التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة الجزائية (أ): الطعن رقم ٦٦١ / ٢٠١٦م

2016/661 661/2016 ٢٠١٦/٦٦١ ٦٦١/٢٠١٦

تحميل

جلسة يوم الثلاثاء الموافق ٧ / مارس / ٢٠١٧م

المشكلة برئاسة فضيلة السيد  /  خليفة بن سعيد بن خليفة البوسعيدي  /  نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: سالم بن سعيد الرحبي، سلطان بن ماجد الزعابي، العربي الحروشي، مجيد فرج شوشان

(٣٤)
الطعن رقم ٦٦١ / ٢٠١٦م

– جريمة عمدية « استخدام وسيلة تقنية المعلومات في التعدي بالسب والقذف.

توافر القصد الجنائي فيها. اختلاطه بقصد الدفاع عن مصلحة عامة». قانون تطبيق المادة ١٦ من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.

– جريمة السب والقذف باستعمال وسائل تقنية المعلومات هي جريمة عمدية لا تقوم الا إذا توافر القصد الجنائي لدى مرتكبها بحيث تتجه إرادة الجاني إلى ارتكاب هذا الجُرم مع علمه بذلك. وللقول بقيام هذه الجريمة أو عدم قيامها يجب البحث والنظر في القصد الجنائي لديه، فإذا اشتمل المقال المنشور على عبارات كان الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامَّة واشتمل في الوقت نفسه على ألفاظ قد تمسُّ بالغير فعلى المحكمة في هذه الحالة أن توازن بين القصدين ابتغاء التوصُّل لأيهما كانت الغلبة في نفس الناشر وتقدير ذلك مسألة موضوعية تقدرها محكمة الموضوع وفق ما تحصله من وقائع الدَّعوى ما دام هذا الترجيح قد بُني على ما يعززه ويسنده ولا تخضع المحكمة في ذلك لرقابة المحكمة العليا.

الوقائع

تتحصَّلُ الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن في أن الادعاء العام أحال المتهم (المطعون ضده) إلى المحكمة الابتدائية بنزوى (الدائرة الجزائية)؛ لأنه بتاريخ سابق على (٢٧ / ١٠ / ٢٠١٥م) بدائرة اختصاص مركز شرطة نزوى:

استخدم وسائل تقنية المعلومات في سب وقذف المدَّعينْ بالحق المدني……… و………. و……….. و…………. و……….، وفق الثابت بالأوراق.

وطالب الادعاء العام بمعاقبته بالمادة (١٦) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.  وبتاريخ (١٦ / ٢ / ٢٠١٦م) حكمت المحكمة حضورياً بإدانة المتهم (المطعون ضده) بجُنحة استخدام وسائل تقنية المعلومات في التعدي على الغير بالسب والقذف المؤثمة بالمادة (١٦) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات وقضت بمعاقبته بالسجن لمدة سنة يُنفذ منها شهر ويُفرج عنه حال استئنافه وطلبه الإفراج تبعاً لذلك بكفالة مالية قدرها (٢٠٠ ر.ع) مائتا ريال ما لم يكن موقوفاً لسبب آخر وقضت بإحالة الدَّعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصَّة.

لم يحُز هذا الحكم قبولاً لدى المحكوم عليه (المطعون ضده) فاستأنفه أمام محكمة الاستئناف بنزوى (دائرة الجُنح المستأنفة) التي قضت بتاريخ (٢٣ / ٥ / ٢٠١٦م) بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء حكم محكمة أول درجة والقضاء من جديد ببراءة المتهم من التهمة المنسوبة إليه.

لم يرتض الطاعن (الادعاء العام) بهذا القضاء فطعن فيه بالنقض أمام المحكمة العليا بالطعن الماثل الذي تم التقرير به بتاريخ (٢٧ / ٦ / ٢٠١٦م) بأمانة سر المحكمة التي أصدرته وبذات التاريخ أودعت صحيفة بأسباب الطعن موقعة من رئيس ادعاء عام وتم إعلان المطعون ضده بصحيفة الطعن فردَّ عليها بواسطة وكيله القانوني بمذكرة التمس فيها رفض الطعن.

وقدم الادعاء العام لدى المحكمة العليا مذكرة بالرأي انتهى فيها إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.

المحكمة

بعد الاطلاع على الحكم المطعون فيه وعلى سائر أوراق الطعن وبعد سماع التقرير الذي أعدَّه وتلاه القاضي المقرر وبعد المداولة قانوناً.

حيث إن الطعن حاز أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلاً.

وحيث ينعى الطاعن (الادعاء العام) على الحكم المطعون فيه مخُالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب ذلك أن محكمة الحكم المطعون فيه أسَّست البراءة على عدم توافر أركان جريمة استخدام وسائل تقنية المعلومات في التعدي على الغير بالسب والقذف رغم توافرها حيث إنه يعتبر من قبيل القذف الطعن في أعمال موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامَّة أو مكلَّف بخدمة عامَّة وقد يتحقق القذف ولو كان بصيغة التشكيك أو الظن أو الاحتمال أو   التهكُّم أو السخرية أو التندُّر صراحة أو تلميحاً فالمتهم أقرَّ صراحة أمام الادعاء العام وأمام محكمة أول درجة ومحكمة الاستئناف بأنه قام بنشر عدة تغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي تمثلت في وصف المدَّعينْ بالحق المدني (……)بكلمات وعبارات أتت في صلب وسياق تلك التغريدات وهي على على النحو الآتي:

«… الغباء  الكذب والقبح  الخداع  السَّذاجة  فعلتهم المخجلة  الطمع والأنانية  الطمع المادي  عملهم الليلي القبيح  الجهل  الطمع والجشع والبحث عن المال والربح  هاهم وكلاء…….يواصلون الليلة بعدما قتلوا الحديقة العمل على غلق شريعة الفلج بكل سذاجة  هاهم وكلاء………. يواصلون الليلة أعمالهم بعدما دمروا الحديقة ولا يريدون لعامة الناس أن يشهدوا على فعلتهم المخجلة  أليس من الغباء إهمالها وقتل خضرتها  وفي….. تقتل حديقة بأكملها  ليت ضمائرهم تعود لرشدهم  كذب الادعاءات عبثهم بالمكان وقتله  تقديم المصلحة الخاصَّة على العامَّة هي سذاجة  بحثهم بأنانية عن المال والربح  قتل الأشجار بطمعهم  هكذا غدت اليوم حديقة…….. مهجورة قاحلة نتيجة شكوى وكلاء الوقف ضد البلدية لتصبح الحديقة لهم لطمع مادي…» فهذه هي الكلمات والعبارات التي شكَّلت معنى السب والقذف في حق المدَّعينْ بالحق بالمدني باعتبارهم وكلاء…… وحديقته فبعضها ماسة بشخوص المدَّعينْ بالحق المدني بوصفهم وكلاء الوقف أو الفلج وبعضها يشكل معنى الطعن والقدح في عملهم الوظيفي كونهم مكلَّفين برعاية الوقف أو الفلج وخدمته والمحافظة عليه وبالتالي يتضح أن الركن المادي لجريمة استخدام الشبكة المعلوماتية أو وسائل تقنية المعلومات في التعدي على الغير بالسب والقذف المتمثل في نشر عبارات تحمل معنى السب والقذف كما أن الركن المعنوي لهذه الجريمة قائم ويتمثل في القصد الجنائي العام وليس الخاص لكون المشرِّع لم يتطلَّب القصد الخاص وبالتالي يكفي لتوافر القصد الجنائي أن تتجه إرادة الجاني إلى استخدام الشبكة المعلوماتية أو سائل تقنية المعلومات في نشر عبارات تحمل معنى السب والقذف حتى ولو لم تتجه إرادته إلى الإهانة أو تشويه السُّمعة أو المساس بالغير طالما أقدم على الفعل بإرادة صحيحة مخُتارة غير مشوبة بإكراه كما أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله حيث لم تقم المحكمة بالتحقيق مع المتهم حين أنكر التهمة الموجهة إليه من خلال توجيه الأسئلة والاستيضاحات اللازمة وفحص الأدلة ومناقشتها مخُالفة بذلك المادة (١٩٣) من قانون الإجراءات الجزائية التي تنصُّ على أنه: «… إذا أنكر المتهم أنه مذنب أو رفض الإجابة فعلى المحكمة أن تشرع في التحقيق…» كما أن الحكم المطعون فيه جاء قاصراً في تسبيبه بما يُخالف المادة (٢٢٠) من قانون الإجراءات الجزائية التي اشترطت أن يتضمَّن   الحكم الأسباب التي بنى عليها إذ قضى ببراءة المتهم بناءً على حيثية واحدة وهي أن أركان الجريمة غير متوافرة خاصَّة القصد الجنائي دونما إيضاح للوقائع التي بنى عليها الحكم قضاءه، كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.

وحيث إنه من المقرَّر أن جريمة السب والقذف باستعمال وسائل تقنية المعلومات هي جريمة عمدية لا تقوم الا إذا توافر القصد الجنائي لدى مرتكبها بحيث تتجه إرادة الجاني إلى ارتكاب هذا الجُرم مع علمه بذلك ومن المقرَّر كذلك أنه وللقول بقيام هذه الجريمة أو عدم قيامها يجب البحث والنظر في مرامي وغايات العبارات التي يُحاكم بها الجاني وتبينُّ مناحيها لمعرفة القصد الجنائي لديه فإذا اشتمل المقال المنشور على عبارات كان الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامَّة واشتمل في الوقت نفسه على ألفاظ قد تمسُّ بالغير فعلى المحكمة في هذه الحالة أن توازن بين القصدين ابتغاء التوصُّل لأيهما كانت الغلبة في نفس الناشر وتقدير ذلك مسألة موضوعية تقدرها محكمة الموضوع وفق ما تحصله من وقائع الدَّعوى ما دام هذا الترجيح قد بُني على ما يعززه ويسنده ولا تخضع المحكمة في ذلك لرقابة المحكمة العليا إلا من حيث القصور في تسبيب الحكم.

ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه تبريراً للقضاء بالبراءة من أن العبارات التي قام المتهم (المطعون ضده) بنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي لم يقصد بها سبَّ أو قذف المجني عليهم وإنما كان يبتغي المصلحة العامَّة والحفاظ على ذلك المعلم التراثي التاريخي (الحديقة) من الاندثار والانطماس جاء سائغاً من مجمل الظروف التي أحاطت بها المحكمة عن بصر وبصيرة فلذلك كان ما يثيره الطاعن في طعنه لا يعدو أن يكون مجرَّد جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدَّعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام المحكمة العليا الأمر الذي يتعينَّ ُ معه رفض الطعن موضوعاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.