التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة الشرعية: الطعن رقم ٥٥ / ٢٠١٧م

2017/55 55/2017 ٢٠١٧/٥٥ ٥٥/٢٠١٧

تحميل

جلسة يوم الأحد الموافق ٢٤ / ديسمبر / ٢٠١٧م

المشكلة برئاسة فضيلة الشيخ / د. صالح بن حمد بن سالم الراشدي / نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: سالم بن محمد البراشدي، مسعود بن محمد الراشدي، حمود بن حمد المسكري، عامر بن سليمان المحرزي

(١٦)
الطعن رقم ٥٥ / ٢٠١٧م

أوقاف (بيع مال الوقف)

– لا يجوز بيع أموال الوقف سوما ويجب بيعها بالمزاد العلني. أثر مخالفه ذلك بطلان البيع.

الوقائع

بعد الاطلاع على سائر الأوراق وبعد المداولة تتلخص وقائع الدعوى على ما يظهر من ملف القضية أن الطاعن تقدم بدعوى أمام محكمة سمائل الابتدائية (الدائرة الشرعية)ضد وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بموجب صحيفة أودعت أمانة سر المحكمة بتأريخ ٧ / ٤ / ٢٠١٦م وقال بيانا لدعواه إنه تقدم إلى وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بطلب شراء قطعة أرض مساحة (١٢٠م) وهي مجاورة لمحل سكناه، وقوبل طلبه بالرفض وقامت الوزارة ببيعها لشخص آخر، وتظلم من ذلك إلى وزير الأوقاف والشؤون الدينية فلم يرد عليه وأنه يطلبها بالشفعة احتياطيا لكون الأرض ملاصقة المنزل وأن البيع لم يكن بالضوابط المعمول بها في بيع وإيجار أموال الوقف وأنه يطلب إعادة بيعها له، وأجاب الحاضر عن وزارة الأوقاف والشؤون الدينية أن اللجنة الفرعية رأت مبلغ (١٣٠٠٠) كافيا للبيع وقد وافقت اللجنة الرئيسية على ذلك واعتمد المحضر الوزير.

وبتأريخ ٢٦ / ١٠ / ٢٠١٦م قضت المحكمة برفض الدعوى تأسيسا على أن المادة (١٢) من قانون الوقف لم تحدد البيع بالمزاد العلني وإنما جاءت مطلقة فيبقى الأمر على إطلاقه.

لم يحز هذا الحكم قبولا لدى الطاعن فتقدم بطلب الاستئناف أمام محكمة الاستئناف بنزوى وبتاريخ ١٨ / ١ / ٢٠١٧م قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف فلم يقتنع الطاعن بهذا الحكم فتقدم بالطعن الماثل أمام المحكمة العليا بتأريخ ٢٣ / ٢ / ٢٠١٧م وبذات التأريخ أودعت صحيفة طعنه المحتوية على أسبابه معتمدة من محام مقبول أمام هذه المحكمة وهو……….باعتباره وكيلا عن الطاعن وقدم ما يؤكد وكالته وقد استكمل الطعن جميع الإجراءات الشكلية فهو مقبول شكلا.

وقد أعلنت المطعون ضدها بصحيفة الطعن فرد عليها بمذكرة طلب فيها رفض الطعن.

أسباب الطعن:

ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بالخطأ في التسبيب والقصور في الاستدلال وقال بيانا لذلك إن الحكم المطعون فيه استند إلى نص المادة (٢٥) من قانون الوقف مع أن المادة تشير إلى الاستدلال وهو غير الوقف.

ثانيا: أن قانون الوقف في المادة (١٣) مكرر تقوم وزارة الأوقاف بطرح أموال الأوقاف المراد استثمارها عن طريق المزاد العلني بالجرائد اليومية وقد أكد ذلك محضر اجتماع اللجنة الأول ٨ / ٦ / ٢٠١٤م الموافقة على البيع بالمزاد العلني ابتداء من (١٣٠٠٠) ألفا بالإضافة إلى أن الأرض المبيعة ملاصقة لدار الطاعن ويرغب في شرائها بملبغ أعلى.

المحكمة

إن النعي على الحكم المطعون فيه بهذه الأسباب سديد ذلك ولئن كان من المقرر في قضاء المحكمة العليا من حيث استخلاص الواقعة والنظر في الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع غير أن ذلك مشروط أن يكون حمل قضائها على أدلة صحيحة وأسباب سائغة والثابت من تتبعنا لملابسات هذه القضية وما تعلق بها من أوراق وما أبداه الطاعن من أسباب أن الحكم المطعون فيه المؤيد لحكم محكمة أول درجة لم يوفق في تحقيق هذه القضية ولم تكن الأسباب التي بنى عليها منسجمة مع الأدلة الشرعية ولم تكن ثم مراعاة لمصلحة الوقف كما أن الحكم المطعون فيه مخالف لمفهوم قانون الوقف ومن هذا المنطلق فإن الحكم المطعون فيه جدير بالنقض وبالتالي ترى هذه المحكمة بطلان البيع المبرم من قبل وزارة الأوقاف في قطعة الأرض محل الدعوى وإعادة بيعها بالمزاد العلني وذلك للأسباب الآتية:

الأول: أن الطاعن تقدم بطلب شراء هذه الأرض فردت عليه وزارة الأوقاف برفض طلبه بموجب رسالة رئيس اللجنة الفرعية للأوقاف وبيت المال بالولاية بتأريخ ١٣ / ٤ / ٢٠٠٨م ثم تم بيعها بالسوم لغيره بتأريخ ٨ / ٦ / ٢٠١٤م مما يدل على وجود محاباة في هذه الصفقة.

ثانيا: أن لجنة المعاينة التابعة لوزارة الأوقاف قررت بيع الأرض المذكورة بالمزاد العلني بموجب محضرها المؤرخ ٣ / ٦ / ٢٠١٣م ومعتمدة من معالي الشيخ وزير الأوقاف ابتداء من (١٣٠٠٠)ألفا ثم التفتت اللجنة الرئيسية عن ذلك وباعت الأرض جزافا من غير إعلان بموجب رسالة رقم (٧٠٨ / ٢٠١٤م) المؤرخ ٤ / ٨ / ٢٠١٤م وفي ذلك مضرة واضحة على الوقف.

ثالثا: نصت المادة (١٣) مكرر من قانون الوقف على الآتي (تقوم وزارة الأوقاف بطرح أموال الأوقاف المراد استثمارها عن طريق المزاد العلني) ومقتضى هذه المادة من باب أولى أن تشتمل البيع وأن يكون بالمزاد العلني لأن الاستثمار يكون مع المحافظة على بقاء الأصل، والبيع إتلاف للأصل لذا كان من الأجدر أن يكون البيع بالنداء من باب (ولا تقل لهما أف) ولذلك كانت وزارة الأوقاف مدركة لهذا المعني عندما قررت لجنة المعاينة البيع بالمزاد العلني.

رابعا: اتفقت أقوال أهل العلم على أن أموال الأيتام والأوقاف وأموال الديان تباع بالنداء العلني نظرا للمصلحة وسدا للذرائع وقد أفتى بذلك الشيخ أحمد الخليلي مفتي عام السلطنة في بيع مال موقوف ببلدة المعمور.

خامسا: تقدمت أحكام في مثل ذلك، أمر القضاة ببيع أموال الوقف بالنداء في عدة ولايات بالسلطنة وذلك هو الأعدل والأوفر والأصلح للوقف ومن أمثلة ذلك حكم الشيخ سعيد بن خلف الخروصي لما كان قاضيا بالرستاق بتأريخ ٢٧ / ٦ / ١٣٩٨هـ الموافق ٤ / ٦ / ١٩٧٨م جاء في حكمة مانصه (ليس للوكيل أن يطني نخيل المسجد بالسوم بل يطنيها بالنداء فيمن يزيد لأنه تطلب الزيادة لغلة المسجد فالناس فيها وقت الطناء بالسواء.

وفي الأثر من أقوال الفقهاء ما يؤيد ذلك جاء في الجزء التاسع والعشرين من المصنف ما نصه (فقد كان بعض الحكام يأمر بالنداء في ذلك وقال من قال إن بيع المساومة على كل حال منتقض ولا يباع مال اليتيم ولا يثبت إلا فيمن يزيد إذا باع بالدين والنفقة وقال وأما الحاكم والجماعة عند عدم الحاكم فلا يبيع إلا بالنداء يعني الوكيل ومن المصنف وعن الوكيل إذا أراد بيع مال الأيتام في قضاء الدين الذي على والدهم ولم يكن في البلد سوق ولا مسجد يجتمع إليه قلت كيف يكون النداء في الأسواق فإن لم يكن ذلك ينادي عليه في جماعة من أهل القرية من يريد الشراء أو يزيد على المال.

لما كان وحيث إن قضاء الموضوع لم يتقيد بهذا النظر فإن قضاءه غير صحيح جدير بالنقض والقضاء ببطلان بيع الأرض محل الدعوى وتبعها بالمزاد العلني.

فلهذه الأسباب

«حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والتصدي للدعوى رقم (٣١ / ٢٠١٦م) بقبولها شكلا وفي الموضوع الحكم بإبطال بيع قطعة الأرض الكائنة بمحلة…من علاية… الموقوفة لجامع… وبيعها بالمزاد العلني ورد الكفالة للطاعن.»