التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة الجزائية (أ): الطعن رقم ٦٦٣ / ٢٠١٦م

2016/663 663/2016 ٢٠١٦/٦٦٣ ٦٦٣/٢٠١٦

تحميل

جلسة يوم الثلاثاء الموافق ٧ / مارس / ٢٠١٧م

المشكلة برئاسة فضيلة السيد  /  خليفة بن سعيد بن خليفة البوسعيدي  /  نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: سالم بن سعيد الرحبي، سلطان بن ماجد الزعابي، العربي الحروشي، مجيد فرج شوشان

(٣٠)
الطعن رقم ٦٦٣ / ٢٠١٦م

– جريمة « نقل وتجريف التربة. القصد الجنائي فيها. تقدير محكمة الموضوع له».

– جريمة نقل وتجريف التربة هي جريمة عمدية يتحقق القصد الجنائي فيها متى ما تعمد الجاني ارتكاب الفعل المنهي عنه بالصورة التي حددها القانون واتجهت إرادته إلى إحداث هذا الفعل مع علمه بأنه إنما يُحدثه بغير حق، ومن المقرر أن قيام هذا القصد أو عدم قيامه يعد مسألة موضوعية تتعلق بالوقائع تفصل فيها المحكمة بغير معقب ما دامت ظروف الدعوى تكشف عن هذا القصد.

الوقائع

تتحصَّلُ الوقائع على ما يبينْ ُ من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن في أن الادعاء العام أحال المتهمين (المطعون ضدهما) إلى المحكمة الابتدائية بالرستاق (الدائرة الجزائية)؛ لأنهما بتاريخ (٨ / ١٢ / ٢٠١٥م) بدائرة اختصاص وزارة البيئة والشؤون المناخية:

أقدما على نقل وتجريف التربة بمنطقة….. بولاية…… دون تصريح من الجهات المختصة، وفق الثابت بالأوراق.

وطالب الادعاء العام بمعاقبتهما بجنحة العمل بدون تصريح ومخالفة القوانين واللوائح البيئية المؤثمة بالمادتين (٢١، ٣٨) من قانون حماية البيئة ومكافحة التلوث. وبجلسة (٢٤ / ٢ / ٢٠١٦م) حكمت المحكمة بإعلان براءة المتهمين مما هو منسوب إليهما.

لم يحز هذا الحكم قبولاً لدى الادعاء العام (الطاعن) فاستأنفه أمام محكمة الاستئناف بالرستاق (دائرة الجنح المستأنفة) التي قضت بتاريخ (٢٦ / ٤ / ٢٠١٦م) حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.  لم يرتض الطاعن (الادعاء العام) بهذا القضاء فطعن فيه بالنقض أمام المحكمة العليا بالطعن الماثل الذي تم التقرير به بتاريخ (٢ / ٦ / ٢٠١٦م) بأمانة سر المحكمة التي أصدرته وبذات التاريخ أودعت صحيفة بأسباب الطعن موقعة من مساعد المدعي العام وتم إعلان المطعون ضدهما بصحيفة الطعن فآثرا عدم الرد عليها.

وقدم الادعاء العام لدى المحكمة العليا مذكرة بالرأي انتهى فيها إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.

المحكمة

بعد الاطلاع على الحكم المطعون فيه وعلى سائر أوراق الطعن وبعد سماع التقرير الذي أعده وتلاه القاضي المقرر وبعد المداولة قانوناً.

حيث إن الطعن استوفى شكله القانوني فهو مقبول شكلاً.

وحيث ينعى الطاعن (الادعاء العام) على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وذلك عندما أيد حكم محكمة أول درجة فيما قضى به من براءة المتهمين دون أن يأتي بأسباب قانونية تبرر حكم البراءة حيث فسرت محكمة أول درجة المواد (٩، ٢١، ٣٨) من قانون حماية البيئة ومكافحة التلوث تفسيراً خاطئاً متناسية الفقرة (ب) من المادة (٢١) من ذات القانون والتي جاءت بحكم عام تمنع فيه تجريف التربة ونقلها وتتصدى لحمايتها والحيلولة دون تصحرها دون أن تحدد منطقة معينة يستوجب فيها الحصول على تصريح لنقل التربة أو أي نشاط آخر وبالتالي فإن الفقرات (أ، ب، ج) من مادة الاتهام جاءت مكملة لبعضها كما أنها مرتبطة بالمادة (٩) من ذات القانون ارتباطاً لا يقبل التجزئة حيث صرحت هذه المادة بأنه لا بد من الحصول على تصريح من الوزارة قبل ممارسة نشاط نقل الرمال والأتربة وأنه توجد لجنة خاصة تعنى بدراسة طلبات الحصول على تصاريح نقل الأتربة بعد أن تتأكد من استيفاء الطلب للشروط المطلوبة وأن الموقع ملائم من الناحية البيئية، كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.

وحيث إن نعي الطاعن غير سديد إذ من المقرر أن جريمة نقل وتجريف التربة هي جريمة عمدية يتحقق القصد الجنائي فيها متى ما تعمد الجاني ارتكاب الفعل المنهي عنه بالصورة التي حددها القانون واتجهت إرادته إلى إحداث هذا الفعل مع علمه بأنه إنما يُحدثه بغير حق ومن المقرر أن قيام هذا القصد أو عدم قيامه يعد   مسألة موضوعية تتعلق بالوقائع تفصل فيها المحكمة بغير معقب ما دامت ظروف الدعوى تكشف عن هذا القصد ولما كان الحكم المطعون فيه قد أيد حكم محكمة أول درجة القاضي بالبراءة دون أن يعتنق أسبابه وإنما أنشأ لنفسه أسباباً مستقلة مؤسساً حكمه على انتفاء القصد الجنائي لدى المتهمين وقد دلل الحكم المطعون فيه تدليلاً منطقياً على انتفاء هذا القصد بقوله: «… وحيث إنه وبقطع النظر عما جاء في مستندات الحكم المستأنف وأسانيد استئناف الادعاء العام فقد نصت المادة (٢١) من قانون حماية البيئة ومكافحة التلوث على أن نقل أي تربة أو ممارسة أي نشاط في أي منطقة لا يكون إلا بتصريح من الوزارة وحيث عرّف ذات القانون التصريح البيئي بأنه الموافقة التي تصدرها الجهة المختصة في الوزارة وتتضمن السماح للمالك بممارسة نشاط معينّ بعد التأكد من سلامته بيئياً كما عرّف المالك بأنه أي شخص طبيعي أو اعتباري يكون مالكاً لمصدر أو لمنطقة عمل أو مسؤولاً عن تشغيلها أو إدارتها وحيث إن المتهمين المستأنف ضدهما لا يعدوان أن يكونا عاملين لدى الشركة التي يجب عليها كمالكة السعي للتصريح من الجهة المختصة قبل بدء العمل ومأمورين طبق قانون العمل بتنفيذ موجبات عقد العمل دون علم إن كانت الشركة حاصلة على التصريح من عدمه بما ينتفي معه الركن المعنوي للجريمة وهي تعمد إقامة مصدر ملوث دون الحصول على ترخيص وترى المحكمة على ذلك الأساس تأييد الحكم الصادر ببراءتهما…» فهذا الذي أورده الحكم المطعون فيه لانتفاء القصد لدى المتهمين يعد سائغاً خاصة أنهما يُقران بأنهما نقلا التربة إلا أنهما يدفعان بأنهما يعملان في الشركة ولا يعرفان أي شيء عن التصريح وقد أمرا بهذا العمل من لدن مهندس الشركة فلذلك كان ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من انتفاء القصد الجنائي في محله ولم يخطئ في التقدير وبالتالي فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم المطعون فيه لا يكون سديداً ويتعينّ رفض الطعن موضوعاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.