التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة المدنية (ج): الطعن رقم ١٠١٠ / ٢٠١٦م

2016/1010 1010/2016 ٢٠١٦/١٠١٠ ١٠١٠/٢٠١٦

تحميل

جلسة يوم الاثنين الموافق ٢٣ / ١ / ٢٠١٧م

برئاسة فضيلة الشيخ / سعيد بن سالم الحديدي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: صالح بن سالم الراشدي، ومحمد بن حمد النبهاني، وسالم بن منصور الهاشمي، ومحمد عبد الرحمن شكيوه.

(١٣٠)
الطعن رقم ١٠١٠ / ٢٠١٦م

بئر (ملكية عامة – تخصيص)

– البئر التي يثبت في بيان ملكيتها كونها وردا عاما الأصل في ملكيتها العموم فلا يصح تخصيصها. نتيجة ذلك أن قيام الطاعن بعمارتها ودفع تكاليفها وصيانتها ودفع تكاليف الكهرباء لا يعني ملكه له بل إن له حق الرجوع على المطعون ضده في التكاليف.

الوقائع

تتلخص وقائع الدعوى أن المدعي (المطعون ضده حاليا) أقام دعواه لدى المحكمة الابتدائية بأدم (الدائرة المدنية) برقم (٧٥ / ٢٠١٥م) ضد المدعى عليه (الطاعن حاليا) بصحيفة أودعها أمانة سر المحكمة بتأريخ ٢٧ / ٧ / ٢٠١٥م فانعقدت الخصومة ضد المدعى عليه بصحيفتها قانونا طلب في ختامها الحكم له بالسماح بتوصيل الماء إلى البئر وبالمصاريف شارحا دعواه بأن المدعى عليه منعه من توصيل الماء من البئر التي تحمل رقم الحصر (٥٥٠ ٣٣٨) المسجلة باسم أهالي الصامتي كمورد عام.

وسندا لدعواه رسالة صادرة من بلدية أدم بتأريخ ١٦ / يونيو / ٢٠١٥م باختصاص القضاء بتقسيم ماء البئر.

وحيث إن محكمة أول درجة باشرت نظر الدعوى كما هو ثابت من محاضرها فقضت بجلسة يوم الاثنين ١٦ / ربيع الأول / ١٤٣٧هـ، الموافق ٢٨ / ديسمبر / ٢٠١٥م: « بإلزام المدعى عليه بالسماح للمدعي بتوصيل الماء من البئر التي تحمل الرقم (٥٥٠ / ٣٣٨) والواقعة بمنطقة الصامتي وبإلزامه بالمصاريف وأتعاب الخبرة» معللة حكمها بالأسباب الموضحة بحيثيات الحكم.

فلم يلق الحكم قبولا لدى المدعى عليه فطعن عليه بالاستئناف الماثل وذلك بصحيفة أودعها عن طريق محاميه بتأريخ ٢٥ / ١ / ٢٠١٦م طلب في ختامها إلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا برفض الدعوى لافتقارها للسند القانوني والموضوعي وإلزام المستأنف ضده بالمصاريف ومبلغ ثمانمائة ريال عماني (٨٠٠ر.ع) لأتعاب المحاماة.

وعلل بمخالفة الحكم المستأنف للقانون والخطأ في تفسيره وتأويله حيث إنه خالف المادة (٨٥٧) من قانون المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٢٩ / ٢٠١٣م) التي تنص على: «أن من حفر بئرا في أرض موات بإذن من السلطة المختصة فهي ملكه»؛ لأن الحكم المستأنف قضى بالسماح للمستأنف ضده بتوصيل الماء من البئر رقم (٥٥٠ / ٣٣٨) حيث إن البئر قام بحفرها (حميد… ومحمد…) وهؤلاء هم ملاك البئر وهم من دفعوا تكاليف الحفر من مالهم وظلوا قائمين على صيانتها منذ عام ٢٠١١م (فالقديم يترك على قدمه) فالبئر ليست وردا عاما لذلك تم حفرها وفق اشتراطات لائحة تنظيم الآبار والأفلاج وتم تسجيلها باسم أهالي الصامتي وفقا لهذه الاشتراطات حسب المادة (١٤) وأن المادة التي اعتمد عليها الحكم الابتدائي وهي المادة (٩٨٦) من قانون المعاملات المدنية تتحدث عن المواد العامة وهذه البئر بئر خاصة بعدد محدود من الأشخاص وأن فتح المجال للمستأنف ضده يفتح الباب أمام كل واحد أراد الانتفاع من البئر فيؤدي إلى نضوبها وفي ذلك ضرر على من حفرها، وطلب في الختام رفض دعوى المدعى عليه وحيث أصدرت المحكمة حكمها تحت رقم (٣٨ / ٢٠١٦م) بتأريخ ٣ / ٥ / ٢٠١٦م بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنف بالمصاريف.

مؤسسة حكمها بقولها:

فإن المستأنف ينعى على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون وتأويله وتفسيره لمخالفته المادة (٨٥٧) من قانون المعاملات المدنية التي تنص على أن من حفر بئرا تامة في أرض موات بإذن من السلطة المختصة فهي ملكه وأن الحكم المستأنف قضى بالسماح للمستأنف ضده بتوصيل المياه من بئر الصامتي وهي بئر خاصة بمجموعة من الأشخاص وليست بئرا عامة.

وحيث إن النعي على الحكم بذلك السبب غير سديد ؛ لأنه ثبت لهذه المحكمة أن بئر الصامتي محل النزاع هي بئر للورد العام مسجلة لأهالي منطقة الصامتي وذلك حسب ملكية البئر برقم (٥٥٠ / ٢٣٨) المؤرخ في ٣ / ٧ / ٢٠١٢م كما أن تصريح البئر رقم (ج / ٢٧٥٧٠) مسجل باسم أهالي منطقة الصامتي وذلك الترخيص صادر بتأريخ ١٩ / ١١ / ٢٠١١م وأن الذي يمثلهم في الطلب هو… كما أنه ثبت من خلال رد الهيئة العامة للكهرباء والمياه بأن بئر الصامتي مسجلة باسم أهالي منطقة الصامتي وهي للورد العام وذلك بموجب الخطاب المؤرخ في ١٢ / إبريل / ٢٠١٦م كما أن بلدية أدم أيضا أفادت بأنها مسجلة باسم أهالي منطقة الصامتي (بئر للورد العام) وذلك حسب إفادة مدير بلدية أدم رقم (ب / أ / د / ٢٠٥ / ٢٠١٦م) المؤرخة في ٢٢ / مارس / ٢٠١٦م الموجهة إلى مشرف خدمات المشتركين بولاية أدم.

وحيث إن الحكم الابتدائي قضى بأحقية المستأنف ضده في توصيل المياه من تلك البئر إلى منزله وذلك أسوة بجيرانه في تلك المنطقة الذين قاموا بإيصال الماء منها لمنازلهم وثبت بأن المستأنف ضده يسكن أيضا قرية الصامتي وذلك حسب إقرار وكيل المستأنف بجلسة ١٢ / ابريل / ٢٠١٦م وبذلك يتضح لهذه المحكمة أن هذه البئر هي عامة للورد العام حسب ملكيتها وتصريحها وإفادات الجهات المختصة وما دامت عامة فلكل فرد في منطقة الصامتي أن يستفيد منها وأن الحكم الابتدائي اعتمد على المادة (٩٨٦) من قانون المعاملات المدنية التي تنص على أن: «لكل شخص أن ينتفع بموارد المياه وفروعها وجداولها ذات المنفعة العامة وذلك طبقا لما تقتضي به القوانين والانظمة الخاصة».

وحيث إن بئر الصامتي من الموارد العامة فإن الحكم الابتدائي يكون بذلك قد طبق صحيح القانون وبني على أسباب سائغة وأدلة قوية وأن المستأنف لم يأت بجديد ينال من سلامة الحكم وصواب قضائه فإن هذه المحكمة تأخذ بأسباب الحكم الابتدائي وتجعلها أسبابا مكملة لحكمها وتحيل إليها وتقضي بتأييد الحكم المستأنف.

أما بخصوص دفوع وكيل المستأنف ومحاميه بأن البئر خاصة بأشخاص معينين وليست عامة فإن ذلك الدفع لا وجه له يدحضه ملكية البئر وتصاريحها التي يفيد بأن البئر للورد العام وهي مستندات رسمية لا يجوز إنكارها إلا بطريق التزوير وهو أمر لم يحصل ولم يدفع به أحد.

أما الدفع بأن المستأنف هو من قام بحفرها وأن التصريح هو باسم وكيل المستأنف ابنه أحمد: فالرد على ذلك بأن الحفر ليس دليلا على الملكية فهو حفرها للورد العام وليس له خاصة وساهم فيها هو وغيره كما أنه لا حجة على الملكية في ذكر أحمد ابن المستأنف في التصريح؛ لأنه كتب فيه بأن أحمد عن الأهالي فهو يمثل أهالي الصامتي وليس معنى ذلك بأنه مالك البئر.

أما بخصوص صورة اللوحة المعدنية التي أحضرها المستأنف والمكتوب عليها أن البئر خاصة فالرد على ذلك؛ لأنه لا يوجد دليل في تلك اللوحة على خصوصيتها للمتسأنف أو اشخاص بعينهم وإنما تنظيم من الجهة المختصة ولا خلاف بأن البئر خاصة لعموم أهالي منطقة الصامتي كما أن الآبار الجماعية تحصر وتسجل باسم المنطقة حسب المادة (١٤ / ز) من لائحة تنظيم الآبار والأفلاج فما دامت هذه البئر عامة فيحق لسكان المنطقة الاستفادة منها للشرب والاحتياجات المنزلية فدفوع المستأنف ومحاميه إنما هي جدل موضوعي لمحاولة حرمان المستأنف ضده من مياه البئر العامة.

وحيث لم يلق هذا الحكم قبولا لدى الطاعن… فطعن عليه بالنقض أمام المحكمة العليا بتأريخ ٣١ / ٥ / ٢٠١٦م بوساطة محاميه المقبول للترافع أمام المحكمة العليا وأودع سند وكالته ودفع الرسم المقرر وسدد الكفالة فكانت أسباب طعنه:

أولا: مخالفة الحكم للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله:

١ – من حيث الشكل رفع الدعوى على غير صفة فيها:

حيث إن الثابت أمام المحكمة وفق المستندات المقدمة إلى المحكمة طي ملف الدعوى فإن البئر والقائم عليها هو الفاضل… وكل التفويضات والمراجعات والمخاطبات والتكاليف دفعت منه ومن الأشخاص الآخرين الذي انضموا إليه في الطلب ومنذ عام (٢٠٠٩) وقد حصر عددهم في طلب الترخيص وحدد استخدام البئر بهم حصرا وهم ستة منازل تحملوا الكلفة وغيره مما ورد في المستندات وبالتالي فإن إقامة الدعوى على الطاعن لا سند لها وحيث إن الصفة في الدعوى من النظام العام ويجوز الدفع بها في أي حالة كانت عليها الدعوى ولو كانت الدعوى أمام المحكمة العليا وحيث إن الحكم صدر بالصيغة التي صدر فيها حيث إلزام الطاعن بنتيجة الحكم رغم أنه لا صفة له في الدعوى فإنه يكون إلزاما لا صفة له في الدعوى جديرا بنقضه والحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير صفة.

٢ – الدفع باستحالة تنفيذ الحكم من حيث الواقع الفعلي ولغموض منطوق الحكم:

حيث إن الثابت أمام المحكمة أن الحكم صدر بالسماح للمطعون ضده بتوصيل المياه من البئر إلى منزله وحيث إنه من الواقع الفعلي لتنفيذ الحكم فإنه مستحيل التنفيذ وذلك لمجهولية المنطوق وعمومه والغموض الذي انطوى عليه وذلك لعدم تحديد الوسيلة التي يتم التوصيل بها إلى منزل المطعون ضده وأنه وفق المستندات وتقرير الخبير فإن منزل المطعون ضده يبعد (٦٠٠م) عن البئر وأن وسيلة التوصيل لم تحدد وفقا لاستيعاب البئر وحجمه والمصرح به كمية المياه وفق الترخيص الصادر به أي كمية المياه المسموح بها فلم يحدد الحكم طريقة التوصيل هل بوساطة التنكر أي باستخدام السيارات أم بوساطة الأنابيب وحجمها وطولها وفقا لترخيص البئر وموافقة الجهات التي صرحت بحفر البئر عليها أم أن طريقة التوصيل بوساطة حفر الأفلاج وشق النهر أو ساقية لتوصيل المياه أو أي وسيلة يتم التوصيل بها مما يكون الحكم معيبا بالغموض بعدم إمكانية تنفيذه واستحالة ذلك واقعا إضافة إلى أن تنفيذ الحكم وفقا للكيفية التي صدر بها يتعارض مع التصريح الصادر أصلا من جهة الاختصاص مما يتسبب بغلق البئر اصلا لمخالفة شروط الترخيص.

٣ – المخالفة الصريحة للقانون:

خالف الحكم المادة (١٤) من لائحة تنظيم الآبار والأفلاج حيث إنها حددت تعليمات إصدار ترخيص حفر البئر الجماعية والذي اشترط أن لا يقل العدد عن خمسة اشخاص ورغم الاشتراطات الكثيرة الموجودة في تلك المادة ولكن منها هو الفقرة الأخيرة من المادة: « أن تحصر البئر وتسجل باسم المنطقة» وهذا المفهوم الصحيح لواقع هذه الدعوى حيث إن ورود عبارة مورد عام تتعلق بالحصر وليس الاستخدام حيث إن الاستخدام قاصر على الأفراد الذي طلبوا الحفر ولكن الحصر يأتي بالمنطقة وفقا لمفهوم تلك الجهات لكافة المناطق فلا يمكن أن تفسر على أنها للاستخدام حيث إن استخدام البئر يكون قاصرا على الجماعية الذين رخص لهم فقط ولا يعمم الاستخدام بداعي التسجيل باسم المنطقة أو ورود عبارة ورد عام؛ لأن هذه التسمية وردت بسبب شرط المادة (١٤) وليس كونها استخداما عاما؛ لأن الاستخدام العام قاصر على الآبار الحكومية التي فيها نفع عام وتحملت تكاليفها الدولة وفق القانون وتقوم الدولة بصيانتها وتعميرها وتحمل كلفتها وأن الدعوى المعروضة أمام المحكمة تختلف كليا عن هذا النوع من الآبار.

ثانيا: الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب:

لقد بني الحكم على مفهوم العموم في النص حيث تمسك الحكم بعبارة ورد عام وردت في شهادة الحصر أو عبارة أهالي منطقة الصامتي وكذا من المسميات العمومية التي وردت في بعض المراسلات أو شهادة الحصر وحقيقة أن هذا الفهم لتلك الوقائع جاء بالمعارضة للثابت فيها وخلاف حقيقة المفهوم الذي وقع في تفسير النص القانوني للمادة (١٤) من لائحة تنظيم الآبار والأفلاج حيث إن البئر الخاصة في المنطقة تقيد وتسجل باسم أهالي المنطقة كتسجيل عام يتعلق بإجراءات الجهة المختصة ولكن من حيث استخدام البئر فهي لمن قام بحفره وحصل الترخيص بذلك سواء كان شخصا واحدا أم مجموعة من الأفراد من أهالي تلك المنطقة وهذا مفهوم ونطاق المادة (١٤) من قانون الآبار والأفلاج وأن اخذ عموم عبارة وردت في شهادة الحصر لتجعل من البئر عاما للجميع فهو تفسير خاطئ يتعارض مع نص المادة (١٤) السالفة الذكر مما يكون الحكم أصيب بعيب الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب حيث إن النتيجة التي توصل إليها تتعارض مع نص القانون ومع الوقائع القائم فعلا على الأرض، وحيث أعلن المطعون ضده ولم يشئ الرد.

المحكمة

بعد الاستماع إلى التقرير الذي أعده القاضي المقرر وبعد المداولة القانونية فإن الطعن استوفى كافة أوضاعه الشكلية والقانونية فهو مقبولة شكلا.

من حيث الموضوع إن نعي الطاعن على الحكم بالأسباب السالفة البيان غير سديد وذلك ؛ لأن البئر في تنظيمها بئر ورد عامة كما جاء في بيان ملكيتها والأصل في الملكية العموم حتى يصح التخصيص وإن كان الطاعن قد قام بعمارتها ودفع تكاليفها وصيانتها ودفع تكاليف الكهرباء فإنه يحق له الرجوع على المطعون ضده في التكاليف واما قضية كيفية توصيل الماء فهذا تنظمه جهة الاختصاص فلما كان الحكم قد بني على أسس من القانون ومحكمة الموضوع ردت على جميع الدفوعات والأسانيد فإنها سببت حكمها تسبيبا كافيا وبينت كل دفع في موضعه مما يتعين رفض الطعن وإلزام رافعه المصاريف ومصدرة الكفالة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه وإلزام رافعه المصاريف ورد الكفالة.

ملاحظة:

الهيئة المشكلة أعلاه نطقت الحكم أما الهيئة التي تداولت فهي برئاسة فضيلة الشيخ القاضي / سعيد بن سالم الحديدي وعضوية كل من: صالح بن سالم الراشدي، وعلي بن عبدالله الهاشمي، و سالم بن منصور الهاشمي، محمد بن عبدالرحمن شكيوه. محمد بن عبدالرحمن شكيوه.