جلسة يوم الأحد الموافق ٧ / مايو / ٢٠١٧م
المشكلة برئاسة فضيلة القاضي / د. صالح بن حمد بن سالم الراشدي / نائب رئيس المحكمة العليا وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: سالم بن محمد البراشدي، مسعود بن محمد الراشدي، حمود بن حمد المسكري، عامر بن سليمان المحرزي
(٢٨)
الطعن رقم ٢٣ / ٢٠١٦م
إجراءات (سابقة فصل)
– الدفع بسابقة الفصل في الدعوى يستوجب توافر شرطين:
١ – صدور حكم قطعي حائز لقوة الأمر المقضي به.
٢ – الترابط بين الدعويين (السابقه ومحل النظر) من حيث الأطراف والموضوع والسبب.
الوقائع
بعد الاطلاع على ملف الدعوى والأوراق المرفقة فإن واقعة الدعوى تخلص في أن المدعين أقاموا الدعوى الشرعية رقم ٤ / ش ث / ٢٠١٤م بالمحكمة الابتدائية بالرستاق-الدائرة الثلاثية- طلبوا فيها إلزام المدعى عليهم بقسمة تركة موروث طرفي النزاع وهو…. الذي هو الوريث الوحيد لأولاد… وهم:…. و….و….و…..و…..و….و….و….. و……و……و….و…..و….و…..،حيث إن المذكور توفي إثر حادث سير، وانحصر إرثه في ورثته المدونة أسماؤهم بالإعلام الشرعي رقم (١٣٨) الصادر من محكمة بركاء الشرعية بتأريخ ١٢ / ١٢ / ١٩٩٢م وقد ترك المذكور أعلاه تركة تمثلت في جملة من قطع الأراضي على التفصيل التالي:
١ – أرض….: وهي أرض زراعية الصادر بها سند ملكية من وزارة الإسكان رقم (….) والكائنة بمربع…. بولاية بركاء بمساحة (….م٢) والمسجلة باسم ورثة…..
٢ – أرض….(١): وهي أرض زراعية الصادر بها سند ملكية من وزارة الإسكان رقم (…….) والكائنة بمربع…. الساحل بولاية بركاء بمساحة (…..م٢) والمسجلة باسم ورثة…….
٣ – أرض….: وهي أرض زراعية الصادر بها سند ملكية من وزارة الإسكان رقم (…..) والكائنة بمربع…. بولاية بركاء بمساحة (….م٢) والمسجلة باسم ورثة……..
٤ – أرض…. (٢): وهي أرض زراعية الصادر بها سند ملكية من وزارة الإسكان رقم (……) والكائنة بمربع…. الساحل بولاية بركاء بمساحة (…م٢) والمسجلة باسم ورثة…….
٥ – أرض…..: وهي أرض زراعية الصادر بها سند ملكية من وزارة الإسكان رقم (…..) والكائنة بمربع….بولاية بركاء بمساحة (…م٢) والمسجلة باسم ورثة……..
٦ – أرض…: وهي أرض زراعية الصادر بها سند ملكية من وزارة الإسكان رقم (….) والكائنة بمربع…. بولاية بركاء بمساحة (….م٢) والمسجلة باسم ورثة……..
٧ – أرض…..(١): وهي أرض زراعية الصادر بها سند ملكية من وزارة الإسكان رقم (…….) والكائنة بمربع…. بولاية بركاء بمساحة (….م٢) والمسجلة باسم ورثة……..
٨ – أرض….. و…..: وهي أرض زراعية الصادر بها سند ملكية من وزارة الإسكان رقم (…..) والكائنة بمربع…. بولاية بركاء بمساحة (…..م٢) والمسجلة باسم ورثة…….، وهي متأثرة بمشروع الطريق الساحلي الأمر الذي نزعت الحكومة ملكية جزء من مساحتها للمنفعة العامة لتصبح المساحة (….م٢) والحكومة بصدد التعويض عن تلك المساحة بقطع أراض بديلة.
٩ – أرض….: وهي أرض زراعية الصادر بها سند ملكية من وزارة الإسكان رقم (…….) والكائنة بمربع…. بولاية بركاء بمساحة (….م٢) والمسجلة باسم ورثة…….، وهي متأثرة بمشروع الطريق الساحلي الأمر الذي نزعت الحكومة ملكية جزء من مساحتها للمنفعة العامة لتصبح المساحة (…..م٢) والحكومة بصدد التعويض عن تلك المساحة بقطع أراض بديلة.
ولما كانت هذه الأراضي تعد من الميراث الشرعي لمورث المدعين والمدعى عليهم وكان لزاما توزيعها على مستحقيها وفق الأنصبة الشرعية، غير أن المدعى عليهم رفضوا ذلك دون مسوغ من الشرع أو القانون، الأمر الذي حدا بالمدعين إلى اقامة هذه الدعوى.
وحيث أن المحكمة باشرت نظر الدعوى على النحو الثابت بمحاضر جلساتها وبجلسة ٢٧ / ١ / ٢٠١٤م حضر وكيل المدعين وحضر……. بالأصالة عن شخصه وبالوكالة عن المدعى عليهم الأوائل، كما حضر…… وتخلف بقية المدعى عليهم، وقدم……. صحيفة دعوى فرعية طلب في ختامها قبل الفصل في الموضوع: على المدعى عليه الأول فرعيا إحضار جميع نسخ استمارات شهادة الشهود والرسائل الصادرة من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية وكافة الملكيات الجديدة والقديمة التي غ ير ت الأسماء فيها والخاصة بأراضي أوقاف ذرية أولاد… وورثة….. الموجودة في الحيل بولاية السيب وبركاء والمصنعة، وإحضار المدعى عليها الثانية «وزارة الاسكان» جميع خلفيات أراضي أوقاف ذرية أولاد……، وعلى المدعى عليها الثالثة «وزارة الأوقاف والشؤون الدينية» إحضار جميع ملفات الحصر لتلك الأموال التي نقلت إلى الدائرة بعد وفاة…….، وفي الموضوع: إلزام المدعى عليهم الأوائل والمدعى عليها الثانية بتغيير ملكيات الأراضي من ورثة……… إلى اسم أوقاف ذرية أولاد……. وإلزام المدعى عليها الثالثة بأن تكون دائر ة الأوقاف بمسقط ناظرة على أوقاف ذرية أولاد……. بموجب الحكم الصادر بتأريخ ١٤ / ديسمبر / ١٩٤٦م وإلزامها بتعيين وكيل على أوقاف ذرية أولاد…… بموجب قانون الأوقاف وإلزام المدعى عليهم الأوائل بدفع الرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة بمبلغ (١٠٠٠ ر.ع) بكل درجات التقاضي.
وحيث إن المحكمة الابتدائية حكمت بجلسة ١ / ٧ / ١٤٣٦هـ الموافق ٢٠ / ٤ / ٢٠١٥م في الدعوى الأصلية برفضها لما ثبت لديها من أن تلك الأراضي السالف ذكرها وقف لذرية أولاد…… بموجب الأحكام والصكوك الشرعية التي نصت على أن تلك الأراضي وقف ذري ولا يجوز قسمتها قسمة ميراث.
وأما الدعوى الفرعية فحكمت المحكمة بعدم قبولها لعدم تقديمها من محام إذ إن قيمتها تفوق على الخمسة عشر ألف ريال وفق ما نصت عليه المادة (٣١) من قانون المحاماة.
وحيث إن الأطراف طعنوا على هذا الحكم بالاستئنافين رقمي (٦٠و٦٣ / ٢٠١٥م) – دائرة المحكمة الشرعية – بمحكمة الاستئناف بالرستاق وحيث أن هذه المحكمة نظرت الاستئنافين على النحو الوارد بالمحاضر، وقررت ضمهما لبعضهما وأصدرت فيهما حكمها بجلسة ٦ / ٣ / ١٤٣٧هـ الموافق ١٧ / ١٢ / ٢٠١٥م بقبول الاستئنافين شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وألزمت كل مستأنف مصاريف استئنافه؛ تأسيسا على أن الدعوى حسمت سابقا بموجب فصلي الحكم رقمي (٢٧٦ / ١٩٩٠م و٧١ / ١٩٨٨م) وكلاهما صادران من المحكمة الشرعية ببركاء فلا يجوز إثارة النزاع مرة أخرى.
وحيث إن هذا الحكم لم يلق قبولا لدى الأطراف فقد طعن فيه:
أولا: ورثة……. وهم…… شخصيا و….بالأصالة عن نفسه وبالوكالة عن بقية الورثة، وذلك بموجب الطعن رقم (٢٣ / ٢٠١٦م) المودعة أسبابه بأمانة سر المحكمة موقعة من المحامي….. المقبول للترافع أمام هذه المحكمة بموجب رقم القيد ٢٥ / ١ / ٢٠١٦م وهو من مكتب….. للمحاماة والاستشارات القانونية.
نعى فيها على الحكم المطعون فيه فيما قضى به بشأن الدعوى الفرعية المضمومة للدعوى الأصلية رقم (٤ / ش ث / ٢٠١٤م) بالخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وتأويله والفساد في الاستدلال عندما قضى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بموجب الحكمين رقمي (٧١ / ١٩٨٨م) شرعي -محكمة بركاء – والحكم رقم (٢٧٦ / ١٩٩٠م) شرعي – محكمة بركاء – وبمراجعة هذين الحكمين وما جاء فيهما يتبين أنهما يقرران بأن جميع العقارات والأملاك الخاصة بذرية أولاد…… هي وقف وليست ملكية خاصة تورث بموجب الوصية المعتمدة من السلطان فيصل بن تركي الصادرة عام ١٣٠٥هـ وبذلك لا تنطبق قاعدة سابقة الفصل على تلك الأحكام.
وختم محامي الطاعنين صحيفة الطعن بطلب الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم فيما قضى به بالنسبة للطاعنين فيما يتعلق بالدعوى الفرعية وإعادة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لنظرها بهيئة مغايرة، أو التصدي والحكم للطاعنين بطلباتهم التي قدموها أمام المحكمة الابتدائية مع إلزام المطعون ضدهم خاصة ورثة…. كافة مصروفات التقاضي عن جميع الدرجات.
وحيث إن المدعين في الدعوى الابتدائية الأصلية رقم (٤ / ش / ث / ٢٠١٤م) الذين طالبوا بقسمة العقارات المتقدم ذكرها قسمة ميراث على كل الورثة والذين قضت المحكمة برفض دعواهم بحجة أن العقارات المذكورة هي وقف ذري لأولاد….. قد استأنفوا هذا الحكم أمام محكمة الاستئناف بالرستاق والتي قضت بعدم جواز نظر دعواهم لسابقة الحكم فيها فقد طعنوا على هذا الحكم أمام المحكمة العليا وقيد الطعن تحت رقم (٢٥ / ٢٠١٦م) وأودعت صحيفة الأسباب أمانة سر المحكمة موقعة من وكيلهم المحامي……. رقم قيده… / ٢٠١٤م وهو صاحب مكتب….. للمحاماة والاستشارات القانونية، حيث نعى الطاعنون على الحكم بأسباب حاصلها الخطأ في تطبيق القانون المؤدي إلى بطلان الحكم ومخالفة الثابت بالأوراق وقالوا بيانا لذلك: إن الحكم المطعون فيه خالف نص المادة ١٧٢ من قانون الإجراءات المدنية والتجارية التي أوجبت على المحكمة أن تبين أسماء الخصوم وقبائلهم أو ألقابهم وصفاتهم وموطن كل منهم وحضورهم وغيابهم وأن النقص أو الخطأ الذي يؤدي إلى التجهيل بالخصوم وصفاتهم يترتب عليه البطلان والحكم قد أغفل في ديباجته ومدوناته إغفالا تاما اسم المطعون ضدهم ثالثا وأما المطعون ضدهم ثانيا فقد أغفل بيانهم البيان المطلوب قانونا مما يؤدي إلى بطلان الحكم، وأضاف بأن الحكم خالف نص المادة(٢٢١)من ذات القانون إذ لم تعلن المطعون ضدهم الثالث والرابع بموعد الجلسة وأضاف الطاعنون بأن الحكم خالف الثابت بالأوراق إذ إن الحكم (٧١ / ١٩٨٨م) أثبت بأن طوي…. ملك…….(مورث طرفي النزاع) وكذلك أرض… وأرض…. وأرض… وأرض… و….وأرض… فقد أثبت الشهود بأنها ملك لموروث طرفي النزاع ولم يثبت أنها أراض موقوفة للذرية.
وطالبوا في ختام الصحيفة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى لمحكمة الرستاق الاستئنافية لتفصل فيه من جديد بهيئة مغايرة ورد الكفالة مع إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات وأتعاب المحاماة خمسمائة ريال عماني.
وحيث إن المطعون ضدهم في الطعن رقم(٢٥ / ٢٠١٦م) أعلنوا بصحيفة الطعن فقدموا ردا موقعا من محاميهم….. من مكتب….. للمحاماة والاستشارات القانونية رقم القيد (… / ع / ٢٠١٤م) وقد خلص الرد إلى موافقة الطاعنين فيما ذكروه طعنا على الحكم المطعون فيه بعدم قبوله الدعوى الفرعية حيث إن الحكم جهل بالخصوم تجهيلا يترتب عليه النقض وكذلك قضاؤه بسابقة الفصل في الدعوى قد أخطأ صحيح القانون؛ ذلك لأن فصلي الدعوى رقم (٧ / ١٩٨٨م و٢٧٦ / ١٩٩٠م) أخرى قضت المحكمة بثبوت ملكيتها لورثة ذرية أولاد…. يتحدثان عن أراض وليست وقفا لهم فرغم أن هذه الدعوى تتفق مع الدعوى السابقة من حيث أطرافها إلا أن سبب الدعويين وموضوعهما مختلف فتلك كانت تتحدث عن إثبات ملكية هذه الأراضي لموروث المدعين والمدعى عليهم بينما الدعوى الماثلة سببها المطالبة بتقسيم تلك الأراضي بين طرفي الدعوى قسمة ميراث.
وحيث إن المطعون ضدها رابعا وزارة الأوقاف والشؤون الدينية أعلنت بصحيفة الطعن فقدمت ردا موقعا من المحامي…. (… / ع / ٢٠٠٨م) من مكتب… وشركاه للمحاماة والاستشارات القانونية خلص الرد إلى طلب رفض الطعن في مواجهة الوزارة وإخراجها من الدعوى بلا مصاريف وإلزام الطاعنين بالمصاريف والرسوم تأسيسا على أنه لا توجد أي طلبات في مواجهة المطعون ضدها سواء كان ذلك في الحكم الابتدائي أو الحكم الاستئنافي وبما أنه لا توجد طلبات في مواجهة الوزارة فلا توجد خصومة وبالتالي فلا تنعقد الدعوى في مواجهتها. وحيث إن المحكمة قررت ضم الطعنين رقمي(٢٣و٢٥ / ٢٠١٦م) لبعضهما؛ ليصدر فيهما حكم واحد.
المحكمة
بعد الاطلاع على ملف الدعوى والأوراق المرفقة والاستماع إلى التقرير الذي أعده القاضي المقرر وبعد المداولة.
وحيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية فقد تعين القضاء بقبولهما شكلا وحيث عن الموضوع فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون وتأويله عندما قضى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها نعي سديد ويكفي لوحده للحكم بنقض الحكم المطعون فيه دون التطرق لبقية الأسباب؛ ذلك لأن المقرر فقها وقضاء وفق نص المادة(١١١) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية أن للقضاء بسبق الفصل في الدعوى شروطا وهي:
١ – صدور حكم في ذات الموضوع حائزا حجية الأمر المقضي.
٢ – وحدة الدعويين السابقة والمطروحة المدفوع بسبق الفصل فيها من حيث الأشخاص والموضوع والسبب فينبغي للدفع بسبق الفصل في الدعوى أن تتطابق مع دعوى سابقة من حيث الخصوم والموضوع والسبب إذ في ذلك مناط حجية الحكم لما كان ذلك وكان الحكمان اللذان اعتمدت محكمة الاستئناف عليهما في قضائها المطعون فيه هما في حقيقة الأمر إثبات لصحة الصكوك العرفية وفق ما كان معمولا به في ذلك الوقت ولا يعتبران فصلا في نزاع بمعنى أنهما لا يحملان خصائص وبيانات الحكم المنصوص عليها في المادة (١٧٢)من قانون الإجراءات المدنية والتجارية لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون حريا بالنقض وهذا ما تقضي به المحكمة وتبعا لذلك تحيل الدعوى إلى محكمة الاستئناف بالرستاق لتحكم فيه بهيئة مغايرة وفق ما نصت عليه المادة (٢٦٠) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية وذلك من أجل تحقيق الدعوى للوصول إلى وجه الحق فيها فيما يتعلق بالأموال المدعاة بأنها وقف لذرية أولاد….. هل هي أموال موقوفة وداخلة في الوقف الذري؟ حسبما حكمت به المحكمة الابتدائية في حكمها المستأنف أو أنها أملاك خاصة لموروث أطراف النزاع خارجة عن وقف أولاد ……. وبالتالي تقسم قسمة ميراث.
وحيث إن المحكمة قضت بقبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه فإنها تقضي برد الكفالة للطاعنين.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعنين رقمي ٢٣ و ٢٥ / ٢٠١٦م شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى لمحكمة الاستئناف بالرستاق للقضاء فيها من جديد بهيئة مغايرة ورد الكفالة للطاعنين.