التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة الجزائية (أ): الطعن رقم ٨٢٥ / ٢٠١٦م

2016/825 825/2016 ٢٠١٦/٨٢٥ ٨٢٥/٢٠١٦

تحميل

جلسة يوم الثلاثاء الموافق ٢١ / فبراير / ٢٠١٧م

المشكلة برئاسة فضيلة السيد  /  خليفة بن سعيد بن خليفة البوسعيدي  /  نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: سالم بن سعيد الرحبي، سلطان بن ماجد الزعابي، العربي الحروشي، مجيد فرج شوشان

(٢٨)
الطعن رقم ٨٢٥ / ٢٠١٦ م

– قرار الحفظ « إلغاؤه. صفة من يقوم بالإلغاء». نظام عام « صفة من يقوم بإلغاء قرار الحفظ».

– مفاد المادتين (١٢١ و ١٢٨) من قانون الإجراءات أن المدَّعي العام في الأصل هو صاحب السُّلطة في إلغاء قرار الحفظ ليتدارك الأخطاء القانونية والخلل في التقدير الذي قد يشوب قرار الحفظ الصَّادر من أعضاء الادعاء العام كما أعطت المادة (١٢٨) من قانون الإجراءات الجزائية حق سلطة إلغاء قرار الحفظ لمن يقوم مقام المدَّعي العام وهو مساعد المدَّعي العام. والتثبت من تلك الصفة أو من يقوم مقامه يعتبر من النظام العام، مخالفة ذلك مؤداه نقض الحكم.

الوقائع

تتحصَّلُ الوقائع على ما يبينْ ُ من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن في أن الادعاء العام أحال المتهم (الطاعن) إلى المحكمة الابتدائية بصلالة (الدائرة الجزائية)؛ لأنه بتاريخ (٥ / ٦ / ٢٠١٥م) بدائرة اختصاص فريق تفتيش العمل بظفار:

أولاً: أقدم على استعمال مركبة على خلاف الترخيص الصَّادر بتسييرها وذلك باستخدامها كسيارة أجرة في نقل الركاب، وفق الثابت بالأوراق.

ثانياً: عمل بدون ترخيص ولدى غير صاحب العمل المرخص له بالعمل لديه وذلك بارتكابه الجُرم موضوع التهمة في البند أولاً، وفق الثابت بالتحقيقات.

وطالب الادعاء العام بمعاقبته بالمادة (٥٠ / ٣) من قانون المرور وبالمادة (١١٤) من قانون العمل.

وبتاريخ (١٦ / ٢ / ٢٠١٦م) حكمت المحكمة حضورياً بإدانة المتهم (الطاعن) بجُنحة استعمال مركبة في غير الغرض المبينَّ في رخصة تسييرها وجُنحة العمل بدون ترخيص من الدائرة المختصَّة وقضت بمعاقبته عن الأولى بالسجن لمدة شهرين وغرامة قدرها (٥٠ ر.ع) خمسون ريالاً وعن الثانية بالسجن لمدة شهر على أن تدغم العقوبتان في حقه وتنفذ الأشد مع طرده من البلاد مؤبداً بعد انتهاء فترة عقوبته.

لم يحُز هذا الحكم قبولاً لدى المحكوم عليه (الطاعن) فاستأنفه أمام محكمة الاستئناف بصلالة (دائرة الجُنح المستأنفة) التي قضت بتاريخ (١٦ / ٥ / ٢٠١٦م) حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف المصاريف.

لم يرتض الطاعن (المحكوم عليه) بهذا القضاء فطعن فيه بالنقض أمام المحكمة العليا بالطعن الماثل الذي تم التقرير به بتاريخ (١٣ / ٦ / ٢٠١٦م) بأمانة سر المحكمة التي أصدرته وبذات التاريخ أودعت صحيفة بأسباب الطعن موقعة من محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن وقدم سند وكالته عنه التي تتيح له ذلك وتم إعلان المطعون ضده بصحيفة الطعن فآثر عدم الرد.

وقدم الادعاء العام لدى المحكمة العليا مذكرة بالرأي خلص فيها إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.

المحكمة

بعد الاطلاع على الحكم المطعون فيه وعلى سائر أوراق الطعن وبعد سماع التقرير الذي أعدَّه وتلاه القاضي المقرر وبعد المداولة قانوناً.

حيث إن الطعن استوفى شكله القانوني فهو مقبول شكلاً.

وحيث ينعى الطاعن (المحكوم عليه) على الحكم المطعون فيه مخُالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال إذ خالف المادتين (١٨٦، ١٩٣) من قانون الإجراءات الجزائية ذلك أنه أنكر التهمة المنسوبة إليه ومع ذلك أدين استناداً إلى شهادة شاهد واحد تناقضت أقواله في تفاصيل شهادته ومضمونها تناقضاً كبيراً وهو تناقض يستعصي على المحكمة المواءمة بين أجزاء شهادته أو الاستناد إليها في أي جزء منها كما أنها شهادة يتيمة قاصرة عن بلوغ الحد من الدليل والقرائن التي تطمئن معها المحكمة إلى صحة إدانته بذلك حال صحتها فكيف وهي غير صحيحة ومتناقضة فأدلة الثبوت في الدَّعوى لا تعدو كونها مجرَّد استدلالات ظنية لا ترقى إلى مستوى الدليل مما جعل الادعاء العام يُقرِّر في البداية حفظ الدَّعوى كما خالف الحكم مبادئ أصيلة في القانون كمبدأ أن الأصل في الإنسان البراءة ومبدأ   تضافر الأدلة ومبدأ أن الشك يُفسَّر لمصلحة المتهم كما خالف الحكم المادة (١٧٤) من قانون الإجراءات الجزائية إذ على المحكمة ألا تتقيَّد بوصف التهمة الوارد في قرار

الإحالة بل عليها أن تعطي الفعل الذي ارتكبه المتهم الوصف الصَّحيح كما خالف الحكم المادة (١١٤) من قانون العمل وذلك لعدم انطباقها على الواقعة المرتكبة من قبله حيث إن هذه المادة تشترط وجود صاحب عمل آخر يعمل لصالحه العامل لذا جاء النصُّ بأن يكون الإبعاد على نفقة الطرف المشغل فالواقعة لو صحَّت فهي لا تعدو في أقصى حدودها كونها مخُالفة مرورية عابرة لا تتعلَّق بالمادة (١١٤) من قانون العمل من أي وجه من الوجوه كما كان يتوجب على المحكمة إدغام عقوبة الطرد في العقوبة الأشد إعمالاً لقاعدة إدغام العقوبات المنصوص عليها في المادة (٨٩) من قانون الجزاء، كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.

لما كان ذلك وكان البينِّ ُ من مطالعة ملف الطعن أن الادعاء العام وبعد أن انتهى من التحقيق في التهمتين المنسوبتين إلى المتهم (الطاعن) وهما تهمة استخدام المركبة في غير الغرض المرخص له بتسييرها حسب المادة (٥٠ / ٣) من قانون المرور وتهمة العمل بدون ترخيص من الجهة المختصَّة حسب المادة (١١٤) من قانون العمل قرَّر بتاريخ (٢ / ٦ / ٢٠١٥م) حفظ الدَّعوى رقم (٣٣٨ / ق / ٢٠١٥م) لدى مركز شرطة صلالة ورقم (١٠٢٤ / ٢٠١٥م) لدى الادعاء العام مؤقتاً لعدم كفاية الدليل وأن على المركز المختص مواصلة البحث والتحري عن أية أدلة من شأنها تعضيد الاتهام ضد المتهم ووقع القرار من وكيل ادعاء عام ثان وبتاريخ (٩ / ٦ / ٢٠١٥م) صدر قرار بإلغاء قرار الحفظ الصَّادر في هذه القضية على أن تستكمل إجراءات التحقيق ويُكلَّف……………..(رئيس ادعاء عام) بالتحقيق والتصرُّف في القضية ووقع القرار من لدن القائم بأعمال مدير عام الادعاء العام بمحافظة ظفار (رئيس ادعاء عام) وعليه قرَّر العضو المكلَّف إحالة المتهم إلى المحكمة وأجريت محاكمته حسبما سلف ذكره.

لما كان ذلك وكانت المادة (١٢١) من قانون الإجراءات الجزائية تنصُّ على أنه: «… للادعاء العام بعد انتهاء التحقيق الابتدائي أن يُصدر قراراً بحفظ التحقيق مؤقتاً أو نهائياً ويأمر بالإفراج عن المتهم ما لم يكن مسجوناً لسبب آخر ويكون قرار الحفظ مؤقتاً إذا كان المتهم مجهولاً أو كانت الأدلة غير كافية ونهائياً متى كانت الوقائع المنسوبة إلى المتهم غير صحيحة أو لا يُعاقب عليها القانون…» كما تنصُّ المادة (١٢٨) من ذات القانون على أنه: «… للمدَّعي العام أو من يقوم مقامه أن يُلغي قرار الحفظ خلال الثلاثة أشهر التالية لصدوره ما لم يكن قد سبق التظلُّم منه   …» ومؤدَّى ذلك أن المدَّعي العام في الأصل هو صاحب السُّلطة في إلغاء قرار الحفظ ليتدارك الأخطاء القانونية والخلل في التقدير الذي قد يشوب قرار الحفظ الصَّادر من أعضاء الادعاء العام وتنحصر سلطة المدَّعي العام في الإلغاء في غضون ثلاثة أشهر تبدأ من تاريخ صدوره وتنتهي بانتهاء المدة أو بسبق التظلُّم منه أمام القضاء كما أعطت المادة (١٢٨) من قانون الإجراءات الجزائية حق سلطة إلغاء قرار الحفظ لمن يقوم مقام المدَّعي العام وهو مساعد المدَّعي العام إذ نصَّت المادة (٢٠) من المرسوم السُّلطاني رقم (٩٢ / ٩٩) الخاص بإنشاء الادعاء العام وإصدار قانونه على أنه: «… يكون لدى كل محكمة استئناف أحد مساعدي المدَّعي العام يعاونه عدد من رؤساء ادعاء عام ووكلاء ادعاء عام أول ويكون له تحت إشراف المدَّعي العام جميع اختصاصاته المنصوص عليها في القانون…».

لما كان ذلك وكان قرار الإلغاء السَّالف الذكر صادراً من رئيس ادعاء عام وقد استند هذا الأخير في إلغائه إلى المادة (١٢٨) من قانون الإجراءات الجزائية وإلى القرار القضائي رقم (١٠٦ / ٢٠١٢) بشأن اختصاصات المديريات العامة للتحقيقات والمرافعة والذي جاء في مادته الأولى في البند أولاً ما نصُّه: «… يقوم على إدارة المديرية العامة وتصريف شؤونها أحد مساعدي المدَّعي العام يعاونه عدد من أقدم بالآتي: (٧) إلغاء قرارات الحفظ الصَّادرة من الأعضاء في المحافظة ويختص أعضاء الادعاء العام خلال الثلاثة أشهر التالية لصدورها ما لم يكن قد سبق التظلُّم منها…» كما أعطى القرار القضائي رقم (١٥ / ٢٠١٤) المدير العام حق التفويض في اختصاصاته حيث جاء في مادته الأولى ما نصُّه: «… يُضاف إلى اختصاصات المدير العام الواردة في البند أولاً من المادة الأولى من القرار القضائي رقم (١٠٦ / ٢٠١٢) المشار إليه ما يلي: (١) تفويض أحد أعضاء الادعاء العام في دوائر اختصاصهم القيام بالأعمال الجائز للمفوَّض القيام بها عند خروج المدير العام في إجازة أو مهمة رسمية خارج البلاد على أن يُراعى في ذلك أقدمية الأعضاء…».

لما كان ذلك وكان الثابت من مدوَّنات قرار الإلغاء أنه وُقع من لدن رئيس ادعاء عام يقوم في الوقت نفسه بأعمال مدير عام الادعاء العام بمحافظة ظفار ولم يُرفق بملف الطعن قرار تفويضه من مساعد المدَّعي العام للتثبُّت من مضمون هذا التفويض وحدوده ولما كانت مسألة التثبُّت من صفة الذي ألغى القرار أمراً يتعلَّق بالنظام العام تتعرَّض له المحكمة من تلقاء نفسها ويجوز للمتهم التمسُّك به في أي حال تكون عليها الدَّعوى ولو لأول مرة أمام المحكمة العليا حيث قد يترتب عليه عدم قبول دعوى محاكمة المتهم لو ثبت بطلان قرار الإلغاء لصدوره ممن لا صفة له أو صلاحية في إصداره.  لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع قد قضت في الدَّعوى دون أن تتثبَّت من صفة وصلاحية الذي ألغى قرار الحفظ وذلك لتتمكَّن المحكمة العليا من بسط رقابتها عليها في مدى صحة تطبيقها للقانون مما يصم حكمها بالقصور المبطل وهو القصور الذي يتسع له وجه الطعن ومن ثم تقضي هذه المحكمة العليا بنقض الحكم المطعون فيه مع الإعادة دون الحاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدَّعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتفصل فيها من جديد بهيئة مغايرة.