جلسة يوم الاثنين الموافق ٣٠ / ١ / ٢٠١٧م
برئاسة فضيلة الشيخ / سعيد بن سالم الحديدي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: صالح بن سالم الراشدي، وعلي بن عبد الله الهاشمي، وسالم بن منصور الهاشمي، ومحمد بن عبد الرحمن شكيوه.
(١٣٤)
الطعن رقم ٥٢٢ / ٢٠١٥م
مضار جوار (حظيرة)
– لا بد من تطبيق قانون البلديات في تربية الحيوانات والأبقار والدواجن قرب المنازل إذ تم حصرا مراعيا في ذلك الأمور الصحية وخاصة أنه يوجد مضرة في وجود حظائر بغير تقنين في عددها بالنسبة للساكنين من انبعاث الروائح وعدم نظافة تلك الحظائر فلا بد من مراعاة الأمور الصحية في إقامة الحظائر قرب المنازل.
الوقائع
تتلخص وقائع الدعوى أن الطاعن…. كان قد أقام الدعوى الابتدائية رقم (١٧٨ / ٢٠١٤م) ضد المستأنفة /…. أقامها ضدها أمام المحكمة الابتدائية ببهلى الدائرة المدنية الثلاثية بموجب صحيفة أودعت أمانة سر تلك المحكمة طلب في ختامها بإلزام المدعى عليها بإزالة الأغنام والأبقار من الحظيرة المجاورة لمنزله وإلزامه بالمصاريف.
على سند من القول إن المدعي يسكن بمنطقة الغافات بمقربة من حظيرة تابعة للمدعى عليها وهو الأمر الذي أضر بالمدعي لما تسببه تلك الحظيرة من انبعاث للروائح الكريهة ولكونها سببا في تكاثر الحشرات كما أن ابنته (….) تعاني من مرض جلدي بسبب هذه الحيوانات الأمر الذي دفعه إلى رفع هذه الدعوى طالبا الحكم له بطلباته السالفة الذكر.
وحيث تدوولت الدعوى أمام محكمة اول درجة على النحو الوارد بمحاضر جلساتها وفيها حضر المدعي وصمم على طلباته الواردة بصحيفة دعواه وقدم تقريرا طبيا صادرا من المجمع الطبي ببهلى يبين أن ابنته… مصابه بطفح جلدي كما حضر وكيل المدعى عليها (المستأنفة) وأقر بأنه يوجد بالحظيرة المجاورة لمنزل المدعي بهائم تابعة للمدعى عليها وأن هذه الحظيرة اشترتها من والد المدعي وأنها قبل الشراء بها حيوانات ثم اشترى المدعي المنزل المجاور للحظيرة من والده، والحظيرة قائمة وقد سبق أن صارت فيها دعوى بين المدعى عليها ووالد المدعي وصدر حكم بينهما متضمنا صلحا بين الطرفين في الموضوع والسبب نفسه، وطالب برفض الدعوى وبعد الأخذ والرد وبعد اكتمال المرافعة وبجلسة ٢٥ / ١١ / ٢٠١٤م حكمت محكمة أول درجة في الدعوى بإلزام المدعى عليها بإزالة البهائم من الحظيرة الموصوفة في الأسباب وإلزامها برسوم الدعوى وأسست حكمها:
أولا: إقرار وكيل المدعى عليها بوجود حيوانات بالحظيرة، وأن تلك الحظيرة قريبة من منزل المدعي.
ثانيا: على المبدأ الصادر من المحكمة العليا رقم (٤٧٥ / ٢٠٠٩م) وكذلك على القاعدة الشرعية (لا ضرر ولا ضرار) و (دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة) وعلى المادة (٥٨) من قانون المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٢٩ / ٢٠١٣م) والتي نصت على الآتي: (يدفع الضرر العام الخاص ويدفع الضرر الأشد بالأخف) ولثبوت الضرر بعائلة المدعي بوجود حساسية وطفح جلدي بابنته.
وحيث إن هذا الحكم لم يصادف قبولا لدى المدعى عليها فطعنت عليه بهذا الاستئناف بموجب صحيفة أودعت أمانة سر هذه المحكمة بتأريخ ٢١ / ١٢ / ٢٠١٤م طلب في ختامها:
أولا: قبول الاستئناف شكلا لتقديمه خلال القيد الزمني المحدد قانونا.
ثانيا: إلغاء الحكم المستأنف لعدم الصحة والثبوت.
ثالثا: إلزام المستأنف ضده بالرسم والمصاريف وأسست استئنافها على أن الحكم المستأنف عند تنفيذه سيسبب لها ضررا في أملاكها وأموالها.
وحيث قيد الاستئناف تحت رقم (٣٩٦ / ٢٠١٤م) فأصدرت المحكمة حكمها بتأريخ ١٠ / ٣ / ٢٠١٥م بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا برفض الدعوى وإلزام المستأنف ضده بمصاريف الدعويين.
مؤسسة حكمها: بقولها وما تنعى به المستأنفة وحيث إنه من الثابت بالأوراق ومن إقرار المستأنف ضده بأن الحظيرة محل الدعوى كانت قائمة وفي ملك والد المستأنف ضده وقام ببيعها إلى المستأنفة على ما هي ومن ثم قامت دعوى بين والده والمستأنفة في إزالة الضرر الناتج من الروائح المنبعثة من الحظيرة والمذكورة وتم بين والده والمستأنفة صلح مثبت بينهما بالفصل رقم (٣٢١ / ٢٠٠٤م) والذي تضمن ببقاء الحظيرة مع قيام المستأنفة بغلق واحدة من الفتحات القريبة من منزل والد المستأنف ضده والذي قام المستأنف ضده بشراء ذلك المنزل من والده مع علمه بوجود الحظيرة ومن ثم فإن المستأنف ضده قد سعى بنفسه إلى الضرر الذي يدعيه ولما كان من المعلوم أن مساكن أهالي تلك القرى ومنها مساكن المستأنفة والمستأنف ضده بها حظائر لتربية الحيوانات وهذا متعارف عليه عند سكان أهل القرى ومن المقرر قضاء أن المعروف عرفا كالمشروط شرطا ولما كان الحكم المستأنف قد خالف هذا النظر وقضى بإزالة تلك الحظيرة محل الدعوى فقد أخطأ في تطبيق الواقع والعرف المتعارف عليه لدى سكان أهل تلك القرى، الأمر الذي تنتهي معه المحكمة إلى إلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا برفض دعوى المستأنف ضده.
وحيث لم يلق هذا الحكم قبولا لدى الطاعن… فطعن عليه بالنقض أمام المحكمة العليا بتأريخ ١٥ / ٤ / ٢٠١٥م بوساطة محاميته… المقبولة للترافع أمام المحكمة العليا وأودع سند وكالته ودفع الرسم المقرر وسدد الكفالة فكانت أسباب طعنه بقوله:
ننعى على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وبه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وذلك لعدة وجوه على النحو الآتي:
١ – ننعى على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون تطبيقا وتأويلا والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال حيث خالف نص المادة (٢٢٣) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية رقم (٢٩ / ٢٠٠٢م) والتي تنص على الآتي:
أن الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف وأن الغرض من ذلك إعادة طرح النزاع في حدود طلبات الطاعن إلى محكمة الاستئناف مما يجعلها مختصة ببحثه بكل ما اشتمل عليه من أدلة ودفوع وطلبات؛ لتحكم فيه بحكم مسبب شامل لعناصره بجوانبه القانونية والموضوعية ولا يجوز لمحكمة الاستئناف أن تنقض الحكم المستأنف بدون أن تناقش دفوع الطاعن وطلباته وتبحث الدعوى من جديد من حيث سلامة تطبيق القانون وكذلك من حيث الموضوع وبالرجوع للحكم المطعون فيه نجده أن المحكمة المطعون في حكمها قامت بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا برفض حكم محكمة أول درجة بدون أسباب قانونية سائغة على الرغم من أن الطاعن وضح للمحكمة بأنه متضرر من وجود تلك الحظيرة لانبعاث الروائح والحشرات والتي تسببت في الحساسية لابنته كما هو ثابت بالتقرير الطبي وكان على المحكمة المطعون في حكمها مراعاة ذلك لضرر وتأييد الحكم الابتدائي لا أن تقوم بإلغائه مما يجعل حكمها مخالفا للقانون تطبيقا وتأويلا وبه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال يتوجب نقضه والإحالة.
وحيث أعلنت المطعون ضدها… فردت بوساطة محاميها… المقبول للترافع أمام المحكمة العليا وأودع سند وكالته فكان رده على الطعن بقوله: حيث نعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بمخالفته لتطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وهذا النعي غير سديد حيث جاءت أسباب الحكم المطعون فيه ظاهرة ومتضمنة أسانيد قانونية وتسلسلا منطقيا لمنطوق الحكم.
حيث أفرغ الحكم بحيثياته الدفاع الجوهري وألم بوقائع الدعوى وطبق عليها القانون تطبيقا صحيحا وفقا للمستقر عليه قضاء وبذلك يكون الحكم المطعون عليه مصادفا لصحيح القانون طبقا لنص المادة (١٧٢) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية.
وعلى إثر ذلك لم يأت الطاعن بجديد خاصة وأنه ثبت من خلال بحث المحكمة الاستئنافية بأوراق الدعوى أن الطاعن أقر إقرارا قضائيا بأن الحظيرة محل الدعوى كانت قائمة وفي ملك والد المستأنف ضده (الطاعن) وقام ببيعها إلى المستأنفة (المطعون ضدها) على ما هي ومن ثم قامت دعوى بين والده والمستأنفة (المطعون ضدها) في إزالة الضرر الناتج من الروائح المنبعثة من الحظيرة المذكورة وتم بين والده والمستأنفة (المطعون ضدها) صلح مثبت بينهما بالفصل رقم (٣١٢ / ٢٠٠٤م) والذي تضمن ببقاء الحظيرة مع قيام المطعون ضدها بغلق واحدة من الفتحات القريبة من منزل والد المطعون ضده الذي قام المطعون ضده بشراء ذلك المنزل من والده مع علمه بوجود الحظيرة ومن ثم فإن المستأنف ضده (الطاعن) قد سعى بنفسه إلى الضرر الذي يدعيه وانتهى الحكم المطعون فيه أنه لما كان من المعلوم أن مساكن أهالي تلك القرى ومنها مساكن طرفي الطعن بها حظائر لتربية الحيوانات وهذا متعارف عليه عند سكان أهل القرى (المقرر قضاء أن المعروف عرفا كالمشروط).
وعليه الإقرار القضائي حجة في مواجهة المقر، ولا يجوز له العدول عنه بالإضافة إلى حجية الفصل رقم (٣٢١ / ٢٠٠٤م) والمثبت به صلح الطرفين على الوضع الحالي للحظيرة وخاصة أن الطاعن اشترى المنزل من والده وهو يعلم بهذه الحظيرة.
وعيله يكون ما نعاه الطاعن ما هو إلا أقوال مرسلة لا ترتقى إلى مرتبة القرينة أو الدليل التي يصح الاستناد إليها، فالحكم المطعون فيه صادف صحيح القانون في التطبيق والتأويل والاستناد لاستنباطه قرينة الإسناد الصحيح وما أتاه الطاعن بصحيفة طعنه ما هي إلا جدل في الموضوع لا يجوز طرحه أمام المحكمة العليا، مما يوجب رفض الطعن.
المحكمة
بعد الاستماع إلى التقرير الذي أعده القاضي المقرر وبعد المداولة القانونية فإن الطعن استوفى كافة أوضاعه الشكلية والقانونية فهو مقبول شكلا.
من حيث الموضوع فإن نعي الطاعن على الحكم بالأسباب السالفة البيان وذلك لا بد من تطبيق قانون البلديات في تربية الحيوانات والأبقار والدواجن قرب المنازل إذ تم حصرا مراعيا في ذلك الأمور الصحية وخاصة أنه يوجد مضرة في وجود حظائر بغير تقنين في عددها بالنسبة للساكنين من انبعاث الروائح وعدم نظافة تلك الحظائر فلا بد من مراعاة الأمور الصحية في إقامة الحظائر قرب المنازل فلما كانت محكمة الموضوع قد أغفلت هذا القانون فإن الحكم يصبح معيبا يستوجب نقضه وإعادة القضية إلى المحكمة التي أصدرته لتحكم فيه من جديد بهيئة مغايرة وإلزام المطعون ضده المصاريف ورد الكفالة للطاعن عملا بنص المادة (٢٦١) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى المحكمة الاستئنافية بنزوى لنظرها بهيئة مغايرة وإلزام المطعون ضده المصاريف وإعادة الكفالة إلى الطاعن.
ملاحظة:
الهيئة المشكلة أعلاه نطقت الحكم أما الهيئة التي تداولت فهي برئاسة فضيلة الشيخ القاضي / سعيد بن سالم الحديدي وعضوية كل من: صالح بن سالم الراشدي، وعلي بن عبدالله الهاشمي، ومحمد بن حمد النبهاني، سالم بن منصور الهاشمي.