جلسة يوم الاثنين الموافق ٥ / ٤ / ٢٠١٧م
برئاسة فضيلة القاضي / حمود بن طالب بن عبد الله البلوشي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: يحيى محمد عبد القادر، ومحمد عبد الرحمن شكيوه، وصلاح الدين غندور، وعابدين صلاح حسن ادريس.
(١٦٥)
الدعوى رقم ١ / ٢٠١٧م
شؤون قضاة (تظلم – اعلان – علم)
– المقرر قضاء أنه في حالة تكرار التظلمات فإن العبرة تنحصر في اعتبار التظلم الأول دون غيره، ولا يعتبر التظلم الأخير طلبا جديدا، ولا تسلم به المحكمة.
– العلم اليقيني بقرار اللجنة بعدم التفريغ للدراسة، والسكوت عليه مهما كانت الأسباب لمدة ثلاث سنوات وعدم اعتراضه أو تظلمه أو رفع دعوى في المواعيد المقررة قانونا يجعل الدعوى غير مقبولة شكل.
الوقائع
تتلخص وقائع الدعوى في أن المدعي أقام الدعوى أعلاه، ضد / المدعي العام بإيداع عريضتها أمانة سر المحكمة بتأريخ ١٠ / ١ / ٢٠١٧م طالبا في ختامها الحكم بقبول صحيفة الدعوى شكلا. لتقديمها في الميعاد القانوني، والحكم بعدم صحة رفض المدعي العام إصدار قرار بتفرغ المدعي. وإلزام الادعاء العام بإصدار قرار التفريغ للمدة الباقية من المنحة الدراسية من ١ / ٢ / ٢٠١٧م وحتى ١ / ١٠ / ٢٠١٨م وقال المدعي شرحا للدعوى: إن جمهورية مصر العربية قدمت لسلطنة عمان منحة دراسية لنيل شهادة الدكتوراه في القانون بدءا من العام الدراسي ٢٠١٤٢٠١٥م. ولمدة (٤) أربع سنوات، وبأن لجنة شؤون الأعضاء بالادعاء العام اجتمعت بتأريخ ٢٨ / ١٢ / ٢٠١٤م. وقررت ترشيح المدعي للحصول على المنحة الدراسية لدراسة الدكتوراه في القانون بدءا من العام الدراسي ٢٠١٤٢٠١٥م. ولمدة أربع سنوات، وقد اعتمد المدعي العام محضري الاجتماعين الأول والثاني، وذلك وفق الثابت بالكتاب رقم م ن م / ع / ٣ / م / ١٠٧ / ٢٠١٤م. بتأريخ ١٣ / ١٢ / ٢٠١٤م وتم قيده للدراسة وتم تجديد المنحة الدراسية للأعوام ٢٠١٤-٢٠١٥ و٢٠١٥-٢٠١٦ والعام ٢٠١٦-٢٠١٧وأنه بتأريخ ١ / ١ / ٢٠١٧م تقدم إلى المدعي العام بطلب تفريغه عن العمل للمدة المتبقية من المنحة الدراسية للعام ٢٠١٧٢٠١٨ وأنه بتأريخ ٣ / ١ / ٢٠١٧م ورد كتاب المدعي العام رقم م.ع / ٤ / ٢٠١٧م متضمنا رفض طلبه بالتفريغ من العمل مما حدا به لإقامة الدعوى الماثلة بالطلبات السالفة الذكر.
وحيث تم إعلان المدعى عليه بصورة من صحيفة الدعوى، وبتأريخ ١٢ / ٢ / ٢٠١٧م رد المدعي العام بمذكرة على عريضة الدعوى، اشتملت الدفع أصليا بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد المقرر قانونا تأسيسا على أن المادة (٧١) من قانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٩٠ / ٩٩) تضمنت أن ترفع الدعوى بالطعن على أي قرار بالشأن الوظيفي للقضاة وأعضاء الادعاء العام خلال ثلاثين يوما من تأريخ نشر القرار أو الإعلان به أو العلم به يقينا. وإلا قضى بعدم قبوله لرفعه بعد الميعاد المقرر قانونا. ذلك أن طلبات المدعي قد تضمنت الطعن بعدم صحة قرار الادعاء العام برفض تفريغه للمدة المتبقية من المنحة الدراسية خلال الفترة من ١ / ٢ / ٢٠١٧م وحتى ١ / ١٠ / ٢٠١٨م. إلا أن هذه الطلبات في حقيقتها وجوهرها تتمثل الطعن بعدم صحة القرار الصادر عن لجنة شؤون الأعضاء في عام ٢٠١٤م بالموافقة على إيفاد المدعي في منحة دراسية إلى جمهورية مصر العربية لدراسة الدكتوراه في القانون من جامعة عين شمس بداية من العام الأكاديمي ٢٠١٤ / ٢٠١٥م. بدون تفرغ وعلى نفقته الخاصة، والذي وافق عليه المدعي. وقدم طلبا بذلك، وأقر بالموافقة عليه. وبالتالي كان حريا به الطعن على هذا القرار بعدم الصحة في حينه مادام لم يرتض به ولا يحق له بعد مرور ثلاث سنوات من المنحة الدراسية بنظام التفرغ الجزئي إقامة الدعوى الماثلة تحت ستار الطعن بعدم الصحة على القرار الرافض للتفرغ الجزئي للمدة المتبقية من المنحة الدراسية.
مما يتعين القضاء بعدم قبولها شكلا لرفعها بعد الميعاد. كما دفع احتياطيا برفض الدعوى ذلك أن المركز القانوني للمدعي قد تحدد بموجب القرار الصادر في ٢٠١٤م بالموافقة على إيفاده في منحة دراسية لاستكمال الدراسات العليا، والحصول على درجة الدكتوراه في القانون دون تفرغ، وهو القرار الذي صدر بناء على طلبه وموافقته بحيث لا يجوز فقها وقضاء أن يتم سحب أو إلغاء أو تعديل القرارات الإدارية بعد مرور ميعاد ستين يوما على صدورها استقرارا للأوضاع والمراكز القانونية. وأن المادة (٥٧) من قانون الخدمة المدنية التي يرتكن إليها المدعي كأساسي لدعواه لم توجب على جهة الإدارة تفريغ كل من يوفد في بعثة أو منحة دراسية في المطلق. وطلب في ختام مذكرته أصليا بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد المقرر قانونا واحتياطيا برفض الدعوى.
وقدم المدعى عليه حافظة مستندات اطلعت عليها المحكمة، واشتملت على الآتي:
١- صورة من رسالة مدير دائرة تنمية المواد البشرية بالادعاء العام موجهة إلى مدير دائرة التدريب والتأهيل بتأريخ ٢٩ / ١٢ / ٢٠١٤م. تفيد بترشيح المدعي للحصول على منحة دراسية لجهورية مصر العربية بدون تفريغ.
٢- صورة من محضر اجتماع لجنة شؤون الأعضاء بالادعاء العام، بتأريخ ٢٨ / ١٢ / ٢٠١٤م بترشيح المدعي للحصول على منحة الدراسة تتضمن الإعفاء من الرسوم الدراسية فقط للعام ٢٠١٤ / ٢٠١٥م وموافقة المدعي العام.
٣- صورة من رسالة نائب المدعي العام ورئيس الجنة الخاصة بشؤون الأعضاء الموجهة للمدعي بتأريخ ٣١ / ١٢ / ٢٠١٤م للإفادة بقرار اللجنة بترشيح المدعي للحصول على الإعانة الدراسية المقدمة من جمهورية مصر العربية المتضمنة الإعفاء من الرسوم الدراسية فقط.
٤- صورة من الرسالة الصادرة من نائب المدعي العام ورئيس لجنة شؤون الأعضاء بالادعاء العام. والموجهة إلى المدعي، بتأريخ ١٩ / ٣ / ٢٠١٤م يفيد فيها بأن اللجنة قررت الموافقة على طلب المدعي بمواصلة دراسة الدكتوراه بدون تفرغ وعلى نفقته الخاصة على أن يكون خروجه للدراسة إن تطلب الأمر خصما من رصيد الإجازات الاعتيادية. فيما أشارت الرسالة إلى طلب المدعي المؤرخ في ٥ / ٣ / ٢٠١٤م لتكملة دراسة الدكتوراه بدون تفرغ وعلى نفقته الخاصة.
٥- صورة من رسالة المدعي العام الموجهة للمدعي بتأريخ ٣ / ١ / ٢٠١٧. ردا على رسالة الأخير بتأريخ ١ / ١ / ٢٠١٧م برفض الموافقة على طلبه بالتفرغ ذلك أن الموافقة الصادرة من لجنة شؤون الأعضاء بتأريخ ١٩ / ٣ / ٢٠١٤م تضمنت الموافقة على طلب مواصلة دراسة الدكتوراه بدون تفرغ وعلى نفقته الخاصة. وإلى رسالة مدير مكتب المدعي العام. بالنظر في اعتبار الأيام التي يلزم فيها مراجعة ومقابلة الأستاذ المشرف إجازة دراسية بناء على شهادة حضور من الجامعة. وحيث أودع المدعي مذكرة أفاد فيها أن القرار المطلوب الطعن فيه يتمثل في امتناع جهة الإدارة إصدار قرار بالتفريغ بعد ورود موافقة وزارة التعليم العالي، بالحصول على المنحة الدراسية وإلى الخلط في الأحكام القانونية المنظمة للمنحة الدراسية ذلك أن جهة الإدارة اعتبرت موافقة الادعاء العام على تكملة الدراسة على نفقته الخاصة وبدون تفرغ بمنزلة منحة دراسية. في حين أن قانون البعثات والمنح والإعانات الدراسية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٨٣ / ٢٠٠٢م قد عرف المنحة الدراسية بأنها النفقات والمزايا المادية المقدمة من أي جهة حكومية أو غير حكومية وطنية كانت أو أجنبية.
وحيث أودع المدعى عليه مذكرة تمسك فيها بالدفع بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد المقرر قانونا. وذلك استنادا لنص المادة (٧١) من قانون السلطة القضائية، حيث حدد المشرع بموجبه مدة ثلاثين يوما من تأريخ علم صاحب الشأن بالقرار علما يقينيا يرفع الدعوى. وأنه ليس ثمة قوانين أو لوائح تلزم الادعاء العام أن يصدر قرارا بتفريغ المدعي لدراسة الدكتوراه الأمر الذي يترتب عليه أن امتناع الادعاء العام عن ذلك لا يعد قرارا سلبيا منه يستوجب الطعن عليه بدعوى. وحيث بعد المرافعات المكتوبة والشفهية أمام المحكمة على نحو ما بين في المحضر، تم حجز الدعوى للحكم لجلسة ٥ / ٤ / ٢٠١٧م.
وحيث إن مثار هذه الدعوى، وما نعاه المدعى عليه بالدفع بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد، بينما يتمسك المدعي بالقرار السلبي فإنه يتعين ابتداء البحث في الدفع الشكلي، بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، للتحقق من مدى استيفاء الدعوى للإجراءات المقررة لرفعها ذلك أنه دفع متعلق بالنظام العام. يجوز إثارته في أية مرحلة كانت عليها الدعوى، وحيث إنه وفقا لنص المادة (٧١) من قانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٩٠ / ٩٩) ترفع الدعوى الخاصة بالطعن على أي قرار نهائي في شأن من الشؤون الوظيفية وبالتعويض عنها للقضاة وأعضاء الادعاء العام خلال ثلاثين يوما من تأريخ نشر القرار أو الإعلان به أو العلم به يقينيا. فإن لم يراع المدعي هذا الميعاد اعتبرت دعواه غير مقبولة شكلا لرفعها بعد الميعاد ولا ينال من ذلك أي اعتبارات سواء أحجمت جهة الإدارة عن إصدار القرار أو وقفت موقفا سلبيا، إلا أن ذلك مشروط بالتقيد بالمواعيد والإجراءات التي نص عليها القانون في هذا الشأن وأن استقرار الأوضاع والمراكز القانونية باعتبارها من النظام العام، أو على بالاعتبار إذ إن القانون وضع لحماية المجتمع وهو هدف أسمى وفي تطبيقه سعادة الجميع وليس سعادة فرد.
وحيث إنه من المستقر عليه قضاء أن تكييف حقيقة الدعوى وبيان حقيقة وصفها إنما يخضع لرقابة القضاء باعتباره تعبيرا لما يقصده أصحاب الشأن. فالثابت من الأوراق أن المدعي قد باشر إجراءات الالتحاق بالدراسات العليا بجمهورية مصر العربية، في مرحلة سابقة لقرار اللجنة حيث تقدم إليها ابتداء للإعفاء من الرسوم الدراسية، ولما لم يكن ذلك متاحا إلا بترشيحه رسميا للحصول على المنحة الدراسية. فقد أصدرت لجنة شؤون الأعضاء في اجتماعها الخامس بتأريخ ٢٨ / ١٢ / ٢٠١٤م. ترشيح المدعي للحصول على المنحة، ووافق على ذلك المدعي العام. وبموجبه خاطب مدير دائرة تنمية الموارد البشرية في رسالته المعنونة إلى مدير دائرة التدريب والتأهيل بوزارة الخدمة المدنية المؤرخة في ٢٩ / ١٢ / ٢٠١٤م بترشيح المدعي للدراسي في جامعة عين شمس بجمهورية مصر العربية للحصول على المنحة المذكورة بدون تفرغ وما يتبعها كالرسالة الصادرة من نائب المدعي العام ورئيس اللجنة الموجهة للمدعي شخصيا بتأريخ ٣١ / ١٢ / ٢٠١٤م بإبلاغه بالترشيح والمتضمنة الإعفاء من الرسوم الدراسية فقط اعتبارا من العام الدراسي ٢٠١٤ / ٢٠١٥م وأن المدعي بعد أن ارتضى بالواقع، ظل ساكنا وساكتا حتى تأريخ ١ / ١ / ٢٠١٧م. حيث تقدم بالطلب للمدعي العام، لمنحة التفريغ من العمل وصدر قرار من المدعي العام بتأريخ ٣ / ١ / ٢٠١٧م. والمتضمن الاعتذار عن قبول الطلب باعتبار أن موافقة اللجنة الصادرة في ١٩ / ٣ / ٢٠١٤م. تضمنت الموافقة على طلب المدعي بمواصلة دراسة الدكتوراه بدون تفرغ وعلى ذلك فإن المدعي، قد سكت عن التظلم أو الاعتراض من هذه القرارات سواء سابقة أو لاحقه على منحه المنحة ١ / ١ / ٢٠١٧م بعد مضى عدة سنوات إلى تجديد الطلب لمنحه التفرغ. وهو القرار الذي تحصن بقوة القانون ولم يتظلم منه أو يعترض عليه في حينه أو خلال الأجل القانوني، وعلى ذلك فإن استقرار المراكز والأوضاع القانونية تتمتع بحماية أولى باعتبارها تمثل استقرار القرارات الإدارية وتحصينها من أي طعن. وفقا للمادة (٧١) من قانون السلطة القضائية على نحو ما سبق الإشارة إليه. وأن المشرع قد عنى باستقرار هذه المراكز القانونية أن يبقى القرار الإداري محصنا من أي طعن، حتى إن شاب هذا القرار أي شائب.
وحيث إن من المقرر قضاء أنه في حالة تكرار التظلمات فإن العبرة إنما تنحصر في اعتبار التظلم الأول دون غيره، ولا يعتبر التظلم الأخير طلبا جديدا، ولا تسلم به المحكمة.
وحيث إنه ولما كان ذلك وأن المدعي رغم علمه اليقيني في عدة حالات من ١٩ / ٣ / ٢٠١٤م بقرار اللجنة بعدم تفريغه للدراسة، وكذلك في رسالة نائب المدعي العام الموجهة إليه شخصيا بعد ترشيحه رسميا للدراسة في ٣١ / ١٢ / ٢٠١٤م. فإن سكوته ومهما كانت الأسباب لمدة ثلاث سنوات وعدم اعتراضه أو تظلمه أو رفع دعوى في المواعيد المقررة قانونا. مما يتعين معه والحال كذلك الحكم بعدم قبول الدعوى شكلا لتقديمها خارج الميعاد.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلا لتقديمها خارج الموعد المقرر قانونا.