التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة المدنية (أ): الطعن رقم ١١٢٥ / ٢٠١٦م

2016/1125 1125/2016 ٢٠١٦/١١٢٥ ١١٢٥/٢٠١٦

تحميل

جلسة يوم الاثنين الموافق ٣٠ / ١ / ٢٠١٧م

برئاسة فضيلة القاضي / د. محمود بن خليفة الراشدي وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: سالم بن راشد القلهاتي، و د. أحمد بن ناصر الراشدي، ومحمد بن سيف الفرعي، ود. سلطان بن حمد السيابي.

(٤٦)
الطعن رقم ١١٢٥ / ٢٠١٦م

سقي (استحقاق- ضاحية)

إن تقدير السقي على ما يراه أهل الخبرة فلا تأخذ الضاحية فوق حقها المنصوص عليه ولا تنقص.

الوقائع

تتحصل وقائع الدعوى في تقدم المطعون ضده………. بدعوى ضد الطاعنة …… بالمحكمة الابتدائية بضنك، طلب في ختامها الحكم له بتخصيص ماء لشرب ضاحيته التي اشتراها من الطاعنة مع إلزامها بالمصاريف وقال شرحا لدعواه: بأن المطعون ضدها قد باعته النصف الشرقي من ضاحيتها المسماة الحيرة الواقعة في …….. من ولاية ضنك بالحدود المذكورة في صك الإقرار الشرعي، والذي أشار في آخره بأن المبيع له شرب من شرب الضاحية المعتاد من ماء……. وقد كان طلب المشتري أن يكتب له نصف الماء الذي اشترته المدعى عليها فرفض والده بحجة أن الماء لم يقسم بين الورثة فكتب الصك على أن الضاحية المشتراة لها شربها المعتاد من ماء………. وبعد أن تمت القسمة في الماء طلب من المدعى عليها تحديد نصيبه فرفضت وإنه هو القائم على الضاحية التي لها بعد أن جفت واستبدلت بالآبار وحيث إن المشتري قدم ما يثبت حقه في الماء قررت المحكمة إجابة الطالب إلى طلبه فحكمت المحكمة الابتدائية بأحقية الطاعن في نصف الماء المخصص للضاحية المسماة الحيرة وألزمت المدعى عليها بالمصاريف.

فلم ترتض المدعى عليها الحكم السابق، وطعنت عليه بالاستئناف وبتأريخ ٥ / ١١ / ٢٠١٤م قضت المحكمة بقبوله شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا برفض الدعوى وألزمت المستأنف ضده بالمصاريف مؤسسة حكمها على أن وقوع البيع كان منذ اثنتين وثلاثين سنة، ولم تتم المطالبة خلال هذه المدة وإن المشتري قد أشار بأنه القائم على سقاية الضاحية كما أن المشتري قد تقدم ابتداء بطلب تخصيص ماء لشرب ضاحيته.

فلم يرتض المدعي هذا الحكم فتقدم بالطعن عليه بطريق النقض أمام المحكمة العليا المدون برقم (١٢٢٦ / ٢٠١٤م).

وبتأريخ: ٩ / نوفمبر / ٢٠١٥م أصدرت المحكمة العليا حكمها الذي قضى «حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وإحالة الدعوى إلى محكمة استئناف عبري؛ لتحكم بها من جديد بهيئة مغايرة ورد الكفالة.» وقد أوضحت المحكمة في حكمها ما ينبغي للهيئة المغايرة عمله ما نصه (من المقرر في عرف الأفلاج والأموال التي تسقيها هذه الأفلاج عادات أما أن يكون المال قد بيع بشربه المعتاد أو حصة معينة من الماء وفي بعض هذه الأفلاج يكون الشرب بطريق التدوير ومن الوارد في هذه الدعوى أن الطاعن اشترى نصف الضاحية المسماة الحيرة من المطعون ضدها حسب صك الإقرار بشربها المعتاد وكانت دعوى الطاعن لتحديد مقدار هذا الشرب والحكم جاء مجملا لم يوضح سبب رفض الدعوى.

وعليه ولما تقدم فإن هذه المحكمة تقضي في موضوع الطعن بإعادته كما سيأتي بالمنطوق وذلك لبحث عادة هذا الماء وشرب المبيع من الماء وبحث إن كان من العادة المعروفة بالشرابات أو كان من الآثار التي يمكن قسمتها).

وبهيئة مغايرة أصدرت محكمة الاستئناف حكمها رقم (٦ / ٢٠١٦م) بتأريخ: ٩ / ٥ / ٢٠١٦م والذي قضى (بتعديل الحكم المستأنف وذلك بتخصيص ستة ربيعات ونصف لمال المستأنف ضده من مجموع الماء الخاص بالمستأنفة والمحدد بسبعة عشر ربيعا من سقي فلج السيما على أن يدور ابتداء السقي بين الطرفين حسبما هو محدد بالأسباب وحملت المستأنفة المصاريف).

فلم ينل الحكم قبولا لدى الطاعنة فتقدمت عليه بالطعن أمام هذه المحكمة بموجب مذكرة أودعها وكيلها القانوني المحامي د………. من مكتب د……….. للمحاماة والاستشارات القانونية طلب في ختامها قبول الطعن شكلا وفي الموضوع بوقف التنفيذ مؤقتا ونقض الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بإعادة الدعوى للمحكمة التي أصدرته لنظره بهيئة مغايرة.

وقد أوضح أسباب الطعن بمخالفة القانون للخطأ في تطبيقه وتأويله والقصور في التسبيب، وعدم تدقيق وتمحيص الوقائع والمستندات في ملف الدعوى للآتي:

١ – مخالفة المادة (٢٠٢) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية (لا يضار الطاعن بطعنه) ذلك أن الطاعنة هي التي استأنفت الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية، ولم يستأنف المطعون ضده، وقد رضي بأحقيته نصف الماء المخصص لضاحية الحيرة ولم يحكم له من الماء الموروث من أبيها، والحكم الابتدائي هو الأصلح للطاعنة. والضاحية التي باعتها الطاعنة للمطعون ضده تسقى في السابق بربيع واحد الذي يستغرق أربع ساعات فله نصف ربيع.

٢ – لم توضح المحكمة اعتمادها للحكم بستة ربيعات ونصف وشهادة الشهود التي سمعتهم دون أداء اليمين القانونية لم يدلوا في شهادتهم عن كيفية السقي والماء المخصص للضاحية المبيعة.

وما جاء في شهادة الشهود بأن الطاعنة ورثت من ابيها سبعة عشر ربيعا من الماء والربيع يساوي ساعتين وإنه ليس لها مال اخر وان دوران الماء ربيعين كل أربعة عشر يوما غير صحيح فهي تملك غير هذه الضاحية. والعرف السائد في الفلج إنه يمكن تملك الماء دون الأرض ومن ضمنهم والدها الذي يمتلك ماء دون أرض. وقد رد المطعون ضده على مذكرة الطاعنة بوساطة وكيله المحامي د……… من مكتب………. للمحاماة والاستشارات القانونية طلب في ختامها رفض الطعن.

المحكمة

بعد الاستماع إلى تقرير القاضي المقرر والمداولة، واستكمال كافة الإجراءات المتعلقة بالطعن تقرر قبوله شكلا.

وعن موضوع الطعن وما طرحه الطاعن من أسباب مجملها سديدة وإن كان المقرر في أحكام المحكمة العليا أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها وموازنة بعضها ببعض، وترجيح ما تطمئن إليه وهي غير ملزمة بالرد على ما يقدمه الخصوم من مستندات وخلافها وحسابها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتكفي لحمله. إلا أن ذلك مشروط بأن يكون الحكم محمولا على أسباب سائغة يمكن للمحكمة العليا من مراقبة الحكم وهذا ما لاحظته المحكمة.

وذلك أن الحكم محل الطعن قد استند في تحديد مقدار الشرب للضاحية محل الدعوى على شهادة الشهود والتي جاءت شهادتهم في مقدار ما ورثته الطاعنة من الماء ومقدراه سبعة عشر ربيعا وأن الطاعنة لا مال لها سوى النصف من الضاحية.

ولما كانت الطاعنة تدفع بأن من أعراف الفلج أن يملك الماء دون المال والعكس كذلك أو ماء ومال، وقد أكد المدعي المطعون ضده هذا العرف من خلاله مذكراته أمام محكمة الاستئناف وكما اقتضت القواعد القضائية أن العادة محكمة.

وعلى هذا فإن الشهادة لم تكن جازمة بأن الماء الذي ورثته الطاعنة خاص بهذه الضاحية حسب ما جاء في محضر شهادة الشهود حتى يمكن تقسيمه وبهذا فإن الحكم قد شابه الفساد في الاستدلال مما يتعين نقضه.

وبما أن المطعون ضده حال رفعه الدعوى ابتداء طلب تحديد السقي للضاحية التي اشتراها من الطاعنة بموجب إقرار شرعي جاء فيه (علما أن هذه نخل المذكورة شاربة من ماءها المعتاد من ماء……….) وقد اقتضت العبارة المذكورة صفة الماء شاربة من ماءها المعتاد فهو تخصيص للماء الذي تسقى منه وليس كل ماء تملكه الطاعنة والذي آل اليها ميراثا وتمت قسمته بعد البيع، وهذا ما اقتضاه الحكم الابتدائي ولم يكن محل طعن من المطعون ضده وأصبح حجة عليه والحكم بأكثر من ذلك مخالف للقانون إذ لا يضار الطاعن بطعنه.

وإذا كان المطعون ضده اشترى هذا المال بهذه الصفة ومرت السنوات على شرائه وما مر على الفلج من خصب ومحل ولم ينكر أحدهما على الآخر فإن السقي المشروط له في البيع متحقق، وهذا ينفي ما ادعاه أن السقي دون تحديد يثير المشاكل.

وإذا ما أخذ في الاعتبار ذلك، فإن تقدير السقي على ما يراه أهل الخبرة فلا تأخذ الضاحية فوق حقها المنصوص عليه ولا تنقص وفي ذلك أنصاف للطرفين.

وبما أن الطعن للمرة الثانية، وأضحت هذه المحكمة محكمة موضوع عملا بموجب المادة (٢٦٠) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية ولما تقدم من أسباب.

فلهذه الأسباب

«حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى ورد الكفالة للطاعن».

ملاحظة: الهيئة المشكلة أعلاه هي التي نطقت بالحكم وأما فضيلة القاضي / سعيد بن ناصر البلوشي قد حضر جلسة المداولة ووقع على مسودة الحكم.