواز الجمع بين عضوية مجلس الشورى والعمل في الشركات المملوك رأس مالها بالكامل للحكومة استنادا إلى أن مقصد المشرع ومبتغاه من حظر الجمع بين عضوية مجلس الشورى، وتولي الوظائف العامة هو تحقيق الاستقلالية لعضو مجلس الشورى عند ممارسته دوره التشريعي والرقابي الذي رسمه النظام الأساسي بما يضمن جدية هذه الرقابة، وينأى به عن الشبهات تحقيقا للمصلحة العامة، وتجنبا للتضارب بين المصلحة العامة والمصالح الخاصة بما مقتضاه ولازمه ضرورة التوسع في نطاق هذا الحظر، بحيث لا يعتد عند إعماله فقط بالتفسير الضيق لمفهوم الوظيفة العامة. وحيث إن التوسع في مفهوم الموظف العام في حقيقته استثناء على القاعدة العامة، ومن الضروري التوفيق بين التوسع في مفهوم الموظف العام وبين وضع ضابط لمفهوم الموظف العام في إطار الحظر المنصوص عليه في النظام الأساسي للدولة، ولئن كان لكل من قانون حماية المال العام وتجنب تضارب المصالح، وقانون تصنيف وثائق الدولة وتنظيم الأماكن المحمية، وقانون الرقابة المالية والإدارية للدولة المشار إليها نطاق تطبيق يختلف عن غيره من حيث محل التنظيم أو المصلحة المحمية أو من حيث أحكامه، إلا أن تلك القوانين عندما وسعت في مفهوم الموظف العام بحيث يشمل العامل في الشركات التي تساهم فيها الحكومة بنسبة معينة، فقد توافقت على نسبة المساهمة التي تزيد على (٤٠٪) أربعين بالمائة، وعليه فإن صفة الموظف العام في إطار الحظر المنصوص عليه في النظام الأساسي للدولة تمتد لتشمل العاملين في الشركات التي تساهم فيها الحكومة بنسبة تزيد على (٤٠٪) أربعين بالمائة (فتوى وزارة العدل والشؤون القانونية رقم: و ش ق / م و / ٦ / ١ / ٢٣٥ / ٢٠١٦م المؤرخة في ٧ من فبراير ٢٠١٦م).
وبتطبيق ما تقدم، ولما كان الثابت أن المعروضة حالته العضو الممثل لولاية………….. بمجلس الشورى من العاملين في (………………) وهي من الشركات التي تساهم فيها الحكومة بنسبة تزيد على (٤٠٪) أربعين بالمائة، فإن عمله في الشركة المذكورة يعد من قبيل الوظائف العامة في نطاق تطبيق حظر الجمع بين عضوية مجلس الشورى، وتولي الوظائف العامة.
أما بشأن ما أثرتموه في كتاب طلب الرأي حول الرواتب الشهرية التي صرفت للمعروضة حالته خلال الفترة من نوفمبر ٢٠١٩م حتى نوفمبر ٢٠٢١م – تاريخ الكتابة للشركة……………………، وتحمل هذه الشركة تكاليف مساهمتها له عن اشتراكاته في الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية خلال الفترة ذاتها، فإنه لا وجه لإلزام المعروضة حالته برد ما حصل عليه من رواتب خلال هذه الفترة؛ امتثالا لقاعدة الأجر مقابل العمل، حيث يصير أداء العمل هو المصدر الرئيسي والمباشر لحق الموظف في تقاضي الأجر المحدد له، بحيث لا يجوز حرمانه من اقتضائه بعد أن أصبح دينا في ذمة الجهة التي يعمل بها أو استرداده منه بعد أدائه العمل المستحق عنه، وفيما يتعلق بالمبالغ المالية التي سددتها الشركة للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية نظير مساهمتها للمعروضة حالته عن اشتراكاته فيها، فإنه لما كانت وظيفة المعروضة حالته ينطبق عليها قاعدة حظر الجمع بين عضوية مجلس الشورى وتولي الوظيفة العامة على النحو سالف البيان، فإنه يجوز للشركة مطالبة الهيئة برد هذه المبالغ وفق الإجراءات المتبعة لديها.
لذلك؛ انتهى الرأي إلى انطباق حظر الجمع بين عضوية مجلس الشورى وتولي الوظيفة العامة على موظفي…………………..، وذلك على النحو المبين في الأسباب.