التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة المدنية (ب): الطعن رقم ١٤٠٦ / ٢٠١٧م

2017/1406 1406/2017 ٢٠١٧/١٤٠٦ ١٤٠٦/٢٠١٧

تحميل

جلسة يوم الأحد الموافق ١٨ / ٢ / ٢٠١٨م

برئاسة فضيلة القاضي / زهران بن ناصر البراشدي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: محمد بن حمد النبهاني، ويحيى محمد عبد القادر، والشيخ ولين الشيخ ماء العينين، وصلاح الدين غندور.

(١٠٩)
الطعن رقم ١٤٠٦ / ٢٠١٧م

طعن (عدم جواز – تنفيذ – جبري – اختياري – قبول)

– تنفيذ المحكوم عليه للحكم الصادر ضده من محكمة الاستئناف ليس سببا للحكم بعدم جواز الطعن. علة ذلك أن عدم جواز الطعن مشروط بقبول الحكم صراحة أو دلالة من قبل المحكوم عليه، وتنفيذ الحكم لا يعني القبول الضمني بالحكم؛ إذ إن التنفيذ قد يكون جبريا لا رضائيا. نتيجة ذلك أن التنفيذ الجبري لحكم محكمة الاستئناف ليس قبولا بالحكم من المحكوم عليه بخلاف التنفيذ الاختياري من قبله.

الوقائع

تتلخص الوقائع كما أوردها الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق أن المدعي (الطاعن) أقام الدعوى رقم (١٦٩ / ٢٠١٧م) بتاريخ: ٢٢ / ٢ / ٢٠١٧م بوساطة محاميه لدى المحكمة الابتدائية بصلالة بموجب صحيفة طلب في ختامها الحكم بإلزام المدعى عليها بأن تؤدي للمدعي مبلغا وقدره (٨٠٠٠٠ ر.ع) ثمانون ألف ريال عماني تعويضا عن الإصابات مع إلزامها بالمصاريف ومبلغ (٢٠٠ ر.ع) مقابل أتعاب محاماة.

على سند من القول إنه بتاريخ: ١ / ٦ / ٢٠١٦م بينما كان قائد المركبة قادما من الغرب إلى الشرق في خط سيره انحرفت عليه المركبة جهة اليمين واصطدمت برصيف الطريق مما أدى اصطدام بعمود الانارة وكان المدعي أحد ركاب المركبة الأمر الذي أدى إلى وقوع إضرار به كما هو ثابت بالتقارير الطبية المرفقة.

حيث نظرت محكمة أول درجة الدعوى على النحو الذي جاء بمحاضر الجلسات إلى أن أصدرت حكمها بجلسة (٢٧ رجب ١٤٣٨هـ الموافق ٢٤ / ٤ / ٢٠١٧م) القاضي بإلزام المدعى عليها بأن تؤدي للمدعي مبلغا وقدره (٦٨١٢٥ ر.ع) ثمانية وستون ألفا ومائة وخمسة وعشرون ريالا عمانيا وألزمتها بالمصاريف ومائة ريال عماني مقابل أتعاب المحاماة.

فلم يلق هذا الحكم قبولا لدى المدعي فاستأنفه بالاستئناف رقم (٣٢٣ / ٢٠١٧م) بموجب صحيفة طلب في ختامها بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف برفع التعويض المقضي به إلى مبلغ مائة وخمسين ألف ريال عماني مع إلزام المستأنف ضدها بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين.

على أسباب حاصلها مخالفة الحكم المستأنف للقانون من حيث التعويض المقضي به مع حجم الضرر والإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية.

كما أن المدعى عليها استأنفت أيضا الحكم بالاستئناف رقم (٣٥١ / ٢٠١٧م) بوساطة وكيلها القانوني بموجب صحيفة طلبت في ختامها الحكم بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف نزولا بالتعويض المقضي به إلى مبلغ اثنى عشر ألفا وخمسمائة وخمسين ريالا عمانيا.

على أسباب حاصلها مخالفة الحكم المستأنف للقانون فيما قضى به من تعويض جاء أكثر مما هو مناسب لحجم الإصابات التي لحقت بالمستأنف ضده.

حيث نظرت محكمة ثاني درجة الاستئنافين حسبما جاء بمحاضر جلساتها التي حضرها وكيلا الطرفان وصمم كل منهما على ما جاء في صحيفة استئناف موكله وقررت المحكمة ضمن الاستئنافين للارتباط ليصدر فيهما حكم واحد وبعد الإجراءات التي اتخذتها محكمة الاستئناف أصدرت حكمها بجلسة (١٦ / ١٠ / ١٤٣٨هـ الموافق ١١ / ٧ / ٢٠١٧م) القاضي بقبول الاستئنافين شكلا، وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف نزولا بالتعويض المقضي به إلى مبلغ (٤٠١٢٥ ر.ع) أربعين ألفا ومائة وخمسة وعشرين ريالا عمانيا وتأييد الحكم فيما عدا ذلك وإلزام كل مستأنف بمصاريف استئنافه.

فلم ينل هذا الحكم قبولا لدى المستأنف فطعن فيه بالنقض الماثل بموجب صحيفة موقعة من قبل محاميه المقبول للترافع أمام المحكمة العليا الذي أودعها بأمانة سر هذه المحكمة بتاريخ: ٩ / ٨ / ٢٠١٧م مشفوعة بصورة من سند وكالته عنه وما يفيد سداد الرسوم المقررة وإيداع مبلغ الكفالة طبقا لمقتضيات المادتين (٢٤٤ و٢٤٧) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية.

حيث تم إعلان المطعون ضدها بصحيفة الطعن فردت عليها بوساطة محاميها المقبول للترافع أمام المحكمة العليا في مذكرة طلبت في ختامها أولا: الحكم بعدم جواز الطعن استنادا لنص المادة (٢٠٢) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية.

ثانيا: الحكم برفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه.

ثالثا: الحكم بإلزام الطاعن برسوم الطعن والمصاريف وأتعاب محاماة ألف ريال عماني.

وحيث إن الطاعن بنى طعنه على ثلاثة أسباب ينعي فيهم على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون وخطأه في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع على النحو الآتي:

ففي السبب الأول: ينعي الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق قانون الديات والأروش على هذه الإصابات طبقا لما تواترت عليه المحكمة العليا وذلك أن قدر خمسة آلاف ريال عماني على إصابات (رضة على الفص الأمامي الأيسر للدماغ – نزيف بسيط في أنسجة الدماغ) حكومة عدل في حيث أن الأولى تقدر حكومة عدل (الرضة) أما الوصف الشرعي للثانية هو دامغة.

وأخطأ الحكم في تقدير التعويض فيما يتعلق بإصابة نوبات الصرع مؤقتة ونسبة العجز وقد خالف القانون فيما يتعلق بنوبات الصرع في حين فقده للعقل خاصة أن هذه النوبات مستمرة معه مدى الحياة والقانون يقدر لها دية كاملة خمسة عشر ألف ريال ع ماني.

وخالف الحكم الطعين قانون الديات فيما يتعلق بتعويض الطاعن لخضوعه لجهاز التنفس الاصطناعي مدى أربعة أيام بأربعة آلاف ريال عماني حكومة عدل في حين أن القانون نص على أرش محدد على أرش محدد في هذه الجزئية (الغيبوبة) نص على إذا قام سالما دون وقت صلاة فله عشر عشر الدية فإن أمضى فله بكل صلاة خمس ثلث الدية حتى تكتمل الدية ولا يزاد عليه ولو طالت المدة ومن ثم يكون مبلغ التعويض عن الغيبوبة لمدة أربعة أيام الدية كاملة، وعليه فإن الحكم المطعون فيه خالف صحيح القانون في تقدير التعويض عن الإصابات حسب أحكام الديات والأروش.

وفي السبب الثاني ينعي الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال حينما قضى بإنزال مبلغ التعويض المقضي به من محكمة أول درجة مخالفا بذلك قانون الديات والأروش لعدم ذكر الأسباب الواقعية والقانونية المؤيدة لقضائه ولم يرد على حكم أول درجة بالتسبيب المنطقي أو الاستدلال الواقعي وإنما أورد ان هذا المبلغ هو المناسب للأضرار التي أصابت الطاعن ومن ثم لم يبين الأدلة الواقعية والأسانيد القانونية التي اعتمد عليها في قضائه المطعون فيه ومن ثم جدير بالنقض.

وفي السبب الثالث: ينعي الطاعن على الحكم المطعون فيه إخلاله بحق الدفاع لعدم تناولت أسباب الاستئناف بالرد سلبا أو ايجابا وأغفلها مما يترتب عليه القصور المبطل للحكم الطعين لإخلاله بحق الدفاع حيث أورد الطاعن في صحيفة استئنافه ان حكم أول درجة لم يعوضه عن نسبة العجز الدائم التي قدر بثمانين بالمائة من قدرة الجسم الكلية ذلك أن هذه النسبة باقية بالجسم مدى الحياة ولها آثار مستقبلية وما يصاحبها من ألم ومعاناة وسهر، حيث خالف الحكم الطعين ما تواترت عليه أحكام المحكمة العليا بأن من أهم واجبات المحكمة تمحيص دفاع الخصوم وفهم المراد منه ومن ثم انزال حكم القانون عليه سواء جاء هذا الدفاع بالمرافعة الشفوية أو المكتوبة أو بمستند دلل الخصم على ما تضمنه من دفاع ويجب أن تفهم مرماه حتى يكون ردها متماشيا مع واقع الدفاع واستنادا للأسباب الواردة أعلاه فإن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وقاصر في التسبيب وفاسد في الاستدلال وأخل بحق الدفاع مما يطلب معه الطاعن نقض الحكم.

وبناء عليه يلتمس الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع:

١ – التصدي له والقضاء بإلزام المطعون ضدها بأن ترد للطاعن مبلغ قدره ثمانون ألف ريال عماني تعويضا شاملا.

٢ – نقض الحكم والإحالة إلى محكمة استئناف صلالة للحكم في الدعوى من جديد بهيئة مغايرة.

٣ – إلزام المطعون ضدها بالمصاريف ورد الكفالة للطاعن.

حيث ردت الشركة المطعون ضدها على صحيفة الطعن بوساطة محاميها في مذكرة دفعت فيها بعدم جواز اقامة الطاعن للطعن لقبوله بالحكم المطعون ضده قبولا مانعا للطعن عليه حيث قام بفتح ملف تنفيذ الحكم المطعون ضده لدى المحكمة الابتدائية بصلالة المقيد برقم (١١٤٤ / ٢٠١٧م)، ومن المعلوم قانونا ان طلب تنفيذ الحكم يعتبر قبولا بالحكم بمنع الطعن عليه بالنقض وفقا لنص المادة (٢٠٢) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية أنه (لا يجوز الطعن في الأحكام ممن قبل الحكم أو ممن قضي له بكل طلباته ما لم ينص القانون على غير ذلك) كما يعتبر قرينه باقرار المحكوم له بصحة الحكم ويجعل الطعن المقدم ذات الحكم من المحكوم له غير جائز.

وردا على أسباب الطعن حيث أن المحكمة العليا أكدت في أحكامها بأن (تعديل قيمة التعويض بالزيادة أو النقصان من محكمة الاستئناف أمر موضوعي يدخل في سلطتها التقديرية تقضي به بما تراه مناسبا إلا أن ذلك مشروط بأن يكون الحكم قد أحاط بعناصر المسؤولية المدنية من خطأ وضرر وعلاقة سببية إحاطة كافية وأن يكون ما ورد في هذا الخصوص مؤيدا للنتيجة التي انتهى إليها).

ومن خلال الحكم الطعين يتبين أنه قد استوعب ذلك وقام بذكر مفردات القضية وفحص الدعوى حتى وصل إلى نتيجة وافق كبد القانون ولا مجال للحديث بأي خطأ ومفاد ذلك أيضا هو التزام محكمة الاستئناف بمراجعة الضرر الواقع على الطاعن وبحث العلاقة السببية ما بين كل إصابة أو ضرر وعلاقتها بالحادث من عدمه وبعد تلك الدراسة تقدر التعويض عن الإصابات التي لها علاقة سببية مع الحادث. وأما ما أثاره الطاعن في طعنه هو مجرد جدل لا يمكن الأخذ به ولا أساس له من القانون.

وما أثاره الطاعن حول نسبة العجز فإن الرد على ذلك وكما هو معلوم قانونا بأن الطرف الثالث تكون نسبة العجز الصادرة في حقه تأخذ بها المحكمة على سبيل الاستئناس حيث ان التعويض المقرر في تأريش الإصابات وفقا للمادة الثالثة من المرسوم السلطاني رقم (١١٨ / ٢٠٠٨م) التي نصت بأن (تكون الديات والأروش المشار إليها جابرة لجميع الأضرار المادية والمعنوية) وعليه فإن التعويض المقرر يشمل كافة الإصابات ولا يمكن تعويض الشخص عن الإصابة بعدما يتم تعويض عن نسبة العجز، وبالتالي لا يستحق تعويض نسبة العجز مرة أخرى بعد تعويضه عن الإصابات.

وحيث إنه وكما هو معلوم قانونيا لا يمكن التعويض عن الإصابات تفصيلا وبعدها يتم التعويض عن نسبة العجز، كما انه لا يمكن قانونا التعويض عن الإصابات التي أصابت المصاب بناء على نسبة العجز فالقانون سطر وفقا لملحق الديات والأروش فقد أعطى كل إصابة وصف معين وفق القانون وبين مقدار التعويض لكل إصابة وبالتالي يكون الحكم الطعين وافق القانون وليس هناك سبب لنقضه.

وبناء عليه فإن المطعون ضدها تلتمس من المحكمة الحكم:

أولا: بعدم جواز الطعن استنادا لنص المادة (٢٠٢) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية.

ثانيا: الحكم برفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه.

ثالثا: بإلزام الطاعن برسم الطعن والمصاريف وأتعاب محاماة ألف ريال عماني.

حيث عقب الطاعن على مذكرة رد المطعون ضدها في مذكرة جاء فيها بأن يتمسك بأسباب طعنه على الحكم المطعون فيه المبنية على الأسباب المبينة بالمادتين (٢٣٩ و٢٤٤) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية الخطأ في القانون تطبيقا وتأويلا والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب وصمم على ما تضمنته صحيفة طعنه جملة وتفصيلا مؤكدا طلباته الختامية حيث عقبت المطعون ضدها على مذكرة تعقيب الطاعن متمسكة في كل ما جاء في مذكرة ردها على صحيفة الطعن.

المحكمة

بعد الاطلاع على الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق والاستماع إلى التقرير الذي أعده القاضي المقرر وبعد المداولة. حيث إن الطعن استوفى كافة أوضاعه الشكلية المطلوبة قانونا فهو مقبول شكلا. وحيث إنه فيما يتعلق بالدفع المثار من قبل المطعون ضدها بوساطة محاميها بعدم جواز الطعن استنادا لأحكام المادة (٢٠٢) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية لقيام الطاعن بتنفيذ الحكم المطعون فيه مما يعتبر الطاعن قد قبل الحكم ويمنع الطعن عليه بالنقض، غير أن ذلك لا يصح إلا إذا ا على أن التنفيذ كان اختيارا دالا على الرضى وعلى قدمت المطعون ضدها دليل ترك الحق في الطعن إما صراحة أو بصفة ضمنية ويجب أن يكون كل منهما دالا على الرضى بالحكم والتخلي عن الحق الطعن فيه، فإذا كان القبول الصريح هو عبارة عن ارادة المحكوم عليه عن رغبته فإن الضمني يستفاد من سلوك من له حق الطعن، مع أن تنفيذ الحكم المطعون فيه قد يعتبر من قبيل الرضا بالحكم بشرط أن يكون التنفيذ عن طواعية واختيار، أما إن كان المحكوم عليه مجبرا على التنفيذ أو كان الحكم المطعون فيه نهائيا لصدوره من محكمة الاستئناف فإن تنفيذه لا يعد قبولا للحكم مانعا من الطعن فيه ولو لم يكن مشمولا بالنفاذ المعجل طالما أنه قابل للطعن عليه أمام المحكمة العليا ومن ثم يكون الطعن بالنقض جائز الأمر الذي يكون الدفع المثار من قبل المطعون ضدها في هذا المضمار غير جدير بالاعتبار لعدم ارتكازه على أساس.

وحيث أن نعي الطاعن على الحكم المطعون فيه بالأسباب السالف إيرادها هو نعي سديد في مجمله ذلك أنه لئن كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن فهم واقع الدعوى وتقييم الأدلة وتقدير التعويض يدخل ضمن سلطة محكمة الموضوع إلا أن ذلك ليس على اطلاقه بل مقيد بشرط ان تبني حكمها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق والقانون في دعوى التعويض الجابر للضرر التي تحكمها أحكام الديات والأروش المبينة في الشريعة الإسلامية التي ضبطت تقدير التعويض الجابر للضرر للفعل الضار الذي يقع على النفس وما دونها في الشريعة الإسلامية المرسومة بالمرسوم السلطاني رقم (١١٨ / ٢٠٠٨م) الواجب التطبيق على النحو المبين في ملحق الديات والأروش المرفق بالمرسوم السلطاني مما يلزم المحكمة بمعرفة كافة الإصابات والجروح لإظهار عناصر الضرر الناتج عنها بتمحيصها وتقصيها من التقارير الطبية بأنواعها ومكانها من الجسم وما آلت إليه تلك الإصابات من فوات نفع أو حدوث ضرر في الحال وما تؤول إليه مستقبلا، ومن ثم يتم اعطاء كل عناصر من عناصر الضرر حقه بدون زيادة ولا نقصان من دية أو أرش مشروع ان كان مقدرا وجب الالتزام به إذ لا مجال للاجتهاد في مقداره مع وجود النص. أما ان لم يكن للإصابة دية أو أرش مقدر لها في قواعد الشريعة الإسلامية كان للمحكمة السلطة في تقدير التعويض الجابر للضرر بما يطلق عليه حكومة العدل، وعلى كل حال فقد استقر قضاء هذه المحكمة بأن السلطة التقديرية فيما يخص تقدير التعويض لا يجوز للمحكمة ممارستها إلا عندما لا توجد نصوص قانونية حاكمة لتقدير التعويض فإذا سنت هذه القوانين كما في أحكام الديات والأروش فيجب الالتزام بها، وما تقرره المحكمة العليا من مبادئ إنما هو اجتهادات قضائية غايتها تحقيق العدالة ولذا فهي لا تخالف نصا بقدر ما تضفي عليه تفسيرا يحقق أهدافه.

ولما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه رغم إحاطته الشاملة بجميع عناصر الضرر قضى بالنزول بالتعويض المقضي به في الحكم المستأنف دون أن ينظر إلى تلك الإصابات الجسيمة وما قد يترتب عليها وما تستحقه من دية أو أرش حسب نوعها ومكانها من الجسم لإعطائها حقها المشروع مما جعل الحكم المطعون فيه أخطأ في تقدير التعويض الذي يستحقه الطاعن لمخالفته أحكام الديات والأروش الأمر الذي يكون معه الحكم المطعون فيه خالف صحيح القانون ويتعين نقضه.

وحيث أنه لما كان الموضوع صالحا للفصل فيه طبقا لمقتضيات المادة (٢٦٠ / ٤) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية بتوافر العناصر اللازمة لذلك من وقائع وأدلة في الأوراق دون الحاجة إلى مزيد من إجراءات البحث ما دام الحكم الابتدائي المستأنف قد انتهى في قضائه إلى مبلغ يناسب تلك الإصابات التي لحقت الطاعن مما يتعين الحكم في موضوع الاستئنافين برفضهما وإلزام المطعون ضدها بالمصاريف ورد الكفالة للطاعن.

فلهذه الأسباب

«حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والحكم في موضوع الاستئنافين برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المطعون ضدها المصاريف ورد الكفالة للطاعن».