التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة الجزائية (أ): الطعن رقم ٧٥١ / ٢٠١٦م

2016/751 751/2016 ٢٠١٦/٧٥١ ٧٥١/٢٠١٦

تحميل

جلسة يوم الثلاثاء الموافق ٧ / مارس / ٢٠١٧م

المشكلة برئاسة فضيلة السيد  /  خليفة بن سعيد بن خليفة البوسعيدي  /  نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة:سالم بن سعيد الرحبي، سلطان بن ماجد الزعابي، العربي الحروشي، مجيد فرج شوشان

(٣٢)
الطعن رقم ٧٥١ / ٢٠١٦م

– طلب « سماع شاهد». تخلي المتهم عنه».

– الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه، فإن تراخى عنه فليس على المحكمة من تثريب إن هي التفتت عن تحقيقه ولا يعد ذلك إخلالاً بحق. الطعن بهذا الشأن يكون غير مقبول.

الوقائع

تتحصَّلُ الوقائع على ما يبينْ ُ من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن في أن الادعاء العام أحال المتهم الأول (الطاعن) وامرأتين أخريين إلى المحكمة الابتدائية بمحضة (الدائرة الجزائية)؛ لأنهم بتاريخ (٧ / ٦ / ٢٠١٤م) بدائرة اختصاص مركز شرطة وادي الجزي:

أولاً: بالنسبة للمتهم الأول:

ساعد المتهمتين الثانية والثالثة في محاولة إخراجهما من البلاد بطريقة غير مشروعة حيث تم ضبطه بمنفذ وادي الجزي أثناء قدومه بالمركبة قيادته رقم (……. / ..  خاص) والعائدة بالملك لابنته…… وكانت المتهمتان الثانية والثالثة برفقته وعند وصوله قسم الجوازات قام بتقديم بطاقتي الشخصية رقمي (…….) و (…….) اللتين تخصان ابنتيه و….. و…. إلى الموظف المختص بقسم الجوازات على أساس أنهما تخصان المتهمتين خلافاً للواقع بغية إخراجهما من أراضي السلطنة إلا أن فعله خاب لاكتشاف أمره من قبل الموظف المختص، وفق الثابت بالتحقيقات.

ثانياً: بالنسبة للمتهمتين الثانية والثالثة:  ضللتا أفراد الأمن المكلفين بملاحقة الجرائم بأن أعطت كل واحدة منهما لنفسها هوية كاذبة وذلك بأن عرضتا بواسطة المتهم الأول على الموظف المختص بمنفذ وادي الجزي بطاقتي شخصية تخصان غيرهما بغية المرور عبر المنفذ في المركبة بقيادة المتهم الأول، الأمر الثابت في التحقيقات.

وطالب الادعاء العام بمعاقبة المتهم الأول (الطاعن) بالمادة (٤٣ مكرر) من قانون إقامة الأجانب ومعاقبة المتهمتين الثانية والثالثة بالمادة (١٨٣) من قانون الجزاء.

وبتاريخ (٢٢ / ٧ / ٢٠١٤م) حكمت المحكمة حضورياً بإدانة المتهم الأول (الطاعن) بجنحة المساعدة في تهريب أجانب وقضت بمعاقبته بالسجن لمدة شهرين وغرامة قدرها (١٠٠ ر.ع) مائة ريال وإدانة المتهمتين الثانية والثالثة بجنحة الهوية الكاذبة وقضت بمعاقبتهما بالسجن لمدة شهر وإبعادهما من البلاد بعد تمام التنفيذ ورفض طلب المصادرة.

لم يحز هذا الحكم قبولاً لدى المحكوم عليه الأول (الطاعن) فاستأنفه أمام محكمة الاستئناف بالبريمي (دائرة الجنح المستأنفة) التي قضت بتاريخ (٢٧ / ١٠ / ٢٠١٤م) بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزام رافعه المصاريف.

لم يرتض الطاعن (المحكوم عليه الأول) بهذا القضاء فطعن فيه بالطعن رقم (٥٥ / ٢٠١٥) أمام المحكمة العليا التي قضت بتاريخ (١٧ / ٣ / ٢٠١٥م) بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة أوراق الدعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتفصل فيها من جديد بهيئة مغايرة.

وبتاريخ (٢٥ / ٥ / ٢٠١٦م) حكمت محكمة الاستئناف بالبريمي (دائرة الجنح المستأنفة) حضورياً وبهيئة مغايرة في موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت رافعه المصاريف.

لم يرتض الطاعن (المحكوم عليه الأول) بهذا القضاء فطعن فيه بالنقض أمام المحكمة العليا للمرة الثانية بالطعن الماثل الذي تم التقرير به بتاريخ (١٩ / ٦ / ٢٠١٦م) بأمانة سر المحكمة التي أصدرته وبذات التاريخ أودعت صحيفة بأسباب الطعن موقعة من محام مقبول أمام المحكمة العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن وقدم سند وكالته عنه التي تتيح له ذلك وتم إعلان المطعون ضده بصحيفة الطعن فآثر عدم الرد عليها.  وقدم الادعاء العام لدى المحكمة العليا مذكرة بالرأي خلص فيها إلى قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.

المحكمة

بعد الاطلاع على الحكم المطعون فيه وعلى سائر أوراق الطعن وبعد سماع التقرير الذي أعده وتلاه القاضي المقرر وبعد المداولة قانوناً.

حيث إن الطعن استوفى شكله القانوني فهو مقبول شكلاً.

وحيث ينعى الطاعن (المحكوم عليه الأول) على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع حينما أدانه بجنحة المساعدة في تهريب أجانب رغم إنكاره لها وعدم توفر الدليل على ثبوتها في حقه ولم يبينّ مؤدى الأدلة إذ لا يكفي الإشارة إليها فقط بل يجب أن يبينّ وجه استدلاله بها كما ارتكن الحكم في إدانته إلى محاضر التحقيقات السابقة على المحاكمة رغم عدم حجيتها في الإثبات ولم تحقق المحكمة في الواقعة بنفسها تحقيقاً شاملاً ولم تسمع إفادة الشهود وأقوال ضابط الواقعة وفق ما نصت عليه المادتان (١٨٥، ١٨٦) من قانون الإجراءات الجزائية ولم تمكنه من تقديم أدلة النفي ولو فعلت ذلك لوصلت إلى حقيقة أن ما قام به كان بدون قصد لعدم وجود باعث لديه لتهريب المتهمتين وعدم وجود سابق معرفة بهما للاتفاق على ذلك وأن ما حدث هو نتيجة خطأ وقع منه كون المتهمتين المدعى مساعدتهما تمتلك كل واحدة منهما جواز سفر ساري المفعول وأن دخولهما السلطنة قانوني وإقامتهما مشروعة وأن الهروب من أرض السلطنة غير متحقق كونهما لم يتجاوزا حدود السلطنة وأن تحركهما كان مجرد انتقال من منطقة إلى منطقة في حدود السلطنة ومن ثم تنتفي مسؤوليته لعدم تحقق ركني الجريمة المادي والمعنوي كما أخلت المحكمة بدفوعه ولم تستجب لها ولم ترد عليها فقد طلب سماع شهادة الراكب الذي كان في مركبته أثناء قيام الفعل لينفي التهمة عنه وهو دفع جوهري لو تولت المحكمة تحقيقه لتغير به وجه الرأي في الدعوى، كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.

وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه غير سديد ذلك أنه من المقرَّر في قضاء المحكمة العليا أن استخلاص الواقع في الدَّعوى والصورة الصَّحيحة لها وتقدير الدليل فيها ووزن البينات هو من المسائل التي تستقلُّ بها محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وقادرة على حمله وأن العبرة في المحاكمات الجزائية هي باقتناع المحكمة من جميع عناصر الدعوى   المطروحة عليها ولها كامل الحرية في أن تستمدَّ اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه ومن أية بيِّنة أو قرينة ترتاح إليها طالما أن لكل ذلك مأخذه الصحيح من الأوراق ولا يصحُّ مطالبتها بالأخذ بدليل دون الآخر ولا يلزم في الأدلة التي يُعوِّل عليها الحكم أن تكون مفصَّلة بحيث يُنبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ إن الأدلة في المواد الجزائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكوَّن عقيدة المحكمة فلا يُنظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها وحدة واحدة تؤدي إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ولو عن طريق الاستنتاج طالما أن القانون لم يُحدِّدْ وسيلة معينة لإثبات الجريمة ولا يلزم أن يتحدَّث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان الجريمة التي أدانه بها ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه وخلص إلى التكييف القانوني الصَّحيح مبيناً عناصرها القانونية وأدلتها وبنى قضاءه على أدلة متساندة تؤدي إلى ما خلص إليه.

لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد بينّ واقعة الدعوى بما مفاده أنه بتاريخ (٧ / ٦ / ٢٠١٤م) بدائرة اختصاص مركز شرطة وادي الجزي قام المتهم الأول (الطاعن) بمساعدة المتهمتين الثانية والثالثة في محاولة إخراجهما من البلاد بطريقة غير مشروعة حيث تم ضبطه بمنفذ وادي الجزي أثناء قدومه بالمركبة رقم (٦٩٠٤٠ /  أ  خاص) والعائدة بالملك لابنته…. وكانت المتهمتان برفقته وعند وصوله قسم الجوازات قام بتقديم بطاقتي الشخصية رقمي (……….) و (……….) والعائدتين لابنتيه……… و……. إلى الموظف المختص بقسم الجوازات على أساس أنهما تخصان المتهمتين خلافاً للواقع بغية إخراجهما خارج أراضي السلطنة إلا أن فعله خاب لاكتشاف أمره من قبل الموظف المختص وفق الثابت بالتحقيقات.

لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت الواقعة في حق الطاعن على السياق السالف الذكر بأدلة سائغة استقاها من شهادة عضوي فريق الضبط أمام المحكمة بأن شهدا بأن أحدهما أخذ من المتهم وثائق خاصة بابنتيه….. و….

العمانيتين ثم تبين أن المرأتين أجنبيتان فتم ضبطه وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً ومستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم متروكاً لتقدير محكمة   الموضوع وهي متى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى شهادة الشهود من فريق الضبط على النحو التي وردت به ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص لا يكون سديداً.

لما كان ذلك وكان من المقرر أنه بحسب الحكم كي يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه وكان الحكم المطعون فيه لم يستند في قضائه بإدانة الطاعن على محاضر التحقيقات السابقة على المحكمة بل عول في ذلك على شهادة الشهود من فريق الضبط على اليمين أمام المحكمة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن لا يكون سديداً.

لما كان ذلك وكان من المستقر عليه في قضاء المحكمة العليا أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم بمقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما تراه لازماً وفق ما تقضي به المادة (٢٤١) من قانون الإجراءات الجزائية وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أمام المحكمة المصدرة للحكم أنها استمعت للطاعن ومحاميه بشأن أسباب وأوجه الاستئناف واستمعت لشهود الإثبات من فريق الضبط ومكنت الطاعن ومحاميه من إبداء وجهة نظرهما والرد على شهادتهم والسماح بإيداع مذكرات خلال أجل خمسة أيام من حجز الدعوى للمداولة ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على المحكمة المصدرة للحكم المطعون فيه من قعودها عن تحقيق الواقعة بنفسها وقعودها عن سماع الشهود وأقوال ضبط الواقعة لا يكون مقبولاً.

لما كان ذلك وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة بتاريخ (١٧ / ٦ / ٢٠١٥م) أن المحكمة قررت تأجيل نظر الدعوى لجلسة (٢١ / ١٠ / ٢٠١٥م) لسماع الشاهد …… وفي هذه الجلسة تقرر التأجيل إلى جلسة (٢٥ / ١١ / ٢٠١٥م) لإعادة إعلان الشاهد ثم توالت قرارات التأجيل لذات الإجراء إلى غاية جلسة (١١ / ٥ / ٢٠١٦م) حيث سألت المحكمة الطاعن عن الشاهد……. فأفاد بأن هاتفه مغلق ولا يرد على الاتصال وأفاد محاميه بأن الشاهد لا يمكن التوصل إليه والتمس حجز الدعوى للحكم مع السماح له بتقديم مذكرات فقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم لجلسة (٢٥ / ٥ / ٢٠١٦م) مع التصريح بإيداع مذكرات خلال أجل خمسة أيام وفي هذه الجلسة تم النطق بالحكم المطعون فيه.

لما كان ذلك وكان من المقرر في قضاء المحكمة العليا أن الطلب الذي تلتزم محكمة   الموضوع بإجابته هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه فإن تراخى عنه فليس على المحكمة من تثريب إن هي التفتت عن تحقيقه ولا يعد ذلك إخلالاً بحق الدفاع وكان الطاعن على نحو ما سلف لم يصر على طلبه بشأن الاستماع إلى الشاهد………… بل تخلى بمحض إرادته عن إعادة إعلانه للاستماع إليه ومن ثم يكون منعى الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن غير مقبول.

لما كان ذلك وكان ما تقدم فإن الطعن برمته يُضحي على غير أساس يما يتعينّ رفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات عملاً بالمادة (٢٢٥) من قانون الإجراءات الجزائية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.