التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة المدنية (ج): الطعن رقم ٤٥٨ / ٢٠١٦م

2016/458 458/2016 ٢٠١٦/٤٥٨ ٤٥٨/٢٠١٦

تحميل

جلسة يوم الاثنين الموافق ٢٧ / ٣ / ٢٠١٧م

برئاسة فضيلة الشيخ / سعيد بن سالم الحديدي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: صالح بن سالم الراشدي، وعلي بن عبد الله الهاشمي، وسالم بن منصور الهاشمي، ومحمد بن عبد الرحمن شكيوه.

(١٣٧)
الطعن رقم ٤٥٨ / ٢٠١٦م

حكم (تعليل – دفوع) – ثمن(تقدير – جزاف)

– تعليل الأحكام شرط أساسي لصحتها، فلا يكون التعليل قانونيا إلا متى ما أتى على الدفوعات الجوهرية للخصوم.

– تجاوزت محكمة الحكم المطعون فيه جملة دفوعات الطاعن وانصبت ردودها على مناقشة قيمة التعويض المنازع فيه من قبل المشتري ورأت الترفيع فيه وبذلك شاب قضاءها ضعف التعليل والإخلال بحق الدفاع في ظل عدم حضور الطاعن أمام محكمة أول درجة مما يوجب النقض.

– قدرت المحكمة بصفة جزافية ثمن البيع التالف وقيمة الإصلاح وكذلك بالنسبة لقيمة الخسائر فكان هذا الاجتهاد مفتقدا للتعليل القانوني السليم في ظل منازعة الطرفين في ذلك.

الوقائع

يتضح من الأوراق أن الطاعن….. (صاحب الطعن ٤٦٧ / ٢٠١٦م) أقام دعوى لدى المحكمة الابتدائية بمسقط طالبا الحكم بإلزام المطعون ضده….. (صاحب الطعن رقم ٤٥٨ / ٢٠١٦م) بأن يؤدي له تعويضا شاملا عن ضرره مبلغ (٨٦,٥٥٣ ر.ع) موضحا أنه اشترى من المدعى عليه (ماكينتين خاصتين بتفقيس البيض) وسلم له مبلغ (٤,٩٤٥ ر.ع) وقد تعطلتا فأرسل إليه بعض قطع الغيار دون الفني لتركيبها فاشتكاه إلى حماية المستهلك ثم أحيلت شكواه إلى الادعاء العام وعند المحاكمة عين خبير فأثبت مسؤولية المدعى عليه وأدين بمبلغ مائة ريال.

لذلك طالب بالتعويض عن الضرر استنادا إلى الإخلال بالمسؤولية التعاقدية.

وبتأريخ ٢٩ / ٦ / ٢٠١٥م أصدرت المحكمة حكمها رقم (٢٨٩ / ٢٠١٥م) بإلزام المدعى عليه بأن يؤدي للمدعي مبلغ خمسة آلاف ريال عماني كتعويض جابر لكافة الأضرار وألزمته المصاريف ومائتي ريال عماني أتعاب المحاماة.

تأسيسا على ثبوت مسؤولية المدعى عليه عن الضرر الذي أصاب المدعي لمخالفته قواعد الضمان نتيجة تعطل الآلات استنادا إلى الحكم الجزائي فاستأنف الطرفان الحكم لدى محكمة استئناف مسقط التي أصدرت حكمها رقم (٧٩٤، ١٠٥١ / ٢٠١٥م) بتأريخ ٩ / ٢ / ٢٠١٦م بقبول الاستئنافين شكلا وفي الموضوع: أولا: في الاستئناف رقم (٧٩٤ / ٢٠١٥م) بتعديل الحكم المستأنف برفع قيمة التعويض إلى مبلغ وقدره سبعة آلاف وتسعمائة وخمسة وأربعون ريالا، وإلزام المستأنف ضده بأن يؤدي المبلغ المذكور للمستأنف، وألزمته المصاريف ومائة ريال عماني مقابل أتعاب المحاماة.

ثانيا: في الاستئناف رقم (١٠٥١ / ٢٠١٥م) برفضه وألزمت رافعه المصاريف، تأسيسا على تقرير الاختبار بما يتناسب مع حقيقة الأضرار.

وحيث لم يلق هذا الحكم قبولا لدى الطرفين فطعنا فيه بالنقض بموجب صحيفتي طعن تضمنتا الأسباب التالية:

– الطعن (٤٥٨ / ٢٠١٦م) للطاعن…:

١ – الإخلال بحق الدفاع:

قال: تمهيدا لذلك أنه لم يعلم بالدعوى إلا في طورها الاستئنافي من قبل المطعون ضده فبادر بدوره باستئناف الحكم وقد وضعه الحكم الاستئنافي بأنه استئناف فرعي رغم أنه استئناف أصلي، كما لم يرد على دفاعه، وأضاف الطاعن أنه لا يعمل في نشاط بيع الماكينات محل النزاع بل هو وسيط بين المصنع والمطعون ضده الذي طلب منه أن يستورد له هذا النوع من الماكينات كونه من رخص له بالاستيراد من الخارج وفق المواصفات التي رغب فيها وتم الاستيراد والتسليم مؤكدا عدم وجود اتفاقية بيع أو شراء بين الطرفين لذلك لا يصح تطبيق أحكام عقد البيع على طرفي الدعوى وقد بين بصحيفة استئنافه أنه ليس بائعا حتى يلتزم بأي ضمان وقد تم توجيه اليمين الحاسمة للمطعون ضده لإثبات هذه الواقعة وأنه قد تمت مخاطبة المصنع فأكد أن ما حدث للماكينة هو سوء استخدام علما بأن الضمان ما زال ساريا وبالإمكان إعادة سحبها لإزالة كافة العيوب وأضاف الطاعن أن الضرر المدعى به بمبلغ (٦٨,٠٠٠ ر.ع) لا سند يؤيده لا سيما وأن ثمن الماكينتين لا يتعدى (٥,٠٠٠ ر.ع) إلا أن المحكمة لم ترد على جملة الدفوعات بما في ذلك طلب اليمين الحاسمة مما يعد قصورا يبطل الحكم.

٢ – مخالفة القانون والقصور في التسبيب:

قولا بأن الحكم المطعون فيه لما قضى بالتعويض لم يبين عناصر الضرر مع التقيد بالضرر المباشر ولم تبين المحكمة أسباب الزيادة في مبلغ التعويض والأدلة في ذلك لذا فقد طالب بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتا لحين الفصل في الطعن ثم الحكم بالنقض والإحالة واحتياطيا التصدي لموضوع النزاع والقضاء مجددا برفض الدعوى.

وحيث رد المطعون ضده بأن الطاعن ليس وسيطا في البيع، بل إنه يستورد المعدات من الخارج، ويبيعها لمن يرغب فيها وبذلك يكون مسؤولا عن جميع التصرفات التجارية والتعاقدية التي يبرمها الزبائن، وقد ثبت بالحكم الجزائي بيع المعدات والإخلال بشروط الضمان مؤكدا أن صفقة البيع تمت مع الطاعن الذي أصدر الفواتير، وتسلم الثمن وطلب رفض الطعن.

– الطعن (٤٦٧ / ٢٠١٥م) للطاعن…:

١ – مخالفة القانون والخطأ في تأويله وتفسيره:

قولا بأن التعويض يجب أن يشمل الضرر المستقبلي بسبب فشل المشروع الذي تسبب فيه المطعون ضده بالإضافة إلى الخسائر التي أصابته بضخ مبالغ لإقامة المشروع إلا أن المحكمة قصرت التعويض على قيمة استيراد المعدات، وما تلف من بيض وتكاليف الصيانة من ذلك أن قيمة صيانة الآلات مع التركيب (٣,٠٠٠ ر.ع) والتلف في البيض (٣,٦٠٨ ر.ع) وفقدان الأرباح المتوقعة (٣٤,٠٠٠ ر.ع) وإعداد المبنى واستقدام عمال وقروض وسيارات وتعاقدات ألغيت (٢٥,٠٠٠ ر.ع) بما يجعل تقديرات المحكمة لا تتناسب وحقيقة الضرر لذا فقد طالب بتعديل المبلغ إلى (٨٦,٥٥٣ ر.ع) واحتياطيا النقض والإعادة.

وحيث رد المطعون ضده بأنه يطلب ضم هذا الطعن لطعنه رقم (٤٥٨ / ٢٠١٥م) للارتباط بينهما ورفض الطعن (٤٦٧ / ٢٠١٥م).

المحكمة

– من حيث الشكل:

حيث رفع الطعنين ممن له صفة وفي الآجال القانونية واتجه قبولهما شكلا.

– من حيث الموضوع: ١ – عن الطعن (٤٥٨ / ٢٠١٦م):

حيث إن تعليل الأحكام شرط أساسي لصحتها فلا يكون التعليل قانونيا إلا متى اتى على الدفوعات الجوهرية للخصوم.

وحيث إن دفوع الطاعن… تمحورت حول التكييف القانوني للعلاقة التعاقدية مع المشتري… حيث تمسك الطاعن بأنه ليس بائعا حتى يلزم بضمان العيوب وأنه مجرد وسيط لقاء عمولة عن جلب الآلة من الخارج لفائدة المشتري مضيفا أن العيوب المدعى بها ناجمة عن سوء الاستخدام، وأن الخبير المنتدب بمناسبة التتبع الجزائي خبير زراعي لا علاقة له بتصنيع الآلة موضوع النزاع حتى يحدد أسباب العيوب المدعى بها، أما عن المبلغ المطالب به كتعويض عن جملة الأضرار فمبالغ فيه وبلا سند منتهيا إلى طلب توجيه اليمين الحاسمة على المشتري على أن الطاعن لم يكن وسيطا بل بائعا تم الاتفاق معه على الضمان.

وحيث تجاوزت محكمة الحكم المطعون فيه جملة دفوعات الطاعن وانصبت ردودها على مناقشة قيمة التعويض المنازع فيه من قبل المشتري، ورأت الترفيع فيه، وبذلك شاب قضاءها ضعف التعليل والإخلال بحق الدفاع في ظل عدم حضور الطاعن أمام محكمة أول درجة مما يوجب النقض مع الإحالة.

٢ – عن الطعن (٤٦٧ / ٢٠١٦م):

حيث نازع الطاعن في قيمة التعويض المقضي به طالبا الترفيع فيه بما يتناسب وحقيقة الخسائر اللاحقة به.

وحيث شمل المبلغ المحكوم به قيمة الآلتين (٤,٥٤٩ر.ع) دون تمكين البائع من استرجاع الآلتين وفي ذلك كسب بلا سبب للطاعن البائع من استرجاع الآلتين المحكوم له بالتعويض.

وحيث إن الخوض في قيمة التعويض مباشرة دلالة على تأييد توجه محكمة أول درجة في تكييف العملية التعاقدية بين الطرفين على أنها عملية بيع يلزم فيها البائع بضمان عيوب التصنيع للمشتري استنادا إلى صدور فاتورة شراء عن البائع بها ضمان ثلاث سنوات عن الآلة.

وحيث إن تقدير التعويض من إطلاقات محكمة الموضوع شريطة التعليل بما له أصل ثابت بالأوراق مستبعدة فواتير أدلى بها الطاعن لعدم قانونيتها وقدرت بصفة جزافية بخصوص ثمن البيع التالف وقيمة الإصلاح وكذلك بالنسبة لقيمة الخسائر فكان هذا الاجتهاد مفتقدا للتعليل القانوني السليم في ظل منازعة الطرفين في ذلك وتعين تبعا لذلك النقض مع الإحالة.

وحيث نجح الطاعنان في طعنيهما، واتجه رد الكفالة إليها وإبقاء المصاريف القانونية محمولة على من سبقها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى محكمة استئناف مسقط للنظر بهيئة مغايرة وإلزام الطاعنين بمصاريف طعنيهما ورد الكفالة إليهما.