جلسة يوم الاثنين الموافق ٢٦ / ١٢ / ٢٠١٦م
برئاسة فضيلة الشيخ / سعيد بن سالم الحديدي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: صالح بن سالم الراشدي، وعلي بن عبد الله الهاشمي، وسالم بن منصور الهاشمي، ومحمد عبد الرحمن شكيوه.
(١٢٢)
الطعن رقم ٤٥٠ / ٢٠١٦م
بئر (ملكية عامة)
تعد البئر وردا عاما لكن العموم هنا مقصور على من قام بالمكان دون غيرهم.
الوقائع
تتلخص وقائع الطعن أن الطاعنين أقاموا الدعوى ابتداء لدى المحكمة الابتدائية بالرستاق (الدائرة الثلاثية) بتأريخ: ٩ / ٥ / ٢٠١٢م قيدت برقم (١٢٤ / م ث / ٢٠١٢م) طلبوا من خلالها الحكم بإلزام المدعى عليها بتثبيت ملكيتهم للأرض البالغ مساحتها (٨٠٩٦٨١م٢) ثمانمائة وتسعة آلاف وستمائة وواحد وثمانين مترا مربعا حسب الرسم المساحي لتوافر عناصر الملكية فيها واستخراج سند ملكية باسم المدعين وإلزامها بالمصاريف وأتعاب المحاماة بمبلغ (٨,٠٠٠ ر.ع) ثمانية آلاف ريال عماني، واحتياطيا: معاينة الموقع من قبل المحكمة وأطراف الدعوى وسماع شهادة الشهود المرفقة أسماؤهم وإلزام المدعى عليها بتقديم خلفيات ملف طلب جماعة الغوارب.
على سند من القول إنهم يمتلكون أرض طوي العقيدة البالغ مساحتها (٨٠٩٦٨١م٢) ثمانمائة وتسعة آلاف وستمائة وواحد وثمانين مترا مربعا الكائنة في بلدة المغسر من أعمال ولاية المصنعة بموجب صك شرعي يرجع تاريخه إلى عام ١٣٩٢هـ صادر عن قاضي المحكمة الشرعية وأنهم يحوزون الأرض ومن قبلهم آباءهم وأجدادهم حيازة ظاهرة وهادئة وعلنية منذ عشرات السنوات، وأنهم تقدموا لدى المدعى عليها لأجل تمليكهم الأرض ولكنها رفضت جميع الطلبات بموجب توصية اللجنة رقم (٣ / ٢٠٠٦م) بتأريخ: ١٨ / ٣ / ٢٠٠٦م) وتقدموا بتظلم على قرار اللجنة بتأريخ: ٨ / ٧ / ٢٠٠٦م لدى سعادة وكيل الوزارة وقد جاء القرار برفض التظلم وتم اعتماد الرفض من قبل الوزير، فلكل هذه الأسباب تقدم المدعون بدعواهم المذكورة.
وحيث إن الدعوى تدوولت أمام محكمة أول درجة حضر فيها الأطراف أو من يمثلهم وبجلسة (٢٧ / ٥ / ٢٠١٣م) حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليها باستخراج سند ملكية لمساحة ثمانين ألف متر من الأرض موضوع التداعي والمبين بإحداثيات المنازل من رقم (١) إلى رقم (٩) المشار إليه لتقرير الخبير وألزمت المدعى عليها المصاريف ومبلغ مائتي ريال عماني مقابل أتعاب المحاماة.
وقد أقام الحكم قضاءه على جملة أسباب حاصلها أن الخبير أثبت في تقريره أن هناك آثارا لنوعية المنازل بدائية وقديمة تعود لما قبل ١٩٧٠م وأن الأرض كان يسكنها الغوارب فقط وبئر المياه المستخدم الوحيد له هم جماعة الغوارب وأن الآثار السكنية كلها موزعة بالموقع بمساحة (٠٨,٠٠٠م٢) ثمانين ألف متر مربع فقط حول بئر المياه بكل الاتجاهات، والمحكمة اطمأنت بما جاء في تقرير الخبير وعلى ضوء ذلك أصدرت حكمها المذكور.
وحيث لم يلق هذا الحكم قبولا لدى المستأنفة / المديرية العامة للإسكان لمحافظة جنوب الباطنة فطعنت عليه بالاستئناف رقم (٣٠٩ / ٢٠١٣م) بصحيفة موقعة من قبل ممثلها القانوني أودعت أمانة سر المحكمة بتأريخ: ٢٤ / ٦ / ٢٠١٣م أعلنت حسب صحيح القانون وطلب في ختامها قبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا برفض الدعوى وإلزام المستأنف ضدهم المصاريف.
وحيث إن حاصل أسباب الاستئناف كما يتبين من سائر أوراقه وما دار في جلساته من مرافعة يتخلص في أن الحكم المستأنف خالف المادة الأولى الفقرة (ب) من قانون الأراضي حيث ملك المدعين مساحة الأرض رغم أن تقرير الخبير وتقرير المعاينة يوضحان بأن الأرض فضاء ولا توجد بها ثمة آثار ظاهرة أو إشغالات تعود إلى ما قبل الأول من يناير ١٩٧٠م، كما أن الآثار التي أشار لها تقرير الخبرة بوصفها أنها آثار منازل قديمة هي في حقيقتها غير قائمة وأما البئر فإنها عامة تستخدم لكافة الناس وليست حكرا على المستأنف ضدهم وهي مخصصة للشرب والرعي، كما استند الحكم على تقرير الخبير دون الرد على مطاعن المستأنفة عليه، وأما الصك الذي يستند إليه المستأنف ضدهم فهو صادر من الكاتب بالعدل وهو ليس مختصا بتمليك الأراضي، فلكل هذه الأسباب تقدمت المستأنفة باستئنافها الماثل.
كما أن الحكم المذكور لم يلق قبولا لدى جماعة الغوارب فطعنوا عليه بالاستئناف رقم (٣١١ / ٢٠١٣م) بصحيفة موقعة من قبل وكيلهم القانوني أودعها أمانة سر المحكمة بتأريخ: ٢٥ / ٦ / ٢٠١٣م أعلنت حسب صحيح القانون وطلبوا في ختامها قبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء بتثبيت ملكيتهم لأرض (طوي العقيدة) والبالغ مساحتها (٨٠٩٦٨١م٢) ثمانمائة وتسعة آلاف وستمائة وواحد وثمانين مترا مربعا حسب الرسم المساحي وتقرير الخبير وإلزام المستأنف ضدها باستخراج سند ملكية لكامل المساحة وإلزامها بالمصاريف ومبلغ (٨,٠٠٠ ر.ع) عن أتعاب المحاماة.
وحيث إن حاصل أسباب الاستئناف كما يتبين من سائر أوراقه وما دار في جلساته من مرافعة يتلخص في أن الحكم المستأنف شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، وقال بيانا لذلك بأن الحكم المستأنف لم ينعم النظر في الصك الشرعي الصادر من المحكمة الشرعية بالمصنعة في عام ١٣٩٢هـ ولم ترد عليه، كما أن المساحة المقضي بها لا تتفق مع حقيقة الواقع التي أثبتها الصك الشرعي وخاصة أن الخبير لم يستطع رصد كل الآثار لكبر المساحة وشسوعها مكتفيا برصد واحد وعشرين منزلا من جملة منازل تتعدى خمسين منزلا اندثر بعضها بفعل الرياح وهو ما استدركه الخبير في تقريره التكميلي، فلكل هذا الأسباب تقدم المستأنفون باستئنافهم المذكور.
وبتداول الاستئنافين أمام هيئة الاستئناف السابقة حضر أطراف الدعوى كله عنه وكيل أو من يمثله، وبجلسة (٤ / ٦ / ٢٠١٤م) حكمت المحكمة بقبول الاستئنافين شكلا، وفي الموضوع:
أولا: في الاستئناف رقم (٣١١ / ٢٠١٣م) بتعديل الحكم المستأنف وذلك بإثبات ملكية المستأنفين بمساحة قدرها (٦٨٤٠٢٢م٢) ستمائة وأربعة وثمانون ألفا واثنان وعشرون مترا مربعا وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك وحملت المستأنف ضدها المصاريف.
ثانيا: في الاستئناف رقم (٣٠٩ / ٢٠١٣م) برفضه وحملت رافعته المصاريف.
وقد أسست قضاءها على أنه من خلال إعادة المأمورية إلى الخبير المنتدب لتمكينه من مسح جميع الأرض موضوع النزاع والتحقيق في الآثار الموجودة عليها خلص إلى وجود آثار متنوعة في مساحة قدرها (٦٨٤٠٢٢م٢) ستمائة وأربعة وثمانون ألفا واثنان وعشرون مترا مربعا حسب ما ورد في تقرير الخبرة وهي متنوعة وقديمة
وتدل على قدم الحيازة، وقد اطمأنت المحكمة إلى ما انتهى إليه الخبير وقضت بموجبه.
وحيث لم يلق هذا الحكم قبولا لدى المستأنفة (المديرية العامة للإسكان لمحافظة جنوب الباطنة) فطعنت عليه بالنقض أمام المحكمة العليا بموجب الطعن رقم (٧٨٧ / ٢٠١٤م)، وبجلسة (٢٣ فبراير ٢٠١٥م) حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى محكمة استئناف الرستاق لتحكم فيها من جديد بهيئة مغايرة وإلزام المطعون ضدهم المصاريف.
وقد أوضح حكم المحكمة العليا في أسباب نقضه أن المدعين هم مجموعة من الناس (جماعة الغوارب) يدعون أرضا مشتركة لم يبينوا كيف آلت إليهم، هل هي بالميراث أو بالشراء أو بالحيازة، فإذا كان ميراثا فعلى كل فرد أن يحدد المساحة التي يمتلكها مع بيان بقية الورثة في الأرض، وهل تمت قسمتها وصار الذي يدعيه من نصيبه ومستنداته في الدعوى، وإن كان بالشراء، فمن أين آلت إليه وما مقدار ما اشتراه مع بيان مستنده، وإن كانت هذه الأرض هم من وضعوا يدهم بحيازتهم إليها قبل عام ١٩٧٠م يجب أن يبين مقدار كل فرد في حيازته ومستنداته الدالة على ذلك والاستماع إلى شهادة الشهود في حيازتهم للأرض ومواطن حيازتهم وتقديرها إن كانت للسكن وأن كانت للزراعة فلا بد من وجود الأثر الظاهر كالسواقي وأما وجود قطع المعادن والرماد فلا تدل على الأثر الذي نص عليه القانون، كما أن المحكمة لم تعاين بنفسها وتستمع إلى الشهود تحت القسم؛ لأن استماع الشهود وتعديلهم وتجريحهم والأخذ بشهادتهم وردها من صميم عملها، كما تنظر في البئر هل هو للورد العام أو كان للسقي وتستند في حكمها أيضا من خلال البئر في تخصيصه.
وحيث إن المحكمة الماثلة باشرت نظر الاستئناف على النحو الثابت بمحاضر جلساته وبتأريخ: ٤ / ١ / ٢٠١٦م وقفت المحكمة على موضوع النزاع في ولاية المصنعة منطقة (ابو عبالي) حيث حضر ممثل المديرية العامة للإسكان كما حضر جملة من جماعة الغوارب وبمعيتهم المحامي…، وبمعاينة أرض النزاع تبين أنها مساحة واسعة من الأرض وهي منطقة رملية تكسوها الأشجار البرية وأشجار السمر ولم يتبين للمحكمة وجود آثار سواق أو مزروعات أو ما يشير إلى الزراعة السابقة، وقد ذكر جماعة الغوارب بأن الأرض سكنية وليست زراعية وأرشدوا المحكمة إلى موضع بئر (مصرجة) بعمق خمسة أمتار تقريبا يدعون بأنها آثار السكنى والبيوت، كما أحضر أحدهم عملة قديمة يدعي أنه التقطها من أرض النزاع وبمعاينتها تبين أنها عملة من نوع (آنه) مصكوك زمن السيد فيصل بن تركي وهي نظيفة جدا وليس فيها ما يشير إلى أنها التقطت من موقع النزاع، كما أرشدوا إلى موضع شرقي البئر يدعون أنها منازل وبمعاينتها تبين أنها عبارة عن بقايا حطب السمر وبقايا آثار فخار محطم، والخلاصة أنه لم يتبين للمحكمة وجود أية آثار تدل على الحيازة السابقة والمستمرة وأن الآثار الموجودة يظهر عليها الاصطناع كآثار العملات وبقايا الخزف وأما البئر فهي ورد عام لا يدل بحال على الحيازة، وقد التقطت المحكمة صورا ضوئية للمكان كما استمعت إلى شهادة الشهود في موضوع النزاع وأفردت لشهادتهم محضرا مستقلا.
حيث حضر الشاهد الأول / … وبعد أدائه اليمين القانونية شهد أنه كان موظفا بحصن المصنعة في مكتب الوالي وتشاجر آل بدر والغوارب على أرض العقيدة والبئر الموجودة فيها وانتقل الوالي والشيخ ناصر حكم بها للغوارب وهذا كان قبل عهد صاحب الجلالة السلطان وأنه شاهد بيوت سعف، وكانت البيوت متقاربة يستقون من البئر والبيوت التي شاهدها بحدود (١٣ إلى ١٤) بيتا وكان شرقهم آل سعد وغربهم آل خميس وكل محتاز بحيازته، وأن المساكن التي شاهدها كانت حولي البئر ولا يعرف متى انتقلوا من المكان.
وحضر الشاهد الثاني /……، وبعد أدائه اليمين القانونية شهد بأن الأرض للغوارب سكنوا فيها في الخمسينيات وحيازتهم حيازة قبائل وشرقهم…. وغربهم آل….. وأنه يصدرون ويردون عن المكان ولم يشاهد نخيلا مزروعة وأن وردهم من البئر وانتقلوا من المكان في أواخر السبعينيات وأشار إلى موضع البيوت تحت السمر وقال إنها متفرقة.
وحضر الشاهد الثالث /……، وبعد أدائه اليمين القانونية شهد أن الأرض يسكنها الغوارب وهي ملك لهم ثلاثة بيوت: راشد بن صالح وسعيد بن صالح وعلي بن حميد، ومن الشرق أولاد سالم بن علي وكانوا يسكنون في بيوت من زور ويبيعون السمر ويوردون من البئر ويحدهم من الشرق آل سعد ومن الغرب آل خميس ومن الجنوب الحراصيون ومن الشمال الشارع وحفظ جهة الجنوب أربعة بيوت أو خمسة وجهة الشرق ثلاثة أو خمسة وأنه حسب حفظه أكثر من عشرين بيتا وأنهم انتقلوا بداية عهد صاحب الجلالة.
وحضر الشاهد الرابع /……….، وبعد أدائه اليمين القانونية شهد بأنه كان يأتي مع والده في هذا المكان عند جماعة الغوارب وأنه شاهد بيوت من السعف والخيام كانت في حدود ١٧ بيتا ويردون من هذه البئر ويسكنون في كامل المنطقة ولا يعلم حدود الأرض والذي يعلمه أنه يحدهم من الشرق آل سعد ومن الغرب آل خميس ولم يشهد زراعة المكان ولا يعلم متى انتقلوا من هذا المكان.
وحيث أصدرت المحكمة حكمها بتأريخ: ٧ / ٢ / ٢٠١٦م بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء من جديد برفض الدعوى وألزمت المستأنف ضدهم المصاريف. مؤسسة قضاءها بقولها فإنه بمطالعة المحكمة لأوراق الدعوى ومستنداتها وبعد سماع ما دار في جلساتها من مرافعة يتبين لها بأن المستأنف ضدهم يطالبون بتمليكهم الأرض الكائنة في ولاية المصنعة بمساحة (٨٠٩٦٨١ م٢) ثمانمائة وتسعة آلاف وستمائة وواحد وثمانين مترا مربعا على النحو السالف تفصيله على سند الحيازة السابقة لأسلافهم من قبل التي تعود إلى ما قبل الأول من يناير ١٩٧٠م.
وحيث إن القاعدة الشرعية والقانونية تقضي بأن البينة على المدعي واليمين على من أنكر، كما أنه من المقرر بالمادة الأولى من قانون الإثبات بأن على المدعي إثبات الالتزام وعلى المدعى عليه عبء إثبات التخلص منه، وكذلك فإن من الثابت بأن من يستند إلى الأصل فلا يكلف بإثباته ومن يدع خلاف الأصل فعليه عبء إثبات ما يدعيه.
وحيث إن المادة (١٣) من قانون الأراضي الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٥ / ٨٥) وتعديلاته نصت على أن (كل عماني يثبت للوزارة أنه منذ تأريخ سابق على أو يناير سنة ١٩٧٠م كان يشغل أو شغل وسلفاؤه من قبله، دون انقطاع بين الإشغالين أرضا مبنية لغرض السكن، يحق له أن يتملك الأرض والبناء القائم عليها مهما كان نوع المواد المستعملة في البناء وذلك في حدود المساحة المشغولة فعلا، شريطة أن يكون الإشغال هادئا وعلنيا وغير منازع فيه وعليه أن يتقدم للوزارة بطلب إثبات ملكيته وتسجيلها طبقا لأحكام هذا القانون.
كما أن المادة (١٤) من القانون ذاته نصت على (أن كل عماني يثبت للوزارة أنه لمدة خمسة أعوام سابقة على أول يناير سنة ١٩٧٠م كان يشغل أو شغل سلفاؤه من قبله بصفه متصلة أرض تستغل لأغراض غير سكنية يحق له أن يتملك الأرض وما أقيم عليها من منشآت شريطة أن يكون الإشغال هادئا وعلنيا وغير منازع فيه..).
كما نصت المادة (٥) من القانون ذاته على أن: جميع أراضي السلطنة مملوكة للدولة فيما عدا الأراضي المستثناة بنص خاص في هذا القانون، وبنيت المادة (٨٥٤) من قانون المعاملات المدنية أن الأرض الموات التي لا مالك لها تكون ملكا للدولة، وأنه لا يجوز تملك هذه الأرض أو وضع اليد عليها بغير إذن من السلطة المختصة وفقا للقانونين، كما أنه من المقرر بأن فهم الواقع في الدعوى وتقرير الأدلة من سلطة محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب تكفي لحمله ولا تخالف الثابت بالأوراق.
وحيث لم يلق هذا الحكم قبولا لدى الطاعنين فطعنوا عليه بالنقض أمام المحكمة العليا بوساطة محاميهم المقبول للترافع أمام المحكمة العليا، وأودع سند وكالته ودفع الرسم المقرر وسدد الكفالة فكانت أسباب طعنه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال قولا بأن الآثار الموجودة بالموقع تدل على أنها لم تكن أرضا بيضاء وأنها كانت تسكنها جماعة الغوارب، وأن بها آثارا متنوعة لأنواع الحياة من أساس بالطين وخشب للمنازل وحبال لربط السعف وآثار لقطع فخارية ورماد ومواقع للطهي ورحاة وأصداف وعملة معدنية قديمة تعود لعام ١٣١٥هـ، وأن الآثار لنوعية المنازل بدائية وقديمة وتعود لما قبل عام ١٩٧٠م، كما أكد ذات التقرير بأن الشهود قد أجمعوا على أن هذه القطعة لا يوجد عليها أي نزاع وأنها كان يسكنها الغوارب فقط، وبخصوص البئر فإن التقرير قد أكد ذات التقرير بأن الشهود قد أجمعوا على أن هذه القطعة لا يوجد عليها أي نزاع وأنها كان يسكنها الغوارب فقط، وبخصوص البئر فإن التقرير قد أكد على أن المستخدم الوحيد لمياه هذا البئر هم جماعة الغوارب، وأنه لا يوجد عليه نزاع، ولكن النزاع على موقع آخر قريب من المقبرة التي هي جنوب الشارع العام، كما أكد ذات التقرير الأول أيضا بأن جميع الآثار السكنية كلها قديمة جدا وواضحة وموزعة بالموقع لمساحة (٨٠,٠٠٠ م٢) حول بئر المياه من كل الاتجاهات، وحيث إن الأمر كذلك وكان هذا هو ما قرره تقرير الخبير أمام محكمة أول درجة، ثم عاد ليؤكد على ذلك أمام محكمة الاستئناف بموجب تقريره الثاني وزاد عليه أن الطاعنين كان لهم إقامة وبأعداد كثيرة بالموقع وبدون منازعات وأن حيازتهم كانت ساكنة وهادئة.
وطلب في الختام نقض الحكم والتصدي للاستئناف والحكم مجددا بالطلبات الواردة في صحيفة الطاعنين. وحيث أعلن المطعون ضده فردت بوساطة مفوضها القانوني وطلبت تأييد الحكم لكونه أقيم على أسس من القانون، كما عقب الطاعنون على رد الطاعنة ولم تأت بجديد عما قدموه في مذكرة طعنهم.
المحكمة
بعد الاستماع إلى التقرير الذي أعده القاضي المقرر وبعد المداولة القانونية فإن الطعن استوفى كافة أوضاعه الشكلية والقانونية فهو مقبول شكلا، من حيث الموضوع إن نعي الطاعنين على الحكم بالأسباب السالفة البيان المتداخلة فيما بينها سديد وذلك للأسباب التالية:
١ – البئر: إن البئر علامة للسكن والاقامة إذ لا يمكن أن تكون حيازة بدون ماء وإن الطاعنين ظعنوا في المكان محل النزاع فكانت مضارب خيامهم ومعاطن إبلهم ومسرح أغنامهم وملتقى أضيافهم وتجمع أسرهم يسرحون ويمرحون بها ومن المعلوم وإن كانت البئر وردا عاما لكنها خاصة لمن أقام بالمكان دون غيرهم فإذا ما تعدى أحد على البئر نازعهم كما هو حاصل في هذه البئر والنزاع ذب عن المكان من أن تتملكه أية يد ليس لها يد في المكان وهو في الوقت نفسه يدل دلالة على الملك.
٢ – أن المحكمة الاستئنافية المطعون في حكمها والحكم الاستئنافي السابق وحكم أول درجة استمعوا إلى شهادة الشهود فكانت شهادتهم متحدة لفظا ومعنى بأن الطاعنين وجدوا في المكان قبل عام ١٩٧٠م وأنهم يحفظون بأنهم قطنوا في ذلك المكان في أماكن متباينة من عرشان وسعف وأخشاب وبيوت الشعر التي كانت صرفه ذلك الزمان وإن البئر موردهم وكانوا يستقون منها لأنفسهم وأغنامهم وإبلهم وانهم بقوا يذبون عن المكان ومعروف بأنه محل سكنى الطاعنين عرفا ويدا وملكا.
٣ – المحكمة انتدبت خبيرا وتوصل الخبير إلى إن المساحة التي تشملها الإشغالات تقدر بثمانين ألف متر مربع وذلك من خلال استقصاء الدلائل الدالة على الملك من رمة الركائز الخشبية والحبال المسدية المنطوية تحت الأثرية اللاصقة حفرا داخل الأرض وبيوت الشعر الماسكة بين الأتربة والرمل ومن وحي طبيعة الأرض الدالة على السكنى وسبق العمارة وثبوت الحيازة الشائعة بين الناس والقانون لما أورد كالساقية والظفر والجدار على الدلائل من حياة الناس إذ يقاس عليه ما لم يذكر إذ إن الناس مختلفة معايشهم وسكناهم ومشاربهم.
وبناء عليه فإن تقرير الخبير أمام محكمة أول درجة تأخذ به هذه المحكمة إذ السائغ عقلا ومنطقا وتقبله الأدلة ويتناغم مع شهادة الشهود دون غيره من الخبرة وبناء عليه فإن المحكمة تنقض الحكم المطعون فيه وتتصدى للاستئناف رقم (٣١٦ / ٢٠١٥م) وتقضي فيه من جديد بقبوله شكلا، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف مع إبقاء المصاريف محمولة على الطاعنين ورد الكفالة لهم.
فلهذه الأسباب
«حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والتصدي للاستئناف رقم (٣١٦ / ٢٠١٥م) والقضاء من جديد بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإبقاء المصاريف محمولة على الطاعنين ورد الكفالة لهم».