(١)
بتاريخ ١٥ يناير ٢٠٢٣م
١ – تفسير – تفسير القواعد القانونية – لا اجتهاد مع صراحة النص.
الأصل المقرر في مقام تفسير أحكام أي من النصوص التشريعية، أنه متى كانت عبارة النص التشريعي واضحة لا لبس فيها، فإنه يجب أن تعد تعبيرا صادقا عن إرادة المشرع، ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أيا كان الباعث على ذلك، ولا يجوز الخروج عن النص متى كان واضح المعنى قاطعا في الدلالة على المراد منه، ولا محل للاجتهاد إزاء صراحة النص القانوني واجب التطبيق.
٢ – بعثات – قانون البعثات والمنح والإعانات الدراسية – تعريف البعثة الدراسية والمبعوث – مدى جواز اعتبار الرسوم الدراسية ضمن النفقات الواجبة الاسترداد.
وضع المشرع – من خلال قانون البعثات والمنح والإعانات الدراسية – تعريفا خاصا للبعثة الدراسية، والمبعوث، إذ عرف البعثة الدراسية بأنها الدراسة التي تتم على نفقة الحكومة؛ للحصول على مؤهل في التعليم دون الجامعي أو الجامعي أو درجة علمية في الدراسات العليا، وذلك داخل سلطنة عمان أو خارجها، وعرف المبعوث بأنه كل من توفده الحكومة على نفقتها في بعثة دراسية داخل سلطنة عمان أو خارجها – قرر المشرع سريان أحكام قانون البعثات والمنح والإعانات الدراسية على البعثات الدراسية الداخلية أو الخارجية، وعلى المنح والإعانات الدراسية، وفرض التزاما على كل من المبعوث والموفد بأن ينهيا دراستهما في المدة المقررة – مقتضى ذلك – إذا انقضت تلك المدة دون الحصول على الشهادة أو الدرجة العلمية الموفد من أجلها جاز للجنة إنهاء البعثة أو المنحة الدراسية إذا تجاوزت المدة الكلية المحددة للانتهاء من الدراسة، ويكون المبعوث ملتزما بسداد قيمة ما صرف له من مخصصات وبدلات ورسوم دراسية، وتتولى الوحدة التي يعمل بها استرداد هذه القيمة – استثناء من ذلك – يجوز لوزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار – بناء على توصية تلك اللجنة – إعفاء المبعوث من هذا الالتزام، وذلك بعد موافقة وزارة المالية – تطبيق.
فبالإشارة إلى الكتاب رقم: ………….. المؤرخ في…………….ه، الموافق ………….م في شأن طلب الإفادة بالرأي القانوني حول مدى إلزام الفاضلة / …………………، برد الرسوم الدراسية تطبيقا لنص المادة (٢٥) من قانون البعثات والمنح والإعانات الدراسية.
وحاصل وقائع الموضوع – حسبما يبين من الأوراق – أن المعروضة حالتها قد أوفدت في بعثة دراسية داخل سلطنة عمان للحصول على مؤهل البكالوريوس في تخصص …………من الجامعة ………….على نفقة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار اعتبارا من …………..م حتى …………….م، وأنه نظرا لعدم تمكنها من إنهاء الدراسة المبعوثة إليها في الوقت المحدد، فقد تم تمديد مدة البعثة لفترتين إضافيتين، إلا أنها بالرغم من ذلك لم تتمكن من إنهاء متطلبات التخرج، مما حدا بلجنة البعثات في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار إلى إصدار قرار بقطع البعثة الدراسية للمعروضة حالتها في اجتماعها رقم ……………..، وذلك استنادا إلى المادة (٢٤) من قانون البعثات والمنح والإعانات الدراسية.
وتذكرون أنه على إثر صدور قرار بقطع البعثة الدراسية للمعروضة حالتها، ورد إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار استفسار يدور حول الإجراءات القانونية المتعلقة بالتبعات المالية المترتبة على قطع البعثة، وعما إذا كانت الرسوم الدراسية تدخل ضمن مقتضيات حكم المادة (٢٥) من قانون البعثات والمنح والإعانات الدراسية، والتي ألزمت الموظف المبعوث الذي تقرر لجنة البعثات إنهاء بعثته بسداد قيمة ما صرف له من مخصصات وبدلات، وبدراسة الاستفسار المشار إليه من قبل المختصين لديكم، انقسمت الآراء إلى رأيين، حيث يرى الرأي الأول عدم تطابق حكم المادة (٢٥) المشار إليها على المعروضة حالتها؛ وبالتالي عدم استرداد الرسوم الدراسية؛ استنادا إلى أن هذه المادة جاءت بنص صريح على التزام الموظف المبعوث الذي تقرر اللجنة إنهاء بعثته بسداد ما صرف له من مخصصات وبدلات فقط، ولم تتطرق للرسوم الدراسية، كما أن الأصل في الالتزامات هو الأخذ بالتفسير الضيق لنصوصها وعدم التوسع في تفسيرها، ويفسر النص الغامض منها لمصلحة الملتزم، بينما يرى الرأي الثاني التزام المعروضة حالتها برد الرسوم الدراسية؛ باعتبار أن الغاية من ابتعاث الموظف هو الحصول على المؤهل الدراسي، وبالتالي فإن سبب صرف الرسوم الدراسية أو المخصصات أو البدلات هو تحقيق هذه الغاية، ومتى أخفق الموظف في تحقيق هدفه التزم برد ما أنفق في سبيل تلك الغاية، وأن عدم نص المشرع على الرسوم الدراسية صراحة لا يلغي حكم المطالبة بها كونها صرفت على المبعوث، ولها ذات حكم المخصصات والبدلات ضمنا .
وإزاء ما تقدم، تطلبون معاليكم الإفادة بالرأي القانوني – وفقا للتكييف القانوني السليم للوقائع – عن مدى شمول عبارة “استرداد النفقات المشار إليها” الواردة في المادة (٢٥) من قانون البعثات والمنح والإعانات الدراسية للرسوم الدراسية المسددة خلال مدة بعثة المعروضة حالتها داخل سلطنة عمان.
وردا على ذلك، يسرني أن أفيدكم بأن المادة (١) من قانون البعثات والمنح والإعانات الدراسية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٨٣ / ٢٠٠٢، تنص على أنه: “في تطبيق أحكام هذا القانون يكون للكلمات والعبارات التالية، المعنى المحدد قرين كل منها ما لم يقتض سياق النص معنى آخر: (…..) البعثة الدراسية: الدراسة داخل أو خارج السلطنة على نفقة الحكومة للحصول على مؤهل في التعليم دون الجامعي أو الجامعي أو درجة علمية في الدراسات العليا (…..) المبعوث: من توفده الحكومة على نفقتها في بعثة دراسية داخل أو خارج السلطنة (…..)”.
وتنص المادة (٢) من القانون ذاته على أنه:” تسري أحكام هذا القانون على البعثات الدراسية الداخلية أو الخارجية وعلى المنح والإعانات الدراسية (…..)”.
وتنص المادة (١٥) من القانون ذاته على أنه: “تحدد اللائحة التنفيذية للقانون مقدار المخصصات الشهرية للمبعوثين والبدلات المقررة لهم حسب بلدان دراستهم وتنظم قواعد وإجراءات صرف هذه المخصصات”.
وتنص المادة (٢٤) من القانون ذاته على أنه:” على اللجنة أن تقرر إنهاء بعثة أو منحة الموفد في الحالات الآتية (…..):
وللجنة أن تقرر إنهاء بعثة أو منحة الموفد في الحالتين الآتيتين:
– إذا تخلف عن البعثة أو المنحة الدراسية أو أجل إجراءاتها عن المواعيد التي تحددها الوزارة.
– إذا رسب سنتين دراسيتين متتاليتين، أو تجاوز المدة الكلية المحددة للانتهاء من الدراسة.
وللجنة في جميع الحالات السابقة أن توصي جهة العمل بقطع الإجازة الدراسية”.
وتنص المادة (٢٥) من القانون ذاته على أنه: “يلتزم الموظف المبعوث الذي تقرر اللجنة إنهاء بعثته بسداد قيمة ما صرف له من مخصصات وبدلات وتتولى الوحدة التي يعمل بها استرداد النفقات المشار إليها. وللوزير بناء على توصية اللجنة الإعفاء من هذا الالتزام بعد موافقة وزارة المالية”.
وتنص المادة (١٦) الواردة في الفصل الرابع المعنون ب”في المخصصات المالية والمستحقات والبدلات الأخرى” من اللائحة التنفيذية لقانون البعثات والمنح والإعانات الدراسية الصادرة بالقرار الوزاري رقم ٨ / ٢٠٠٣، على أنه: “تتحمل جهة عمل الموظف المبعوث داخل السلطنة راتبه وبدلاته المقررة بالنظام الوظيفي الذي يخضع له، وتتحمل الرسوم الدراسية عنه إن وجدت، ولها أن تمنحه بدلا لإعداد وطباعة الأبحاث والمشروعات والرسائل في حدود خمسمائة ريال عماني للمبعوث لدراسة الماجستير أو ما يعادله، وألف ريال عماني للمبعوث لدراسة الدكتوراه”.
وتنص المادة (١٧) من اللائحة التنفيذية ذاتها على أنه: “يعامل الطالب المبعوث بالمؤسسات التعليمية الحكومية داخل السلطنة معاملة زملائه من طلبة هذه المؤسسات.
أما الطالب المبعوث على نفقة الوزارة بالجامعات والكليات الخاصة داخل السلطنة فيمنح اعتبارا من بدء الدراسة المخصص الشهري الذي يتقرر صرفه له حسب القرارات التي تصدر في هذا الشأن بعد موافقة وزارة المالية.
وتتولى الوزارة في جميع الحالات سداد الرسوم الدراسية إن وجدت”.
وتنص المادة (٢١) من اللائحة التنفيذية ذاتها على أنه:” تتولى الملحقيات الثقافية أو غيرها من الجهات التي تحددها الوزارة سداد الرسوم المقررة إلى الكلية أو المعهد أو غيرها من الجهات الرسمية في البلد الذي يدرس فيه المبعوث وذلك بناء على المستندات الرسمية الصادرة بهذا الشأن. وتشتمل الرسوم المقررة على ما يلي:١ – (…..) ٢ – (…..) ٣ – (…..) الرسوم الدراسية السنوية (…..)”. وحيث إن مفاد ما تقدم، أن المشرع قد وضع – من خلال قانون البعثات والمنح والإعانات الدراسية المشار إليه – تعريفا خاصا للبعثة الدراسية، والمبعوث، حيث عرف البعثة الدراسية بأنها الدراسة التي تتم على نفقة الحكومة؛ للحصول على مؤهل في التعليم دون الجامعي أو الجامعي أو درجة علمية في الدراسات العليا، وذلك داخل سلطنة عمان أو خارجها، وعرف المبعوث بأنه كل من توفده الحكومة على نفقتها في بعثة دراسية داخل سلطنة عمان أو خارجها.
كما قرر المشرع سريان أحكام هذا القانون على البعثات الدراسية الداخلية أو الخارجية، وعلى المنح والإعانات الدراسية، وفوض اللائحة التنفيذية للقانون بتحديد مقدار المخصصات الشهرية للمبعوثين والبدلات المقررة لهم حسب بلدان دراستهم، وتنظيم قواعد وإجراءات صرف هذه المخصصات، وفرض التزاما على كل مبعوث بأن ينهي دراسته في المدة المقررة، بحيث إذا انقضت تلك المدة دون الحصول على الشهادة أو الدرجة العلمية المبعوث من أجلها، كان للجنة المشار إليها في المادة (٢٤) سالفة البيان أن تقرر إنهاء بعثته إذا تحققت بشأنه بعض الحالات، ومنها تجاوز المدة الكلية المحددة للانتهاء من الدراسة، ويكون المبعوث ملتزما بسداد قيمة ما صرف له من مخصصات وبدلات، وتتولى الوحدة التي يعمل بها استرداد هذه القيمة، على أنه يجوز لوزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار – بناء على توصية تلك اللجنة – إعفاء المبعوث من هذا الالتزام، وذلك بعد موافقة وزارة المالية.
وفي معرض بيان ماهية ومقدار المخصصات الشهرية للمبعوثين والبدلات المقررة لهم، فقد أفردت اللائحة التنفيذية لقانون البعثات والمنح والإعانات الدراسية المشار إليها فصلا مستقلا بعنوان “في المخصصات المالية والمستحقات والبدلات الأخرى”، وقد أفصحت نصوص المواد أرقام (١٦) و (١٧) و (٢١) من هذا الفصل في إعلان جهير منها عن أن الرسوم الدراسية بمفرداتها المختلفة تعد ضمن المخصصات المقررة للموفد في بعثة دراسية. وعلى هدي ما تقدم، ولما كان الأصل المقرر في مقام تفسير أحكام أي من النصوص التشريعية، أنه متى كانت عبارة النص التشريعي واضحة لا لبس فيها، فإنه يجب أن تعد تعبيرا صادقا عن إرادة المشرع، ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أيا كان الباعث على ذلك، ولا يجوز الخروج عن النص متى كان واضح المعنى قاطعا في الدلالة على المراد منه، ولا محل للاجتهاد إزاء صراحة النص القانوني واجب التطبيق.
ولما كان البين في نص المادة (١٥) من قانون البعثات والمنح والإعانات الدراسية المشار إليه أنها أحالت إلى اللائحة التنفيذية لهذا القانون لبيان مقدار المخصصات الشهرية للمبعوثين والبدلات المقررة لهم حسب بلدان دراستهم، وقد جاءت تلك اللائحة بنصوص صريحة، جلية المعنى، قاطعة الدلالة، على أن الرسوم الدراسية بمفرداتها المختلفة تعد ضمن المخصصات المقررة للموفد في بعثة دراسية؛ ومن ثم فإن هذه الرسوم تعد من المخصصات التي ينطبق عليها حكم المادة (٢٥) من قانون البعثات والمنح والإعانات الدراسية المشار إليه، وتتولى الوحدة التي يعمل بها الموفد – تبعا لذلك – استردادها إذا قررت لجنة البعثات إنهاء بعثته.
لذلك؛ انتهى الرأي إلى أن عبارة “استرداد النفقات المشار إليها” الواردة في المادة (٢٥) من قانون البعثات والمنح والإعانات الدراسية تشمل الرسوم الدراسية المسددة خلال مدة بعثة المعروضة حالتها داخل سلطنة عمان، وذلك على النحو الوارد بالأسباب.