التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة الشرعية: الطعن رقم ١٠١ / ٢٠١٦م

2016/101 101/2016 ٢٠١٦/١٠١ ١٠١/٢٠١٦

تحميل

جلسة يوم الأحد الموافق ١٨ / ديسمبر / ٢٠١٦م

المشكلة برئاسة فضيلة القاضي / د. صالح بن حمد بن سالم الراشدي / نائب رئيس المحكمة العليا وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: سالم بن محمد البراشدي، مسعود بن محمد الراشدي، حمود بن حمد المسكري، عامر بن سليمان المحرزي

(٣)
الطعن رقم ١٠١ / ٢٠١٦م

– عقد زواج (تطليق).

– مجردّ التقصير في الإنفاق وعدم توفير المسكن المناسب ليس سبباً للتطليق. علة ذلك أن الحصول على النفقة والمسكن الملائم يمكن تحقيقه بوساطة حكم يقضي بإلزام الزوج بهما وهو ما يعني كون الضرر الذي لحق الزوجة يمكن رفعه بسبيل آخر غير الطلاق، كما أن ّعقد الزواج رباط مقدس قام بالموافقة والتراضي، ولذلك فإن ّحلهَّ لا يكون إلا بمبررات قوية وواضحة ومشروعة.

الوقائع:-

تتحصل الوقائع في أن الطاعنة أقامت الدعوى الشرعية رقم (٩٩ / ٢٠١٥م) ضد المطعون ضده أمام المحكمة الابتدائية بصور طلبت فيها الحكم بتطليقها من المدعى عليه وإلزامه بنفقة عدة (٣٠٠٠ ر.ع) ونفقة متعة (٣٠٠٠ ر.ع) ونفقة مؤقتة إلى حين الفصل في الدعوى لها وأولادها مقدارها ثمانمائة ريال عماني ونفقة سابقة لها ألف ريال ومائتي ريال ولأولادها ثلاثة آلاف وستمائة ريال وإلزامه بأن يدفع نفقة شهرية لأولادها مقدارها ستمائة ريال تزاد في الأعياد والمدارس إلى ثمانمائة ريال مع إلزامه بتوفير مسكن مناسب للأولاد، شارحة دعواها بأن المدعى عليه زوجها وقد دبت بينهما الخلافات بما يتعذر معه دوام العشرة بينهما وحرمها من حقوقها الشرعية وامتنع عن الإنفاق عليها وعلى أولادها منه رغم يساره وهو دائم السفر بطريقة مفاجئة مع ترك أسرته بدون نفقة وهو كثير الخصومة معها وقد سبق إن اعتدى عليها بالضرب بالإضافة إلى توقفه عن سداد إيجار المسكن الذي تقيم فيه مع أولاده منذ شهر فبراير (٢٠١٥م) مما دفع صاحب المنزل إلى طلب إخلاء المنزل فقامت بإخلائه.

رد المطعون ضده بمذكرة طلب فيها رفض الدعوى قائلا ًبأن المدعية لم تبين الضرر ولم تتوفر الشروط التي أباحت لها طلب التطليق بسبب عدم الإنفاق، كما قدم وكيل الطاعنة طلباً عارضًا لإلزام المدعى عليه بدفع ألفين وخمسمائة وخمسين ريالا ًعن إيجار المسكن الذي قامت بسداده الطاعنة قائلا ًبأن المدعى عليه هو من طلب من المدعية استئجار المسكن ولكنه لم يسدد الإيجار مما دفع بالمؤجر مطالبة المدعية بالأجرة فقامت بسدادها من مالها، أجاب المطعون ضده بأنه قام بتوفير منزل للحياة الزوجية ولكنها رفضت الإنتقال إليه، وقامت باستئجار مسكن بدون إذنه وموافقته، وأنه يملك قسماً خاصا في منزل أبيه يتكون من غرفتين ومطبخ وحمام ولديه خمسة أولاد أصغرهم عمره عشر سنوات وقدم طلباً عارضًا يتمثل في إلزام المدعية بالرجوع إلى بيت الزوجية.

وبعد أن اطلعت محكمة أول درجة على تقرير الحكمين وتقرير الباحثة الإجتماعية قضت بجلسة ٢٢ / ٣ / ١٤٣٧هـ الموافق ٤ / ١ / ٢٠١٦م برفض الدعوى الأصلية وإلزام المدعية بالرجوع لبيت الزوجية وألزمتها بالمصاريف.

لم ترض الطاعنة بالحكم الابتدائي فاستأنفته أمام محكمة الاستئناف بصور تحت رقم (١٠ / ٢٠١٦م) الدائرة الشرعية والتي قضت فيه برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وحملت المستأنفة المصاريف.

لم يجد هذا القضاء قبولا ًلدى الطاعنة فطعنت فيه بالنقض أمام المحكمة العليا بالطعن الماثل.

تنعى الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون وتأويله والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول: أخطأ الحكم المطعون فيه في رفض جميع طلبات الطاعنة ومنها النفقة الزوجية ونفقة الأولاد رغم امتناع المطعون ضده عن النفقة لها ولأبنائه كما اعتبر الحكم المطعون فيه إنه لا وجود للضرر رغم استحكام الشقاق بين الطرفين فألزمها الحكم بالعودة للمنزل رغم عدم وجود منزل لديه كما لم يرفع عليها دعوى فرعية يطالبها بالرجوع لمنزل الزوجية إلا شفاهة دون إقامة دعوى وأنه قام بتأجير منزل لجهة حكومية بعد إن قام بإخراجها منه وقام باستئجار منزل لها ولأولادها ولم يقم بسداد الإيجار وإن الحكم لم يحكم لها بالمنزل مخالفاً بذلك نص المادة (٥٦) من قانون الأحوال الشخصية كما إنها خالفت نص المادة (١٠١) فقرة (ج) والفقرة (أ) بشأن التطليق للضرر حيث أصبحت العلاقة بين الطرفين متعذرة لاستحكام الشقاق لوجود دعاوى شرعية سابقة بينهما كذلك رفضه الإنفاق على أولاده وعليها، وأنه كثير الاعتداء عليها، كما قام بتأجير بيتهما المشترك لجهة حكومية وقبض الإيجار لنفسه دون أن يعطيها نصيبها منه وأنه كثير السفر للخارج ويهددها بالطلاق إذا دفعت له خمسين ألف ريال عماني وأنه وافق على تطليقها إذا اشترت منه نصيبه من المنزل المشترك مقابل خمسة وأربعين ألف ريال عماني إلى غير ذلك من المراسلات التي كان يرسلها إليها يهددها فيه بالطلاق وأنه يريد إسكانها وأولادها الخمسة في منزل لا يزيد عن غرفتين وحمام.

المحكمة

وللرد على ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذه الأسباب نعي غير سديد ولا يلقى قبولا ًمن هذه المحكمة لما هو مقرر في قضائها أن تحصيل الوقائع في الدعوى وتقدير الدليل فيها والأضرار هي من إطلاقات قاضي الموضوع ولا رقابة عليه في ذلك أن هو بنى حكمه على تقدير صحيح للوقائع والدليل وتحقق مبدأ العدالة ومعرفة المتضرر في الدعوى لما كان ذلك وكانت محكمة أول درجة قد استمعت لأقوال الطرفين وحققت في الدعوى وخلصت إلى عدم وجود ضرر من الأضرار الموجبة للتطليق غير ادعائها عليه بعدم الإنفاق والذي نفاه ُالمدعى عليه وأنه قادر على أداء ما يجب عليه لزوجته وأولاده منها من نفقة وسكنى فهو يعمل ولديه دخل ثابت يمكنها إن تطالبه بذلك في حال الامتناع عن دفع النفقة فعدم دفع النفقة إن صح ذلك منه ليس موجباً وسبباً للتطليق إذا لم يتعذر استيفاؤه منه عملا بنص المادة (١٠٩) من قانون الأحوال الشخصية بل إن القانون قد جعل تركها لمنزل الزوجية والخروج منه بدون سبب مسقطًا لحقها في النفقة بل جعلها ناشزاً والناشز لا نفقة لها وأما المسكن فقد تبين للمحكمة بأن المدعى عليه قد هيأه لها ولم تعترض عليه شرط أن يكون مسكناً لائقاً ويتوفر فيه كل الوسائل والحاجيات اللازمة بل الظاهر في الدعوى هي التي خرجت منه بدون مبرر شرعي مقبول فعليها العودة لمنزل الزوجية شرط صلاحية المسكن الذي أعده المدعى عليه واطلاع المحكمة عليه فإن تأكد ذلك فيلزمها العودة لمنزل الزوجية ومعاشرة زوجها بالمعروف وإن لا يضيق عليها ولا أولادها منه في النفقة. وأما الأسباب الأخرى فقد رد عليها الحكم المطعون فيه مما يكفى لحمل قضائه عليه ولا شك إن الخلافات الزوجية قد تحصل بين الزوجين ويمكن معالجتها وإنهاءها بتحمل كل طرف ما يقع عليه من الطرف الآخر والزوج هنا في هذه الدعوى متمسك بزوجته ويرفض التخلي عنها وقد ظهر لنا ذلك من خلال جلسة المرافعة التي عقدتها هذه المحكمة وأعطاها من الخيارات التي يمكنها أن تأخذ بأي منها وأنه لم يقصر عليها في شيء ويفضل بقاء العصمة الزوجية معها ولكن الطاعنة قد رفضت الكثير من الخيارات ولما كان عقد الزواج هو رباط مقدس قام بالموافقة والتراضي فإن حله لا يمكن إلا بمبررات قوية واضحة وواقع الحال في هذه الدعوى إن الأضرار التي ادعتها المرأة من زوجها تتمثل في عدم الإنفاق وتوفير السكن وهذان واجبان للزوجة يمكن إلزامه بهما من خلال طريق آخر وهو المطالبة به قضاء والحكم عليه به إن صح المدعى. ولما كان الأمر كذلك فإننا لا نقوى على تطليق الزوجة من زوجها بهذا الأمر وعليهما الالتزام بما يجب عليهما من حسن المعاشرة وأداء الواجبات لبعضهما البعض.

فلهذه الأسباب:

«حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ، وفي الموضوع برفضه ومصادرة ربع الكفالة.»