التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة التجارية: الطعن رقم ٧٩٦ / ٢٠١٦م

2016/796 796/2016 ٢٠١٦/٧٩٦ ٧٩٦/٢٠١٦

تحميل

جلسة يوم الثلاثاء الموافق ٢٦ / ٤ / ٢٠١٧م

برئاسة فضيلة القاضي / منصور بن علي الفارسي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: د. محمد صالح علي سيد أحمد، وأحمد بن عياش الجندوبي، ونور الدين بن المكي خليفي، وعاطف المأمون عبد السلام.

(٢١٠)
الطعن رقم ٧٩٦ / ٢٠١٦م

تأمين (خطر- شروط – مستقبلي) الخطر المؤمن منه يجب أن يكون حادثًا مستقبليًا ومؤدى ذلك أن الخطر إذا كان قد تحقق قبل إبرام عقد التأمين فإنّ عقد التأمين يكون باطلاً ولا يدخل الخطر – الذي تحقق قبل إبرام عقد التأمين – في الضمان الذي يمنحه التأمين للمؤمن له.

الوقائع

تتحصل الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق في أن المطعون ضده – بنك مسقط – كان قد أقام الدعوى رقم (١ / ٢٠١٤م) أمام المحكمة الابتدائية إبراء والتي أحيلت بالحكم الصادر منها بجلسة ٢٢ / ٤ / ٢٠١٤م إلى الدائرة الثلاثية بالمحكمة الابتدائية إبراء بسبب الاختصاص النوعي وذلك بعد إدخال الشركة………… على الحياة باعتبار أنها الشركة المؤمن لديها القرض.

وكان البنك المطعون ضده قد طلب ابتدائيًا القضاء لصالحه بإلزام الطاعن – المدعى عليه ابتدائيًا – بأن يؤدي إليه مبلغ (٤٣٣.٣٠ ر.ع) وذلك على سند من القول إن المدعى عليه – الطاعن الآن – قد اقترض منه مبلغ (٩٧١.١٩ ر.ع) على أن يسدده بالأقساط الشهرية بواقع (٨٧٣ / ٢٣٨ ر.ع) شهريًّا كما أنّه قد أقرضه مرة أخرى بتاريخ ٤ / ٩ / ٢٠٠٨م مبلغ (٩٥٢ ر.ع).

وحيث رد الطاعن – المدعى عليه – على صحيفة الدعوى قائلاً أنّه مصاب بعجز كلي دائم (١٠٠٪) وأنّ الشركة المؤمنة على القرض – الطرف المدخل – هي الملزمة بأداء القرض إلى البنك المطعون ضده.

وحيث ردت الطرف المدخل – الشركة………. على الحياة – وطلبت رفض الدعوى في مواجهتها بحجة أنّ عقد التأمين بينها والبنك المدعي تم بتاريخ ١٥ / ١٠ / ٢٠١٢م أي بعد أن حصل المدعى عليه على القرض وبعد أن قام بالتوقيع على استبيان الحالة الصحية بتاريخ ١٨ / ٣ / ٢٠٠٨م.

وحيث أصدرت الدائرة الثلاثية بالمحكمة الابتدائية إبراء الحكم في الدعوى بجلسة ٩ / ١٢ / ٢٠١٤م وقضى برفض الدعوى وبإلزام البنك مصاريفها.

ويبين من أسباب الحكم الابتدائي أنّه رفض الدعوى في مواجهة المدعى عليه – الطاعن الآن – تأسيسًا على أنّ البنك المدعي ابتدائيًا قام بتأمين القرض لدى الخصم المدخل الشركة الوطنية للتأمين على الحياة وأن هذا يعني انعدام مسئولية المدعى عليه – الطاعن الآن – عن القرض تجاه البنك المدعي كما يبين أنّ الحكم الابتدائي رفض الدعوى في مواجهة الطرف المدخل لكون أنّ تاريخ تأمين القرض في ١٥ / ١٠ / ٢٠١٢م قد جاء لاحقًا لتاريخ توقيع المدعى عليه على استبيان الحالة الصحية في ١٨ / ٣ / ٢٠٠٨م وحصول المدعى عليه على القرض.

وحيث لم يلق الحكم الابتدائي سالف الذكر القبول لدى بنك مسقط فطعن عليه بالاستئناف رقم (٢ / ٢٠١٥م) أمام الدائرة التجارية بمحكمة الاستئناف بإبراء والتي أصدرت الحكم فيه بجلسة ٢٧ / ٤ / ٢٠١٥م والذي جاء منطوقه كالآتي:-

«حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم جزئيًا والقضاء بإلزام المستأنف ضده الأول -….. – بأن يؤدي للمستأنف مبلغ ثلاثون ألف وأربعمائة وثلاثة وثلاثون ريالاً والفائدة بواقع (٦٪) من تاريخ رفع الدعوى وحتى تمام السداد وإلزامه المصاريف وتأييده فيما عدا ذلك».

وقد أقام الحكم الاستئنافي سالف الذكر أسبابه على أنّ تاريخ القرضين في فبراير ٢٠٠٨م وسبتمبر ٢٠٠٨م وأن تاريخ تأمين القرضين من قبل الشركة……..للتأمين على الحياة قد جاء بتاريخ ١٥ / ١٠ / ٢٠١٢م وأنّ قضاء حكم محكمة أول درجة بعدم مسؤولية الشركة……… للتأمين على الحياة عن القرضين قد جاء في محلّه لكون أنّ ما لحق المدعى عليه – الطاعن – من عجز قد حدث خارج فترة التغطية التأمينية إلا أنّ ما يترتب على ذلك هو بقاء الأصل على حاله وهو مسئولية المدعى عليه – الطاعن الآن – عن القرضين وأنّ محكمة الدرجة الأولى قد خالفت القانون عندما رفضت الدعوى في مواجهته.

وحيث إنّ…… قد طعن على الحكم الاستئنافي سالف الذكر بطريق الطعن بالنقض وذلك بالطعن الماثل الذي أودع صحيفته بتاريخ ١٩ / ٩ / ٢٠١٦م لدى أمانة سر المحكمة العليا الموقعة من المحامي…………… المقبول لدى المحكمة العليا وكيلاً عن الطاعن وقدّم سند الوكالة وما يفيد سداد الرسم والكفالة المقررين قانونًا.

وأعلن المطعون ضدهما: ١- بنك…….، ٢- الشركة…….. للتأمين على الحياة فقام بنك…… بالرد على صحيفة الطعن بالمذكرة الواردة بتاريخ ٢٢ / ١١ / ٢٠١٦م ودفع أولاً بعدم قبول الطعن لتقديمه خارج الأجل المقرر وفي الموضوع طلب رفض الطعن.

كما ردت الشركة……… للتأمين على الحياة على صحيفة الطعن بالمذكرة الواردة بتاريخ ١٤ / ١١ / ٢٠١٦م طلبت في ختامها رفض الطعن وتضمنت المذكرة أنّ الطاعن كان قد تعرّض لحادث سير بتاريخ ٦ / ١٠ / ٢٠٠٧م تمخض عنه عجز كلي (١٠٠٪) وأنّ وثيقة التأمين المحررة بين الشركة……… للتأمين على الحياة وبنك…….. كانت بتاريخ ١٥ / ١٢ / ٢٠١٢م ولذا فإنّ الوثيقة لا تغطي القرض لكون أن سريانها من ١ / ١٠ / ٢٠١٢م وحتى ٣٠ / ٩ / ٢٠١٣م وأنّ تاريخ حصول الطاعن على القرض هو ٢٠ / ٣ / ٢٠٠٨م ووقع على استمارة الاستبيان في ١٨ / ٣ / ٢٠٠٨م ثم وردت مذكرتا تعقيب عن الطاعن بتاريخ ٣ / ١ / ٢٠١٧م طلب في ختامها رفض مذكرتي المطعون ضدهما الأول بنك……… والمطعون ضدها الثانية الشركة………. للتأمين على الحياة الواردتين بتاريخ ٢٢ / ١١ / ٢٠١٦م و ١٤ / ١١ / ٢٠١٦م على التوالي.

ثم عقبت المطعون ضدها الثانية بالمذكرة الواردة ١٢ / ١ / ٢٠١٧م تضمنت أنّ الطاعن أدخل الغش على البنك المقرض لأن تاريخ عجزه (١٠٠٪) كان ناتجًا عن حادث السير بتاريخ ٦ / ١٠ / ٢٠٠٧م وأنّ التأمين في ١٥ / ١٠ / ٢٠١٢م وأنّ القرض منح للطاعن في ٢٠ / ٣ / ٢٠٠٨م بما يعني أنّ نسبة العجز (١٠٠٪) سابقة لتاريخ التوقيع على القرض بدليل أنّ خدمات الطاعن أنهيت بتاريخ ٧ / ١٠ / ٢٠٠٨م.

وحيث إنّ الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفته لصحيح القانون والخطأ في تطبيقه، كما ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وجاء بيانًا للسبب الأول أنّ هنالك تأمينا على القرض وتعرض الطاعن لعجز (١٠٠٪) ومع ذلك لم يقم الحكم المطعون فيه بإلزام شركة التأمين بالقرض كما جاء بيانًا للسبب الثاني أنّ الحكم المطعون فيه جاء محمولاً على حكم محكمة الدرجة الأولى الذي جاء مشوبًا بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب عندما أورد حكمها أنّ نسبة العجز التي تعرّض لها الطاعن (١٠٪) بينما أنّ الصحيح أنها (١٠٠٪) وهو ما يعني أنّ الحكم المطعون فيه قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وبناء على كل ذلك فإنّ الطاعن يطلب في ختام الصحيفة قبول الطعن شكلاً وثانيًا في الموضوع نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء من جديد برفض الدعوى الابتدائي مع إلزام الخصم المدخل الشركة الوطنية للتأمين على الحياة بقيمة القرض وفوائده للمطعون ضده الأول بنك مسقط وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه.

المحكمة

من حيث الشكل:

وحيث استوفى الطعن كافة الأوضاع القانونية المقررة له ومن ثم فهو مقبول شكلاً.

من حيث الموضوع:

وحيث إنّه عن النعي على الحكم المطعون فيه بمجمل ما جاء بسببي الطعن فإنّ المقرر قانونًا أنّ عقد التأمين من عقود حسن النيّة وهذا يوجب على المؤمن والمؤمن له أن يتعاملا بمنتهى الأمانة والإخلاص ابتداءً من بداية المفاوضات الرامية إلى إبرام العقد بينهما وانتهاء بإبرام عقد التأمين بصفة نهائية أو عدم إبرامه، وإذا أدلى المؤمن له ببيانات كاذبة أو غير صحيحة عن الخطر المراد التأمين ضده وأدى ذلك إلى قبول المؤمن التأمين بحيث يمكن القول إن المؤمن ما كان ليتعاقد لو كان على علم بالمعلومات الصحيحة عن الخطر المؤمن منه فإنّ هذا يجيز للمؤمن طلب بطلان عقد التأمين هذا فضلا عن أنّ المقرر أيضًا أنّ الخطر المؤمن منه يجب أن يكون حادثًا مستقبليًا ومؤدى ذلك أن الخطر إذا كان قد تحقق قبل إبرام عقد التأمين فإنّ عقد التأمين يكون باطلاً ولا يدخل الخطر – الذي تحقق قبل إبرام عقد التأمين – في الضمان الذي يمنحه التأمين للمؤمن له.

وبإنزال ما سبق على دعوى الحال فإنّ الثابت بالأوراق أنّ الخطر المؤمن منه كان متحققًا وكائنًا عندما قام الطاعن بتعبئة استمارة الاستبيان بتاريخ ١٨ / ٣ / ٢٠٠٨م وعندما حصل على القرض الأول والثاني في فبراير وسبتمبر ٢٠٠٨م وآية ذلك أن حادث السير وقع للطاعن في ٦ / ١٠ / ٢٠٠٧م وتمخض عنه عجز كلي دائم (١٠٠٪) ومع ذلك فإنّ الطاعن لم يحدث لذلك ذكرًا عندما عبأ الاستبيان في ١٨ / ٣ / ٢٠٠٨م ويترتب على ذلك القول أولاً أنّ الخطر المؤمن منه – وهو العجز (١٠٠٪) كان متحققًا وكائنًا من قبل تاريخ الاستبيان وحصول الطاعن على القرضين وثانيًا فإنّ الطاعن لم يتعامل مع الشركة……. للتأمين على الحياة بمبدأ الأمانة وحسن النية عندما وقع على الأوراق في استمارة الاستبيان ويكون الطاعن – وقد أخفى على شركة التأمين حقيقة عجزه (١٠٠٪) الكائن منذ تعرّضه للحادث في ٦ / ١٠ / ٢٠٠٧م – يكون قد أدخل الغش ويكون التأمين باطلاً ويترتب على ذلك أن العجز (١٠٠٪) الكائن قبل إبرام عقد التأمين لا يدخل في الضمان الذي يمنحه التأمين للمؤمن له ومؤدى كل ذلك أن الشركة…………. للتأمين على الحياة غير مسؤولة عن سداد القرض ويكون الحكم المطعون فيه الذي وافق هذا الرأي عندما أيد هذه الجزئية من حكم محكمة الدرجة الأولى في محله ولا تناله أسباب النعي عليه الواردة بصحيفة الاستئناف ولا أهمية لمناقشة ما إذا كانت نسبة العجز (١٠٠٪) أو (١٠٪) لكون أنّ هذه الجزئية غير منتجة في الدعوى وذلك لكون أنّ العجز أيًا كانت نسبته فهو قد كان متحققًا عند إبرام عقد التأمين ولا يدخل في الضمان الذي يمنحه التأمين للمؤمن له.

وحيث إنّ الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقضى بتأييد حكم أول درجة فيما يتعلق برفض الدعوى ضد الشركة…….. للتأمين على الحياة وقضى تبعًا لذلك بإلزام الطاعن بمبلغ المديونية المستحقة للبنك المطعون ضده ومن ثم فإنّ النعي عليه بأسباب الطعن غير سديد ويتعينّ تبعًا لذلك القضاء في موضوع الطعن برفضه وبإلزام الطاعن بالمصاريف ومصادرة الكفالة عملاً بالمادة (٢٦١) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وألزمت الطاعن المصاريف ومصادرة الكفالة.