التصنيفات
فتاوى قانونية

وزارة العدل والشؤون القانونية: فتوى رقم ٢٢٢٧٧٧٩٠٧

تحميل

(٤)
بتاريخ ٢٩ يناير ٢٠٢٣م

١ – تفسير – تفسير النصوص القانونية – استجلاء مقاصد المشرع – أصوله.

من المسلمات أن الأصل في تفسير النصوص القانونية هو ألا تحمل على غير مقاصدها، أو تفسر عباراتها بعيدا عن سياقها بما يفصلها عن موضوعها، أو يجاوز الأغراض التي وضعت من أجلها، وأن سبب الحكم، وهو وصف ظاهر منضبط، يلزم من وجوده وجود الحكم ومن عدمه عدم الحكم – أثره – إذا توفر السبب مستوفيا شروطه خاليا من الموانع ترتب الحكم عليه أما إذا انتفى السبب أو اعترضه مانع فقد انتفى الحكم تطبيق.

٢ – مخالفات – مخالفات مرورية – عدم إلزام قائدي مركبات الإسعاف بدفع قيمة المخالفات المرورية التي ترتكب في أثناء استخدامها لخدمة طارئة – شروطه.

أجازت اللائحة التنفيذية لقانون المرور لقائدي مركبات الإسعاف تجاوز إشارات المرور وعلاماته عند الضرورة، استثناء من الأصل المقرر بحظر تجاوز هذه الإشارات والعلامات – أساسه – حرصا على دعم ومؤازرة سيارات الإسعاف في إفساح الطريق لها، وتسهيل وصولها إلى مواقع الحالات الطارئة، وانتقالها إلى المستشفيات إذا استدعى الأمر ذلك، في الوقت المناسب – ضوابطه – وجود حالة طارئة مثل نقل مصاب أو مريض في حالة خطرة، و استعمال أجهزة التنبيه الصوتية والضوئية، ومراعاة عدم تعريض الأشخاص أو الأموال للخطر – مؤدى ذلك – عدم جواز إلزام قائدي مركبات الإسعاف – في أثناء استخدامها لخدمة طارئة – بدفع قيمة المخالفات المرورية في حال تجاوز إشارات المرور وعلامته.

فبالإشارة إلى الكتاب رقم: …….. المؤرخ في …………………ه، الموافق ……………….م بشأن طلب الإفادة بالرأي القانوني حول مدى إلزام قائدي مركبات الإسعاف بدفع المخالفات المرورية التي ترتكب في أثناء استخدامها لخدمة طارئة.

وحاصل وقائع الموضوع – حسبما يبين من الأوراق – أنه في ضوء وجود مخالفات مرورية مسجلة على مركبات الإسعاف التابعة لوزارة …………..

بسبب قيام قائدي هذه المركبات – في أثناء قيامهم بأداء واجبهم الوظيفي – بتجاوز السرعة المحددة أو تجاوز إشارات المرور، فقد تم عرض الموضوع على المختصين في وزارة الصحة؛ لإبداء الرأي القانوني في شأنه، والذي خلص إلى إلزام قائدي مركبات الإسعاف بسداد المخالفات المرورية باعتبار أن الخطأ المرتكب هو خطأ شخصي يعود للموظف وليس خطأ مرفقيا ينسب إلى وزارة الصحة وبناء على ذلك، أصدرت وزارة ………….التعميم رقم ………….متضمنا إلزام قائد مركبة الإسعاف بصفته الشخصية بأي مخالفة مرورية في أثناء تأديته لعمله.

وتذكرون بأنه تم عقد اجتماع مشترك بين المختصين في كل من: وزارة ……….، وشرطة عمان السلطانية؛ لمناقشة مدى إمكانية إعفاء قائدي مركبات الإسعاف من سداد المخالفات المرورية، إلا أن شرطة عمان السلطانية اعتذرت عن عدم إعفائهم، ثم أعقب ذلك قيام وزارة …………… بمخاطبة وزارة المالية بتاريخ ………..م؛ لإعفائها من مخالفات مركبات الإسعاف، إلا أن الأخيرة اعتذرت كذلك عن عدم الاستجابة لطلب الإعفاء، مما حدا بوزارة ………..إلى إصدار التعميم رقم ………… بتاريخ …………….م تؤكد فيه ضرورة سداد المخالفات المرورية قبل نهاية شهر …………………..م. ولما كان بعض قائدي مركبات الإسعاف لم يلتزموا بسداد المخالفات المرورية، وتقدموا بتظلم في هذا الشأن، فقد تمت دراسة هذا الموضوع مرة أخرى من قبل المختصين في وزارة ………………، وانتهى الرأي في هذا الشأن إلى عدم جواز إلزام قائدي مركبات الإسعاف بسداد المخالفات المرورية؛ تأسيسا على أن المشرع أجاز بموجب اللائحة التنفيذية لقانون المرور لقائدي مركبات الطوارئ في أثناء انطلاقها لتأدية خدمة طارئة تجاوز إشارات وعلامات المرور عند الضرورة، شريطة استعمال أجهزة التنبيه الصوتية والضوئية مع مراعاة عدم تعريض الأشخاص أو الأموال للخطر، ويشمل ذلك قائد كل مركبة ينقل مصابا أو مريضا في حالة خطرة.

وتبعا لذلك، أصدرت وزارة…………. القرار رقم ………..بتشكيل فريق عمل للتعامل مع المخالفات المرورية المترتبة على المركبات الحكومية التابعة لوزارة………….. لا سيما مركبات الإسعاف، والذي ضم في عضويته ممثلا عن وزارة المالية، وممثلا عن شرطة عمان السلطانية، وتذكرون بأن شرطة عمان السلطانية قد أفادت بأن هناك اتفاقا سابقا بينها وبين وزارة ……………. حول هذا الموضوع، وليس ثمة إضافة أو تعديل لديهم، وأنها تتمسك برأيها السابق المتضمن إلزام قائدي مركبات الإسعاف بسداد المخالفات المرورية.

وإزاء ما تقدم، فإنكم تستطلعون الرأي القانوني في الموضوع المشار إليه.

وردا على ذلك، يسرني أن أفيد معاليكم بأن المادة (١) من قانون المرور الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٢٨ / ٩٣ تنص على أنه: “في تطبيق أحكام هذا القانون يكون للكلمات والعبارات الآتية المعنى الموضح قرين كل منها، ما لم يقتض سياق النص معنى آخر:

(……..) المركبة: وسيلة من وسائل النقل أو الجر، أعدت للسير بقوة آلية أو جسدية، على الطريق، ومعدة لنقل الأشخاص أو الحيوانات أو الأشياء، وتشمل – بصفة خاصة – السيارات والشاحنات والحافلات والقاطرات والمقطورات والجرارات والمعدات والدراجات، ولا تشمل القطارات (……).

السائق: كل شخص يتولى سياقة مركبة أو وسيلة من وسائل النقل أو الجر أو الحمل (…….)”.

وتنص المادة (٣٢) من القانون ذاته على أنه: “على سائقي المركبات الالتزام بقواعد المرور وآدابه وعلاماته وإشاراته، واتباع تعليمات رجال الشرطة في هذا الشأن.

وتبين اللائحة التنفيذية هذه القواعد والآداب والعلامات، والإشارات والحدين الأدنى والأقصى لسرعة المركبات، وآلية ووسائل ضبط المخالفات، والغرامات التي توقع على المخالف”.

وتنص المادة (١) من اللائحة التنفيذية لقانون المرور الصادرة بالقرار رقم٢٣ / ٩٨ على أنه: “في تطبيق أحكام هذه اللائحة يكون للكلمات والعبارات الواردة بها ذات المعنى المبين في قانون المرور، كما يكون للكلمات والعبارات الآتية المعنى الموضح قرين كل منها، ما لم يقتض سياق النص معنى آخر: ١ – ….. ٢ – سيارة الطوارئ: السيارة المعدة لنقل الحالات العاجلة والخطيرة وتقوم بمهمة طارئة كسيارات الشرطة، والدفاع المدني والإسعاف (…..)”.

وتنص المادة (٨١) من اللائحة ذاتها على أنه:” ١ – يجب إفساح الطريق لمرور مركبات الطوارئ أثناء تحركها لخدمة طارئة وتهدئة السرعة تدريجيا إلى أقصى درجة ممكنة أو التوقف على جانب الطريق إذا اقتضى الأمر. ٢ – مع مراعاة عدم تعريض الأشخاص أو الأموال للخطر يجوز لقادة مركبات الطوارئ أثناء انطلاقها لتأدية خدمة طارئة، تجاوز إشارات وعلامات المرور عند الضرورة شريطة استعمال أجهزة التنبيه الصوتية والضوئية، ويشمل ذلك قائد كل مركبة ينقل مصابا أو مريضا في حالة خطرة وعليه إحضار ما يثبت قيام الظرف الطارئ متى طلب منه ذلك”.

ومفاد ما تقدم، أن المشرع قد حرص من خلال قانون المرور على وضع تعريف للمركبة وسائقها، حيث عرف المركبة بأنها وسيلة من وسائل النقل أو الجر، أعدت للسير بقوة آلية أو جسدية، على الطريق، ومعدة لنقل الأشخاص أو الحيوانات أو الأشياء، كما عرف السائق بأنه كل شخص يتولى سياقة مركبة أو وسيلة من وسائل النقل أو الجر أو الحمل. وفي معرض بيان الالتزامات الملقاة على عاتق سائقي المركبات، أوجب المشرع عليهم الالتزام بقواعد المرور وآدابه، وعلامات المرور وإشاراته، واتباع تعليمات رجال الشرطة، وأحال إلى اللائحة التنفيذية لقانون المرور لبيان هذه القواعد والآداب والعلامات، والإشارات، وحدي السرعة الأدنى والأقصى، فضلا عن آلية ووسائل ضبط المخالفات والغرامات التي توقع على المخالف، وتنفيذا لذلك، أفردت هذه اللائحة الباب السادس منها لبيان قواعد وآداب المرور، وحظرت بمقتضاه بعض الأفعال التي تتنافى مع هذه القواعد والآداب، كما فرضت بعض الالتزامات والواجبات تسهيلا لحركة بعض المركبات التي لها أولوية في المرور وعدم إعاقة سيرها على الطريق، ومنها: مركبات الطوارئ المعدة لنقل الحالات العاجلة والخطيرة، وتقوم بمهمة طارئة كسيارات الإسعاف، حيث أوجبت تلك اللائحة إفساح الطريق لمرور مركبات الطوارئ في أثناء تحركها لخدمة طارئة وتهدئة السرعة تدريجيا إلى أقصى درجة ممكنة أو التوقف على جانب الطريق إذا دعت الحاجة لذلك، وإمعانا من اللائحة المشار إليها في تسهيل مرور مركبات الطوارئ لتصل إلى مواقع الطوارئ في الوقت المناسب، فقد أجازت لقائدي هذه المركبات – في أثناء انطلاقهم لتأدية خدمة طارئة – تجاوز إشارات وعلامات المرور عند الضرورة بشرط استعمال أجهزة التنبيه الصوتية والضوئية، ومراعاة عدم تعريض الأشخاص أو الأموال للخطر .

ومتى كان ذلك، ولما كان الأصل المقرر في تفسير النصوص القانونية هو ألا تحمل على غير مقاصدها، أو تفسر عباراتها بعيدا عن سياقها بما يفصلها عن موضوعها، أو يجاوز الأغراض التي وضعت من أجلها، وأن سبب الحكم، وهو وصف ظاهر منضبط، يلزم من وجوده وجود الحكم ومن عدمه عدم الحكم، فإذا ما توفر السبب مستوفيا شروطه، خاليا من الموانع، ترتب الحكم عليه، أما إذا انتفى السبب أو اعترضه مانع فقد انتفى الحكم.

ولما كان البين في نص المادة (٨١) من اللائحة التنفيذية لقانون المرور المشار إليها، أنه أجاز لسائقي سيارات الإسعاف – بعبارات واضحة جلية المعنى قاطعة في دلالتها على مرادها – تجاوز إشارات وعلامات المرور عند الضرورة، استثناء من الأصل المقرر بحظر تجاوز هذه الإشارات والعلامات، واعتبار ذلك من المخالفات المرورية، وذلك حرصا على دعم ومؤازرة سيارات الإسعاف في إفساح الطريق لها، وتسهيل وصولها إلى مواقع الحالات الطارئة، ونقلها إلى المستشفيات إذا استدعى الأمر ذلك، في الوقت المناسب، ولما كان الأصل المقرر أن “الضرورة تقدر بقدرها” وأن “الاستثناء يمارس في أضيق الحدود”، فقد عمدت هذه المادة إلى وضع ضابط لعدم مساءلة قائد مركبة الإسعاف عن تجاوز إشارات المرور وعلاماته يتمثل في وجود حالة طارئة مثل نقل مصاب أو مريض في حالة خطرة، وإلا تمت مساءلته عن هذا التجاوز، كما اشترطت استعمال أجهزة التنبيه الصوتية والضوئية، وأن تتم مراعاة عدم تعريض الأشخاص أو الأموال للخطر، بما مؤداه عدم جواز إلزام قائدي مركبات الإسعاف – في أثناء استخدامها لخدمة طارئة – بدفع المخالفات المرورية في حال تجاوز إشارات المرور وعلامته، شريطة استعمال أجهزة التنبيه الصوتية والضوئية، مع مراعاة عدم تعريض الأشخاص أو الأموال للخطر. ولما كان الرأي قد انتهى على نحو ما سلف بيانه إلى عدم جواز إلزام قائدي مركبات الإسعاف – في أثناء استخدامها لخدمة طارئة – بدفع المخالفات المرورية في حال تجاوز إشارات المرور وعلامته، فإن بحث الوضع القانوني لأي غرامات أو مخالفات سقطت بالتقادم يكون غير ذي جدوى.

وأما فيما يتعلق بما أثرتموه حول الوضع القانوني للمخالفات المترتبة على مركبات الإسعاف، والتي كانت نتيجة التأخير في تجديد تلك المركبات، فإن هذه المخالفات قد ترتبت على عدم تجديد مركبات الإسعاف في المواعيد المحددة، وهي مسألة منفصلة عن مدى الالتزام بدفع المخالفات المرورية في حال تجاوز إشارات المرور وعلاماته، والتي سبق لوزارة …………… إصدار تعميمين في شأنه، أولهما قضى بإلزام قائد مركبة الإسعاف بصفته الشخصية بأي مخالفة مرورية في أثناء تأديته لعمله، وثانيهما أكدت فيه ضرورة سداد المخالفات المرورية قبل نهاية شهر …………….؛ ومن ثم تكون مستحقة السداد.

لذلك؛ انتهى الرأي إلى عدم جواز إلزام قائدي مركبات الإسعاف – في أثناء استخدامها لخدمة طارئة – بدفع المخالفات المرورية في حال تجاوز إشارات المرور وعلاماته، شريطة استعمال أجهزة التنبيه الصوتية والضوئية، مع مراعاة عدم تعريض الأشخاص أو الأموال للخطر، وذلك على النحو المبين بالأسباب.