(١٢)
بتاريخ ٢٥ ابريل ٢٠٢٣م
١ – قرار – قرارات التسكين – مدى جواز سحبها
تعد قرارات التسكين قرارات إدارية منشئة لمراكز قانونية ذاتية لا يجوز سحبها إلا في المواعيد المقررة للطعن بالإلغاء، ومن ثم تتحصن بفوات تلك المواعيد طالما لم تنحدر المخالفة بها إلى حد الانعدام مما يفقدها صفة القرار الإداري ويجعلها مجرد أعمال مادية، كأن تصدر منطوية على مخالفة صارخة لأحكام آمرة لا تملك جهة الإدارة سلطة تقديرية عند تطبيقها على الحالات المخصوصة لموظفيها – أساس ذلك – ما استقر عليه من أن القرارات الإدارية التي تولد حقا أو مركزا قانونيا للأفراد لا يجوز سحبها في أي وقت متى صدرت سليمة؛ وذلك استجابة لدواعي المصلحة العامة التي تقتضي استقرار تلك القرارات تطبيق.
٢ – وزارة العدل والشؤون القانونية مناط طلب إعادة النظر فيما انتهت إليه من رأي.
المستقر عليه أن طلب إعادة النظر فيما انتهت إليه وزارة العدل والشؤون القانونية لا يكون جائزا أو مقبولا إلا إذا كان مستندا إلى وقائع مغايرة جدت أو استبانت، ولم تكن تحت بصرها عند إبداء الرأي، ويكون من شأنها لو عرضت عليها أن تغير من الرأي الذي انتهت إليه – تطبيق.
فبالإشارة إلى الكتب المتبادلة، والمنتهية بكتاب معاليكم رقم: ………….، المؤرخ في…………..ه، الموافق……………م، بشأن تصحيح وضع الفاضلة / ……….. – مديرة دائرة …………في وزارة …………….
بمنحها الدرجة المالية الثامنة بدلا من الدرجة المالية التاسعة اعتبارا من ١ / ١ / ٢٠١٤م. وحاصل وقائع الموضوع – حسبما يبين من الأوراق – أنه سبق أن ورد لوزارة العدل والشؤون القانونية كتاب الهيئة العامة ………………… – آنذاك – رقم: …………المؤرخ في ………..ه، الموافق ………….م، متضمنا طلب الإفادة بالرأي القانوني حول مدى استحقاق المذكورة للدرجة المالية الثامنة بدلا من الدرجة المالية التاسعة، وردا على ذلك أفادت وزارة العدل والشؤون القانونية بموجب فتواها رقم: ١٨٢٧٠٢١٧٦ المؤرخة في ١٤ من رمضان ١٤٣٩هـ، الموافق ٣ من مايو ٢٠١٨م، بصحة القرار رقم ٤٣ / ٢٠١٣ فيما تضمنه من تسكين المعروضة حالتها على الدرجة المالية التاسعة، وعدم أحقيتها في الدرجة المالية الثامنة.
وأعقب ذلك ورود كتاب وزارة ……….. رقم: …………المؤرخ في…………ه، الموافق ……………..م، متضمنا ما انتهت إليه وزارة العمل بموجب خطابها الموجه إلى وزارة ……………….. رقم: ………بتاريخ………….م إلى استحقاق المذكورة الترقية للدرجة المالية الثامنة ابتداء من ١ / ١ / ٢٠١٤م، وبمخاطبة وزارة المالية لاعتماد الفروقات المالية لتصحيح الوضع الوظيفي للمذكورة، فقد اقترحت وزارة المالية إحالة الموضوع، وكافة الأوراق والمستندات المتعلقة به إلى وزارة العدل والشؤون القانونية لإعادة دراسته، وردا على ذلك أفادت هذه الوزارة بموجب فتواها رقم: ٢٢٢٧٦٥٨٧٣ بتاريخ ٢٧ من محرم ١٤٤٤هـ، الموافق ٢٥ من أغسطس ٢٠٢٢م، بتعذر إعادة النظر في المسألة المعروضة؛ لعدم وجود وقائع جديدة من شأنها تغيير وجه الرأي القانوني الذي انتهت إليه الوزارة في فتواها رقم: ١٨٢٧٠٢١٧٦ بتاريخ ٣ من مايو ٢٠١٨م المشار إليها. ثم ورد كتاب وزارة ………. رقم: …….المؤرخ في ……………ه، الموافق…………. م، والكتاب رقم:………….، المؤرخ في……….ه، الموافق…………م، بشأن طلب إعادة النظر في فتوى وزارة العدل والشؤون القانونية رقم: ١٨٢٧٠٢١٧٦ بتاريخ ٣ من مايو ٢٠١٨م المشار إليها، مستندة في ذلك إلى أن هذه الفتوى قد أوردت عبارة “ولاسيما أن الأوراق قد خلت مما يفيد صدور قرار بترقية من هم أحدث منها إلى الدرجة الثامنة”، وأن المذكورة تمت ترقيتها عام ٢٠١١م، وهي ترقية إدارية وليست مالية وفق القرار رقم ٦١ / ٢٠١١، أما بالنسبة للترقية المالية فقد تمت ترقيتها عام ٢٠٠٩م وفق قرار الترقية رقم ٤٩ / ٢٠٠٩، ومستشهدة كذلك برأي وزارة العمل المبلغ إليها بموجب الكتاب رقم:……………المؤرخ في……………… م المشار إليه، والمنتهي إلى تأييد استحقاق المذكورة للترقية مع زملائها من ذات الأقدمية للدرجة المالية الثامنة اعتبارا من ١ / ١ / ٢٠١٤م.
وردا على ذلك، يسرني أن أفيد معاليكم – بداية – بأن من المستقر عليه في إفتاء وزارة العدل والشؤون القانونية أن طلب إعادة النظر فيما انتهت إليه لا يكون جائزا، ولا مقبولا إلا إذا كان مستندا إلى وقائع مغايرة جدت، أو استبانت، ولم تكن تحت بصرها عند إبداء الرأي، ويكون من شأنها لو أنها عرضت عليها أن تغير من وجه الرأي الذي انتهت إليه، والواضح من كتاب معاليكم المشار إليه أنه ليس ثمة وقائع جديدة تؤدي إلى عدول الوزارة عن إفتائها السابق الذي خلص إلى صحة القرار رقم ٤٣ / ٢٠١٣ فيما تضمنه من تسكين المعروضة حالتها على الدرجة المالية التاسعة، وعدم أحقيتها في الدرجة المالية الثامنة.
وبالنسبة لما ورد بكتابي معاليكم المؤرخين في …………..م …………م المشار إليهما، فإن وزارة العدل والشؤون القانونية تود إيضاح الآتي:
أولا: فيما يتعلق بطلب تصحيح الوضع الوظيفي للمعروضة حالتها بمنحها الدرجة المالية الثامنة بدلا من الدرجة المالية التاسعة التي تم تسكينها عليها في غضون عام ٢٠١٣م، فإن الأصل المقرر قانونا أن القرارات الصادرة بتسكين الموظفين – سواء أكان التسكين وظيفيا أم ماليا – تعد قرارات إدارية منشئة لمراكز قانونية ذاتية، ومن القواعد الراسخة في سحب القرارات الإدارية الفردية أنه لا يجوز سحبها، إلا إذا تبين انطواؤها على عيب يمس صحتها، فيكون للإدارة في هذه الحالة سحبها، شريطة أن يتم السحب خلال مواعيد الطعن فيها، وإلا تحصنت تلك القرارات، وأصبحت عصية على السحب، ما لم تنطو على مخالفات جسيمة للقانون تنحدر بها إلى حد الانعدام مما يفقدها صفة القرارات الإدارية، ومتى كان ذلك، وكان القرار الصادر بتسكين المعروضة حالتها على الدرجة المالية التاسعة قد جاء موافقا لصحيح حكم القانون على النحو الذي كشفت عنه فتوى الوزارة رقم: ١٨٢٧٠٢١٧٦ بتاريخ ٣ من مايو ٢٠١٨م المشار إليها، بما مؤداه عدم جواز سحب هذا القرار، ويضحى طلب تصحيح الوضع الوظيفي للمعروضة حالتها بمنحها الدرجة المالية الثامنة غير قائم على سند صحيح من القانون والواقع.
كما أن ثمة فروقا جوهرية بين تسوية الحالة الوظيفية (دعاوى التسوية أو الاستحقاق) ودعاوى عدم الصحة، فالأصل المقرر قانونا أن التسوية تقوم على أساس النظر إلى المصدر الذي يستمد الموظف منه حقه، فإذا كان الحق مستمدا أصلا من قاعدة تنظيمية حددت أصل الحق، وشروطه، وتاريخه، والآثار المالية المترتبة عليه، وتاريخ استحقاقه، فإن القرارات الصادرة من جهة الإدارة في هذا الشأن تعتبر كاشفة عن هذا الحق، ولا تعدو أن تكون مجرد إجراءات تنفيذية تهدف بها إلى مجرد تطبيق أحكام القاعدة التنظيمية على حالة الموظف، وتكون الدعوى طعنا في هذه القرارات من دعاوى التسوية أو الاستحقاق التي لا تتقيد بالميعاد، أما إذا كان الحق مع توفر شروطه لا يصل إلى صاحبه إلا بالقرار الصادر من السلطة المختصة والمنشئ لهذا الحق، مثل قرار الترقية، فإن الدعوى تكون في هذه الحالة من دعوى عدم الصحة التي تتقيد بالضرورة بالمواعيد المقررة قانونا، ومؤدى ذلك أن الوصف الصحيح لحالة المعروضة حالتها في ضوء ما ورد بكتابي معاليكم المشار إليهما، والأوراق المرفقة بهما، لا تتمثل في تسوية حالتها الوظيفية، وإنما في مدى جواز إصدار قرار منشئ بترقيتها إلى الدرجة المالية الثامنة بأثر رجعي اعتبارا من ١ / ١ / ٢٠١٤م.
ثانيا: فيما يتعلق بمدى جواز ترقية المعروضة حالتها إلى الدرجة المالية الثامنة أسوة بزملائها بأثر رجعي اعتبارا من ١ / ١ / ٢٠١٤م، فإنه بحسب ما ساقته الأوراق يظهر أن المعروضة حالتها قد صدر في شأنها القرار الوزاري رقم………………بتاريخ١٩ / ٥ / ٢٠٢٢م بتسكينها على الدرجة المالية الثامنة، واحتساب فروقات مالية لهذه الدرجة بأثر رجعي اعتبارا من تاريخ ١٢ / ١ / ٢٠٢٢م، تنفيذا للموافقة السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم – حفظه الله ورعاه – على توصية مجلس الوزراء الموقر الصادرة في جلسته رقم ٣٦ / ٢٠٢١ بشأن قيام وحدات الجهاز الإداري للدولة (المدنية) وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة بمعالجة أوضاع موظفيها ممن تم تعيينهم في غير أدنى الوظائف أو ترقيتهم دون منحهم الدرجات المالية؛ ومن ثم فإنه من غير المتصور النظر في ترقية المعروضة حالتها إلى الدرجة المالية الثامنة، وهي ذات الدرجة التي تشغلها حاليا بقرار صادر من السلطة المختصة، وموافقا لصحيح حكم القانون. كما أن من المقرر قانونا أن مجرد توفر شروط الترقية في الموظف مع وجود الدرجات المالية لا يولد له الحق في الترقية إليها بقوة القانون، بل يظل الأمر مع ذلك متروكا لتقدير الإدارة حسب ظروف الحال ومقتضيات المصلحة العامة وحاجة العمل بلا معقب عليها، وتطبيقا لما تقدم، ولما كان البين من الأوراق أن الهيئة العامة لل……………….(آنذاك) ارتأت عدم ترقية المعروضة حالتها، ورفضت التظلم المقدم منها بشأن استحقاقها للدرجة المالية الثامنة المطالب بترقيتها إليها اعتبارا من ١ / ١ / ٢٠١٤م؛ ومن ثم يكون القول بوجوب ترقية المعروضة حالتها، وتحديد سريانها بأثر رجعي يرتد إلى تاريخ ١ / ١ / ٢٠١٤م، وصرف مستحقاتها على تلك الترقية – تبعا لذلك – منذ هذا التاريخ، فاقدا لسنده القانوني والواقعي.
لذلك؛ فإن وزارة العدل والشؤون القانونية لا تزال عند رأيها الذي سبق أن أبانت عنه في فتواها رقم: ١٨٢٧٠٢١٧٦، بتاريخ ٣ من مايو٢٠١٨م، وفتواها رقم: ٢٢٢٧٦٥٨٧٣ بتاريخ ٢٥ من أغسطس ٢٠٢٢م.