(١٩)
بتاريخ ٧ يونيو ٢٠٢٣م
أموال – الأموال المملوكة للدولة – أنواعها.
إن الأموال المملوكة للدولة ملكية عامة، هي التي تكون مخصصة للمنفعة العامة، ويكون التخصيص للمنفعة العامة أو زوال صفة المنفعة العامة بمقتضى قانون أو مرسوم سلطاني أو قرار من وزير المالية أو بالفعل، ويكون تخصيص المال العام للمنفعة العامة بالفعل عن طريق قيام الدولة برصده وتهيئته للنفع العام، أما الأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة فهي الأموال غير المخصصة، أو التي انتهى تخصيصها للمنفعة العامة، فيجوز لها التصرف فيها بكافة أوجه التصرف كالبيع وتقرير الحقوق العينية الأخرى عليها كحق الانتفاع وغيرها – أثره – إن الأموال المملوكة لها ملكية عامة لا يجوز التصرف فيها بأي نوع من التصرفات إلا إذا زالت عنها صفة المنفعة العامة. – تطبيق.
فبالإشارة إلى الكتاب رقم: ……………..، المؤرخ في ………….. م، في شأن طلب الإفادة بالرأي القانوني حول الجهة المعنية بالتوقيع على عقود الاستثمار داخل المحميات الطبيعية.
وتتلخص وقائع الموضوع – حسبما يتبين من كتاب طلب الرأي – في أن هيئة البيئة من منطلق حرصها على تعزيز استدامة المحميات الطبيعية لكونها تعد ثروة من الثروات الوطنية ورافدا واعدا للاقتصاد الوطني، قامت بطرح بعض المواقع داخل المحميات الطبيعية للاستثمار من قبل الشركات والمؤسسات المختصة والمستثمرين الراغبين في استثمار وإدارة بعض المشروعات السياحية البيئية وغيرها من المشاريع وفق الاشتراطات التي تضعها هيئة البيئة. وتذكرون أنه في ضوء النصوص الحاكمة لآلية الانتفاع بالأراضي المملوكة للدولة ملكية عامة وفقا للمرسوم السلطاني رقم ٥ / ٨١ بتنظيم الانتفاع بأراضي السلطنة، وقانون المحميات الطبيعية وصون الأحياء الفطرية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٦ / ٢٠٣٣، فإنه غم على المختصين في هيئة البيئة تحديد الجهة المعنية بالتوقيع على عقود الاستثمار داخل المحميات الطبيعية.
وإزاء ما تقدم، فإنكم تطلبون الإفادة بالرأي القانوني في الموضوع المشار إليه.
وردا على ذلك يسرني الإفادة بأن المادة (١) من القانون المالي الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٧٤ / ٩٨، تنص على أنه:” يقصد – في تطبيق أحكام هذا القانون – بالعبارات والكلمات الآتية المعنى المحدد قرين كل منها ما لم تقتض عبارة النص غير ذلك: ……….الأموال العامة: الأموال المملوكة للدولة ملكية عامة أو خاصة الثابتة منها والمنقولة. ويقصد بالأموال المملوكة ملكية عامة ما يكون مخصصا منها للمنفعة العامة، ويكون التخصيص للمنفعة العامة أو زوال صفة المنفعة العامة بمقتضى قانون أو مرسوم سلطاني أو قرار من الوزير – بناء على اقتراح الوزير المختص – أو بالفعل……..”.
وتنص المادة (١٨) من القانون ذاته – بعنوان عدم جواز التصرف في الأموال المملوكة للدولة ملكية عامة – على أنه: “الأموال المملوكة للدولة ملكية عامة لا يجوز الحجز عليها أو التصرف فيها بأي نوع من التصرفات إلا إذا زالت عنها صفة المنفعة العامة، وإنما يجوز للوزير أو من يفوضه الترخيص في الانتفاع بها انتفاعا خاصا وفقا للمقابل والقواعد والشروط التي يصدر بتحديدها قرار منه”.
وتنص المادة (١٩) من القانون ذاته – بعنوان التصرف في الأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة – على أنه: ” يكون التصرف بمقابل في الأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة وفقا للقواعد التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون، ولا يجوز التصرف في هذه الأموال بدون مقابل أو تأجيرها بإيجار أسمى أو بأقل من إيجار المثل إلا بقصد تحقيق غرض ذي نفع عام ووفقا لقواعد تحدد بقرار من الوزير ……………….. ” . ومن حيث إن المادة (٢) من قانون حماية المال العام وتجنب تضارب المصالح الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ١١٢ / ٢٠١١، تنص على أنه:” تعد أموالا مملوكة ملكية عامة الأموال التي تخصص للمنفعة العامة بموجب قانون، أو مرسوم سلطاني، أو قرار من وزير المالية أو من يباشر سلطاته واختصاصاته، أو بالفعل.
ويكون تخصيص المال العام للمنفعة العامة بالفعل عن طريق قيام الدولة برصده وتهيئته للنفع العام”.
وتنص المادة (٤) من القانون ذاته، على أن:” للأموال العامة حرمتها، ويجب المحافظة عليها، ولا يجوز التصرف فيها بأي نوع من أنواع التصرفات إلا وفقا لأحكام القانون، ………………………..”.
ومفاد هذه النصوص أن الأموال المملوكة للدولة ملكية عامة، هي أموال الدولة التي تكون مخصصة للمنفعة العامة، ويكون التخصيص للمنفعة العامة أو زوال صفة المنفعة العامة بمقتضى قانون أو مرسوم سلطاني أو قرار من وزير المالية أو بالفعل، أما الأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة فهي أموال الدولة غير المخصصة للمنفعة العامة، أو التي انتهى تخصيصها للمنفعة العامة، ومن أهم الآثار القانونية المترتبة على التفرقة بين نوعي أموال الدولة، أن الأموال المملوكة لها ملكية عامة لا يجوز التصرف فيها بأي نوع من التصرفات إلا إذا زالت عنها صفة المنفعة العامة، ولكن فقط يجوز لوزير المالية أو من يفوضه الترخيص في الانتفاع بها انتفاعا خاصا وفقا للمقابل والقواعد والشروط التي يصدر بتحديدها قرار منه. “يراجع في ذلك فتوى وزارة العدل والشؤون القانونية رقم (و ش ق / م و / ٤٥ / ١٦ / ١٦٢ / ٢٠١٢).
وأما الأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة فيجوز لها التصرف فيها بكافة أوجه التصرف كالبيع وتقرير الحقوق العينية الأخرى عليها كحق الانتفاع وغيرها، والترخيص بالانتفاع بالأموال المملوكة للدولة ملكية عامة انتفاعا خاصا، يختلف عن التصرف في الأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة، من حيث إن جهة الإدارة تتمتع بحرية كاملة في الترخيص بإشغال النوع الأول من الأموال ولا يحدها في ذلك إلا قيد واحد هو ألا يتعارض ذلك مع وجه النفع العام المخصص له المال العام، ولا مع وجوه الاستعمال العامة المتعلقة به، والترخيص بطبيعته تصرف إداري مؤقت لكونه لا يرتب حقا ثابتا نهائيا كحق الملكية، بل يخول المرخص له مركزا قانونيا مؤقتا يرتبط حقه في التمتع به وجودا وعدما بأوضاع وظروف وشروط وقيود يترتب على تغييرها أو انقضائها أو الإخلال بها أو مخالفتها جواز تعديل أوصاف هذا الترخيص أو سقوط الحق فيه بتخلف شرط الصلاحية للاستمرار في الانتفاع به أو زوال سبب منحه أو انقضاء الأجل المحدد له، أو إنهاؤه متى تطلبت المصلحة العامة ذلك، وبهذا فإن الترخيص يختلف عن القرار الإداري الذي يكتسب كأصل عام حصانة ولو كان خاطئا حصانة تعصمه من السحب أو الإلغاء متى صار نهائيا بمضي وقت معلوم واستقر به مركز قانوني أصبح غير جائز الرجوع فيه أو المساس به، ومن ثم يجوز لجهة الإدارة إلغاء الترخيص في كل حين ولا تلتزم بأي تعويض طالما كان للإلغاء ما يبرره من اعتبارات تحقق المصلحة العامة، ومن أمثلة الترخيص بالانتفاع بالأموال المملوكة للدولة ملكية عامة انتفاعا خاصا، الترخيص بإنشاء كافتيريا بحرم المناطق السياحية أو الشواطئ العامة، والترخيص لشركات الكهرباء ومياه الشرب والصرف الصحي والاتصالات بمد الكوابل والأنابيب الخاصة بأنشطتها في الطرق العامة، والترخيص بإنشاء أكشاك لبيع الصحف والزهور على أرصفة الطرق العامة، والترخيص بوضع لافتات الإعلان على الطرق العامة…. الخ).
ويبين جليا مما تقدم، أن الأموال المملوكة للدولة ملكية عامة تتأبى بطبيعتها على التصرف في ملكيتها أو تقرير أي حق من الحقوق العينية الأخرى عليها كحق الانتفاع وغيرها. “يراجع في ذلك فتوى وزارة العدل والشؤون القانونية رقم ٢٣٢٧٨٣٦٢١ بتاريخ ٥ من ذي القعدة ١٤٤٤هـ الموافق ٢٥ مايو ٢٠٢٣ م” واستئناسا بأحكام قانون استثمار رأس المال الأجنبي الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٥٠ / ٢٠١٩، وبعض القوانين المقارنة ذات الصلة بالاستثمار، فإن الاستثمار هو استخدام المال لإنشاء مشروع استثماري أو توسيعه أو تطويره أو تمويله أو تملكه أو إدارته بما يسهم في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة للبلاد، والمشروع الاستثماري هو مزاولة أحد الأنشطة الاستثمارية في قطاعات الصناعة والزراعة والتجارة والتعليم والصحة والنقل والسياحة والإسكان والتشييد والبناء والرياضة والكهرباء والطاقة والثروات الطبيعية والمياه والاتصالات والتكنولوجيا وغيرها.
ومن حيث إن المادة (١) من قانون المحميات الطبيعية وصون الأحياء الفطرية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٦ / ٢٠٠٣ تنص على أنه” يقصد في تطبيق أحكام هذا القانون بالكلمات والعبارات التالية المعنى الموضح قرين كل منها ما لم يقتض سياق النص معنى آخر: ……………………. المحمية الطبيعية: مساحة من الأرض أو الماء تتمتع بحماية خاصة لصون بيئتها الطبيعية أو الثقافية أو لحماية نوع من الحيوانات أو النباتات الفطرية البرية أو البحرية، وتشمل المواقع الطبيعية ومواقع المناظر…… نظام إدارة المحمية: النظام الخاص بإدارة المحمية وتنظيم الأنشطة التنموية والترفيهية والسياحية فيها بهدف صون وحماية الأحياء الفطرية……. الأحياء الفطرية: جميع أنواع الكائنات الحية المحمية برية أو بحرية سواء كانت حيوانات أو طيورا أو نباتات أو كائنات دقيقة…… المنطقة الواقية: المساحة المحيطة بالمحمية وتفصلها عن غيرها………..
التصريح: الموافقة التي تصدرها الجهة المختصة بالوزارة أو الجهة التي تشرف إداريا على المحمية وتتضمن السماح بممارسة نشاط معين بعد التأكد من سلامته وعدم إضراره بالمحمية أو مكوناتها. التقييم البيئي: الدراسة المقدمة من ذوي الشأن عن مدى تأثير المشروع التنموي على المحمية الطبيعية أو الأحياء الفطرية”. وتنص المادة (٤) من القانون ذاته على أنه: “لا يجوز القيام في المحميات الطبيعية بأية أنشطة تتعلق باستغلال الثروات المعدنية أو الطبيعية أو المائية، أو إقامة أية منشآت أو أنشطة للتنمية بها أو اتخاذ إجراءات تقرير الحق في ذلك إلا بعد موافقة الوزير”.
وتنص المادة (٥) من القانون ذاته على أنه “يجب أن يوضح في التقييم البيئي الذي يقدم عن أي مشروع تنموي عام أو خاص، جميع البيانات الخاصة بالإجراءات التي تتبع لتفادي الضرر الواقع على المحميات والأحياء الفطرية وذلك قبل الحصول على الموافقة على المشروع”.
وتنص المادة (٦) من القانون ذاته على أنه: ” تعتبر المناطق التي يتم تحديدها كمحميات طبيعية مخصصة للمنفعة العامة، ويجوز نزع ملكية الأراضي والعقارات الخاصة بها وفقا لأحكام قانون نزع الملكية للمنفعة العامة”.
وتنص المادة (١٣) من القانون ذاته على أنه” يصدر الوزير قرارا بخطة ونظام إدارة المحمية بالتنسيق مع الجهات المعنية. ويجب أن يتضمن نظام إدارة المحمية الآتي:
أ – المناطق العامة التي يسمح بدخول الجمهور إليها لممارسة بعض الأنشطة الترفيهية، أو الرعوية، بشرط ألا تتعارض هذه الأنشطة مع طبيعة المحمية.
ب – المناطق المحمية الخاصة التي لا يسمح بدخول الجمهور إليها، إلا بتصريح من الوزارة.
ج – المنطقة المخصصة للأغراض العلمية أو التعليمية التي يسمح بدخول الجمهور إليها بتصريح خاص لمدة محددة. ويجوز للوزير أن يوافق على الاستيطان البشري الدائم أو المؤقت في هذه المناطق طبقا للشروط التي تحددها اللائحة التنفيذية”.
وتنص المادة (١٤) من القانون ذاته على أنه “يجب الحصول على تصريح من الوزارة لممارسة الأنشطة الآتية:
أ – صيد أو احتجاز أو تربية أو نقل حيازة أي حيوان محمي أو نتاجه داخل أو خارج المحمية.
ب – قطع النباتات المحمية باستثناء جني الثمار.
ج – جمع عينات من الأحياء الفطرية الحية أو الميتة أو جزء منها للأغراض العلمية أو البحثية أو الاقتصادية أو التجارية.
د – حيازة أية أحياء فطرية أو نتاجها أو أية مواد جينية منها سواء داخل المحمية أو خارجها.
ومن حيث إن المادة (٦) من اللائحة التنفيذية لقانون المحميات الطبيعية وصون الأحياء الفطرية الصادرة بقرار وزير البلديات الإقليمية والبيئة وموارد المياه رقم ١١٠ / ٢٠٠٧ تنص على أنه “يشترط للسماح بالاستيطان البشري الدائم أو المؤقت في المناطق المحددة لذلك بالحميات الطبيعية والمواقع الطبيعية المحمية ما يأتي:
أ – أن تكون المساكن والسكان والمنشآت في مواقع لا تؤثر على المقومات الطبيعية للمنطقة ومواردها الطبيعية ومناظرها الجميلة. ب – ألا يؤثر نوع وعدد المواشي التي يمتلكها السكان المحليون على حيوانات ونباتات المحمية أو الموقع الطبيعي المحمي “.
وتنص المادة (٧) من اللائحة ذاتها على أن “يجب الحصول على تصريح من الوزارة لممارسة الأنشطة المنصوص عليها في المادة (١٤) من قانون المحميات الطبيعية وصون الأحياء الفطرية المشار إليه وفقا للشروط والإجراءات الآتية:
أ – ………. د – ………”. ومفاد هذه النصوص، أن المشرع عرف الأحياء الفطرية بأنها جميع أنواع الكائنات الحية المحمية برية أو بحرية سواء كانت حيوانات أو طيورا أو نباتات أو كائنات دقيقة، وعرف المحمية الطبيعية بأنها مساحة من الأرض أو الماء تتمتع بحماية خاصة لصون بيئتها الطبيعية أو الثقافية أو لحماية نوع من الحيوانات أو النباتات الفطرية البرية أو البحرية، وتشمل المواقع الطبيعية ومواقع المناظر الطبيعية، وعرف المنطقة الواقية بأنها المساحة المحيطة بالمحمية وتفصلها عن غيرها، وعرف نظام إدارة المحمية بأنه النظام الخاص بإدارة المحمية وتنظيم الأنشطة التنموية والترفيهية والسياحية فيها بهدف صون وحماية الأحياء الفطرية، كما عرف التصريح بأنه الموافقة التي تصدرها الجهة المختصة في هيئة البيئة – الوزارة سابقا – أو الجهة التي تشرف إداريا على المحمية وتتضمن السماح بممارسة نشاط معين بعد التأكد من سلامته وعدم إضراره بالمحمية أو مكوناتها، وأخيرا عرف التقييم البيئي بأنه الدراسة المقدمة من ذوي الشأن عن مدى تأثير المشروع التنموي على المحمية الطبيعية أو الأحياء الفطرية.
وقضى بأن المناطق التي يتم تحديدها كمحميات طبيعية تعد مخصصة للمنفعة العامة، ومن ثم أجاز نزع ملكية الأراضي والعقارات الخاصة بها وفقا لأحكام قانون نزع الملكية للمنفعة العامة.
وحدد المشرع أداة إنشاء المحميات الطبيعية وحصرها في المرسوم سلطاني، وحظر تعديل حدودها أو تغيير تصنيفها أو منطقتها الواقية إلا بمرسوم سلطاني.
وأوجب أن يكون للمحميات الطبيعية خطة ونظام إدارة يصدر به قرار من رئيس الهيئة – الوزير سابقا – بالتنسيق مع الجهات المعنية، يتضمن تقسيم المحمية الطبيعية إلى ثلاثة أنواع من المناطق كالآتي:١ – مناطق عامة: و يسمح بدخول الجمهور إليها لممارسة بعض الأنشطة الترفيهية، أو الرعوية، بشرط ألا تتعارض هذه الأنشطة مع طبيعة المحمية، ٢ – مناطق محمية خاصة: ولا يسمح بدخول الجمهور إليها، إلا بتصريح من الوزارة، ٣ – ومناطق مخصصة للأغراض العلمية أو التعليمية: ويسمح بدخول الجمهور إليها بتصريح خاص لمدة محددة.
وأجاز لرئيس هيئة البيئة – الوزير سابقا – الموافقة على الاستيطان البشري الدائم أو المؤقت في هذه المناطق طبقا للشروط التي تحددها اللائحة التنفيذية، وقد حددت اللائحة في المادة (٦) منها تلك الشروط وحصرتها في أن تكون المساكن والسكان والمنشآت في مواقع لا تؤثر على المقومات الطبيعية للمنطقة ومواردها الطبيعية ومناظرها الجميلة، وألا يؤثر نوع وعدد المواشي التي يمتلكها السكان المحليون على حيوانات ونباتات المحمية أو الموقع الطبيعي المحمي.
كما أجاز أيضا بموجب تصريح من هيئة البيئة – الوزارة سابقا – ممارسة الأنشطة الآتية داخل المحميات الطبيعية أو خارجها:١ – صيد أو احتجاز أو تربية أو نقل حيازة أي حيوان محمي أو نتاجه. ٢ – قطع النباتات المحمية باستثناء جني الثمار.٢ – جمع عينات من الأحياء الفطرية الحية أو الميتة أو جزء منها للأغراض العلمية أو البحثية أو الاقتصادية أو التجارية.٣ – حيازة أيه أحياء فطرية أو نتاجها أو أية مواد جينية، وقد حددت المادة (٧) من اللائحة التنفيذية للقانون إجراءات الحصول على هذا الترخيص. وفي المقابل وموازنة من المشرع بين الالتزام الواقع على الدولة بموجب حكم المادة (١٤) من النظام الأساسي للدولة، بحفظ وحسن استغلال الثروات والموارد الطبيعية المملوكة لها، وبين الاعتبارات التي اقتضت تخصيص مال معين للمنفعة العامة وما يستتبعه هذا الوصف من آثار قانونية تتعلق بالقيود المقررة بشأن التصرفات الجائز إجراؤها على هذا المال طوال فترة تخصيصه للمنفعة العامة، فقد أجاز – استثناء – القيام في المحميات الطبيعية بأنشطة تتعلق باستغلال الثروات المعدنية أو الطبيعية أو المائية، وإقامة منشآت وأنشطة للتنمية بها أو اتخاذ إجراءات تقرير الحق في ذلك إلا بعد موافقة رئيس هيئة البيئة – الوزير سابقا – شريطة تقديم تقرير بيئي عن المشروع التنموي عاما أو خاصا، يوضح فيه جميع البيانات الخاصة بالإجراءات التي تتبع لتفادي الضرر المحتمل وقوعه على المحميات والأحياء الفطرية، وموافقة رئيس هيئة البيئة على المشروع، ومن ثم فإن تلك الموافقة تعد إقرارا من الهيئة بوصفها الجهة المختصة القائمة على إدارة المحمية الطبيعية والمسؤولة عن صون الأحياء الفطرية بها بما أوتيت من وسائل وموارد مالية وبشرية وصلاحيات قانونية، بعدم وجود آثار سلبية محتملة للمشروع على المحمية الطبيعية والأحياء الفطرية فيها، وهو وجه المنفعة العامة الذي خصصت له المساحة الجغرافية المحددة للمحمية الطبيعية.
ومن المعلوم، أن كل مورد من موارد الثروة الطبيعية في الدولة، كالنفط، والغاز، والمعادن، والثروة المائية الحية والثروة المائية، والطيف الترددي، وغيرها، له قانون خاص ينظم كل ما يتعلق به، من استكشاف، وتنقيب، واستغلال، وعادة ما تتضمن تلك القوانين تحديد الآليات القانونية واجبة الاتباع في شأن كل ما تقدم، سواء كانت بالترخيص أو منح الامتياز أو غيرهما، وكذلك تحديد السلطة المختصة بمنحها، وبيان حقوق والتزامات الأطراف المعنية، والعقوبات المترتبة على مخالفة أحكامها، لذلك فإن كل ما يتعلق باستغلال موارد الثروة الطبيعية داخل المحمية الطبيعية تسري في شأنه القوانين ذات الصلة بهذا المورد، ولا يجوز للجهات المنوط بها تنفيذ أحكام هذه القوانين الشروع في استغلال هذا المورد إلا بعد موافقة هيئة البيئة ابتداء على المشروع؛ ضمانا لوجه المنفعة العامة الذي خصصت له المحمية وصيانة الأحياء الفطرية فيها، والأمر ذاته ينطبق على كافة الأنشطة التنموية في كافة القطاعات الأخرى، كالصناعة والزراعة والتجارة والتعليم والصحة والسياحة والرياضة والكهرباء والطاقة والاتصالات والتقنية والعمرانية وغيرها، فلا يجوز مباشرتها داخل المحميات الطبيعية إلا وفقا للقانون المنظم لها، وبعد موافقة رئيس هيئة البيئة وبناء على تقرير بيئي للمشروع، وألا يكون من شأنه التأثير على وجه المنفعة العامة المخصصة له المحمية الطبيعية، ومراعاة طبيعة المحمية الطبيعية كمال مملوك للدولة ملكية عامة، فلا يجوز بيعه أو تقرير حق انتفاع عليه، وإن الانتفاع به انتفاع خاص بموجب تراخيص من الجهات المختصة.
وبناء على ما تقدم، فإن الأنشطة التي يجوز قانونا ممارستها داخل المحمية الطبيعية تنقسم إلى فئات ثلاث على التفصيل الآتي:
الفئة الأولى: أنشطة لا تحتاج إلى تصريح مسبق من الهيئة، وهي الأنشطة المنصوص عليها في البند (أ) من المادة (١٣) من القانون، وتتم ممارستها داخل المحمية الطبيعية في إطار خطة ونظام إدارة المحمية الطبيعية، ولا يحتاج إلى تصريح من هيئة البيئة.
الفئة الثانية: أنشطة تحتاج إلى تصريح مسبق من الهيئة، وهي الأنشطة المنصوص عليها في البندين (ب)، (ج) من المادة (١٣) من القانون، وتتم ممارسته داخل المحمية الطبيعية سواء في إطار خطة ونظام إدارة المحمية الطبيعية أو خارجه.
الفئة الثالثة: المشروعات التنموية في كافة القطاعات، وتتم ممارستها داخل المحمية الطبيعية، وفق آليات قانونية وشروط وإجراءات تحددها قوانين متخصصة، ويحظر على الجهات المختصة بتنفيذ أحكام تلك القوانين البدء في مشروع داخل المحمية الطبيعية، إلا بموافقة مسبقة من رئيس هيئة البيئة وبعد تقديم دراسة بيئية للمشروع تؤكد عدم وجود آثار سلبية محتملة للمشروع على وجه المنفعة العامة المخصصة له المحمية الطبيعية والأحياء الفطرية فيها، ويوضح فيه جميع البيانات الخاصة بالإجراءات التي تتبع لتفادي الضرر المحتمل وقوعه على المحميات والأحياء الفطرية. ومن الجدير بالذكر، أن القاسم المشترك بين الفئات الثلاث من الأنشطة المشار إليها، أنها لا تؤثر على وجه المنفعة العامة الذي خصصت له المحمية الطبيعية بأي شكل، كما أنه ليس من شأنها إزالة هذا التخصيص أو تغييره، ومن ثم تبقى المحمية الطبيعية رغم مزاولة تلك الأنشطة فيها من الأموال المملوكة للدولة ملكية عامة، وما يستتبعه هذا الوصف من آثار قانونية، أخصها عدم جواز التصرف فيها أو تقرير أي حق عيني آخر عليها كحق الانتفاع، ويجب ألا تخرج التصرفات التي تجريها الجهات المختصة بشأنها عن أن تكون محض تراخيص بالانتفاع ببعضها انتفاعا خاصا لا يؤثر في وجه المنفعة العامة المخصصة لأجله، وفي المقابل فإن تلك الأنواع من الأنشطة تختلف فيما بينها بشأن آلية منح الترخيص واسمه والسلطة المختصة بمنحه والإجراءات الواجب اتباعها للحصول عليه، على النحو السابق تفصيله.
ومن الجدير بالإشارة أيضا، أن نصوص قانون المحميات الطبيعية وصون الأحياء الفطرية المتعلقة بتحديد السلطة المختصة بمنح تصاريح بمزاولة بعض الأنشطة داخل المحميات الطبيعية، في مقابل نص المادة (١٨) من القانون المالي تعد نصوصا خاصة بالنسبة لها، ومن ثم فإنها تقدم عليها في التطبيق.
وتطبيقا لما تقدم على الحالة المعروضة، ولما كان السؤال المطروح يدور حول تحديد السلطة المختصة بالأنشطة الاستثمارية داخل المحميات الطبيعية، فإنه بذلك يشير إلى النوع الثالث من الأنشطة الجائز ممارستها داخل المحميات الطبيعية، وهو المشروعات التنموية، وإذ جاءت صيغة السؤال من العموم بحيث تشمل الاستثمار في كافة القطاعات، فإنه يكفي للرد عليه القول بأنه تأسيسا على ما تقدم، فإن هيئة البيئة ليست هي جهة الاختصاص في ممارسة تلك الأنشطة سواء بنفسها أو من خلال طرف ثان، وإنما يقتصر دورها على الموافقة المسبقة على المشروع في ضوء الدراسة البيئية المعدة عنه مسبقا، وذلك ضمانا لعدم وجود آثار بيئية سلبية محتملة للمشروع على المحمية الطبيعية والأحياء الفطرية فيها، لتتولى بعد ذلك جهة الاختصاص وفقا للقانون الواجب التطبيق على النشاط بحسب ما إذا كان تعدينيا أو صناعيا أو زراعيا أو سياحيا أو عمرانيا أو تقنيا …..الخ، اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة، وبما يتفق مع طبيعة المحمية الطبيعية بوصفها مالا مملوكا للدولة ملكية عامة، وتحديد القانون الواجب التطبيق والجهة المختصة يتوقف على تحديد نوع النشاط بدقة.
لذلك انتهى الرأي إلى الآتي:
١ – عدم اختصاص هيئة البيئة بممارسة الأنشطة الاستثمارية داخل المحميات الطبيعية سواء بنفسها أو من خلال طرف ثان، ويقتصر دورها على الموافقة المسبقة على المشروع الاستثماري.
٢ – تحديد القانون الواجب التطبيق على الأنشطة الاستثمارية داخل المحمية الطبيعية وما يستتبعه من تحديد الجهة المختصة بكل ما يتعلق بها وآليات عملها يختلف بحسب نوع النشاط الاستثماري، ومن ثم يستوجب ابتداء تحديد نوع هذا النشاط تحديدا دقيقا.
وذلك على النحو المبين بالأسباب.